مـن #البحرين إلـى #فلسطين، ملتقى البحرين

أخي الفلسطينيّ، ربما تفاجأت بموقف الشعب البحرانيّ من بين مُعظم الشُّعوب العربيّة والإسلاميّة.

.

هل تُريد أن تعرف لماذا يفهمك البحرانيّون ويتفاعلونَ مع مُعاناتك وقضيتك؟

.

أخي الفلسطينيّ.. قد تُفاجَأ أيضًا إنّ شعب البحرين يُعاني من احتلالٍ لا يقلُّ ظُلمًا وعُدوانًا وإجرامًا عن احتلال الصّهاينة لأرضك، واستهدافهم لثقافتك، وهويتك، وتاريخك، ومجتمعك!

.

في وقتٍ يفتحُ فيه آل خليفة أبوابهم على مصراعيها للّصهاينة، ويُقدّمون أنفسهم كعرّابين لخيانة التطبيع، ويؤكّدون على ارتباط مصيرهم بمصير الكيان الصِهيوني وعن انتمائهم، وربّما عن جذورهم الحقيقية..

.

يهمني كبحرانيّ، أن أُوضّح لك أخي في العروبة والإسلام، أوجه الشّبه الكبير بين احتلال عصابة الصّهاينة المُحتلّة لفلسطين واحتلال آل خليفة للبحرين.

.

أخي الفلسطيني.. جاء الصّهاينة لفلسطين الحبيبة كغُزاةٍ ومُحتلّين، كما جاء آل خليفة للبحرين غُزاةً، ومُنذ أول يومٍ لدخولهم البحرين ارتكبوا المجازر، فقتلوا ونهبوا وأحرقوا واغتصبوا وهدّموا الدُّور..

.

وكما قرّرت عصابات الصّهاينة الأولى في فلسطين، الغزو والاحتلال بالقتل والتّدمير والتّهجير لسُكّانها الأصليين، كذلك فعل آل خليفة، وعلى نفس المنوال مُنذ اليوم الأول لفكرة الغزو المجنونة، قرّروا كما الصّهاينة أنّ بينهم وبين السُّكان الأصليين خندقًا من العداء والدماء.

.

وكما عاش الصّهاينة بقيّة وجودهم في فلسطين، في عزلةٍ نفسيّة وثقافيّة وتوجُّس وعداء مع باقي سُكّان وأصحاب الأرض في فلسطين المُحتلّة..

.

عاشت القبيلة الخليفيّة عزلتها وتوجُّسها، مُنذ البدايات حتّى اليوم مع البحارنة (وهم السُّكان من أصحاب الأرض الأصليين) في عزلةٍ نفسية وتوجُّسٍ مُريب.

.

وكما أنّ الصّهاينة ينظرون للحقِّ الفلسطينيّ على أنّه تهديدٌ وجودي لهم، فإنّ آل خليفة يرونَ في حصول البحارنة على أدنى حقوقهم، تهديدًا وجوديًا يجب مُحاصرته وتطويقه ومُحاربته.

.

وكما أنّ الصّهاينة يرونَ أنّ ضمانات بقائهم تكمن في المزيد من الاستيطان، وجلب المُستوطنين من مشارق الأرض ومغاربها، والدّعم الأمريكي والغربي..

.

يرى آل خليفة أنّ ضمانات بقائهم هي في المزيد من المجنسين والمُرتزقة، من كلِّ أصقاع الدُّنيا، والدّعم الإقليمي والإمريكي والغربي.

.

وكما أنّ الصّهاينة لا يثقون في الشعب الفلسطينيّ ويعتبرونه عدوًا، كذلك لا يثق آل خليفة في البحارنة، ويعتبرهم أكبر تهديدٍ وجودي لنظامهم الغازي والمُحتل.

وعلى هذا الأساس تتمُّ مُعاملة أصحاب الأرض في كلٍّ من فلسطين والبحرين.

.

وكما أنّ المناصب العُليا في فلسطين بقيت حكرًا على الصهاينة وأذنابهم، كذلك يفعل آل خليفة مع البحارنة في التّوظيف وإدارة البلد، حيثُ تبقى المناصب العُليا مُحتكرة بيد آل خليفة وذُيولهم من المُرتزقة والمأجورين.

