في ذكرى استشهاد أبو علي مصطفى:

(1) مصطفى علي الزِبري: إنه وداع وعهد، د. عادل سماره

(2) لن ننسى … لن نغفر، محمد العبد الله

(3) ذكرى اغتيال القائد أبو علي مصطفى، بوابة الهدف

● ● ●

(1)

مصطفى علي الزِبري: إنه وداع وعهد

د. عادل سماره

مركز المشرق العامل للدراسات الثقافية والتنموية- رام الله- فلسطين المحتلة

30 آب /أغسطس 2001

يا…مصطفى علي الزِبري! ألآن، يمكنني الكلام، فأنت مِلكٌ للشهادة وحدها. لزمتني حفنة ايام حتى اتمثل المشهد المنقوع بالدم والبارود والعنصرية وراس المال. المشهد لك، والمجد لك.

أنت مشروع شهادة تعرفته أولاً في  نيسان 1964  عندما التقينا في بيتكم العتيق في عرابة والشهيد الحاج فايز جابر. كنت قد عدت من غزوة للجيتو،وكان الدم ينزف من قدميك.هذا النزف كان مؤشر على أشواك المسار الذي صُلبت عليه حتى لحظة ترجلت ورحلت. كنت مشروع شهادة بعدها بعام في سجن المحطة عندما هاجمتك الزائدة الدودية ولم يَستدعِ لك  السجَّان طبيباً من المساء حتى الصباح . لا زال صوتك يناديني في العنبر المجاور، ولا زلت كاللحظة هذه لا أستطيع أن اصنع شيئاً، أترى كم هو قاسٍ هذا الزمن!

ذهبت بنا الأيام مذاهب شتى، ومنذ أن حملتك الأيام إلى عمَّان في 17-12-1967 وحملتني إلى معتقلات المستوطنة التي في وطني لم نلتق حتى عند عودتك عام 1999 . وزرتنا في سجن السلطة الفلسطينية في أريحا، أحمد قطامش وعبد الستار قاسم وأنا . عاتبتني بالقول:

” أهكذا لم نراك إلا في المعتقل! إبتسمت لأنني أحبك وقلت ويدي تشير إلى المخابرات الفلسطينية ” “عندما يعتقلك الشباب سأزورك هنا… فهنا لا يحول بيننا جدار أوسلو” ضحكتَ  وضحك الجميع. ولم تمتد الزيارة طويلاً. فهي زيارة سجن. أما وهي الشهادة، فلن يقوم بيننا جدار.

كنت مشروع شهيد في ايلول في أحراش جرش، وحتى لحظة الاستشهاد. ورحلت… فماذا نصنع نحن، هل نتابع المشهد متلقين متفجعين، أم نتابع المشهد ونعيد صياغته ، ومن ثم إنتاجه؟ واختصارا، هل نتجاوز المشهد بالموقف؟

لكن الأمر صعب ومُرّْ. فمن الذي يجرؤ على تقديم الموقف في لحظة الاستشهاد؟ من يجرؤ على إعمال العقل في حمأة الدم؟ دعنا نحاول، وأنت لم تعد ملكا إلإ للشهادة.

يقول رواة فلسطينون وعرب، إنهم غدروا بك وخرقوا الاتفاقات! وأنا اقول كما قالت العرب، لم يغدروا بك “فالحرب خدعة وسجال”. فمن يعوزه السجال تكن الخدعة. ولا عتب. إذا أعوزتك الخدعة فليكن السجال. فلنتجاوز التفجُّع، لنرتقي إلى لحظة التقييم، ولنرفع اللغة إلى مقام الشهادة، ولنستثمر الشهادة  في مشروع مصير الأمة العربية، أمك الكبرى التي حرمتها كثير من أماكن  التأبين أن تحتضنك فتفردت بكَ قلة إقليمية هنا وعصبوية هناك.

بين التفجُّع والتحليل يتبين الفارق بين الصمود وبين الحزن، بين التفجع الممرور، وبين قرار صنع المستقبل.

