العملية الروسية الخاصة في اوكرانيا تكاد تصل الى نهايتها المظفرة، هذا ما تدل عليه المفاوضات الجارية في اسطانبول بين الوفد الروسي والوفد الاوكراني برعاية تركيا .
ومن المعلوم ان المفاوضات تجري بالأساس على الأرض الأوكرانية وفي الميدان العسكري ، وهي كذلك تجري عبر فيض من الاتصالات المباشرة بين رؤساء دول أوروبا مع بوتين ، وعبر فيض من العقوبات والحرب الإقتصادية على روسيا وعبر التصريحات المتبادلة بين الناتو وروسيا على مختلف المستويات وفي مختلف المواضيع .
وكان القرار الروسي ببيع النفط والغاز بالروبل ذروة من ذروات الصراع الدائر بين الشرق والغرب وبما يخص زلزلة التفرد الأمريكي في العالم.
استمعت لعدد من التصريحات من نوع ” لن نوقف العقوبات على روسيا مالم توقف اطلاق النار ” أو ما لم تنسحب من أوكرانيا ” أي أن العقوبات سوف تتوقف بعد انتهاء العملية العسكرية القائمة .
واستمعت لتصريحات بايدن ضد بوتين وعاد ولحسها وبرر أنه هاجمه بسبب الغضب . طبعا بايدن في أقصى درجات الغضب على روسيا التي تمردت وحددت وزنا جديدا لها في المعادلات الدولية بما قلص من وضع ووزن أمريكا .
واستمعت لعدد من التصريحات والتحليلات حول صعوبة أو استحالة استبدال الغاز الروسي واستبدال الكثير من السلع الهامة جدا للزراعة الأوروبية ومختلف مجالات الإقتصاد.
وتابعت أطوار تعمق الأضرار بالإقتصاد العالمي الذي يعاني أصلا من أزمة ممتدة قبل الحرب ولا فكاك منها ، وأن الحرب ستزيد الأزمة ولا تساهم كالعادة في الخروج منها .وأن الناتو لن يتدخل مباشرة في الحرب .
إذن هي عملية عسكرية روسية خاصة ومدروسة الخطوات والآثار العسكرية والسياسية والاقتصادية .
وتهدف كما صرحت القيادة الروسية إلى منع تمدد حلف الناتو في أوكرانيا ونزع سلاحها ومنعها من امتلاك اسلحة نووية وحيادها عن الأحلاف العسكرية ،وحماية الدومباس وتحريرها وعدم الاعتداء عليها .
والأهداف الأبعد هي تعزيز مكانة روسيا وبالطبع والصين والوصول إلى تعدد الأقطاب … الخ.
وارتباطا بهذه الأهداف خاضت روسيا الحرب ضد الناتو وحلف عالمي شخر ونخر ووقف إلى جانب أوكرانيا بكل الوسائل المتاحة وقام بتأليب عدد كبيرا من دول العالم واستغل كل ما لديه من وسائل التأثير لشيطنة بوتين وروسيا وزعزعة اقتصادها ومحاولة خنقها وعمل كل ما يستطيع لاغراق الجيش الروسي في مستنقع اوكراني عبر مقاومة شعبية تستنزف الجيش الروسي .
بناء على ذلك فإن المفاوضات الجارية بين طرفين :
الروس وحلفائهم من جهة وروسيا تمثلهم ، وامريكا والناتو من جهة والوفد الأوكراني يمثلهم .
وبرأيي ستستمر العملية العسكرية حتى الإنجاز التام لتحرير دونباس وربطها مع القرم عبر ماريوبل وطرد من تسميهم روسيا بالقوميين المتطرفين من المنطقة والسعي للاجهاز عليهم نهائيا في أوكرانيا .
ومن نافل القول أن القيادة الأوكرانية الحالية والتي ارتضت أن تجعل من أوكرانيا ميدانا للصراع العالمي سوف تدفع الثمن . فجميع أهداف العملية الروسية الخاصة باوكرانيا كان من الممكن الوصول لها بالمفاوضات لولا أن القيادة الأوكرانية متورطة في تبعية غير شريفة لأمريكا .مما مكن أمريكا من دفع الصراع للوصول إلى جر المنطقة للحرب . وكانت الحرب على ابواب اوكرانيا والحشود العسكرية الروسية تملأ الفضاء مصحوبة بالدعوات للتفاوض والحل السلمي .
ودفعت اوكرانيا الثمن ورضخت للشروط ومن ورائها كل الحلف الغربي.
لقد دفعت اوروبا ثمنا باهظا وسوف ترى نفسها مضطرة لمراجعة علاقاتها بأمريكا وسطوة امريكا عليها ومراجعة علاقاتها بروسيا والصين كذلك
إن ما حصل يؤكد أن الراسمالية الغربية في طريق الأفول وأن مستقبل العالم هو وحدة الشعوب والاشتراكية هي الحل.
وسوف يستمر الصراع بانماط واشكال متعددة.
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.