كل البنوك المركزية خاضعة للأمريكي حلقة (4) الأخيرة، عادل سمارة

  • هل تأميم المركزي سياسة دول “شمولية”!
  • فهلوة الأنجزة في استعادة ذهب “أكله الذئب”

توجد في الصين ثلاثة بنوك حكومية عملاقة تحمل اسما  غير رسمي “سياسي”  البنك الحكومي للتنمية، والبنك الصيني للتصدير والاستيراد، والبنك الزراعي الصيني. تقدم قروضا بفوائد ضئيلة وحتى صفرية او سالبة.

الضخ البنكي في الصين  يستخدم لمد سكك الحديد وطرق اوتوسترادات  الى جانب مرافق اخرى  من البنية التحتية  وتحفيز القطاع الانتاجي من الاقتصاد من خلال زيادة الطلب على سلع الاستهلاك والخدمات وهو ما أشرنا إلى اختلاف الموقف منه.

“… حيث البنك  المركزي (بنك الصين الشعبي) يعتبر جزءا من الحكومة  وهو المسؤول عن  السياسة النقدية للبلاد”( (فالنتسين كاتاسونوف نفس المصدر ص 200 ).

يقول كاتاسونوف: ” من اللافت،  أن دستور هنغاريا الجديد  يمنح البلاد فرصة  النأي عن مبدأ  استقلالية  البنك المركزي (نفس المصدر  ص 201).

ومن جهة أخرى، هل استفادت الصين من تجربة هنري فورد الرأسمالية :

” كان هنري فورد قد قال انه اذا ما تفوقت عائدات الانتاج على التكاليف فان هذا الفرق الربح  يجب ان لا يتراكم، بل يجب ان يعاد توزيعه فورا: يجب ان يذهب جزء منه لتطوير الانتاج (وهذا سوف يزيد الطلب على السلع الاستثمارية)، وجزء آخر – ان يعود  الى المشترين والمستهلكين  او ان  يستعمل  من اجل زيادة مداخيل العمال  ورجل الاعمال نفسه (وهذا سوف  يحفز الطلب على السلع الاستهلاكية). … فقد اعاد هنري فورد اكثر من مرة المال للزبائن الذين اشتروا سياراته في تلك  الحالات  التي كان انخفاض  كلفة الانتاج اكبر  من المتوقع او المخطط له. ص 608

كان هنري فورد  يدرك جيدا ان السبيل الوحيد  للانتصار على المصرفيين في وول ستريت – عن طريق اقامة علاقات  طويلة الامد  وذات منفعة متبادلة  بين رجال الأعمال  وبين المستهلك  وطرد الوسطاء الماليين خارج هذه العلاقة.( ص 609 )

 يمكننا ملاحظة أن ما تسمى ديكتاتوريات او دول شمولية براي الغرب اللبرالي والنيولربالي  قد أصرَّت على احتفاظ الدولة بالسيطرة على البنوك المركزية، اي نابليون، ستالين، ماو، الهنجاري فكتور اوربان . فهل يعني هذا أن الاستقلال الاقتصادي يشترط تمركز السلطة البنكية بيد الدولة بمعزل عن توصيفات ديكتاتور أم لا!  قد تكون محاولة هنجاريا مؤشر على توجهات في العالم للتخلص من احتكار مصرف الإحتياطي الفدرالي  أو حقيقة قبضة آل روتشيلد وروكفلر، هذا مع العلم أن فكتور أوربان حاكم هنغاريا هو يميني متعصب.