هو يا سيِّدي صراع مديد، في الزمان وفي الجغرافيا. وإذا كان هناك في مكان في  العالم يُمثِّل حقاً حقيقة النظام العالمي في حقبة العولمة، فهو الصراع العربي-الصهيوني الرأسمالي. من هنا تشعر انت براحة افضل براحةٍ أرقى. هذا صراع طويل لن ينتهي إلا بسقوط راس المال،  أنت تعرف ذلك الآن أكثر مما كنت فينا، لأن للشهداء مرتبة الكشف، ولنا طاقة التحليل والتنبؤ. لن يُلقي راس المال فكَّيْهِ ولن يخلع مخالبه. وهكذا، لن تدخل المستوطنة الإشكنازية البيضاء باحة السلام.  لامكان لها هناك قط. في هذه المستوطنة فقط، وليس في اي مكان  في الكون يكون الناس على يمين الحاكم! عندما يَقتُل، يتسابقون على الولغ في دم الضحية.

أما نحن، فلن نفقد موقعنا الإنساني، نضال مستمر من بغداد إلى القدس إلى الدار البيضاء. نحن أمة الأمم. لن ندخل بوابة اوسلو التي أرادها لنا النظام الرأسمالي بقيادة الدولة الأمريكية، دولة مشروعها إبادة أمم بأكملها. لم يحصل  كهذا في التاريخ قط. وأحد مخالبها المستوطنة الإشكنازية  في الوطن العربي.

مشروع حرب طويل، حرب الشعب، لا حرب الجيوش، مشروع نهضة أمة بالحماية الشعبية لا بمساومات الحكام. مشروع يجب أن يهدم المشهد الراسمالي، القادم من أجل مشهد أمة اشتراكية موحدة، سيكون لليهود فيها مكاناً، لا مقبرة.فنحن ورثة وصايا أبو بكر لقواته الفاتحة والعهدة العمرية وتعالي صلاح الدين على الحقد. نحن المشروع الاشتراكي المقبل في هذا العالم. أما الحركة الصهيونية فلن تَعافى كما لم تَعافى الفاشية والنازية ولا راس المال.

لا ادري إن كنتَ مضيتَ مبكراً، او متأخراً، لكنك ذهبت.  فهنيئاً لمجتمع الشهداء بك، فلا بد لمجتمع الشهداء أن يتكامل، فتية شهداء في مّيْعة الصبا، وشهداء في عمق النضوج. لك الوداع، لك الخلود، وللوطن الكبير جولة أخرى.

جريدة القدس 30 آب 2001.

ملاحظات: تركت النص كما هو. أُستشهد ابو علي مصطفى يوم 25 آب 2001 بقصف طائرة العدو لمكتبه.  وأُضيف هنا أن أبو علي والشهيد الحاج فايز جابر وأنا كنا في منظمة ابطال العودة 1964 حينها حيث فرزتنا حركة القوميين العرب مع رفاق. كان ابو علي مسؤول جنين ونابلس وطولكرم، وأنا رام الله والقدس والحاج فايز الخليل وبيت لحم.وبعد 1967 انضممنا إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

(2)

لن ننسى … لن نغفر

محمد العبد الله


في مثل هذا اليوم عام 2001 إغتال العدو الصهيوني بواسطة طائرات أباتشي ، القائد الثوري والمناضل الفلسطيني، القومي والأممي ، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ” مصطفى علي الزبري / أبو علي مصطفى – مواليد عام 1938 في بلدة عرابة – قضاء مدينة جنين ” بمكتب الجبهة في مدينة رام الله.
حياة الشهيد العملية كانت أبسط مما يتصورها أي إنسان ، فقد عمل موظفا صغيرا في بنك الإنشاء والتعمير، كما عمل في منجرة، ومحل للزجاج،وفي مصنع للكرتون، وأعمال أخرى بسيطة.
التحق بحركة القوميين العرب في عمّان عام 1955.عرفته المُعتقلات مناضلاً صلباً، وقاد المجموعات الفدائية داخل الوطن المحتل ولعب دوراً أساسياً في مسار المقاومة الفلسطينية والنضال القومي على مدى عدة عقود حتى يوم استشهاده.
عشرون عاماً مضت على رحيل الجسد، لكن الأفكار التي حملها الشهيد تتجذر وتمتد في أجيال فلسطينية وعربية .

