الآن تبدأ معركتنا من أجل الحفاظ على مكاسبنا ومُنجزاتنا، د. مصلح كناعنة

أعتقد أن حوادث الإجرام التي وقعت بالأمس في أم الفحم والرينة وشفاعمرو هي أفعال مُفتَعلة ومدسوسة من قِيل “الجنِّي الذي حُشِر في القمقم” من أجل إجهاض يقظة الوعي وموجة التطهير الذاتي التي اجتاحت الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني في أيام العدوان على الشيخ جرّاح والأقصى وغزة.

ومع ذلك فإن هذه الأفعال الإجرامية المدسوسة تدل على أن هناك في مجتمعنا قطعاناً من المجرمين مريضي النفوس التالفين الذين وصلت نزعة الإجرام لديهم إلى حد الاحتراف فجعلتهم كالجنود المرتزقة لا يتورعون عن قتل أي إنسان بريء في سبيل المال والمغريات المادية. ولكن الأسوأ من ذلك أن عادات الثأر ومشاعر الانتقام المتجذرة في مجتمعنا العربي يمكن أن تحيل هذه الأفعال المدسوسة إلى حمّام دم وحوّامة من الإجرام تغذي نفسها وتعيد إنتاج ذاتها من الداخل، فيحقق الطرف الآخر غاياته دون عناء ويرقُبُنا مبتسماً شامتاً ونحن نقتل بعضنا البعض، خصوصاً وأن آفات الجهل والانغلاق والتزمت التي ضربت أطنابها في مجتمعنا الذكوري تشكل أرضاً خصبة لنشوء الإجرام والمجرمين فتجعلنا لقمة سائغة للمؤامرات والدسائس.

ولذا فعلينا الآن أن نفضح الأيدي الخبيثة التي تتلاعب بمصائرنا، وأن نعرّي مثل هؤلاء المجرمين المرتزقة في مجتمعنا وننزع فتيل الشر منهم، وأن “نطهر” أنفسنا من النعرات والنزعات والقيم التي تعيد إنتاج عوامل ضعفنا من خلال إعادة انتاج ذوي النفوس المريضة والعقول المشوَّهة في المجتمع. ومع صعوبة تحقيق هذا الأمر، فإنني على ثقة بأننا نحظى في هذه الأيام بفرصة ذهبية لا مثيل لها للقيام بهذه المهمة التصحيحية والتطهيرية، بفضل موجة الوعي والتلاحم وروح النضال الجماعي التي اجتاحت مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني في الفترة الأخيرة، والتي أثبت خلالها عشرات الآلاف من صبايا وشباب الجيل الجديد معدنهم الطيّب ووعيهم المتفتح وفكرهم التقدمي ورغبتهم الصادقة في الإصلاح والتغيير.

إن معركتنا الحقيقية تبدأ الآن…

الآن تبدأ معركتنا الحقيقية من أجل الحفاظ على مكاسبنا ومُنجزاتنا في هذه الجولة الاستثنائية من النضال…

الآن تبدأ معركتنا الحقيقية ضد عدو مقهور سوف يجنّد كل ما لديه من مصادر مادية وطاقات فكرية ومخزون معرفي لكي يجهض مُكتسباتنا وينتزع روح النصر منا ويُعيدنا إلى المربع الأول الذي وضعنا فيه… مربع التبعية والخنوع واستجداء الفتات وتدمير الذات…

الآن تبدأ معركتنا الحقيقية ضد عدو يرفض وجودنا كشعب وكمجتمع سليم، ويفعل المستحيل كي ينتخب أكثرنا تبعيةً له واعتماداً عليه واستسلاماً لواقعه فيجتذبهم بالوعود والإغراءات إلى جانبه كي يعيد المياه إلى مجاريه هو، ويعيدنا إلى “معسكرات السُّخرة” بذريعة التعايُش والتآخي “بين الشعبين”!… التعايُش والتآخي بين الذئب والخروف!

:::::

حركة أبناء البلد – الصفحة الرسمية على الفيس بوك

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.