الطاهر المعز: بإيجاز

  • جانب من الوجه الحقيقي لمصر​​
  • خاطرة: صهاينة العرب، جزاء سنّمار
  • ملامح من اقتصاد تونس، بنهاية سنة 2021

● ● ●

(1)

جانب من الوجه الحقيقي لمصر​​

 تمكّنت مَشْيَخَة قَطَر ( 2,9 مليون نسمة، منهم 2,6 مليون مهاجر)، بفضل عائدات الغاز النّتِن من شراء مثقّفين، وإعلامِيِّين ورياضِيِّين، ومن تنظيم بطولات رياضية في سباق السيارات وكرة اليد وكرة القدم، وقبل بطولة العالم لكرة القدم، استقبلت دُوَيْلَة “قَطَر” بطولة العرب لكرة القدم من 30 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 18 كانون الأول/ديسمبر 2021…

تستغل الأنظمة العربية المُباريات الرّياضية لبثّ رُوح الشوفينية لدى الشُّعُوب، كما حصل بين الجزائر ومصر وبين الجزائر والمغرب، بمناسبة بطولة العرب، في أرض النفط والغاز والتّبعية للإمبريالية والتّطبيع…

يظهر في شريط الفيديو، أسفَلَهُ، شاب مصري، أفْلَتَ عَقْلُهُ من دعاية النّظام المصري، منذ أنور السادات، وتجاوز الإدّعاء الكاذب بأن مصر تضرّرت من دعمها للعرب، وأن الرّخاء سيعُمّ البلاد بعد تطليق الأمة العربية، والفكر القومي (النّاصري)، مقابل التّقرّب من الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، وبعد أكثر من أربعة عُقُود، تطاولت قَطَر والحبشة وغيرها على مصر “أُمّ الدُّنيا”، وارتفع عدد الشُّبّان الفَرِّين من “جَنَّة التّطبيع”، ليعملوا في أسواق فرنسا وفي مقاولات البناء بإيطاليا وألمانيا، وفي الخليج، إن رَضِيَ الحُكّام بتشغيل العُمّال العرب…

يُرَجّح أن هذا الشّاب المصري لم يُعاصر السّادات، وبعد أربعة عُقُود من اغتيال “أنور السّادات”، لا يزال الشباب المصري (وكذلك الكهول والشيوخ )، في معظمه، يُؤيّد القضية الفلسطينية، وبقي التّطبيع مقصورًا على بعض فئات المَيْسُورِين…

يتجاوز شريط الفيديو موضوع الرياضة، ليتطرّق إلى ما يُوَحّدنا.

رابط الشريط:

(2)

خاطرة: صهاينة العرب، جزاء سنّمار

​​ 

لم يشفع لحكام السعودية والخليج تنفيذ مخططات الإمبريالية، والتحالف مع الكيان الصهيوني، إذ كتبت صحيفة “التايم” (11 كانون الأول/ديسمبر 2021) إن السعودية أنفقت نحو تسعمائة مليون دولار من أجل استضافة سباق السيارات فورمولا 1 (المُلوثة والمُدمِّرَة للمحيط) لعشر سنوات، كما أنها ستنفق 694 مليون دولار لإنشاء عشرات الاتحادات الرياضية، وتدريب أبطال للعالم، ويندرج الإنفاق السعودي (وكذلك القطري والإماراتي ) على الرياضة، كجزء من استراتيجية ولي العهد، محمد بن سلمان، للتّقَرُّب من حكومات الدّول الإمبريالية، وكمحاولة لتغيير صورته المُتعجْرِفَة، إثر تعدّد حملات القمع والإعتقالات والإغتيالات، خلال السنوات الماضية، بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش” (تمويل وزارة الخارجية الأمريكية) التي أعلنت أن السعودية تحاول، من خلال الإنفاق على “العلاقات العامة”، وعلى الرياضة، تحويل الإنتباه عن الإنتهاكات التي تنفذها ضد مواطنيها، كما تندرج الحفلات الموسيقية ومجمل الفعاليات المصاحبة لسباق “فورمولا 1” الذي أقيم بين الثالث والخامس من كانون الأول/ديسمبر 2021، ضمن محاولات صرف الإهتمام عن انتهاكاتها المتعدّدة لحقوق الإنسان، واعتقال المعارضين والحقوقيين.

أهملت صحيفة “التايم” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” وغيرها من وسائل الإعلام ومن المنظمات الحقوقية، إنفاق السعودية ومَشْيخات الخليج مليارات الدّولارات لشراء السلاح الأمريكي، من أجل تدمير البلدان العربية (سوريا وليبيا واليمن…) وتجويع وتهجير مواطنيها، كما أهملت تحالف آل سعود وآل خليفة وآل راشد وزايد ونهيان وغيرهم مع الكيان الصهيوني ضد العرب والمُسلمين، من فلسطين إلى إيران…

(3)  

ملامح من اقتصاد تونس، بنهاية سنة 2021

بلغت نسبة التضخم الرسمية (وهي دون الواقع بكثير) نسبة 6,4% بنهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، بحسب المعهد الوطني للإحصاء، وارتفعت قيمة العجز التجاري، خلال الاشهر الإحدى عشرة الأولى من حوالي 11,7 مليار دينار سنة 2020 إلى 14,65 مليار دينارً، خلال نفس الفترة من سنة 2021، أي أن قيمة الصادرات لا تُغطّي سوى نحو 74% من قيمة الواردات، في ظل الإنخفاض المُستمر لقيمة الدّينار التونسي، وبلغ عجز ميزانية الدّولة حوالي أربعة مليارات دينارًا، بنهاية الرُّبع الثالث من سنة 2021، وقد يتفاقم عجز الميزان التجاري، خلال سنة 2022، حيث يُتوقع انخفاض إيرادات العديد من القطاعات، أهمها الفلاحة والسّياحة…

