نعم انتم مطبعون ومعتدون (2من2)، عادل سماره

  • بدو بنفط وبدو بلا نفط …هل تتعظ سوريا
  • تقويض الإنتاج، إغداق النفط واستعباد قوة العمل ونهب المدخرات

يكون من قبيل ذر الرماد في العيون وإغلاق ألاذان بالطين والعجين إذا حصرنا تداعيات تصريح السيد قرداحي في رفضه العدوان ضد اليمن.

وإذا كان حكام الخليج قد استغلوا هذا التصريح للانتقام بغسل كراماتهم الإرهابية داخليا والذليلة لدى الإمبريالية، ليكون تصريح قرداحي قد فتح لهم فرصة “العنتريات” والإنتقام فإن علينا رؤية المسألة في عمقها واتساعها.

يقول الإستعماريون: “كيف حصل أن وُجد نفطنا في أرضهم”!

ويقول التوابع العرب سواء حكاماً أو بسطاء: “النفط لهم فهم الذين استخرجوه”.

هذا التطابق في فهم المسألة هو الذي سمح للإمبريالية بأن تقول صراحة، وخاصة بعد استعادة العراق للكويت 1991: “النفط سلعة عالمية لا يحق لأحد التحكُّم بها” ولذا تجند العالم لتدمير العراق تحت شعار الكويت دولة عضو في الأمم المتحدة! وطبعاً هذا بعيدا عن تضخيم خطأ العراق توقيتا في استرجاع الكويت. لكن الأمر هو توظيف النفط ضد العرب وذلك في هدف ومستويين:

أما الهدف فهو تمكين كيانات الخليج من التحكم في السياسة العربية وخاصة تقويض البعد العروبي. وهذا يمكن فهمه على ضوء تحويل القبائل إلى دول ، عقلية وثقافة شيخ القبيلة إلى حاكم على ضوء التطور الدولاني عالمياً، والانتقال من البعير إلى الطائرة، وانحصار فهمه للجغرافيا في حدود ما يعرفه فقط أو ما يمشيه على قدميه، ومفاقمة هذا بتوفير سيولة مالية من النفط وصولا إلى راس المال المالي المعولم بعد أن كان كل ماله في كيس خيش. ومع ذلك  حصة النفطيين صغيرة مقارنة بما تقشطه الإمبريالية وهائلة مقارنة بالفقر العربي.

أما المستويان،

فالأول: إخضاع الأنظمة العربية غير النفطية بحقنها بسيولة مالية تُبقيها حية ولكن غير فاعلة عروبياً كي تغض الطرف عن الرؤية السياسية القبلية لحكام الخليج المضادة لأي بعد عروبي وهذا استفحل بعد حرب حزيران 1967. وبالطبع كان يتم شطف وجه النفطيين بتقديم دعم مالي بعد كل عدوان صهيوني ولكنه دون اي دور إنتاجي او تحقيق مستوى استراتيجي عسكرياً.

والثاني: تشغيل مضبوط لقوة عمل عربية في الخليج بما يضمن تصحُّر الإنتاج في بلدانهم وتهافت قوة العمل على العمل المأجور خارج الوطن  هروبا من الإنتاج مما قاد إلى تصحُّر الأرض ومن ضمنها لبنان. نعم فالصلع الزراعي أصبح ظاهرة عربية.

بهذه الضوابط يمكننا قراءة التوكيل الإمبريالي للخليج بخنق لبنان.

ونموذج لبنان واضح حتى قبل المندوب التخريبي إلى هناك اي رفيق الحريري. كان لبنان بلد ينتج زراعيا ويُصدِّر إلى بلدان عربية أخرى وكانت به صناعات أساسية تكفي البلد وأكثر. وكان يلعب دور تمرير وغسيل أموال عربية ويتغذى منها ايضاً.

تم جر لبنان إلى الاعتماد على الريع النفطي سواء من العاملين أو من ضخ أموال قادت إلى استهلاك يفوق المداخيل وخاصة بعد أن غادر لبنان كثيرا من مواقع الإنتاج والتي لا يمكن العودة إليها بين يوم وليلة وذلك ليس لأن قوة العمل تم طردها إلى الخارج وخاصة الخليجي بل أساساً لأن العودة إليها يحتاج لعملية تكيف بشري اعتاد الوظيفة ليست سهلة كما أن العودة لتجديد مواقع الإنتاج تأخذ في الخضار نصف عام والأشجار ما فوق ثلاث سنوات والصناعة اصعب. ولذا، فإن حديث المقاومة عن الاعتماد على الذات والمقاطعة جاء متأخراً جداً، وإن كان افضل من عدم مجيئه. ورغم مرور عامين على وباء كورونا، لم يتم التوجه عربياً للإنتاج الغذائي رغم توقعات التنمويين بأن اسعار المواد الغذائية سوف تتفاقم.

إن أنظمة تحتل بلدانها وتقهر الشعب  يكون  همَّها الأول البقاء في الحكم ولذا لا يمكن أن تتجه تنموياً، بل غالباً تفضل وقوع الشعب في مقلاة الغلاء ليركع لتصدقها عليه حتى والتصدق من ريع بيع الوطن، ومن لا يركع يُقمع.

فالمقاطعة والتنمية بالحماية الشعبية سلاح لا يمكن ثلمه إذا كان هناك من قرار، وهو سلاح يجب تبنيه حتى والبلد في حالة سلمية.

