صفحة “اشتباك” على فيس بوك
https://www.facebook.com/EshtebakPage
وحدهُ الوطن العربي بلا دور وفاعلية في لحظة تخندقت فيها مختلف الأمم، وهذا التهميش في نهاية المطاف خدمة للثورة المضادة حتى لو لم يُعلن الاصطفاف معها. وحتى إذا ما تحرك أحد أنظمة التبعية فهو تحرك باتجاه تنفيذ سياسات الأعداء الامبرياليين الغربيين، وإن بدا مشاكسا نوعا ما. إن حراك الحد الأدنى ولو بإلقاء حجر على زجاج مؤسسة غربية رأسمالية في بلد عربي هو حدث، وهذه مسؤولية الجماهير حتى في غياب قوة الثورة المنظمة وهي القوة التي لا بد من بلورتها.
في لحظة تخندقات الأنظمة والشعوب في الصراع الجاري بين روسيا والغرب وبالتالي تحديد المواقف، لا يكاد يسمع المرء بوجود حكام 400 ملٌون عربي! باستثناء صوت سوريا والذي يخفت عبر علاقتها بنظام الإمارات ويدفعنا للحذر والرفض. فالحرب الحالية ليست عابرة أبدا وستكون لها بصماتها على الكوكب بغض النظر عن طبيعة نتائجها. فلننتبه جميعا إلى أن انظمة التبعية والفساد ومقاولي تنفيذ مصالح الإمبريالية، يصرون على إخراج أمتنا من اللحظة ومن ثم من التاريخ.
ولأن حرب روسيا دفاعية وهي حرب نيابة عن الصين وإيران ومختلف الأمم التي تعاني سطوة الإمبريالية في مرحلة الاحتكار المعمم من جهة، وتهالكها الداخلي من جهة ثانية، فإن الصمت هو تنسيق سري وخدماتي لصالح الإمبريالية التي تجسد إيديولوجيا السوق. ولعل هذا الموقف من معظم حكام الوطن العربي تكرار أشد خطورة من مواقف الأنظمة العربية خلال وبعد الحربين العالميتين، حيث كانت تابعة للمركز الرأسمالي الغربي، ولكن هذه المرة بشكل أنظمة متماسكة وأجهزة قمع مدربة وفساد واضح وتثبيت حالة تجويف الوعي لتسهيل تجريف الثروة.
إن الضجة التي أحاطت، إن صح ذلك، بعدم رد بن سلمان وبن زايد على اتصال بايدن لا توضع سوى في خانة تحسين شروط التبعية وشطف الوجه أمام الشارع المحلي، بعد انكشاف لا تستره ملائة بمساحة الكوكب. ولعل الأمر أخطر، فهناك تسريبات إعلامية تؤكد تورط قطر ضد الاتحاد الروسي، وهذا يعني أن كلا من الصمت والحراك الرسمي العربي هو تآمري.
رسالة اشتباك هي بناء وعي وتثقيف وموقف جمعي شعبي عربي، وليست إخبارية يومية مجردة وعابرة، لذا لا ترتكز على الخبر اليومي إذا ما نُشر لأنه متغير في عديد الحالات. رسالة اشتباك هي بناء وعي وتثقيف وموقف جمعي شعبي عربي، وليست إخبارية يومية مجردة وعابرة، لذا لا ترتكز على الخبر اليومي إذا ما نُشر لأنه متغير في عديد الحالات. |
على أن أخطر ما يخدم أنظمة التبعية العربية بمجموعها في هذه الفترة وخاصة أنظمة الخليج هو ما يلي:
أ- كانت مختلف أنظمة التبعية في حالة رجراجة آيلة للسقوط في فترة المد القومي العربي ببعديه الشعبي والأنظمة ذات التوجه القومي والتنموي. لكن هذه الأنظمة، وخاصة الناصري، في حين كانت تمحضها الطبقات الشعبية دعما تاما كانت هذه الأنظمة في خدمة البرجوازية الصغيرة/الطبقة الوسطى، ومتمسكة بالانخراط في السوق الدولية ولم تحافظ سوى على علاقة التسلح من الكتلة الشرقية.
