اليوم ذكرى البرجين القتيلين في أكبر مستوطنة راسمالية عدوانية بيضاء اي الولايات المتحدة.
وبمعزل عن أن هدم البرجين كان صناعة أمريكية صهيونية لتبرير العدوان على أفغانستان والعراق، أو كان من صنع القاعدة، التي هي الإبنة الأولى للاستشراق الإرهابي، فإن هذا الهدم هو مؤشر بنتائجه على:
بداية انهيار إمبراطورية قامت بقرابة 250 حربا ضد مختلف الأمم ولم تتوقف شهيتها ولكن يوقفها لجم الأمم لها. وها هي تلعق جراحها بعد هزيمتها/طردها/هروبها في أفغانستان بمعزل عن ما سيؤول إليه وضع هذا البلد.
ومؤشر على تراخي قدرة الكيان على البقاء ليل نهار في حالة توتر واستنفار وهو ما اتضح من اختراق حصن جلبوع على ايدي ستة رجال باعصاب لم تتوتر ولم تكل حتى انتصروا. وهذا بالطبع دليل الفارق بين قلق اللص وصلابة صاحب الحق الذي “في بطئه يصلُ-عبد اللطيف عقل” .
معروف أن الكيان تتجاذبه ثلاثة تحديات/خيارات لو تسنت له:
الأول: البقاء على اسنَّة الرماح ليل نهار ، أي في حرب دائمة/الحرب الدائمة
والثاني: الإقرار بحق العودة للفلسطينيين إلى أرضهم وممتلكاتهم على أن يكون ذلك ضمن دولة الوحدة العربية وأن يعيش فيها من يتبقى من اليهود مجردين مما سلبوا.
والثالث: الاندماج المهيمن في الوطن العربي.
هزيمة جلبوع مؤشر على أن العيش المطلق على أسنة الرماح ليس قيد الإمكان البشري حتى لو أُحيط بخرافة “شعب الله المختار” أو مقولة بن غوريون “اليهودي الجديد”. فاليهودي الجديد هو صناعة إمبريالية ويكتسب”تميزه ” من بقاء العربي قديما ، كما تفعل انظمة التبعية كصناعة إمبريالية ايضا، اي ان التجزئة والكيان هي توليدات الغرب الإمبريالي ويربطها حبل سُرِّيْ. إذن يفقد اليهودي الجديد “تميزه” أمام تبلور المقاومة وانتصاراتها الجماعية والفردية أبطال اختراق جلبوع نموذجاً.
كما أن الاندماج في الوطن العربي بهزيمة الكيان وتفكيك السلطة والترسانة الحربية وتجريدهم مما سلبوا، لم يحن وقته بعد من حيث قدرتنا على ذلك وخاصة محور المقاومة.
ويبقى الخيار الأخير ، الجاري حالياً، وهو الاندماج المهيمن عبر أو على يد معظم الأنظمة العربية التابعة كعدوة للأمة والتي ليست سوى أنظمة حكم ذاتي كما كان آخر برهان حيث لم تجرؤ أنظمة مصر والأردن والعراق ولبنان على تبادل الغاز والكهرباء سوى بعد أن سمحت لهم امريكا عبر سفيرتها.
ما نخلص إليه من هذا إذن هو: وجوب عدم تغييب حقيقة أن الذي يقاتل الأمة العربية في الصف الأول حتى اليوم هي الأنظمة العربية التابعة كحكام محكومين وكجيوش وكمثقفين منشبكين وكمثقفي طابور سادس. أي ان الجيوش الثلاثة هي:
– الكيان الصهيوني
– والإمبريالية الأمريكية وكل الغرب الداعم للكيان حتى لو باستيراد الورود منه
– والأنظمة العربية المنخرطة في التطبيع.
لذا، كان انتصار الفدائيين الستة على جلبوع عالي الأهمية ولا يقلل من ذلك اعتقالهم أو ربما استشهاد أحدهم.
ضعوا هذا الانتصار في خانة القتال ضد التطبيع والذي يعني أن نستعيد الشارع العربي لأن تصفية هذه الأنظمة تشترط استعادة الشارع العربي وحينها نكون قد كسرنا الجيش الأول المعادي للأمة وواجهنا الجيشين الآخرين اللذين يستخدمانه.
وهنا لا نبالغ: أليست جيوش الاستشراق الإرهابي/إرهاب انظمة وقوى الدين السياسي هي التي تقاتلنا خاصة في عشرية الاستشراق الإرهابي الجارية حتى اليوم؟
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.