تظاهرة القوى الديمقراطية! “شو يعني الديمقراطية”! عادل سماره

لم تكن، ولن تكون الديمقراطية نظرية متكاملة في الحياة ما لم تقترن بإيديولوجيا  بل بنظرية وفلسفة متكاملتين تكتنف كل منهما الطبيعة والمجتمع والفكر. ولذا، تنقسم الفلسفة إلى مادية ومثالية، ولا توجد بينهما “فلسفة عدم الانحياز”.

الديمقراطية هي آلية ترتيب  إداري :

  •  داخل الأسرة كيف يعامل الرجل و/أو المرأة  بعضهما وذريتهما.
  • وكيف تعامل السلطة/الطبقة الحاكمة بقية الطبقات من حيث شكلانية الإدارة وليس الحياة بمفهوم الملكية والعمل والإنتاج والحق في الإنتاج وليس في الشغل فقط.

لذا، هناك الديمقراطية الاقتصادية والديمقراطية السياسية، ولا معنى للديمقراطية بدون السياسة والاقتصاد. لأن في الاقتصاد والسياسة تدخل المسألة الأهم والأوسع وهي الحرية. أي ان الديمقراطية فسيلة من فسائل الحرية لأن الحرية تتضمن حرية العمل والحرية في حيازة الشخص لإنتاجه…الخ.

لذا، فالديمقراطية الغربية السياسية هي من أكذب أمور التاريخ، هي الأفيون الحقيقي للشعوب. فهي استجلاب الناس لانتخاب طبقة معينة، وحدهم مرشحيها  بوسعهم الإنفاق على الانتخابات وبعد ذلك يوضع الناس في صندوق والمفتاح بيد من انتُخب لينوب عنهم في كل شيء على أن يفتح الصندوق مجدداً بعد 4 أو 6 سنوات ليعيد نفس الكرَّة.

من تابع مظاهرات هائلة في المدن الأمريكية والأوروبية ضد غزو العراق 1991 واحتلاله 2003 يفهم بأن الجمهور لا يمكنه ردع حاكم وطبقة لها مصلحة في ذبح شعب بأكمله حيث حصلت الحرب والدمار ولم يُسأل الحاكم وإدارته وطبقته وشركاتهم!

قبل يومين طلبت خمس قوى محلية  من شرطة الحكم الذاتي إذنا بالتظاهر وأطلقت على نفسها “القوى الديمقراطية”!

وبناء على التشخيص أعلاه، فهذه التسمية تخلو من:

  • المضمون الطبقي فلا توجد ديمقراطية عائمة هكذا لكل الطبقات، حتى في اثينا كانت طبقية جداً.
  • وتخلو من المضمون السياسي الجذري لأنها تتحرك بإذن من سلطة انتهت ولايتها رغم ان انتخابها غير حقيقي كونه تحت احتلال اقتلاعي.
  • وتخلو من مفهوم كفاحي، فهل تقوم هذه القوى بنضال حقيقي وهي تعترف بالمحتل؟
  • وتخلو من مفهوم إيديولوجي بمعنى أن لا فكر نظري موحد يجمعها.

هذا التجمع هو برلماني وهم جميعا ضمن السلطة سواء بأعضاء في مجلس الحكم الذاتي المسمى “تشريعي” مبالغةً بلا أرضية سيادية  أو بترشح كثيرا منهم للانتخابات أو بوجود وزراء منهم ومرشحين للرئاسة…الخ.

إذن طبيعي أن يطلبوا الإذن وأن يتأخروا شهرين عن محاولة التظاهر المرخص للمطالبة بالتحقيق المعلن لقتل الشهيد نزار بنات . وهو قتل ليس الأول من نوعه ناهيك عن أن هكذا جريمة تتطلَّب الخروج من السلطة ومن م.ت.ف. أما المطالبة باجتثاث الفساد فهي تنطبق على كثير منهم من حيث تولي مناصب سياسية او حتى عضوية “برلمان” جرى انتخابه بقرار الاحتلال وتم تجميده ولم يستقيلوا!

وعليه، فهذا التحرك من هذه القوى هو في جوهره تنفيس لضغط الشارع وتنفيسا للحراك غير المرتبط بالسلطة وخلق منطقة عازلة  Buffer Zone بين السلطة والشارع الغاضب بمعزل عن عدده. ولذا/ إذا ما اسمى هؤلاء انفسهم ب المعارضة، فهم في الحقيقة ضمن السلطة حيث قدموا لها غطاء لتبدو ديمقراطية.

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.