ب- في بلدان الخليج والجزيرة عموما كانت هناك مقدمات عروبية وحدوية تقدمية متأثرة بالمد القومي في مصر والمشرق، ولذا قررت الإمبريالية توليد حلمة جديدة من سايكس-بيكو حيث خلقت كيانات قطر والإمارات والبحرين وقبلها الكويت…الخ، أي كرست تقسيم الوطن إلى دويلات متباعدة دافعة باتجاهات قطرية لكل كيان بمعزل عن أي مشترك قومي.
ج- واليوم، مع وإثر خراب الحواضر العروبية الرئيسية الثلاثة القاهرة ودمشق وبغداد، أصبحت دويلات الخليج ومختلف الأنظمة العربية الأخرى بعيدة عن “خطر” المد العروبي حيث تم تجذير القطرية إلى درجة لا سابق لها، وبالتالي تشعر هذه الأنظمة بالارتياح.
يُوصلنا هذا المدخل إلى الحقيقة القاسية والضرورية، وهي أن تغيير هذه الأنظمة ومختلف الأنظمة كما علمنا درس التاريخ يعتمد ويتقرر أساسا على يد قوى الثورة الشعبية الذاتي، نعم بقيادة حزبها الثوري. هذا ما يخيف هذه الأنظمة وسادتها وهذا هو الغائب أو موطن الضعف الأساسي، وهذا ما نحاول في اشتباك وبتواضع المساهمة في تجاوزه.
وإذا كان ما أوردناه أعلاه توضيحا للموقف العام للأنظمة العربية، بل معظمها، فإن من المهم الإشارة إلى أمرين:
الأول: إن الموقف الشعبي العربي هو ضد الإمبريالية، أي الغرب الرأسمالي بثلاثيته كل أوروبا والولايات المتحدة واليابان بل مجمل الثورة المضادة. يمكننا وضع هذا الموقف الشعبي في حالة أو مستوى الوعي المادي الذي يجب أن يتحول إلى الوعي السياسي الطبقي وطبعا الإنساني. وهذا ما يجب أن يقوم به المفجر الثوري، أي الحزب الثوري العروبي الاشتراكي. ولعل مقدمات استثمار هذا الموقف الشعبي حاليا هي في الحراك في الشارع ضد العدوان على روسيا والصين والأمم الفقيرة المضطَهدة، ومقاطعة منتجات الغرب ورفض التطبيع مع سياساته وثقافته وإعلامه. وهذا يمكن لكل مواطن عربي القيام به بلا مواربة، إنه باختصار العمل على تفكيك مفاصل مصالح أعداء الأمم المتغلغلة في جسد وطننا.
والثاني: إن حرب الإعلام والثقافة هي اليوم على أشدها. ففي حين تخندقت الأنظمة العربية “بخفر وخجل وحتى بوقاحة” لصالح الغرب الرأسمالي/الإمبريالي، وفي حين وقف الشعب العربي ضد هذا الغرب، فقد وقف عديد الإعلام والمثقفين واليساريين والشيوعيين العرب في خدمة الإمبريالية. وهذا يتطلب منا التصدي لهؤلاء دفاعا عن الوعي الجمعي العربي وحفاظا له من هذه الفيروسات كي يتقدم للثورة بتماسك ووضوح. لا تقللوا من أهمية المقاومة والثورة الثقافية والإعلامية لأنها أداة صراع فكري نظري، لا يستقيم أي نضال بدون قاعدة فكرية نظرية متماسكة.
ولنقل باختصار، أما والإمبريالية اليوم في مأزق خلخلة هيمنتها وتراخي قبضتها، أليس المفروض في أي نظام وطني أن يلتقط اللحظة ويعمل على تقويض هيمنتها على بلاده؟ بلى. ولكن معظم الأنظمة تتفانى في خدمة الإمبريالية حتى على حساب الأمة العربية.