.

وكما يعتمد الصّهاينة على المُستوطنين في الجيش والأمن دونَ الفلسطينيين، كذلك يعتمد آل خليفة على المرتزقة والمُجنّسين، لحفظ مصالح ومفاسد العائلة الخليفيّة دونَ البحارنة.

.

وكما يُدير الصّهاينة مؤامرات الاستيطان والحِصار والتّجويع للشعب الفلسطينيّ، كذلك يفعل آل خليفة بالتآمر على شعب البحرين، بمؤامراتٍ تستهدف الهويّة والتّهميش الذي يصل إلى حدِّ الإقصاء، كمؤامرة “البندر” الخطيرة..

.

والتّمييز في فُرص العمل والدّراسة، ومُحاصرة التُّجار البحارنة، ومُصادرة إمكانات البحارنة الماليّة، من حقوقٍ شرعيّة وموارد اقتصاديّة.

.

وكما يعمد الصّهاينة لتزوير تاريخ فلسطين وإلغاء تاريخ أهلها، كذلك يفعل آل خليفة مع البحارنة وتاريخهم، وفي فلسطين والبحرين تُجرى أكبر عمليّات التّزوير والتّحريف لتاريخ الشّعبَين والبلدَين في العالَم.

.

وكما يزعم الصّهاينة أنّ فلسطين أرضٌ بلا شعب، وأنّ سُكّانها من الفلسطينيين ليسوا سوى بدوٍ رُحّل، كذلك يزعم آل خليفة أنّ البحارنة ليسوا من البحرين، بل جاءوا من المحمّرة والقطيف (عِلمًا أنّ القطيف المُحتلّة سعوديًا حاليًا كانت ضمن إقليم البحرين القديم) وإيران.

.

وكما يُلفّق الصّهاينة التُّهم للفلسطينيين، ويستخدمونَ القانون والقضاء الصِّهيوني كأدوات قمعٍ ومُصادرة لحقوق الفلسطينيين، ومُحاصرة مطالبهم وتحركاتهم، كذلك يجير القضاء الخليفي المُسيّس لذات الأهداف.

.

وكما يعتقل الصّهاينة آلاف الفلسطينيين، بسبب عدم تخلِّيهم عن أرضهم وحقوقهم، كذلك يعتقل آل خليفة الآلاف من البحرانيّين، بسبب فشلهم في التّعايش معهم، بسبب عقليّة الغزو والاحتلال، والاستحواذ والسّيطرة المُطلقة على السُّلطة.

.

وكما يطلق الإعلام الصِهيوني على الفلسطينيين (أصحاب الأرض)، تُهمَ الإرهاب وتهديد الأمن الوطني للصّهاينة عند رفضهم للظُّلم الواقع عليهم..

.

كذلك يفعل آل خليفة، عدا أنّ آل خليفة تفوّقوا على الكيان الصِّهيوني باتّهام البحارنة بالارتباط بالخارج، وأنّ البحارنة لا ينتمون أصالةً إلى البحرين بسنواتٍ ضوئيّة.

.

وكما أنّ هنالك فروق إضافيّة، ثقافيّة ونفسيّة وسيكولوجيّة قلّلت من فُرص التّلاقي والثّقة والقبول، بين الصّهاينة وأصحاب الأرض من الفلسطينيين.

فإنّ هناك فروق ثقافيّة ونفسيّة وسيكولوجيّة، حالت أيضًا دون التّلاقي والثقة والقبول بين مدنيّة البحارنة، وإرثهم ونِتاجهم الحضاري المرصود مُنذ أربعة آلاف سنة..

.

وبين همجية عصاباتٍ صحراويّة كانت تُمارس القرصنة وقطع الطرق في الصحراء، ثمّ تحوّلت إلى القتل وقرصنة السُّفن في خور الزبير، قبل أن تُطرَد من الكويت إلى الزبارة (عِلمًا أنّ ما يُسمى بالكويت والزُّبارة حاليًا كانا جزءًا من إقليم البحرين القديم المُحتل)، ثمّ تُقرِّر السّطو على سفينة مهيبة بأهلها عائمة وسط البحر، اسمها البحرين.

