- طائفيون، متمركسون، أنجزة، هجريون وتروتسك
هل من رابط بين العدوان على تدمر والعدوان على الطيونة في بيروت؟ وهل يبتعد هذا
عن مجمل السياسة استهداف الوطن العربي بقيادة أمريكية وبجيشين:
الأول: الأنظمة الرسمية للثورة المضادة
والثاني: قوى غير رسمية حاكمة موجودة في الوطن العربي نفسه/الجيش الآخر.
إذا كانت امريكا وراء كل هذا فهو يفتح على السؤال المكرر: هل أمريكا في تراجع؟ نعم، ولكن أمريكا ايضا قوية، وهذه المرة ليس بذاتها بل ايضا بأدواتها ومنها الجيش الأمريكي الآخر.
لا يحتاج الأمر للتنجيم فأمريكا ومعها الاتحاد الأوروبي وحتى اليابان تعلن أنها تقيم سياستها الدولية على:
النهوض ممنوع على اي طرف غيرنا.
وتقيم سياستها في الوطن العربي على تتويج الكيان على هذه الأمة وهذا يقتضي الإمعان في ضربها وتقطيعها بلا توقف.
لنأخذ العدوان على تدمر وخاصة تساؤلات الكثيرين:
لماذا تقول سوريا دائما سنضرب في الوقت المناسب؟
ولا ينتبه هؤلاء، بل الطيبون منهم، إلى حقيقة أن الوقت غير مناسب. نعم غير مناسب. ومن لا يفهم أن الصراع ليس مع الكيان وحده بل مع كل الثورة المضادة عليه أن يقرأ اكثر. وإذا قرأ سيعرف أن ميزان القوى ليس لصالح سوريا وهذا ما يرغمها على مواجهة دفاعية.
ولذا، كي لا ينشغل الطيبون في هذا السؤال دائما، لأن العدوان سوف يستمر، فعليهم أن يضعوا في الاعتبار دائما القاعدة الأساسية: هل النظام الذي نتحدث عنه وطني أم لا؟
إذا كان رأينا انه وطني، فيكون الجواب: إذن “أهالي مكة أدرى بشعابها”، ومن هو في المعركة أعرف بظروفه. وهذا لا يعني أن النظام السوري مثالي، ولكن كونه تحت استهداف أعداء الأمة، فهو على الأقل وطني وعروبي، وإذا كان كذلك فإن مجرد وجوده هو ضد الكيان. ولذا يجري العدوان على القطر العربي السوري.
وإذا كان النظام تابعا أو في شبهة بل تطبيعي ويشارك في العدوان أو شارك في العدوان على اي قطر عربي، نكون أكثر جرأة بل واجبنا تعريته. لذا، فإن تكرار سؤال: “لماذا لا ترد سوريا” هو من قبيل الرفاهية الإعلامية أو تشغيل الساكت والكسول والمحايد لنفسه بثرثرة ما كي يشعر أنه يفعل شيئاً، أو لأنه يستمع ويتتلمذ على إعلام وتثقيف مضادة للعروبة .
ذلك لأن سوريا لا تزال تحت عديد الحروب، هذا إلى جانب أنها لا تستطيع محاربة الكيان وحدها لأن الكيان هو الثورة المضادة أي هو امريكا وأوروبا ومعظم الأنظمة العربية ومثقفو الطابور السادس وأخيرا قوة الكيان.
وهنا علينا ان نتذكر قاعدة ثانية، ان اي قطر عربي يتم احتلال جزء من ارضه يجري ذلك لأنه وحيدا، والأقطار الأخريات إما صامتة أو مشاركة ضده كما يحصل منذ 1991 ، ولذا يُحتل قطر بشكل فردي وتحريره الفعلي يجب أن يكون جماعياً اي عروبياً. قد تحصل بعض الاستشناءات المهمة مثل تحرير جنوب لبنان، وهو ايضاً لم يكن بدون ظهير عربي وإيراني.
ولذا نصل القاعدة الثالثة وهي إن استهداف العروبة من داخلها ومن الخارج اي من الثورة المضادة مقصود به أن لا تنهض وبالتالي تخليد ما هي فيه وذلك لحماية الكيان الصهيوني .
لذا تلجا سوريا إلى: الرد في الوقت المناسب.
وماذا عن بيروت؟ كيف يمكن أن يمكن الرد على تظاهرة سلمية برصاص القناصين؟ بل لماذا؟
لسنا بصدد تحليل وضع السلطة في لبنان وتوازناتها وارتباطات القوى السياسية اللبنانية بالخارج وخاصة بالغرب. ولكن ما يجب طرحه، لصالح منْ حصل ما حصل أمس؟
وليس الجواب صعباً، لأن من قام بالجريمة تنظيم طائفي يرتبط بمختلف القوى العدوة علانية ويُعلن صراحة أنه ضد المقاومة وضد سلاحها. وطالما أن المقاومة لا تستخدم سلاحها داخل البلد، فإن هدف سحب سلاحها هو لخدمة الكيان بل وحتى إعادته إلى بيروت وليس إلى الجنوب فقط.
ولكن، بأنفاس منْ تحرك سمير جعجع؟ هل هو حقاً قادر على مواجهة المقاومة؟
لا نعتقد أنه غبي إلى هذا الحد. ولكنه يقوم بتنفيذ مشروع هدفه تمكين الثورة المضادة من احتلال لبنان باسم الأمم المتحدة وطبعا حينها يكون الاحتلال لصالح الكيان أو حتى تسليمه المفتاح.