وادي النـيل
مصـر
في غياب قوة ثورية تواجه النظام الكمبرادوري يصر النظام على البقاء ضمن دائرة الإملاء الأمريكي، حاصرا البلد في دور خدماتي للسوق الدولي ومنعزلا عن أي دور تنموي محلي أو على الصعيد العربي سوى خدمة، ولو نسبية، للعدوان الخليجي ضد اليمن؛ وهو في النهاية دور ضد المقاومة مع حفاظ على علاقة مخابراتية شكلية مع سوريا، إلى جانب احتواء منصة القاهرة المعادية للدولة.
ورغم توفر قدرة سلاح الطيران إلا أن هذا النظام يسمح لسد النهضة بالاكتمال فلم يستثمر لحظة اهتزاز نظام أثيوبيا أمام التيجراي، كما لم يستغل الصراع الحالي وانشغال الإمبريالية ضد روسيا والصين، بل ويتورط في القبول العلني للسماح الأمريكي بالغاز المصري المختلط بالغاز المغتصب من فلسطين لإيصاله إلى لبنان ولم يصل. كذلك يلعب هذا النظام دورا خطيرا من خلال الشروع في إدماج وربط اقتصاد الكيان – قضية الغاز المغتصب – بالاقتصادات العربية، وسط مناخ من قمع الحريات لتقييد حركة القوى الوطنية بحجة أولوية “مكافحة الإرهاب”.
كلما تواصلت الحرب بين روسيا والغرب كلما أصبحت سلاسل التوريد عالميا في حالة من التخبط والتثاقل، وهذا ينعكس خطرا تغذويا على البلدان العربية التي تستورد معظم حاجاتها الغذائية، وهو تأثير من حيث الإمداد البطيء والثمن المتصاعد وخاصة بلد مثل مصر، وهو ما يظهر من التململ الواضح والمتزايد في الشارع المصري.
لعل الحرب، أي حرب، تحديدا هي التي تكشف خطورة ضعف الأمن الغذائي لأي بلد وتأثير ذلك على الأمن القومي، وهذا هو وضع معظم الأنظمة العربٌية.
ولتخفيف وقع الأزمة يقول مصرف جي بي مورجان أن النظام المصري سيقوم بتخفيض سعر صرف الجنيه المصري لمواجهة الضغوطات المالية المتصاعدة من جهة، وتراجع الدخل من العملات الصعبة التي يوفرها
قدوم السياحة الروسية والأوكرانية. ومعروف أن السياحة هي ريع، مصدر رجراج جدا لا يتحكم البلد المضيف به بل يتأثر بالتطورات العالمية، هذا إضافة إلى ارتفاع سعر القمح. كما ويمعن النظام الحاكم في مصر في سياسة الاقتراض من الصندوق والبنك الدوليين، مما يثقل كاهل أصحاب الدخول الثابتة من الموظفين والفئات الأكثر فقرا.
نكرر التوضيح دوما، بأن تهالك موقع مصر سياسيا واقتصاديا يسحب نفسه على مجمل الوطن العربي.
السـودان
يتخبط السودان في مأزق متعدد يمكن وصفه بحياد وحتى غياب دور القوى التقدمية، ولا نقول الثورية، عن الفعل السياسي وحتى الاجتماعي. ولذا يدور الصراع، لو على نار هادئة بين جناحين سلطويين تطبيعيين ولا عروبيين ولا وطنيين:
أ- القوى السياسية التي تسمي نفسها بالقوى الثورية والتي تستنزف الشارع دون تقديم برنامج وطني وتحرري حيث لا تقف ضد التطبيع، ولا ضد تحويل الجيش السوداني إلى مرتزقة تقاتل الثورة اليمنية.
ب- والقيادة العسكرية التي تتمسك بالتطبيع كي لا تخسر الدعم الأمريكي.
