(1) أيها المشتبك مع الجلاوزة والمنافي والوجع، تيار اشتباك عربي
(2) ارتحل من لا يرحل … ، عادل سماره
✺ ✺ ✺
(1)
أيها المشتبك مع الجلاوزة والمنافي والوجع
سلام لك وسلام عليك
ارتحل الشاعر العروبي المشتبك، لكن على الفراش وهو الذي لم تُتعبه السجون والمنافي.
وكأنًّ المتنبي قال ذلك في رحيل النواب:
نُعدُّ المشرفية والعوالي *** وتقتلنا المنون بلا قتالٍ
ونرتبط السوابق مُسرجاتٍ *** وما يُنجين من خبب الليالي.
مظفر النواب، الشاعر المشتبك عمراً ودوماً، وحده الذي أخذنا وأخذ الشعر إلى:
- · التقاط روح العراق القديم وعذاباته التي لم تنته.
- · إلى عالم المتنبي الذي حلم بوحدة العرب.
- · وأخذ معه الشعر العربي من العروبة إلى الأممية.
- · وأخذ شعر العامية إلى تآخٍ راقٍ مع شعر الفصحى، فكان بعده عبد الرحمن الأبنودي وفؤاد قاعود وغيرهما.
ارتحل النواب عن قرابة تسعة عقود من العمر الموجع والألم الموغل في الروح حتى طغى على الجسد، والتنقل من منفى إلى منفى دون أن يفارقه الحنين إلى العراق. وكم كان العَوْدُ إلى العراق عصِياً كما كان على يوسف فهد وهادي العلوي والبياتي وغيرهم من عظماء العراق والأمة العربية. ارتحل بعد مسيرة كفاحية مِلؤها التضحية والصمود، حيث وَشَم جلاوزة التعذيب جسده وأُصدر في حقه حكم بالإعدام تم تحويله إلى مؤبد، ثم شريدا طريدا في المنافي: “ويسألني من أنت..؟ خجلت أقول له.. قاومت الاستعمار فشردني وطني”.
مظفر النواب الشيوعي الذي زاوج بصدق بين وعيه والتزامه بقضية الكادحين حتى الرمق الأخير، وعدائه الراسخ ضد الامبريالية والصهيونية والرجعيات الحاكمة، وهي الصفات التي يتقاسمها مع أساطين الإبداع ورموز المقاومة على غرار ناجي العلي وشيخ إمام عيسى…؛ وهو الالتزام الأصيل الذي بات في الحاضر مستهدفا بأشكال من الاختراق بالتطبيع مع الكيان أو السقوط في أحضان أنظمة العمالة والتبعية، أو باللهاث خلف جوائز ومهرجانات التدجين حيث “حظيرة خنزير أطهر من أطهركم”.
إن الأمة العربية لتتشح بالسواد حزنا على ارتحال فحل شعرائها وأحد ثورييها العظماء، وعزاؤها أن إبداع مظفرها خالد وعريق وأصيل، فسلاما عليه في متواه الأخير.
“هذي الحقيبة عادت وحدها وطني
ورحلة العمر عادت وحدها قدحي
أصابح الليل مصلوباً على أمل
أن لا أموت غريباً ميتة الشبح”
وهكذا ارتحل النواب ملفوفاُ بغربتين: غربة عن العراق، وغربة في خليج النفط المنهوب. ما كان أجدر منه أحداً أن برتحل في القدس أو الشام.
فلا نامت أعين قوى عروبية ثورية كما تزعم لا تحتضن بقايا عمر فحولها .
هيئة اشتباك عربي ورفاقها ومحبيها
(2)
ارتحل من لا يرحل …
عادل سماره
لك الله يا عراق ارتحل النواب بعيدا وهادي العلوي والبياتي وما أكثرهم. فلماذا لا يظل غناء العراق حزينا وبكاء. أخشى أن يرحل العراق خارج العراق.
مظفر الشاعر المشتبك ابدا. والأهم ان النواب وحي الصمود في الزنازين فمن لا يعرف قصيدته “براءة”. ام تتبرأ من ابنها الذي استنكر الحزب الشيوعي العراقي. كنا نحفظها ونرددها في زنازين الكيان منذ ١٩٦٧. البراءة وكنا في فترة الحكم الأردني نسميها الاستنكار. ففي القصيدة:
” يا ابني يوشلني الشلب عظم ولحم وتموت عيني ولا البراءة”.
وحينما اعترف ابنها في التحقيق قالت:
” يا شعب هاظا مش ابنك”.
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.