- بايدن: قاد العدوان بالكيان ويقود الاستثمار بالمطبعين!
بمقدار كون الانتفاضة الجارية تفجير طاقة شعبية فلسطينية متكاملة شاملة بمقدار ما يتم تفريغ رصيدها ضدها أي على شكل استثمار تفريغي وبالتالي تفتيت الموقف الوطني الفلسطيني الموحد من جهة، وفك التعاطي الإيجابي الشعبي العربي والعالمي مع الموقف الشعبي الفلسطيني من جهة ثانية. .
لا حاجة بالطبع لشرح أن وجود الكيان وطائراته ورصاصة هي امريكية وبالتالي قرار العدوان امريكي دون الحديث عن تمفصلات العدوانية الأمريكية أي كامل معسكر الثورة المضادة. هذا ما بادر به بايدن تجاه فلسطين والوطن العربي. وها هو يستكمل العدوان بالاستثمار عبر تعدد/تنافس أدوات امريكا في المنطقة بحيث تتنافس، ولا تتناقض، على تفريغ النصر الفلسطيني المزدوج اي عودة الوحدة الشعبية وصمود المقاومة الشعبية والمسلحة.
أولاً: التفريغ التطبيعي المصري/الإماراتي
تصدر النظام المصري هذا المستوى سواء ب “التكرُّم” بإدخال الجرحى من غزة إلى مصر وحمايتهم من متابعة طيران العدو لسيارات الإسعاف والمسارعة إلى تل ابيب لمناقشة التهدئة. وهذا لا يخرج عن الدور التقليدي للنظام المصري في الإمساك بالملف الفلسطيني حيث أن هذا النظام هو الذي مهَّد لقيادة م.ت.ف لورطة أوسلو كحلقة من اتفاقات كامب ديفيد اي إخراج مصر من الصراع ومن ثم إخراج م.ت.ف من الصراع. وواصل بالطبع الإمساك بملف غزة بعد الانقسام سواء بتكليف صهيمريكي أو بحكم الجغرافيا. وهنا لا نذكر شروط وقف العدوان سواء كانت هناك شروطاً أم لا.
لا سيما أن الكيان واصل عدوانه في القدس والضفة الغربية.
وفي تنافس/لا تناقض مع قطر وتركيا تم ضخ 500 مليون دولار من حاكم الإمارات إلى حاكم مصر كي “تبادر” السلطة المصرية بإعادة الإعمار في غزة. وقد يكون هذا تكتيكا لهيمنة مصرية على حماس المقاومة كمنافس أو بديل للهيمنة التمويلية القطرية/التركية في التحليل الأخير على اعتبار أن موقع مصر الجغرافي يحكم أكثر من موقعيْ تركيا وقطر. وأيا كان الهدف فهو تنفيس لانتصار المقاومة.
وبغض النظر عن وجود احتمال يصل حد اليقين أن وراء الإعمار خطة لكشف البنية الاستراتيجية العسكرية الغوارية للمقاومة، تماما كما كانت تحاول 14 آذار في لبنان لكشف البنية الاتصالاتية للمقاومة هناك لتسليم هذه وتلك للكيان، فإن هذا ال “كرم” الرسمي المصري ليس بلا أهداف لتحويل الانتصار ومضمونه الوحدوي الشعبي الفلسطيني إلى انشغالات فلسطينية في كل موقع مختلف عن الآخر، وبالتالي إعادة إخضاع التماسك الفلسطيني إلى تجزئته السابقة.
وبالطبع، فإن تقوية محور القاهرة/ابو ظبي هو على حساب الدوحة/أنقرة وهو في خدمة السلطة في رام الله على حساب سلطة غزة، وهذا تعزيز للانقسام أو إعاقة للوحدة عبر شد كل محور فريقه أو حليفه لصالحه. وهو بالطبع تبهيت للانتصار عبر ضبط حماس ضمن تجاذبات تيارين أو معسكرين تطبيعيين بالضرورة، والأخطر هو إعادة تفكيك التماسك الفلسطيني الشامل الذي فرض نفسه في المواجهة وهذه غاية المنى للكيان.