ويبدو أن حالة من التساكن تحصل بين الطرفين وهو ما ترضى عنه أمريكا، بمعنى شلل البلد وربما وصول الوضع إلى تفكيك مجدد له.
يترافق توجهات السودان مع قطيعة خطرة مع أهم شركاء أفريقيا تنمويا ألا وهو الصين نزولا عند الإرادة الأمريكية، رغم ما يجلبه ذلك من ترد على الوضع الداخلي نتيجة غياب السلع الاستراتيجية وتدهور الخدمات، وعدم التفات أي من القوى سواء الحاكمة أو المعارضة للفرص المتاحة للفكاك من سطوة البلطجة الأمريكية. رغم الموقف المحمود للسودان في الجمعية العامة عشية التصويت على قرار غربي بإدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
الخلـيج
حراك الإمارات وتوسيع الهامش وتعدد العلاقات تقليد للكيان الصهيوني ورشوة لسوريا، وفي نفس الوقت تأكيد على القطرية كنقيض للانتماء القومي. وكما أشرنا أعلاه، فإن قطر التي تدخل في صمت عميق تعمل مع تركيا على إيصال الغاز والنفط بشكل مشترك مع الكيان عبر تركيا إلى أوروبا كبديل أو بديل جزئي للطاقة الروسية، وهو ما يشاع عنه بأنه مشروع تركي- صهيوني- قطري مشترك (الغاز والماء)، ودوره في العدوان مائيا ضد سوريا: أنابيب سلام للماء من الشمال التركي إلى الكيان والخليج مقابل الغاز القطري من الجنوب، مرورا بسوريا إلى تركيا فأوروبا بديلا للغاز الروسي. فآخر الأنباء تحدثت أن قطر تستعد لتزويد ألمانيا بالغاز، وهذا يؤكد تحليلنا بأن الكيانات التابعة أعجز من اتخاذ أي قرار سيادي خارجا على الهيمنة الإمبريالية.
وهذا بالطبع تقويض لدور روسيا في سوريا أيضا. وفي الوقت نفسه فإن سائر كيانات الخليج غضت الطرف عن إعلان العلاقة الاستراتيجية العدوانية لتركيا والكيان، وهي العلاقة التي تتسابق على تبريرها وتأييدها حركتي فتح وحماس.
وبالمناسبة، لا يمكن وضع تصريحات وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم في نطاق الصدفة، حيث قال بأنهم في الخليج كانوا يقفون ضد روسيا لأنها شيوعية وبأنهم لم يكونوا يعرفون حقيقة الأمور وكانوا يطيعون بلا معرفة. إن هذا تسطيح للأمور وإخفاء للدور الخبيث.
لعل المفارقة اللافتة أن كيانات الخليج تحقق مزيدا من الأرباح نظرا لأزمة الحرب الحالية، سواء لارتفاع أسعار الطاقة أو لعرقلة سلاسل التوريد، ولكن هذه الأرباح لن يكون مصيرها أفضل من مصير صناديق الاستثمار التي تصب في المراكز المالية للإمبريالية.
ولكن، ترى إذا ما توقفت سلاسل التوريد فإن هذه الكيانات سوف تعاني شحا في المواد الغذائية، حتى لو تزايدت الأرباح من النفط وحتى لو أعيق نسبيا تصديره.
هذا إن لم نقل بأن روسيا لن تغفر للخليج وخاصة قطر دورها الخبيث أيضا فيما يخص الأولمبياد، أي دورها ضد روسيا.
إن الحراك المتشعب للإمارات من طهران إلى دمشق إلى تل أبيب إلى زعم إهمال هاتف بايدن ليست سوى ذر الرماد في العيون، وهذا ما يجب التنبه لما ورائه والذي لا بد ينكشف قريبا. وفي هذا السياق تندرج زيارة الرئيس الأسد للإمارات وهي الزيارة التي تعكس الأزمة الاقتصادية الهائلة في سوريا نتيجة الحصار العدواني، ولكنها أيضا ليست مقبولة من العروبيين تحت أي تفسير.