أما الحكومة التونسية فإنها ركّزت اهتماماتها على البحث عن قُرُوض لدى صندوق النقد الدّولي، ولدى أطراف أخرى (مثل مَشْيخات الخليج، ونادي باريس)، ففي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2021، اجتمع وزير الإقتصاد التونسي مع ثلاثةٍ من موظفي المؤسسة المالية الدولية، التابعة لمجموعة البنك العالمي، ولم يحصل الوزير سوى على بضع كلمات معسولة في ظاهرها، لكنها خطيرة في جوهرها، إذ يشترط البنك العالمي، قبل الموافقة على أي قرض، مهما كان المبلغ، التزام الحكومة التونسية بتنفيذ خطّةٍ تتضمن “إصلاحات هيكلية وتحسين مناخ الاستثمار وتمويل القطاع الخاص عبر صناديق رأس مال المخاطر وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص…” أي ضخ مزيد من المال العام (الشّحيح أصْلاً) في خزينة الشركات الخاصّة، فيما يعتبر صندوق النقد الدولي أن قيمة الدّيُون الخارجية لتونس مرتفعة، وستضل كذلك لفترة تتراوح بين ستّ سنوات و15 سنة، انطلاقا من 2021، اعتمادًا على الوضع الإقتصادي والسياسي والإجتماعي الحالي للبلاد، الذي قد يتفاقم في حال التخلف عن السداد، وتَبْدُو الصّعوبات واضحة، عند الإطلاع على المصاعب التي تلاقيها الحكومة لإعداد قانون المالية لسنة 2022، الذي يُفْتَرَضُ أن يبدأ العمل به، في الأول من كانون الثاني/يناير 2022، أي بعد ثلاثة أسابيع من كتابة هذه الفَقَرات، وتتمثل أهم الصعوبات في توفير التمويلات، مع انتشار وباء “كوفيد – 19” من جديد، ومع صعوبة تحقيق التوازن بين الواقع والوُعُود، هذا الواقع الذي يتسم بوضع مُتأزّم سياسيًّا وماليًّا، ما يُعَسِّرُ أو يُلْغِي إمكانية تنفيذ عملية تنشيط الاقتصاد، عبر استثمار الدّولة في بعض القطاعات الاقتصادية كالبُنية التّحتية…

نشر موقع “مصرف أمريكا” (بنك أُوفْ أمريكا) تقريرًا، يوم الثالث من كانون الأول/ديسمبر 2021، يُشير إلى بلوغ اقتصاد تونس مرحلة التّخلّف عن تسديد الدّيون الخارجية، وعن توريد مواد ضرورية بالعملات الأجنبية (الطاقة والأدوية والحبوب…)، ما يضطر الحكومة إلى طلب إعادة جدولة ديونها، بالتوازي مع البحث عن قُروض جديدة، في ظل انهيار الإقصاد، ما زاد من صعوبة الإقتراض، وما جعل الدّائنين يشترطون نسبة فائدة قد تصل إلى 20% على مبالغ القُروض المُقبِلَة، فيما يشترط صندوق النّقد الدّولي تنفيذ ما يُسميها “إصلاحات عميقة”، أي إلغاء أي شكل من أشكال الدّعم، وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين، وتصفية قطاع الفلاحة (الزراعة وتربية المواشي)، ولجأت الحكومة التونسية إلى حُكّام الخليج، ثم إلى الجزائر، دون نتيجة، سوى وعْد من حكومة الجزائر يتضمّن العمل على تحقيق “التكامل الاقتصادي والاستراتيجي” بين البلدين، بحسب تصريحات صحفية لرئيس الحكومة الجزائرية…

أوْرد موقع البنك العالمي، في تقرير بعنوان “إحصاءات الدّيْن بالعالم”، بعض المعطيات عن اقتصاد تونس، التي بلغ حجم ناتجها المَحَلِّي الإجمالي 39,4 مليار دولارا، سنة 2020، في حين ارتفعت قيمة الدّيْن الخارجي (بالعُملات الأجنبية) من 35 مليار دولارا سنة 2018، إلى 39,3 مليار دولارا، بنهاية سنة 2019، وإلى أكثر من 41 مليار دولارا، بنهاية سنة 2020، ما يعني أن قيمة الدّيون الخارجية فاقت حجم الناتج المحلي الإجمالي، منذ نهاية سنة 2020…

لا يُمْكِن مجابهة منطق الأرقام، سوى بخططٍ عَمَلِيّة لمعالجة الوضع، وذلك باسترجاع المال العام المنهوب، لزيادة حجم الإستثمار في قطاعات الإنتاج والتّشغيل، بدل تبذير المال العام وتوزيعه على الأثرياء وأصحاب الشركات والأعمال المُسمّاة “حُرّة”، أي القطاع الخاص، وإعادة النّظر في النّظام الجبائي، والتحقيق في جدوى قطاعات طُفَيْلِية، مثل السّياحة التي تدعمها الدّولة، لكن لا يعرف أحدٌ (بمن فيهم محافظ المصرف المركزي أو وزير المالية) حجم إيراداتها، ولا مبلغ العملات الأجنبية التي يُفْتَرَضُ أن تجنيها البلاد منها، كما يتطلّب الوضع التّركيز على السيادة الغذائية، وعلى ترشيد استغلال موارد البلاد الطبيعية والبشرية (آلاف المُتخرجين من كليات الطب والهندسة وزالتكنولوجيا يُهاجرون سنويًّا) والحضارية، كالتراث والآثار، وما إلى ذلك…

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.