صحيح أن جعجع يتوقع الكسب قبيل الانتخابات أو يحاول منعها عبر هذه الجريمة وغيرها بما هي تحشيد طائفي ومنافسة داخل الطائفة نفسها، ولكنه ضمن مشروع اوسع هو إنهاء لبنان كمقاومة ولصالح الكيان.
هذا عن دعم أنظمة الثورة المضادة للقوات اللبنانية الكائفية طبعاً بل وجميع من يقفوا من اللبنانيين ضد المقاومة، ولكن هناك معسكر آخر إما خفي أو مخفي وهو ما أسميه ابناء السكرتيرة (مع المعذرة للمرأة). هل هو معسكر يقوم بالتنسيق المباشر؟ في أجزاء منه نعم وربما في أجزء منه لا.
حينما جرى العدوان الأمريكي على العراق 1991 وإخراج العراق من الكويت، وقف معظم اليسار الأوروبي والأمريكي وخاصة التروتسك ضد العراق اي إصطف إلى جانب الإمبريالية. حينها اصدرنا في لندن كتابا مشتركا بعنوان” حرب الخليج -بالإنجلزية” ووصفت هؤلاء ب “ابناء السكرتيرة في مساهمتنا في كتاب حرب الخليج والنظام العالمي الجديد ص ص265-66) The Gulf War and the new World Order , Zed Books 1991: ” بمعنى أن البرجوازي يحتفظ بعشيقات سريات وينجب منهن ولا يظهر أولاده هؤلاء إلا حينما يصبح في مأزق. لذا تحرك هذا اليسار لصالح الإمبريالية في تلك الحرب العدوانية المفطا بأن :”الكويت دولة عضو في الأمم المتحدة”!!!.
غضب من هذا كثيرون، ولكنه صحيح تماماً. فهذا اليسار هو جوهريا:
• يسار شرعي في الغرب اي يعارض النظام ولا يعمل لاقتلاع النظام.
• يسار مضاد للعروبة خاصة، عنصري، مركزاني أوروبي، أبيض إيديولوجياً لا لوناً، وصهيونيا وضد الإسلام. وأخيراً يزكي أكذوبة إبراهيم والإبراهيمية.
• يسار في خدمة الكيان الصهيوني.
لذا، لاحظنا أمس وقوف التروتسك بشكل خاص لصالح الفاشية اللبنانية وضد المقاومة، وهذا امر طبيعي.
وهناك فريق آخر، الحزب الشيوعي اللبناني الذي يُصر أمينه العام وقياداته الأخرى على التخلص من التاريخ المقاوِم للحزب من جهة، ويحاول إحياء التراث الأسود في اعتراف العديد من الأحزاب الشيوعية من السوفييتي وإلى معظم الأحزاب الشيوعية العربية بالكيان وهو ايضا إعتراف يستهدف العروبة ويخدم القُطرية. وفي سياق مهمته هذه يقف ضد المقاومة ويلعب دور الشاطر حسن حيث يُوازي بين المقاومة والفاشية تحت حجة الطائفية.
ويتهرب هذا “الشيوعي” من حقيقة أن الطائفية او المذهب كوجود في مجتمع ما أمر والتطييف أمر آخر. لذا يمكن لطائفة أن تكون مقاوِمة ويمكن بالتطييف أن تصبح عميلة. ومن هنا نرى دوما أن الطائفية أو التطييف هي ضد حتى اي تنوير فما بالك بثورة وتنمية ووحدة واشتراكية…الخ. ويكون على قوى الثورة أن تأخذ الطائفة إلى المستوى الوطني والطبقي كي يتم فك قاعدة القيادات الطائفية عن تلك القيادات، وما أصعب ذلك. أما أن يغرق حزب “شيوعي” في الثرثرة عن الطائفية ويوازي بين المقاومة واحزاب السفارات، فهذا تاكيد على استدخاله للهزيمة. وهنا نجد اننفسنا أمام ما أسميته :”أنجزة الأحزاب السياسية” كما حصل في كثير من القوى الفلسطينية.
وهناك فريق أنظمة وقوى الدين السياسي التي تبدو جديدة ولكن نجد جذورها في الهجريين. فالهجريون ينفون الوجود القومي العربي ويؤرخون للعرب منذ الإسلام فصاعداً، وبهذا يجري تبليع الدين أمة بأكملها، اي تغطيس الوجود الاجتماعي المادي التاريخي في مستوى ثقافي باعتبار الدين جزء من الثقافة وليس الدين أمة ابداً.
والهجريون في فرزهم إلى دين سياسي واستدخالهم للهزيمة بالضرورة وارتباطهم بالثورة المضادة وصلوا إلى مقومين لوجوهم:
الأول: فك الإيمان عن الدين، وتحويل الدين إلى دين سياسي وبالتالي برروا لأنفسهم العداء ضد العروبة بما في ذلك العمالة الموصوفة.
والثاني: انخرطوا في خدمة الاستشراق الإرهابي المصنوع في الغرب وقدموا له أهم عاملين في تنمية اي بلد وهما:
• القوى الشابة التي يجب أن تكون رافعة الإنتاج
• والإمكانات المالية التي يجب أن تكون في خدمة التنمية.
وهكذا يتم حرق البشر والثروة في مشروع تحطيم الوطن العربي أي تكريس الكيان الصهيوني كقائد من خلال دمجه واندماجه في الوطن العربي اندماجا مهيمناً، وهذا جوهر ما تشتغل عليه الثورة المضادة وخاصة في العشرية الإرهابية الأخيرة. صحيح أن قيادتها أمريكية، وتبريريها غربي عموما، ولكن تنفيذها تركي، هجري/دين سياسي، تحريفي وأنجزة وتطييف معاً.
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.