وفي الوقت الذي تستقبل تركيا رئيس الكيان الصهيوني تشاركها البحرين الدور باستقبال رئيس أركان الكيان ورؤساء أركان جيوش عمان وقطر والإمارات والبحرين والسعودية، بما يوحي أن الصهيوني رئيس أركان كل جيوش هؤلاء. إنه تكامل الأدوار علانية ضد الشعب العربي الفلسطيني وضد محور المقاومة، مما يؤكد أن سياسات هذه الكيانات وأدوارها تتم في واشنطن.
لم يتوقف نظام آل سعود عن العدوان ضد اليمن، كما أنه انقلب على المحادثات مع إيران لأنه حاول جرها للضغط على اليمن، ولكي يوقف المحادثات قام بإعلانه عن مجزرة إعدام 81 شخصا، ومن يدري كم هي المجازر المخفية.
إن أخطر ما يواجه الأمة العربية والعالم فيما يخص دور الخليج عموما هو النفاق الرسمي العالمي الطبقي مع هذه الأنظمة العميلة، والمعادية كل لمحكوميه وللأمة وللإنسانية جمعاء. ولعل كشف الرياء الطبقي والنفاق السياسي لعديد الأحزاب والأنظمة الرسمية في العالم هو إحدى رسائل اشتباك.
اليمـن
بعد سبع سنوات من العدوان الإمبريالي بأدواته المحليين، يفاجئنا شعب اليمن بقوة كامنة تستعصي على مقاييس علم الاجتماع وحتى علم الثورة، إنها القوة الكامنة في الأمم وخاصة منها العريقة. تقصف الثورة اليمنية مواقع النفط في مملكة العتمة. لا ينقص اليمن الصد والرد، ولكن ينقص اليمن كما ينقص فلسطين استعادة الشارع العربي ليدخل في الاشتباك. إن أقبح نفاق سياسي وثقافي هو في التغاضي عن العدوان الإماراتي والسعودي العميلين ضد اليمن. يعلمنا الدرس اليمني أن الشعب وحده الذي يوصل الأمم إلى النصر.
المغـرب العربي
كلما حاولت الجزائر اتخاذ خطوة للأمام تُجابه بعداء مكشوف من الثورة المضادة. ولعل آخر هذا موقف الاستعمار الإسباني مع النظام العميل في المغرب ضد الصحراء الغربية، أي ضد الجزائر أيضا، وهذا لا يخرج عن الاصطفاف الإمبريالي الغربي في الحرب ضد روسيا، وضد محاولات قطع الهيمنة الثلاثية الإمبريالية على العالم.
ظلت الجزائر حتى الآن على الحياد ورفضت الاستجابة لطلبات الإمبريالية الأمريكية لتعويض النقص في الغاز الروسي، الذي قررت إدارة بايدن وقف استيراده. وتقول المصادر: أن الجزائر مفضلة علاقاتها الدبلوماسية مع موسكو على المصالح المالية التي قد تأتي من أوروبا. يوضح الموقف الذي اتخذته الجزائر قوة العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وموسكو منذ استقلال الجزائر عام 1962 م، عندما أعلن الاتحاد السوفيتي إقامة علاقات دبلوماسية مع الجزائر المستقلة. إذا ما استمرت الجزائر في هذا الموقف فهي تلبي الحد الأدنى في الابتعاد عن الهيمنة الإمبريالية.
من جهة ثانية فالجزائر مستهدفة من العدو الفرنسي بعد انسحاب فرنسا المذل من مالي وحلول روسيا محلها، ورفض الجزائر التعاون معها في المنطقة. وبالطبع، فإن فرنسا وإسبانيا تدعمان التطبيع الرسمي المغربي وتحرشات النظام الملكي السفاح ضد الصحراء وضد الجزائر. ومع ذلك فإن بيد الجزائر سلاحها النفطي، فارتفاع سعر النفط يشكل ضغطا مجددا على نظام المغرب بعد أن أوقفت الجزائر تمرير نفطها منه وإليه.