وثانياً: إستثمار عبر الدين السياسي تركيا وباكستان
نُشرت أخبار خلال العدوان وفيديو لوزير الدفاع الباكستاني مفادهما أن السلطات الباكستانية والتركية هددتا عبر الإدارة الأمريكية بأنهما إن لم يتوقف العدوان على المدنيين في غزة فإنهما سوف تقيما شبكة حماية جوية لغزة ضد الكيان.
وبغض النظر إن كانت الأخبار ملفقة أو الفيديو مفبركا، وحتى لو كان التهديد حقيقياً، فمجمل هذا السيناريو او “المخطط”يدور ضمن الاعتراف بالكيان الصهيوني وبأن كل ما يهدف إليه هو كف يد الكيان عن تدمير غزة وخاصة قتل المدنيين. اي لا يختلف الموقف عن موقف الفريق التطبيعي الاستثماري الأول.
فالعدوان على فلسطين بدأ منذ أكثر من قرن وخلال ذلك القرن كانت تركيا العلمانية أول الدول الإسلامية المعترفة والمتحالفة مع الكيان وهذا ورثته تركيا الدين السياسي. وهذا الاغتصاب لفلسطين تعرفه مختلف أنواع الأنظمة التي حكمت وتحكم باكستان.
وعليه، إذا كان الأمر إنقاذ بلد مسلم، فالأجدر أن يكون الموقف متطابق مع موقف شعب هذا البلد الذي أعلن بوضوح أن فلسطين هي من البحر إلى النهر، وهذا يعني أن مفاد الأخبار والفيديو هو إلتزام البلدين بالاعتراف بالكيان وتنافسهما مع الفريق الآخر على الهيمنة على غزة و/أو رام الله.
هذا ناهيك عن أن هذا الحديث، سواء كان جاداً أم مفبركاً أم للصخب الإعلامي، فإنه يصب في خطة الإجهاز على عروبة القضية ونسف كون الصراع عربي صهيوني، أي لإخراج العرب من فلسطين العربية. وبكلام آخر، إذا كان الهدف إسلامي فلماذا يتم استثناء إيران وهي في الساحة فعليا قبل تركيا وباكستان ولماذا لم يتم إشراك دولة عربية، لا نقول سوريا بما لديها من حروب، ولنقل الجزائر مثلاً.
والآن
لم يعد السؤال الذي يقلق الشعب الفلسطيني الآن إن كان الكيان سيواصل عدوانيته في كل فلسطين، اي أن عدوان الكيان ضد الشعب الفلسطيني يشمل كامل الجغرافيا سواء القمع المكثف الذي يجري الآن في المحتل 1948، والاعتداء على الأقصى والمرابطين وحتى المصلين، ومحاصرة الشيخ جراج ومواصلة الاعتقالات في الضفة الغربية، ومواصلة عدوانه على كامل أماكن وجود الفلسطينيين في الشتات حيث قمع الإمبرياليات الألمانية والفرنسية، على سبيل المثال، للحراك الفلسطيني والعربي والمحلي هناك تضامنا مع فلسطين، ناهيك عن دور المنظمات الصهيونية وخاصة في أمريكا في ملاحقة وتهديد أكاديميين فلسطينيين لمجرد كونهم فلسطينيين. اي اننا نواجه استهدافاً معولماً.
بل السؤال هو: كيف سوف تتصرف القوى ومراكز القوى الفلسطينية أمام عملية التفتيت اعادة التفتيت هذه التي يقودها بايدن كما قاد العدوان وتنفذها الأنظمة العربية والإسلامية التابعة لأمريكا؟
هل ستتخذ م.ت.ف موقف الانتقال إلى تمثيل كل الفلسطينيين؟ وهل ستنسجم هي وحماس في هذا؟
وفي حماس خاصة، هل سيغلب جناح مشعل على جناح المقاتلين؟
وحتى إن جاز لي القول: ما حدود التطابق/التفارق بين:
· الموقف الشعبي الفلسطيني الذي يفرض وجود جبهة وطنية فلسطينية في كامل جغرافيا فلسطين وكامل توزع الشعب الفلسطيني بشريا
· وبين الموقف السياسي الفصائلي وغير الفصائلي ، وحتى لو اسميناه الرسمي؟ اي هل سيخرج من إسار حلول الدولة والدولتين؟
وماذا عن الاستثمارين المتضادين تماما:
· استثمار الكيان للمعركة ونتائجها
· وبناء محور المقاومة على الابتكار الشعبي الفلسطيني؟
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.