وقد لا يكون شرطاً أن يكون الحاكم ديكتاتورا حتى يتمسك بسياسة مستقلة بنكية أو سياسة وطنية عموما، وهذا ما تبينه تجربة دي غول في فرنسا سواء في الخروج من الأطلسي أو عدم الثقة في إيداع الذهب في الولايات المتحدة:

 ”  يومذاك  قام الرئيس الفرنسي  بجمع  كل ما كان لدى فرنسا من دولارات ورقية  بقيمة 750 مليون دولار ، وفي اثناء  زيارته الرسمية  الى الولايات المتحدة  الامريكية قام وبعد  فضيحة كبيرة  بمبادلة  الدولارات الورقية  بالذهب .  عاد ديغول الى وطنه وهو يحمل  شحنة تساوي  66,5 طنا من الذهب” ( نفس المصدر ص 242).

لاحقاً  قام الرئيس الفرنسي  فرانسوا ميتران بتأميم البنك المركزي 1981 ولكن أعاده من بعده الرئيس اليميني جاك شيراك 1986 لآل روتشيلد

فهلوة الأنجزة اللبنانية:

في حديث ل شربل نحاس أحد المعارضين للمقاومة في لبنان ولكن من موقع الأنجزة واللبرالية قال: ربما مفيد بعض الحديث عن الذهب اللبناني الذي اشترته الدولة في  الخمسينات والستينات قبل إقامة  البنك المركزي (1964) حيث كانت الدولة تضع الفائض من المال الاحتياطي فتشتري سبائك ذهب كي تعزز العملة الوطنية، أي أن لبنان كان يبزل فائضاً لأنه كان يحقق فائضاً فيشتري ذهبا من السوق الدولي. كانت الدولة تضعه في خزائن، ولكن نظراً للتخوف من أن تسرقه الميليشيا أُخذ قرار بنقل اكثره لمكان محصن في فورت نوكس في ولاية كنتاكي بامريكا. طبعاً لا توجد وثيقة رسمية تحدد كم مقداره عموماً وكم منه في امريكا.

معن الامين ايضا من حركة مواطنون ومواطنات في دولة يقول:

بعد التسعينات بدأت الدولة تستدين بالدولار كيف بدها تسدد؟

منذ 1996 بدأت الدولة تقترض من امريكا بالدولار، وهي غير محمية  مما يسمح لمحاكم أمريكا ان تضع يدها على موجودات لبنان في الخارج اذا عجز لبنان عن السداد  والموجودات هو الذهب ومقداره 286 طن ذهب للبنان اي حوالي 12 مليار دولار. هذا الذهب موجودات قابلة للاستعمال.  لذا يمكن للمحاكم الأمريكية وضع اليد عليه. وقد يكون تم التصرف بالذهب؟؟؟

المهم أن نحاس وحركته رفعوا شعار استعادة الذهب؟ بينما كانت أمريكا قد أعلنت، وخاصة بعد أن استعادت المانيا بعض ذهبها، بأن عاصفة في نورث فوكس أغرقت كل الموجودات الذهبية. فأية رواية بوليسية هذه!.أما مطالبات شربل نحاس فلم تكن سوى مزايدات سياسية حيث يعرف أن ذلك مستحيل!

خلاصة القول، فإن بقاء اي بنك مركزي خارج سيادة الدولة في اي بلد يعني بقاء اقتصاد هذا البلد تابع بدرجة أو أخرى طبقاً أو على ضوء قدرة البلد الاقتصادية وإنتاجها لسلع مطلوبة طبعا أكثر في السوق الدولية، ولكن حتى مع الإنتاجية العالية فإن عدم تحكمها في البنك المركزي يُبقي للطغمة المالية المعولمة يداً عليها وتحكما بها.

وعليه، فإن اي بلد يتخذ أو يتبنى نموذج التنمية بالحماية الشعبية وصولا إلى فك الارتباط لا بد له من تأميم البنك المركزي.

أما هل بوسع هذا البلد أو ذاك استعادة رصيده من الذهب الموجود (وربما لا) في الولايات المتحدة فهذا أمر من شبه المؤكد استحالته اي سيكون الرد الأمريكي “أكله الذئب”.  وعليه، فإن تبني نموذج تنمية كهذا يتطلب سلطة ثورية تقطع مع النظام العالمي.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.