على الصعيد العربي نجحت الجزائر في تعليق عضوية الكيان كمراقب في الاتحاد الإفريقي، وبالطبع انقسم العرب هناك بين تابع للصهيونية ورافض لها. كما أنها سوف تستضيف مؤتمر الفصائل والشخصيات الفلسطينية في الشهر القادم، وهو استقبال خليط فلسطيني لا يرتجى منه شيئا. وهذا يدل على عدم وجود موقف جذري للسلطة الجزائرية كما يبدو، لا في السياسة الاقتصادية الاجتماعية داخليا ولا على الصعيد العروبي لمواجهة أنظمة التبعية والعدوان ضد الأمة.
بينما اتخذ النظام التونسي خطوة في محاصرة منظمات الأنجزة وخاصة تلقي حزب النهضة أموالا من الخارج، وجلب زعيمه للقضاء بتهمة تهجمه على القوى الأمنية، فإنه يسَجل الاختراق المشبوه لـ “مؤسسة روزا لوكسمبورغ” مكتب شمال أفريقيا وهي لغم ألماني يديره حزب ذيلنكا اليسار الامبريالي، ولها مكتب في تل أبيب يشرف على مكاتبها في المحتل 1948 و67 ولبنان والأردن. وتعمل على تجنيد مثقفي اليسار بالوظائف، ويشكل الاتحاد التونسي للشغل هدفا سمينا لها لتحويله ضد الدولة. فهي أنجزة يسار.
كما وأن هذا النظام وقف على الحياد في الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يخص الحرب في أوكرانيا. ولم يقدم رئيسه ليومنا هذا أي برنامج مخالف لإملاءات البنك وصندوق النهب الدوليين، وإن كان يأخذ خطى بسيطة باتجاه تقويض هيمنة حزب النهضة ومختلف قوى الدين السياسي، وبالطبع فهذه القوى الرجعية لم تتوقف عن محاولات مواجهة الدولة متذرعة بالدور البرلماني والتفنن في دستورية أو عدم دستورية قرارات قيس سعيد. لكن ينبغي الحذر من أنه تحت شعار مقاومة الاخوان طالت إجراءاته القوى الوطنية والديمقراطية بكيفية تهدد إتاحة الحريات وتشكل خطرا على القوى الثورية مستقبلا، ولسنا على يقين مما يُنشر عن علاقة هذا النظام بالإمارات!
وفي ليبيا بينما تتجه الأمور لتغلب باش آغا المدعوم من مصر وخليفة حفتر، وزعمه أنه سيدخل طرابلس ولن يكون في ليبيا سوى حكومة واحدة، فإن دبيبه لا يزال مدعوما من تركيا. هذا إلى جانب تجدد دور المليشيات حيث أوقفت ضخ النفط في منتصف شهر آذار، عادت وسمحت بذلك مما يؤكد غياب سلطة واحدة.
تواجه السلطات المغربية تحديا كبيرا في ظل ارتفاع تكاليف واردات القمح مع معاناة البلاد من موجة جفاف هي الأقسى منذ سنوات، وإن كان المطر قد انهمر مؤخرا بعد فوات الموسم، كما زادت تكاليف فاتورة القمح على الحكومة المغربية، مع ارتفاع الأسعار عالميا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية! ولعل معنى هذا الافتقار هو أن هذا النظام عاجز فيما يخص التنميتين المتكاملتين أي الزراعة والصناعة، مما يؤكد منهوبية الثروة وتبعية كمبرادورية في خدمة طبقة متخارجة.