المؤامرة المالية:

لعب الحكم الطائفي في لبنان دور “القِوادة” لما يجري الآن في تسهيل تقويض مواقع الإنتاج من جهة وحينما وصل وضع لبنان إلى حالة من تجفيف قنوات التسييل المالي اي:

·        حجب الخليج لحقنه المالية وتسييلها للفاشية المزدوجة (السنية/الحريري والمارونية جعجع)

·       قلة التحويلات من العمالة في الخارج

·       عجز القدرة التصديرية مقارنة بالواردات

·       فخ دفع أقساط وفوائد الديون

·       وتضييق فرص الاقتراض مع تعظيم شروطه وتسييسها بشكل مبالغ فيه.

قاد هذا إلى قرار النخبة السياسية المالية وهي طبقية/طائفية معاً إلى تهريب ما لها ومال غيرها.

ما يجري ضد لبنان منذ عدة سنوات مقصود به راس المقاومة وكامل محورها وهو عدوان إمبريالي وصهيوني من أدواته أنظمة عربية وخاصة الخليج.

لذا بدأ الخليج وغيره بإخراج  اموالهم  من لبنان كبلد لم يبق فيه “مصِّة إصبع” مما خلق صعودا حادا في الطلب على  العملة الاجنبية(الدولار الامريكي خاصة) وهذا قاد بالطبيعة إلى عرض عالي للعملة المحلية مما أفقد الثقة بها وانهيارسعر صرفها مقارنة بالعملات الاحتياطية.

والمعتاد عالميا أن يقوم المصرف المركزي في هذه الحالة بمكافحة  ضد انهيار العملة المحلية عن طريق  انفاق العملة الصعبة الموجودة  لديه في الاحتياط. ولا ندري إن كان فعل هذا في لبنان.

وبغض النظر إن كان المصرف المركزي قد انفق الاحتياطي من العملة الصعبة لدعم الليرة أو سهل تهريب العمل الصعبة اي الاحتياطي، فإن النتيجة في لبنان هي  انهيار خيالي للعملة المحلية.

وفي حين أنه في الحالات العادية يقوم البنك والصندوق الدوليين بالإسعاف المغشوش للمريض اي بضخ اموال كقروض مما يساهم في تقويض العملة المحلية، فإن هاتين المؤسستين تتعففان حتى عن هذا الدور إلى أن تتشكل حكومة لبنانية “موثوقة” حسب تقييمهما.

ينتج عن كل هذا تزايد انخفاض قيمة العملة المحلية ويزداد التضخم ويخضع البلد لوجوب دفع الديون سواء القروض أو الفوائد ناهيك عن دفع فواتير الواردات ويزداد ضغط تحصيل الديون  على الشركات والمصارف المحلية  التي كانت التزاماتها تقدر عادة بالعملة الصعبة  الاجنبية  التي بقدرة قادر أعلنت فراغ خزائنها، أي شفط توفيرات ومدخرات الشعب.

لذا، يجري الحديث عن بيع اصول وطنية للأجانب وبالطبع لتشتريها الشركات الأجنبية باسعار تافهة حيث لا تجد الحكومة مصدر سيولة آخر.وقد يكون من الشُراة خليجيين ايضاً كي يتحكموا في لبنان بامتلاك الأرض!

وهكذا يُطبِق تحالف الخليج والطوائف على الشعب العربي في لبنان لاقتلاع المقاومة حتى لو بفتنة وإن عجزت الفاشية  فبالتجويع.

هذا الفخ الذي وقع فيه لبنان يسمح لحقد حكام الخليج أن يأخذ مداه وذلك بهدفين:

الأول: تحطيم لبنان وإشعال الفتنة فيه

والثاني: إرهاب الدول العربية الأخرى التي لها قوة عمل في الخليج أو للخليج استثمارات غير إنتاجية فيها.

وكلا الهدفين عامل تقويض في المشترك العروبي وعامل تمكين الكيان بأن يندمج كمهيمن على الوطن العربي. ألا تلاحظون دور الكيان في توازن قوى المطبعين في السودان، وتحريكه المغرب ضد الجزائر ومشاركة خبرائه ضد اليمن، ووصول العلاقة بالأردن إلى مناورات مشتركة ناهيك عن غرفة “موك”! أما في الأرض المحتلة فكل شيء محتل وكثير منه بالرغبة!

لا يختلف الهدف مما يجري ضد لبنان عن الهدف مما جرى  سوريا حيث اتخذ العدوان الرسمي والمالي الخليجي حالة العدوان بكل اشكاله. وهذا يطرح السؤال اليوم ، ولكن هذه المرة على سوريا:

كيف يمكن إعادة العلاقات مع هذا الخليج ودم السوريين على أنيابهم! وهل هذه الإعادة هي قرار الشعب المكلوم باستفتاء. نعم باستفتاء لأن هذا أهم من الدستور؟ وإذا كان لبنان محكوم طائفيا بعدم التوجه شرقاً حتى لو “مات” فهل تذهب سوريا إلى النفط بدل الشرق؟ وهل الحديث عن الذهاب شرقاً مجرد مخدر يحقن الفاسدون به العرب في سوريا؟

ملاحظة: بعد أكثر من عام على تفجير مرفأ بيروت أضطر رئيس لبنان لطلب صور الأقمار الصناعية من روسيا بعد ترجيه للغرب الذي رفض لأكثر من عام! ما هكذا يكون العشق… إنه!!!

لو قورن ما قاله السيد قرداحي بما قاله ترامب لسلمان لبدا قول قرداحي نصيحة طيبة. ولكن ترامب تمثل قول المتنبي:

لا تشتري العبد إلا والعصا معه…إن العبيد لأنجاس مناكيدُ”

عبيد يحكمون من المحيط إلى الخليج.

https://www.facebook.com/messenger_media/?thread_id=100009657040467&attachment_id=263717279043859&message_id=mid.%24cAABa9VAU_lODA0d2JF80gInJ7grw

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.