موريتانيا، الصحراء الغربية … والمغرب: وحدة المصير، مُـحـمـد حـسـن مـتـالـي

كنعان: ننشر هذه المقالة المتزنة، ولكننا نعتب على الكاتب لماذا لم يتطرق إلى وجوب تشكيل فيدرالية أو كونفدرالية  للمغارب العربية حتى لو بدون نظام المخزن.

● ● ●

صديقي الفنان المغربي العالمي بوشعيب خلدون Bouchaib Khaldoune الذي أعتز به وأحبه وأقدره وأفخر به وأعرفه ويعرفني الحمد لله منذ أكثر من 15 سنة، وكذلك الأخ الصديق من المغرب الشقيق زكريا لحجوجي Zak Lahjouji الذي كنت أنا وهو جيران هنا في نواكشوط أيام دراسته في موريتانيا.

أحييكم جميعا وأشكر لكم باستمرار صداقتكم وتشريفكم لصفحتي الصغيرة والتفاعل مع ما أنشر. وأريد أن أنبهكم انتم وكل الأصدقاء الموريتانيين المحبين للمغرب الشقيق وهو بلد مسلم وغالي تربطه بنا علاقات ومع جيرانه الصحراويين بكل تأكيد، وهناك مصاهرات وأنساب متداخلة بين شعوب المنطقة، وأنا شخصيا أجدادي منحدرين من مدينة فاس في المغرب وهناك الكثيرون من المغاربة منحدرين من موريتانيا وأصولهم تعود إلى هنا تماما كما هناك صحراويين أصولهم موريتانية وموريتانيين أصولهم صحراوية.

أخي الفنان الكبير بوشعيب خلدون وأخي زكريا لحجوجي ويا اخوتي المغاربة جميعا، أنا موريتاني ومن بلد تربطه حدود جغرافية طويلة وصلات اجتماعية وثقافية مشتركة مع الصحراءالغريية، وأنا وحكومة بلادي نعترف بالجمهورية العربية الصحراوية الشقيقة تماما كما نعترف بالمملكة المغربية الشقيقة. ونحن في موريتانيا حكومة وشعبا نعترف بالحدود الدولية التي أرتضاها المسلمين لأنفسهم رغم كرهي أصلا لوجود الحدود بين أوطان المسلمين.

إن هذه الحدود الجغرافية التي درسناها وندرسها في كتبنا المدرسية تشير أنه لا توجد لدينا أي حدود مع الشقيقة المملكة المغربية وحدودنا الشمالية هي مع الصحراء الغربية.

 اخوتي المغاربة الأشقاء، إذا كان أبناء شعبي في الجنوب قد تشتتوا وترملت النساء ومات الرجال وتم تخوينهم واعدام الكثيرين منهم إبان أحداث العنف المأساوية نهاية الثمانينات مع الجارة الجنوبية السنغال. فإن أبناء شعبي في الشمال قد ذاقوا نفس المصير إبان الحرب الظالمة على جارتنا الشمالية الصحراء الغربية وتشتت العائلات وانقسم أبناء الأسرة الواحدة تجد الأخ يرفع السلاح في وجه أخيه ولا أدل من ذلك على رئيسنا الأسبق الوالد محمد خونة ولد هيدالة حفظه الله والرئيس الأسبق الوالد المرحوم اعل ولد محمد كلاهما من خيرة وأفضل العسكريين في بلدي وكانا يتقاتلان مع الطرف الآخر ويوجد فيه اخوانهم من نفس الأسرة في حرب عبثية لازلنا ندفع تبعاتها إلى اليوم وفقدنا فيها خيرة الرجال.

اخوتي المغاربة واخوتي الموريتانيين المؤيدين للمغرب، سمعت الكثير منكم يتحدث عن “الرفاهية وبحبوحة العيش الكريم” التي ينعم فيها المواطن الصحراوي في أرضه المحتلة، ولكن مايحصل على الواقع يخالف ماقيل، فكل يوم أشاهد ما يندى له الجبين من قمع وتقتيل في المناطق الصحراوية المحتلة ولدرجة والله لم أشاهدها في فلسطين المحتلة.