وحاولت الدولة المغربية التقليل من تأثير توقف القمح اللين (المستخدم في صناعة الخبز) من روسيا وأوكرانيا، إلا أن مستوردين وخبراء اقتصاد أشاروا إلى أن الوضع الحالي سيدفع الدولة إلى البحث عن بدائل لروسيا وأوكرانيا وهما تأتيان في المركزين الثاني والثالث، بعد فرنسا، ضمن البلدان التي تزود البلد بالقمح اللين. وللإشارة فالمغرب استورد في شهر يناير المنصرم 805 آلاف طن من القمح، مقابل 338 ألف طن في نفس الفترة من سنة 2021 ، مما يكشف حجم التخريب الذي يتعرض له القطاع الزراعي في توجيهه نحو تلبية إملاءات وحاجيات السوق الامبريالية، بل ووضع أراض خصبة رهن الاستغلال من الكيان الصهيوني الذي أنشأ مستوطنات لأغراس التمور و(الأفوكادو) التي تستنزف الفرشة المائية وذلك على حساب حاجيات الأمن الغذائي للشعب المغربي، كما ويفضح الدعاية الديماغوجية لما يسمى “المخطط الأخضر”. فالمغرب هنا هو حالة نموذجية على تبعية المحيط للمركز؛ فطالما يستورد القمح فهو لا شك يستورد المنتجات الصناعية. وبالتأكيد يذهب الكثير من ثروة الشعب على تسليح نظام يعتدي على الصحراء والجزائر، وعلى بذخ الملك وقصوره وحاشيته واستعراضاته المكلفة.
وكذلك توفير مخصصات إضافية للاستيراد نظرا لارتفاع الأسعار عالميا، وهذا لا شك سيدفعها عميقا في أحضان صندوق النقد الدولي! إن من المتوقع تكثيف الاستيراد من بلدان أوروبية والولايات المتحدة وكندا لتأمين الاحتياجات من القمح اللين والصلب، مما يعني مساهمة هذا النظام العميل في خدمة أخطر للإمبريالية خلال الحرب الدفاعية الروسية.
المشـرق
العـراق
لم يبرأ، ويبدو أن وقتا طويلا سيمر حتى يبرأ العراق من الشبق الطائفي للسلطة وخاصة لدى قيادات ومرجعيات الطائفة الشيعية التي احتل الأمريكي البلد وسلمها السلطة، وحينما تركزت أمورها دخلت في صراع بَينِي على احتكار وليس فقط تقاسم السلطة. وها قد مرت عدة أشهر على مأزق تشكيل الحكومة ورئاستها ورئاسة الجمهورية دون نتائج تذكر.
كما تم رد هذه الخلافات إلى المحكمة الاتحادية أي التي وضع أسها دستور الحاكم الأمريكي بريمر، بمعنى أن البلد بقي يدور في فلك الترتيبات الأمريكية التي هي في صالح التصارع الطائفي حتى داخل الطائفة الواحدة.
هذا الأمر انعكس على موقف مسعود البرزاني الذي رشح بالتحالف مع مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي قريبه ريبر برزاني، وهو ذو أصول أمنية واستخباراتية، لمنصب رئيس العراق ضد الرئيس الحالي برهم صالح، وهو من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والذي سبق له أن وقف مع قرار البرزاني لانفصال الكرد العراقيين عن الدولة.
على الصعيد العربي، فإن الكتلة الصدرية تفتح علاقات مع السعودية والإمارات بهندسة أمريكية وذلك على حساب إيران، وليس طبعا من أجل عراق عروبي خارج أية هيمنة!
كما يلتزم العراق الحالي بالحصار الاقتصادي المفروض ضد سوريا.
ورغم عدم حصول تصريحات رسمية عراقية فيما يخص الحرب ضد أوكرانيا والغرب، إلا أن البنك المركزي العراقي اقترح مؤخرا على الحكومة عدم إبرام أي عقود جديدة، وتعليق التعاملات المالية مع روسيا، إثر فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على موسكو مما يؤكد تبعية هذا النظام للمحتل.
