رسالة كوبا: فلسطين كانت ولا زالت وستبقى فلسطين: الذكرى السنوية 74 لارتكاب وحشية حقوقية وجريمة بحق الانسانية، نورالدين عواد

فلسطين كانت ولا زالت وستبقى فلسطين

29/11/1947…29/11/ 2021

الذكرى السنوية 74 لارتكاب وحشية حقوقية وجريمة بحق الانسانية

نورالدين عواد /كوبا

مرّت كوبا بحوالي عامين من الاغلاق والتباعد الاجتماعي وتجميد النشاطات السياسية الجماهيرية، والاجراءات الوقائية المطبقة في في مواجهة جائحة كورونا (كوفيد 19)، ثم دخلت البلد رسميا منذ يوم 15 نوفمبر الجاري في مرحلة العودة الى “الوضع العادي الجديد”، بعد التمكن من انتاج لقاحات محلية تم حقن الغالبية الساحقة من السكان بها، مما ادى الى تراجع كبير وملحوظ في عدد المصابين والموتى. وعلى الرغم من الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تنغِّص حياة الحكومة والشعب، والناجمة اصلا عن 60 عاما من الحصار الامريكي الشامل والعوقب الوخيمة المترتبة على الجائحة الفيروسية، فان التضامن مع فلسطين كان من اوائل النشاطات السياسية التي اقيمت في العاصمة هافانا.

في يوم 26 نوفمبر 2021، اقيم نشاط سياسي بمناسبة ذكرى الاعلان عن دولة فلسطين واليوم الدولي للتضامن مع القضية الفلسطينية، بدعوة وتنسيق بين المعهد الكوبي للصداقة مع الشعوب “إكاب” والسفارة الفلسطينية وذلك في مقر الاتحاد العربي في كوبا الذي فتح ابوابه لاول نشاط تضامني سياسي جماهيري منذ الجائحة المشؤومة. وحضر الفعالية مسؤولون من الحزب والخارجية والاكاب والسفارة والطلبة الفلسطينيين والعرب وعدد من السفراء العرب وقيادة الاتحاد ومتضامنون عموما.

تم عرض شريط وثائقي موجز يوثق مسيرة الرئيس الراحل ابو عمار والقيت كلمة موجزة من الاتحاد العربي واخرى من السفارة شددت على الوحدة الوطنية. كما القى رئيس الاكاب الرفيق فيرناندو غونزاليس يورت، بطل جمهورية كوبا الذي قضى مع رفاقه الاربعة 17 عاما في اقبية تعذيب وزنازين انفرادية وقبور لدفن الاحياء في بلاد حامية حمى الحرية وحقوق الانسان: الامبرطورية الصهيونية الامريكية! وللعلم كان ورفاقه على تواصل مع اسرى فلسطين في “ضيافة” الصهيونية “الاسرائيلية” الجاثمة على صدر فلسطين وشعبها وامتها. وفي ما يلي اهم ما جاء في تلك الكلمة، نظرا لرمزية مُلقيها:

يجب على كافة امم العالم التي تدعو الى السلام وسيادة الشعوب ان تدين الوضع المتازم الذي يمرّ به الشعب الفلسطيني الشقيق.

كما يجب على كل انسان ثوري ان يدعم القضايا النبيلة في هذا العالم… وان نوحِّد اصواتنا في سبيل هذه القضية التي تعلمنا كيف نُحبُّها.

ان اشقاءنا الفلسطينيين وعلى امتداد سنين طويلة لا زالوا يدافعون عن وطنهم وسيادتهم وهذا الامر حق ثابت لكافة الشعوب. الصراع غير متكافيء، فالشعب الفلسطيني يصارع عدوا يتفوق عليه بالسلاح والقوة.

في هذا العام وبينما كانت جائحة كورونا (كوفيد19) تنتشر بقوة في العالم وتشلّ اقتصاديات وحياة بلدان باكملها، اضطرت عائلات فلسطينية بالاضافة الى الانهماك في حماية ابنائها ومُسنّيها امام ذلك المرض، اضطرت الى مواجهة العنف “الاسرائيلي”، لانها تصدَّت لاخلاء احياء السيخ جراح وسلون في القدس الشرقية، ولاحقا تصدت لمزيد من العنف بحق الفلسطينيين في باب دمشق والمسجد الاقصى، حيث تمّ طرد مئات المصلين بعنف، وهذه افعال غير قانونية وتتنافى مع ابسط الحقوق الانسانية.