رأيت النساء يعتدى عليهن بوحشية ودموية من كوماندوزات مسلحة، رأيت شبان يساقون للمعتقلات وحدثني الكثير من أبناء المناطق الصحراوية المحتلة أن الرجال هناك إما مغيبون في السجون أو لا يستطيعون التعبير خوفا على مصادر رزقهم الشحيحة وعائلات يتركونها خلفهم لأن أي رجل يخرج في مظاهرة يتم سجنه 5 سنوات نافذة  لذلك نرى النساء الصحراويات الباسلات يتصدين بكل شجاعة واقدام أمام آلات القمع والبطش الرهيبة والأرتال العسكرية والبوليسية.

 اخوتي المغاربة تطالعني كذلك كل يوم معاناة المعطلين الصحراويين وأنا الذي اعرف أن بلادهم الصحراء الغربية حباها الله من الخيرات والثروات مايجعلها جنة الدنيا وكل صحراوي إما عاطل عن العمل أو نزيل سجن. هذه حقيقة لا يمكن نكرانها.

 إنني كموريتاني لا أنظر فقط بعين العاطفة لقضية الصحراء الغربية باعتبار قوميتي البيظانية إنما أنظر لقضية الصحراء بعمق استراتيجي ومتأكد أنه لولا وجود جبهة البوليساريو كدرع حامي للصحراويين لما كان علمي الوطني يرفرف على سماء نواكشوط، ناهيك عن مبادئي التي لا أحيد عنها في الوقوف إلى جانب الحق ونصرة المظلومين.

إن علاقتي بالصحراويين علاقة غير قابلة للإنفصام واحترم لكل موريتاني محب للمغرب علاقته المتينة بالمغاربة وأقدر له ذلك فأرجو أن يحترم لي خصوصياتي وقناعاتي أيضا.

 إن التاريخ يقول أنه في وقت كانت الصحراء الغربية تحت الإستعمار الإسباني وبلدي موريتانيا تحت الإستعمار الفرنسي والمغرب كذلك.. كان اسم الصحراء الغربية كبلد معروف قبل اسم موريتانيا. ومن لا يعترف بالدولة الصحراوية لن يعترف بالدولة الموريتانية.

 وقبل أن يهاجر ملايين المغاربة في “المسيرة الخضراء” باتجاه الصحراء مستوطنين لم يكن هنالك مغربي واحد ولا موريتاني في الصحراء الغربية التي يعرف الجميع من هم سكانها ومن هم أهلها ووثائق الاحتلال الاسباني الذي قدم أرض الصحراء الغربية كعكة ليتقاسمها المغرب مع موريتانيا في اتفاقية مدريد المشؤومة سنة 1975 تشير لسكان الصحراء الغربية بالعدد والتحديد وهي مرجعية الأمم المتحدة في اعتماد من هم سكان الصحراء الغربية.

اخوتي المغاربة عليكم أن تتركوا للصحراويين حرية تقرير مصيرهم وعلى المغرب أن يرضخ للقرارات الدولية ويقبل بتنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، وإذا كنتم تقولون إن الصحراء مغربية فلتتركوا صناديق الاقتراع تتحدث والبوليزاريو التي هي روح الشعب الصحراوي وممثلته الوحيدة تقبل بالإستفتاء والعالم كله يؤيدها في ذلك.

وأظن أن الفرصة لاتزال مؤاتية للسلام قبل أن ينفجر الوضع وتفرض الحرب كلمتها وتدخل المنطقة منعطف خطير لن يتم الرجوع لما قبله. واعتقد جازما أن الصحراويين الذين هزموا بالإرادة والعدة القليلة والسيارات الخفيفة جيوشا مجتمعة وأسروا الآلاف منها، قادرون اليوم بنفس الإرادة والصمود والإيمان أن يستردوا حقهم بالقوة وهم الآن بفضل الله يملكون جيشا نظاميا قويا ومدربا أقصى أنواع التدريب العسكري ويمتلك ترسانة عسكرية رادعة وعقيدة وطنية مخلصة، إضافة لحضور الصحراء الغريية سياسيا في كل المحافل الدولية والتضامن العالمي الواسع والذي يزداد يوما بعد يوم مع الشعب الصحراوي وقضيته العادلة.

 إنني سأظل ما حييت أندم على اليوم الذي احتلت فيه بلادي الصحراء الغربية وشاركت في تقسيم أرضها والعدوان على شعبها وتشريده وتشتيته، واندم على موريتانيا التي كانت قبل الحرب عملتها أقوى من عملة اسبانيا وبلد محج للزعماء والشعوب من مختلف بقاع الأرض.

سأظل اندم طويلا وتنغصني تلك الكوابيس ويؤلمني واقع بلدي اليوم الذي لازال يدفع ثمن تلك الخطيئة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.