وحتى الآن، لم يعلن موقف الحكومة العراقية من مقترح البنك المركزي، وهو صمت يعني القبول. تجدر الإشارة إلى أن النظام العراقي قد استمرئ بقاء الاحتلال الأمريكي والتركي ويستجدي هيمنة عملاء الخليج.
لبنان
نُحيلكم للتحليل الموسع عن لبنان في هذا العدد من اشتباك. (صفحة 15)
سـوريا
على الرغم من وجوب عدم عودة سوريا إلى الجامعة العربية إلا أن معظم الجامعة لا تزال ترفضها تحت تأثير الخليج الموجه أمريكيا وصهيونيا. وكما يبدو فإن فتح أبوابها للإمارات، لم تُفد في هذا المجال. صحيح أن وضع سوريا لا يسمح لها بقبول السقف الذي نفضل، ولكن كما يبدو فإن المصالح الطبقية لكتل النظام وتمركز الفساد تعيق أية خطى جذرية، وكأن البلد بقي لديه ما يخسره إذا ما اتخذ خطى القطيعة مع النظام العربي إن ُوجد.
هذا الوضع المعقد والصعب في سوريا أنتج زيارة الرئيس الأسد للإمارات.
وكما يبدو فإن النظام في حالة من تقييد يديه، أي تقييد ذاتي ليديه تجاه استئصال الفساد الذي كما يبدو أصبح “الاقتصاد السياسي للفساد”، وهذا يؤثر على معنويات الجيش العربي السوري رغم إنجازاته، ويعيق التوجه الحقيقي شرقا، ويبقي التجارة الخارجية بيد البرجوازية التجارية مع أن إمساك الدولة بالتجارة الخارجية في فترة الحرب هي قاعدة عامة.
ويبدو أنه نظرا لهذه العوامل لا يستطيع النظام لا ضرب المستعمرة الكر-صهيونية ولا قاعدة الإرهاب الديني السياسي في إدلب، وهذا بالطبع يريح العدو التركي والصهيوني والأمريكي، بل هو هدفهم.
حـراك الأردن
ليس الأردن سوى كيان وهذا يعيق بناء حركة وطنية متماسكة وقادرة على تغيير النظام، إلا إذا كان متحدا مع سوريا أو العراق أو كليهما. لذا يرتفع منسوب الحراك الشعبي ولكن يعود لينخفض، والحراك تعبير عن حق وتوق الشعب للتحرر بالطبع. لكن النظام والذي كما يبدو باع معظم مقدرات البلاد محمي هذه المرة، ليس فقط بقوى القمع والمخابرات المحلية بل بجيش أمريكي في
الأردن نفسه.
إلى جانب جيش الاحتلال الأمريكي، فإن الإخوان المسلمين هم رصيد للنظام مهما حاولت قياداتهم الظهور بمظهر المعارضة أو التحالف مع بعض القوى اليسارية، التيً لا ٌيمكنها الوقوف على ساقيها دون ركٌيزة حتى ولو مضادة للثورة! وهذا في النهاية يخدم النظام العميل تاريخيا.
الأرض المحتلـة
قد لا يكون لدينا جديدا عن الأرض المحتلة حيث يتسابق على نشر اخبارها كل من العدو والثوريين. لكن ما نود الإشارة إليه هو تزايد التباعد بين الشعبي والرسمي في الأرض المحتلة.
وليس هذا التباعد سليما بمعنى تقسيم عمل أو حياد كل طرف عن دور الآخر، بل إن قوى المقاومة التي تتصاعد وخاصة في الضفة المحتلة تتعرض لعدوان ممنهج من سلطة أوسلو. ومع ذلك، وحرصا على العمل الوطني تتحاشى قوى المقاومة تحويل النضال ضد الاحتلال إلى تصارع داخلي، مما يخدم السياسة المنهجية للاحتلال والرجعيات العربية والإمبريالية.
:::::
المصدر: تيار اشتباك عربي، العدد الثاني
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.