اسرائيل، وتحت مظلة راعيها والمتواطيء الرئيسى معها، اي الولايات المتحدة الامريكية، تنتهك بصفاقة الاتفاقيات الدولية وتشدِّد سياستها العنصرية والعدوانية.

في احدى تأملاته بعنوان “محرقة فلسطينية في غزة”، اكد قائدنا الاعلى (فيديل كاسترو) قائلا: “الابادة التي قام بها النازيون ضد اليهود، لقيت كراهية كافة شعوب الارض. لماذا تعتقد حكومة ذلك البلد (المقصود امريكا) ان العالم سيقف بليد المشاعر ازاء الابادة الهمجية التي ترتكب اليوم بحق الشعب الفلسطيني؟ هل تنتظر ان يتم تجاهل حجم تواطؤ الامبراطورية الامريكية مع هذه المذبحة المخزية؟”.

الرئيس الامريكي السابق دونالد ترمب، وخلال عهده الحكومي، اوضح موقف الولايات المتحدة ازاء الصراع بدعمه المستوطنات الاسرائيلية غير القانونية في الاراضي الفلسطينية، وباعلان القدس عاصمة لاسرائيل كجزء من استراتيجية سمّاها صفقة القرن. اما اليوم فان الرئيس بايدن يسير على نفس السياسة، وهي ليست الا مناورة اسرائيلية ترمي الى تدمير طبيعة امة فلسطينية حرة وذات سيادة، حيث يعود اللاجئون الى العيش هناك بكرامة من خلال الدفاع عن حضارة وتقاليد اسلافهم.

امام ازدياد العداء الصهيوني، يصبح لزاما على المجتمع الدولي ان يستنكر تلك الجرائم. حانت ساعة المسيرة الموحدة ولنطالب بالعودة والحرية للسجناء السياسيين والاعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية.

ان المعهد الكوبي للصداقة مع الشعوب وجمعية الصداقة الكوبية العربية يدينان الجرائم التي تقترفها الصهيونية لا سيما في قطاع غزة، وفي مثل هذا اليوم واذ نحيي الذكرة 33 للاعلان عن الدولة الفلسطينية، فاننا نتعهد باستمرار الوقوف مع فلسطين في كفاحها من اجل الاستقلال، وبمواصلة رفع اصواتنا في كافة المحافل الممكنة دفاعا عن هذه القضية العادلة.

عاشت فلسطين حرة وذات سيادة!

انتهى الاقتباس.

وبعيدا عن جوّ احياء مناسبات الشعب العربي الفلسطيني وقضيته في مختلف انحاء العالم عاما بعد عام ، الا ان كاتب هذه السطور، وعلى الرغم من تقديره لكل الجهود التضامنية ومختلف اشكال وادوات النضال، فانه يرى ـ عن قناعة ثابتة وايمان راسخ ـ سيرورة الصراع وجوهره وفضَّه على النحو التالي: 

ما انفكت الامبرياليةالصهيونية تلتهم فلسطين قطعة قطعة امام عيون بقية العالم، وبتواطؤ دول واديان وطوائف ومذاهب من الشرق والغرب، والانكى من ذلك، برضى وتواطؤ احزاب وحكومات عربية وفلسطينية…انه تكالب ربّ الراسمال الكبير المعولم!

يتعلق الامر بتناقض تناحري بين الغزو الامبريالي الصهيوني من ناحية وبين الامة العربية والاسلامية من ناحية اخرى. فالمنطق العملي يقضي بان الغزو والاحتلال لا يزولان الا بالقتال والتحرير الشامل للارض والانسان . وعليه فان اي حلّ تفاوضي او تمييعي سيكون حتما لصالح الغزاة، نظرا لميزان القوى السائد اقليميا وعالميا.  وبالمحصلة يبقى امامنا، دون مناص، الحلّ التاريخي المُجرَّب: “ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة” كما يقول ايقونة القومية العربية المناهضة للامبريالية، جمال عبد الناصر (1918 ـ 1970) وكما يقول الجنرال الكوبي المارد انطونيو ماسيو (1845 ـ 1896) عندما كان وطنه يئن تحت نير الاستعمار النازي الاسباني: ” من اسبانيا لم انتظر اي شيء ابداً (…) فالحرية تنتزع بحدِّ السيف، ولا يُطالَب بها؛ اذ ان تَسَوُّلَ الحقوق يليق بالجبناء العاجزين عن التمتع بها. كما انني لا انتظر شيئا من الامريكيين؛ يجب علينا ان نتَّكل في كل شيء على جهودنا؛ فمن الافضل لنا الصعود او السقوط دون مساعدتهم، على ان ندين بالامتنان لجارٍ عظيم الجبروت”.

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.