ما الذي يجمع العدو الثلاثي للعروبة، د. عادل سمارة

بدأ أحد مشاهير المافيا التركية مؤخراً النشر عن دور وعلاقات النظام التركي وخاصة  الرئيس التركي اردوغان مع المافيا. لا أسميها جرائم لأن اي نظام راسمالي هو جريمة بحد ذاته وهذا كاف. فالنظام الأمريكي يتربع على قمته تحالف رجال المصارف والمخابرات والمافيا، والنظام الصهيوني استجلب للاستيطان بين ما استجلب كبار المافيا الروس بعد تفكك الاتحاد السوفييتي الذي تفكك لأنه تعفن.

يغريني نشر أو هجوم المافيا التركية على الرئيس التركي بتحليل موجز للعلاقة بين الثلاثي: الأمريكي والتركي والصهيوني.

 لا يقتصر دور تركيا ضد الأمة العربية على دورها الاستعماري لأربعة قرون خلت، بل عاشت القرن العشرين تحلم وتجهز نفسها لاستئناف هذا الاستعمار في القرن الحالي عبر:

·         قوى الدين السياسي

·         وتهافت الأنظمة العربية تجاه تركيا سواء الملكيات أو الجمهوريات حيث أن تركيا تحتل أجزاء من سوريا منذ ثلاثينات القرن الماضي، ناهيك عن بعض القراءات التي ترى أن هناك مناطق غير واوسع من الإسكندرون وانطاكية او ما يسمه الترك اقليم هاتاي. بهذا المعنى فتركيا استعمار استيطاني كالكيان الصهيوني ولذا، فاية علاقة معها غير صراعية هي تفريط بالوطن.

نتحدث إذن عن

·         علاقة ومصالح ثلاثية متبادلة بين تركيا، والكيان والولايات المتحدة ضد الوطن العربي وليس ضد فلسطين فقط.

المصالح المتبادلة تجاه الوطن العربي والمنطقة

·         الإيديولوجيا السائدة في الكيانات الثلاثة وهي :إيديولوجيا الدين السياسي التركي والدين السياسي الصه/يودي والمحافظية الجديدة الأمريكية.

·         التاريخ الاستيطاني للكيانات الثلاثة فالترك يحتلون اراض عربية وأرمنية وكردية ويستوطنونها منذ قرون، وأمريكا تجمُّع استيطاني وكذلك الكيان.

·         هذا التاريخ الاستيطاني أفرز ثقافة عنصرية حين تم تركيبها على الرأسمالية ولَّدت مجتمعات دموية بالبنية وليس بالثقافة فقط، لذا، كانت الإبادة الأمريكية للسكان الأصليين ولاحقا دخول امريكا حروبا في كل بقعة من الكوكب وتكفي الإشارة إلى هيروشيما ومذبحة العراق الجارية منذ 1991 وحتى اللحظة والتي للمفارقة شارك فيها وباركها عرب كثيرون!! وتركيا التي ذبحت الأرمن والكرد ناهيك عن مشانق جمال باشا، والكيان الذي ارتكب 270 مذبحة في فلسطين واقتلع الشعب وآخر جرائمه حرب ايار لهذا العام.

 ·         الأنظمة الاقتصادية الاجتماعية في الثلاثة هي راسمالية معادية للاشتراكية بالطبع والضرورة والقطع.

لكن هذه العلاقات سواء الدين السياسي والموقف العدائي للعرب لا تكفي لتحالف امريكا والكيان مع تركيا لولا وجود عوامل أخرى هي  الأهم في هذه العلاقات وهي موقع تركيا الجغرافي على فالق ما بين الشرق والغرب مما يجعل الاستعمار بل الإمبريالية الأمريكية بحاجة لها في الصراع سابقا مع الاتحاد السوفييتي وحاليا ضد روسيا (غير الاشتراكية).

 هذه السمات بل المكونات لهذه الكيانات الثلاثة هي التي دفعت تركيا والكيان الصهيوني لقلب ظهر المِجَنْ للاتحاد السوفييتي الذي ساهم  بزعامة ستالين في إنقاذ تركيا وإقامة الكيان الصهيوني في فلسطين.

فبعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى ودخول الجيوش الغربية الأراضي التركية كان الدعم لتركيا من الاتحاد السوفييتي بزعامة فلاديمير لينين بالطبع  إلى أن تمكن مصطفى كمال اتاتورك من دحر الحلفاء والحفاظ على تركيا الدولة بعد أن خسرت بقايا تركيا الإمبراطورية.

ولكن، ربما يجوز لنا طرح السؤال التالي: هل حقاً تمكن أتاتورك من صد الجيوش الغربية حتى رغم وجود الدعم السوفييتي من الدولة الاشتراكية الوليدة والخارجة من حرب عالمية مرهقة وحرب أهلية  وحرب إمبريالية غزتها ب مليون ونصف مليون جندي ؟ أم أن الغرب وجد من الأفضل له التساهل تجاه تركيا لكسبها في صراعه مع الدولة الاشتراكية الجديدة اي الاتحاد السوفييتي.

تركيا كعدو للوطن العربي من جهة، ولقدرتها على استخدام الإسلام لاجتذاب عرب من جهة ثانية، جعلها ضرورية لاستراتيجيا الغرب الاستعماري في استعمار الوطن العربي الذي ورثه الغرب عن تركيا على شكل التسليم بالمفتاح، اي منطقة جاهزة للخضوع الاستعماري بما حصل فيها من تخلف وفقر ووفر وجود قوى محلية لا تستطيع الوقوقف على أقدامها دون دعم استعماري. ولأن تركيا لصيقة بالوطن العربي جغرافياً فهي بالضرورة ضرورية للكيان الصهيوني.

وهنا لا بد من معترضة بأن معظم مفكري التنمية وخاصة الاشتراكية، ونقيضيهم طبعاً،  يرون بأن الجغرافيا صِنو التاريخ في قراءة التطور والصراع العالمي وطبعا في مسألة الجيوبوليتيك وحتى الإمبريالية عموماً.

هذا يفتح على مسألة هامة وهي مصلحة الغرب في استعمار الوطن العربي وكراهية تركيا للعرب الذين قاتلوا إلى جانب الحلفاء الغربيين لهزيمة تركيا.

موقع تركيا الجغرافي يُغري الغرب بعلاقة معها بما هي تربط أوروبا بآسيا العربية وبالتالي فالعلاقة معها هي طريق الوصول البري الأمريكي بل الناتوي إلى الوطن العربي الذي لم يعد بوسع تركيا الحفاظ عليه بيدها كمستعمرات وعليه لا باس لدى تركيا من تسهيل السيطرة الأمريكية بل الغربية على الوطن العربي بما هي عدوة للعرب ولها أطماع مزدوجة اي:

  • بقيا ما تحتله بيدها
  • والحلم بتوسع استعماري آخر لا سيما على ضوء طبيعة الأنظمة القُطرية العربية المتصارعة والمفككة والمحصورة أنظمتها في الحفاظ على الذات لا على الوطن.

كما أن الإيديولوجيا الرأسمالية للنظام التركي منذ العشرينات وحتى اليوم هي إيديولوجيا يمينية راسمالية وهذا يجذب تركيا لتقف في وجه الاتحاد السوفييتي رغم انه دعمها ضد الحلفاء. لذا من حينها بقيت تركيا مصداً في مواجهة السوفييت. ولاحقا روسيا غير الاشتراكية. طبعا لا ننسى أن جزءا من الكتلة الشرقية سابقا (البلقان) كانت تحت الحكم العثماني.

وهكذا في سياق عداء الطرفين للكتلة الاشتراكية، وتحالفهما مع الكيان الصهيوني دخلت تركيا حلف الأطلسي واعترفت باكرا بالكيان الصهيوني، ولكن مع ذلك حافظت مختلف الأنظمة العربية  على علاقات دبلوماسية بل طبيعية معها!

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.