عادل سماره

(1) وتجاه تونس تسرعوا

(2) الابتهاج المزدوج تسرُّعاً

● ● ●

(1)

وتجاه تونس تسرعوا

في تقييم ما يجري في تونس يتسابق المحللون في الوطن العربي اكثر من سباق التونسيين هذا مع ان الحدث سائل قيد الجريان ولم يتضح مصبه بعد. هناك فارق بين حيازة قصب السبق وبين تعميق الوعي النقدي للناس. فريق يرى إسعيد أداة للتطبيع العربي السلفي السعودي والإماراتي والمصري. بأنه أمريكي فرنسي . كتب لي رفيق جزائري ان اسعيد في كل ما فعل فقط ضد الجزائر . ومقابل تطبيع السعود ية هناك تطبيع تركي قطري اي إلى حد ما قطبين دين سياسي وطبعا امريكيين. وفريق يرى اسعيد شبيه عبد الناصر.

بعيدا عن السباق حبذا لو نتابع ثلاثة امور: هل يحقق الرجل ترميما للبلد. وهل يكشف عيوب الدين السياسي. وهل يرفض التطبيع حقا. هذه بالحد الأدنى حتى اليوم متوفرة. وهذه اقل من حق الشعب ولكنها افضل من السابقين. بل ان مطالبة شخص بلا حزب ان يبني ثورة هو موقف اتكالي. اعتقد ان المطلوب دفعه إلى الأمام مع وج وب الحذر والشغل اكثر مما يشتغل. مثلا: اين الثوريون من اللجان الشعبية ومن حلقات التوعية ومن التحر يض ضد راس المال وضد الصند وق والبنك الدوليين والضغط بشطب الديون. اقصد المطلوب رفع مطالب الشعب ليضطر اسعيد لقبولها وخاصة مشروع التنمية بالحماية الشعبية وصولا لفك الارتباط وهذا اهم من تشكيل سريع لو زارة او تفعيل البرلمان وهذه طبعا تضغط لأجلها أمريكا تحت شعار مسموم “خريطة طر يق” بدل نموذج تنموي تحرري. على ضوء تجربة عشر سنوات ديمقراطية الدوحة يمكن الصبر بضعة شهور لديمقرطية شعبية حتى لو قيل استبدادا.

(2)

الابتهاج المزدوج تسرُّعاً

الكتابة شرف الكلمة وأساسها شرف الفكرة ومن ثم الموقف. لذا، فالمبالغة في تقييم أحداث لم تتضح مآلاتها بعد، هي مثابة تحميس وتحشيد أنصار من أجل “اللحظة السائلة” وهذا لا يبني وعياً نقدياً.

فريق من الكتاب وصلت به الحماسة بأن أمريكا تترنح وآيلة للسقوط وأن سقوطها في أفغانستان مدوياً كما كان في فيتنام. هذا رغم أن المفاوضات بينها وبين طالبان مستمرة، بينما في فيتنام خرج آخر إرهابي أمريكي وانتهت العلاقة مع دخان آخر طائرة لكي تتموضع لاحقاً بالشكل المناسب. ترى هل يعرف فريق التحميس إن كانت أمريكا وطالبان ترتبان تسييل إرهابيين إلى مكان آخر، سوريا مثلا أو حدود الجزائر؟ وهل تمديد نقل العملاء والأمريكان لا يتضمن نقل إرهابيين؟ ما أقصده أن طالبان كسبت الحرب على بقية الأفغان واجبرت أمريكا على الخروج، لكن بقيت طالبان تنظيم أصولي ذكوري يميني بوضوح. بمقاتلته أمريكا، لا يمكننا وصف طالبان بأنها منظمة إرهابية، أما جانبها الإرهابي ففي علاقتها بالقاعدة وباكستان واحتوائها على عديد المنظمات الإرهابية.هل تتغير منظمات الدين السياسي بين عشية وضحاها؟ هل تحولت النهضة التونسية إلى حزب غير دعوي كما زعمت!

أما فريق الابتهاج الآخر، فهي قوى الإرهاب التي هي توليد “الاستشراق الإرهابي” المنتشرة في كل الوطن العربي والتي تعتقد أن طالبان هزمت أمريكا وبأنها سوف تواصل دعم هؤلاء كما لو كانت قوة عظمى. فمن جانب، نعم ستدعم ولكن من تحت الطاولة، وستحاول الحرص على عدم المس بروسيا والصين وقد تلدغ إيران…الخ لكنها لن تكون المنقذ للإرهابيين بالقدر الذي يتوقعونه.

من هنا، أقول للعروبيين تذكروا بيت الشعر التالي لميخائيل نُعيمة إثر الحرب الإمبريالية الثانية:

“فلا تهزج لمن سادوا

ولا تشمت بمن دانا،

بل اركع صامتاً مثلي،

بقلب خاشع دامٍ

لنبكي حظ موتانا”

ولكن، لا تركع بل لا تُخدع واصنع لنفسك موقفاً يواجه الأمريكي والصهيوني والإرهاب الذي ولَّده “الاستشراق الإرهابي” ولم يتوقف بعد ولن يتوقف إلا بذراعك.

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.