إن سواعد وبنادق وصواريخ الكتائب التي حملت اسم الشهيد هي الدليل على تألق فكرة النضال واستمرار نهج الكفاح المسلح لتحرير فلسطين.
الثوريون لايموتون .

(3)

ذكرى اغتيال القائد أبو علي مصطفى

غزة _ بوابة الهدف

توافق اليوم، 27 أغسطس، ذكرى اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبيّة أبو علي مصطفى ، الذي استشهد بعد استهدافه من قبل طائرات الاحتلال الصهيوني، التي أغارت على مكتبه في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، ليكون أول قياديّ يقتل اغتيالاً بصواريخ الاحتلال إبان انتفاضة الأقصى.

ففي السابع والعشرين من شهر آب 2001، قصفت طائرات الاحتلال مكتب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رام الله واغتالت أبو علي مصطفى، الذي كرّس جل حياته في النضال لأجل الوطن والقضية، ولإحقاق الحق والعدالة والكرامة.

ونال أبو علي نصيبه من الاحتلال كما الكل الفلسطيني، لكنه استطاع مواصلة عمله بالسر والعلن بمثابرته، وكان يعرف منذ عودته إلى أرض الوطن عام 1999 بعد رحلة اغتراب طويلة أمضاها ما بين الأردن وسوريا ولبنان، أنه في خطر لكنه قائد عنيد متمرس فضل الموت في حضن فلسطين التي أحبها وأحبته.

ولعب أبو علي مصطفى دوراً هاماً خلال انتفاضة الأقصى وعرف بمواقفه الوطنية، وقد جمعته مع الفصائل والقوى الوطنية علاقات طيبة، وتفانى في عمله الجماهيري والسياسي لتحقيق أهداف وغايات شعبه.

وولد الشهيد في بلدة عرابة بمحافظة جنين عام 1938. كان والده مزارعاً في البلدة  منذ العام 1948، بعد أن عمل في سكة حديد حيفا.

ودرس المرحلة الأولى في بلدته، ثم انتقل عام 1950 مع بعض أفراد أسرته إلى عمان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها.

و”كان مقتنعاً قناعة تامة خلال مسيرته النضالية بأن الصراع مع الاحتلال صراع مصيري لا يمكن إزالته إلا إذا امتلكنا قوة وطاقة الفعل الوطني على مختلف الأصعدة والمرتكزات وانطلاقاً من كوننا أصحاب الحق ومن خلال القدرة على استقراء الاحتلال بموضوعية وتوجيه النقد للذات والمساءلة”.

وقد انتسب في سن السابعة عشرة إلى حركة القوميين العرب التي أسسها جورج حبش الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك في العام 1955. اعتقل بعد عامين (1957) وحوكم أمام محكمة عسكرية وقضى في سجن “الجفر” الصحراوي بالأردن خمس سنوات، ولدى خروجه من المعتقل تسلم قيادة منطقة الشمال في الضفة المحتلة وشارك في تأسيس “الوحدة الفدائية الأولى” التي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين، كما خضع للدورة العسكرية لتخريج الضباط الفدائيين في مدرسة “أنشاص” المصرية عام 1965.

في أعقاب حرب حزيران عام 1967 قام وعدد من رفاقه في الحركة بالاتصال مع الدكتور جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح، وكان هو أحد المؤسسين لهذه المرحلة ومنذ الانطلاق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان ملاحقاً من قوات الاحتلال واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس.

وتولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما شارك في معركة الكرامة 1970 وحرب جرش-عجلون في  عام 1971 .

وغادر الأردن سراً إلى لبنان في أعقاب حرب تموز 1971. وفي المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام.

وعاد للوطن في نهاية أيلول عام 1999، وتولى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2000، وانتخب في المؤتمر الوطني السادس أمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وظل يشغل هذا المنصب حتى استشهاده عام 2001.

وعندما عاد أبو علي إلى أرض الوطن قال مقولته الشهيرة “عدنا لنقاوم وندافع عن شعبنا وحقوقنا ولم نأت لنساوم”

:::::

https://hadfnews.ps/post/32323

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.