.

فيا أيُّها الفلسطينيّ العزيز، هل يا تُرى أنّ كل هذه الهرولة وكلّ هذه التّوافقات بين آل خليفة والصّهاينة، ضدّ السُكّان الأصليين في فلسطين والبحرين، ونتائجهما على الأرض إلى اليوم مُجرّد مُصادفة؟!

.

ويا أيُّها الفلسطيني النّجيب، هل بعدَ كلّ هذه التّوافقات تبقى أيُّ ذرّة شكٍّ في أنّ آل خليفة كما الصّهاينة غُرباء ومُحتلّين؟!

.

وأنّ مُشكلة أهل البحرين مع آل خليفة، هي عينها مُشكلة أهل فلسطين مع الصّهاينة؟!

.

يا كلّ أهلنا وأحبّتنا في فلسطين، هل هي مصادفة أيضًا أنّ الإنجليز (الحكومة البريطانيّة) الّذين أعطوا فلسطين للصّهاينة، هم الذين أعطوا البحرين للعائلة الخليفيّة؟!

.

إنّها ليست كذلك، وإنّما صار هذا العطاء ليس كرمًا وسخاءً من الاستعمار البريطاني المُتوحّش، وإنّما هو جزءٌ أساسي من مشروع خلق وإيجاد منظومة من النُّظُم المزروعة الذيليّة التّابعة والعميلة في جسم الأمة، لاستمرار الهيمنة وضمان السّيطرة، والتّحكُّم في الشُّعوب واستغلال مواردها.

.

ولكن أيُّها الفلسطيني، لئن استطاع الإنجليز أن يعطوا فلسطين للصّهاينة وأن يعطوا البحرين لآل خليفة، إلّا أنّهم فشلوا في أن يعطوا الصّهاينة وآل خليفة القبول والقُدرة على المواطنة والتّعايش مع أصحاب الأرض..

.

وها هي الأرض تهتز ولم تتوقّف تحتَ أقدام النّظامين، لتقولَ لهم في كلّ مرّة “ارحلوا!”، لتُذكِّرهم دائمًا وللأبد وفي كل مرّةٍ أيضًا، بأنّهم غُزاةٌ ومُحتلّون.

.

وهذه -أيُّها الفلسطيني العزيز- خُلاصة الوضع بين ظُلامة شعب فلسطين وشعب البحرين، وهي التي تُشكّل حقيقة الصِّراع في أرضنا الإسلاميّة المُقدّسة في فلسطين، وهُنا في أرضنا العزيزة في البحرين.

.

ويبقى -أيُّها الفلسطينيّ الغيور- إنّ فشل الصّهاينة، وكذلك فشل آل خليفة وعجزهم عن مُعالجة عقدتهم المُتأصِّلة في أنّهم أصحاب أرض أصليين، كما يدّعون ويؤكّدون عليه باستمرار، يعود لأسبابٍ منطقيّة وهو أنّ الغُزاة يبقون غُزاةً في اللّا وعي، وغُرباءً عن الأرض وأهلها، وذلك مهما كان حجم الادّعاء والتّزوير.

.

فلن يصبح الصّهاينة فلسطينيين ولو بعدَ ألف عام، وكذلك لن يصبح آل خليفة بحرينيين (أو بحارنة) ولو بعدَ سبعة آلاف عام، من الاحتلال واغتصاب الشّرعية.

.

وإنّ يومًا قريبًا في عُمر تاريخ الشُّعوب سيأتي لتعودَ الأرض المسلوبة والمُحتلّة لأصحابها، وسيعود الحقُّ لأهلهِ ولو بعدَ حين، وذلك مهما كان حجم الادّعاء بالأصالة والانتماء لقوى الغزو والاحتلال، فذاكرةُ الشُّعوب لا تَنسى ما يقعُ عليها من ظُلمٍ واضطهاد، مهما تمادى الزّمن أو طال!

“ملتقى البحرين” صفحة الفيسبوك

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.