يمكنك فهم وتفهُّم قيام امريكا بنشر الحروب الساخنة والباردة والفاترة معاً على رقعة الكوكب، من أوكرانيا إلى اذربيجان إلى اليمن إلى مخزن المغرب ضد الصحراء إلى تغول عميلتها فرنسا في افريقيا إلى دعم آبي أحمد كي لا يسقط نظامه من خلال جسر جوي عبر الإمارات وليس بقوة الإمارات وذلك كي يبقى سد النهضة وتعطش مصر، إلى بولندا إلى بيلا روسيا إلى مضايقة كوبا إلى محاصرة إيران وعن سوريا حدث ولا حرج.
كل هذا واضح، لكن ما لا يمكن فهمه أمران، للأسف يخصان العرب:
الأول: أن يتم تكرار ما حصل لفلسطين هذه المرة في الأردن. فما يحصل اليوم في الأردن هو تسليم البلد للكيان دون حرب، بل بحرب على الشعب! هل هذا معقول! عام 1917 احتلت بريطانيا فلسطين وشرعت في تطبيق اغتصابها للكيان. اليوم الجيش الأمريكي يحتل الأردن. ما بين 1917 و 1948 قاوم الفلسطينيون ما أمكن ولم تكن لهم قيادة بمستوى التحدي، ساومت الإمبريالية البريطانية لكنها لم تستدعي المستوطنين. في الأردن اليوم القيادة تستدعي الاحتلال!
في عام 1948 جرى اغتصاب فلسطين حينما كانت جارتاها سوريا والعراق في وضع مهترىء. واليوم يجري احتلال الأردن وسوريا والعراق في أوضاع مهترئة.
في عام 1948 جرى اغتصاب فلسطين وكان ذلك محركا للثورة في مصر وموجة النهوض القومي الذي جرى اغتياله ولا شك كانت فيه ثغرات قاتلة.
واليوم يجري احتلال أكثر من قطر عربي بأنظمة تطبيعية تفتح كل ما فيها للكيان، فهل سيكون التطبيع بل ورهن الأوطان مقدمة لثورة عربية؟ نلاحظ أنه كلما بانت وقاحة التطبيع تحصل مقدمات رفض ولو أولية.لكن هذا لا يكفي وكل مواطن عليه ان يفعل شيئا ما بين المقاطعة ورفض التطبيع ومحاصرة ومضايقة أجهزة القمع.
ما قاد إلى الحراك العروبي بعد اغتصاب فلسطين ليس اقل خطراً مما يحصل اليوم، حيث انظمة تجعل الكيان قيادة لها وتستند عليه لحمايتها، وتتبرع بمقدرات الشعب للكيان علانية، بل انظمة تحتل أخريات وتلعب دور شبه امبريالي ضد اقطار عربية مثلا: قطر والإمارات في ليبيا واليمن.
أحد الأسئلة المترتبة : هل يوجد في جيوش هذه الأنظمة من يفكر أو بوسعه القبض على أجهزة المخابرات وتصفيتها لوقف هذا البيع العلني؟
ما يحصل حتى الآن هو حراك أولي وخاصة بغياب الأحزاب. فهل الحراك كافٍ لإحداث وقيادة وضبط التغيير؟ أم أن المطلوب فيضان شعبي عارم لإغلاق ارض وسماء البلد! وبهذا تتفكك اجهزة الدولة القطرية لتحل محلها اجهزة الشعب حتى لو لفترة قصيرة من الفوضى.
والثاني: أنه رغم العدوان الغربي المعولم على العالم وعلى العرب خاصة، فإن القشرات السياسية والثقافية العربية تتحدث عن أن الغرب صديق وحليف.
خلاصة القول: إن ما يجري هو “فلسطنة الأمة بأجمعها” سطو على أمة سطو خارجي يخدمه حكام من الداخل ، لذا نكرر ما قيل قبل سقوط الأمويين على يد مؤامرة العباسيين:
أأيقاظ أمية أم نيامُ” لكن الأمر اليوم ليس عباسي بدل أموي بل غربي صهيوني بدل عربي.
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.