صادف يوم امس الموافق 19 ايار مايو 2022 الذكرى 127 لاستشهاد البطل القومي الكوبي خوسيه مارتي (1853 ـ 1895) على ارض المعركة في معمعان القتال ضد الاستعمار الاسباني الفاشي. فقد كان مُنظِّرا ومثقفا ثوريا مشتبكا منسجما بين فكره وسلوكه حسب المبدأ الذي نحته بنفسه “الفعل افضل شكل للكلام”. وبمحض الصدفة السعيدة، اقيم في نفس اليوم نشاط تضامني، في مقر “بيت الصداقة” التابع للمعهد الكوبي للصداقة مع الشعوب “إكاب”، بمشاركة ممثلين عن الحزب الشيوعي والخارجية واتحاد العمال والمعهد المذكور والاتحاد العربي وجمعية الصداقة الكوبية العربية وفعاليات فلسطينية واممية متنوعة.
وكان الهدف من هذا النشاط يتمثل في الاعلان رسميا عن وصول شحنة مساعدات عينية طبية فلسطينية اردنية كوبية، اسهاما متواضعا ومؤثرا في المعركة التي لا زالت تخوضها البلد ضد جائحة كورونا و تداعياتها. قام على هذه الالتفاتة الكريمة المجبولة بالتضحية والايثار والتوادّ والتراحم جمعية خريجي كوبا في الاردن، والجالية الكوبية في الاردن ( كوبيات متزوجات من عرب، وذريتهن المختلطة)، وجمعية الصداقة الاردنية الكوبية، واصدقاء كوبا في الاردن. وتتالف الشحنة من 135 صندوقا تحتوي على 270 الف (سرنجة) و 540 الف ابرة طبية بقيمة 136 الف دولار.
وقال القائمون على هذه التبرعات المتواضعة في قيمتها المادية والقيِّمة في رمزيتها “اننا نغتنم هذه الفرصة من اجل توجيه رسالة تضامنية مع كوبا وثورتها، في هذه اللحظات العصيبة ومواجهة التحديات المعقدة، حيث انها تحقق انجازات متقدمة في مكافحة كوفيد 19 رغما عن انف تشديد الحصار الاقتصادي والمالي والتجاري الذي تفرضه الامبريالية على كوبا (منذ 1962) بغية خنق الثورة وتركيعها” . وجدير بالذكر ان ادارة ترامب الفارطة فرضت 243 اجراء عقابيا اضافيا على كوبا، لا يمكن ان تكون الا من وحي وصنع الشيطان. كما ان ادارة بايدن الصهيوني (باعترافه) ابقت على معظم تلك الاجراءات، اذ انها في الايام الاخيرة اتخذت اجراءات قليلة جدا ومحدودة جدا وفي الاتجاه الصحيح ، حسب تعبير السلطات الكوبية.
قبيل انتهاء النشاط، احد المسؤولين الكوبيين المشاركين تبادل معي بحضور ممثل الجبهة الشعبية اطراف الحديث بخصوص العلاقات التاريخية النضالية بين الشعبين، وكانت عيناه مُغرَورِقَتين بالدموع، واكد انه في كل مكان في العالم يصادف فيه كوبيون فلسطينيين فان هؤلاء يعربون عن دعمهم ماديا ومعنويا لكوبا ثورة وشعبا (( الفلسطينيون يمينا ويسارا نختلف بيننا على كل شيء تقريبا، الا اننا لا نختلف على كوبا!!)) ، واعرب عن معاداته المطلقة للصهيونية وكيانها وممارساته، وانه يكتب ذلك في شبكات التواصل الاجتماعي. على الفور تذكرت عبارة قالها احد قادة الثورة الكوبية في نشاط سياسي عربي علني اقيم في نفس اليوم الذي اغتال فيه الكيان الصهيوني القائد الشهيد ابو علي مصطفى ( 27 اب اغسطس 2001)، لكن احدا من المتحدثين العرب لم ينطق بكلمة واحدة بالخصوص، فنهض من مقعده وقال ” لا يجوز لثوري كوبي ان يبقى صامتا في اي منبر دون ان يعلي شان القضية الفلسطينية وقادتها، وهذا وعد وعهد علينا ما دمنا احياء”!! زادني شرفا انني كنت المترجم الفوري له في تلك اللحظة.
وتبقى الفكرة والعبرة، التضامن والتكافل بين الفقراء والمعذبين في الارض، اقوى سلاح اممي في مقارعة الامبريالية والصهيونية وذيولها، ولن نجلس على مائدة اللئام طلبا للفتات، بل نصمد ونقاتل وننتصر مهما طال الزمان وكانت التضحيات.
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.