27/6/2022م
اطلعت على بيان منظمة البديل الشيوعي في العراق المعنون “بيان منظمة البديل الشيوعي في العراق حول الازمة الاوكرانية والهجوم العسكري الروسي “في 24شباط 2022م كما اطلعت على البلاغ الصادر عن اجتماعات اللجنة المركزية لمنظمة بديل والصادر في 29 مايو 2022م .
وكنت قد اطلعت على بيان مجموعة من الاحزاب الشيوعية التي اصدرت كذلك بيانا بخصوص العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا . كما تابعت موقف الحزب الشيوعي الروسي وكثير من القوى وكذلك ردود الافعال على المواقف المتباينة في هذا الصراع الدائر .
يقول البيان ” تفاقمت هذه الازمة بعد اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاثنين 21-2-2022 عن اعتراف روسيا بالجمهوريات الشعبية دونيتسك و لوهانسك شرقي أوكرانيا كدول مستقلة، وقراره بدخول قوات عسكرية روسية الى المنطقتين تحت اسم “قوات حفظ السلام” للدفاع عن هاتين الجمهوريتين بوجه قوات أوكرانيا، وعلى اثر هذه التطورات قامت امريكا وحلفائها بتنفيذ أولى حزم الحصار الاقتصادي على روسيا..”
هكذا إذن ، من هنا تفاقمت الأزمة . ولكن بما أنها تفاقمت فلا بد من بداية ، أي ان الازمة لها تاريخ وأطوار ، وقد تفاقمت من قبل وليس بعد أو نتيجة خطاب بوتين يوم 24/ شباط 2022، بل أنها قد انفجرت يومها . أي يومها اندلعت الحرب .
ويقول البيان ” وعلى أثر هذه التطورات قامت امريكا وحلفائها بتنفيذ أولى حزم الحصار الإقتصادي على روسيا ”
أي أن موقف أمريكا وحلفائها جاء كردة فعل وبدأ بعد بداية العملية الروسية على أراضي أوكرانيا .
ارجو أن ألفت انتباه الرفاق أن الناس كلهم تقريبا كانوا يستمعون لنشرات الأخبار اليومية وتصريحات قادة الدول العظمى حول الوضع المتأزم في أوكرانيا ومواقف الجيش الأوكراني والفاشيين الأوكران من الجمهوريات الشعبية والحرب الدائمة عليها وبتحريض ودعم من أمريكا . ومعظم الناس قد استمعوا لأخبار تسليح أوكرانيا وإمدادها بالخبراء العسكريين وتدريب جيشها وتسليحه لمواجهة روسيا ومحاولة احكام السيطرة على إقليم الدونباس واسترداد القرم .
إلى هنا هذا ليس كل شيء . كل المتابعين للأخبار من وسائل الإعلام كانوا يشاهدون تمدد حلف الناتو شرقا وشاهدوا مظاهر استعدادات لضم اوكرانيا لحلف الناتو أي لتكون صواريخ الناتو على الحدود المباشرة لروسيا .
ولهذا وكل الناس سمعوا وشاهدوا في نشرات الأخبار الطلبات الرسمية الروسية للحوار مع الغرب من أجل البحث في هذا الأمر وكيف أدارت الدول الإستعمارية الغربية ظهرها لبحث مثل هذا الأمر .
إن يوم دخول الجيش الروسي في الأراضي الأوكرانية كان محطة جديدة في تطور الأزمة والصراع بين أمريكا وحلفها من جهة وروسيا وحلفها من جهة أخرى .
لقد سعت امريكا لتطويق روسيا كمقدمة لاحتوائها أو لجمها على الأقل إن لم نقل إخضاعها .
لقد تعلمنا في اليسار الثوري أنه حيث تكون أمريكا وحلفها المعادي يجب أن نحذر وتعلمنا في تشخيص المعسكرات الدولية أن هناك معسكر أعداء الثورات وأعداء الشعوب وأن أمريكا دوما على رأس هذا المعسكر . ولم يحصل أن رصدنا مرة واحدة موقفا واحدا للعدو الأمريكي في صف الشعوب لا في العراق ولا في سوريا ولا في أي مكان في العالم . وأمريكا وحلفها اليوم في صف أعداء اوكرانيا الوطن والشعب وهي كما يعلم الجميع تستخدم اوكرانيا في الاعتداء على روسيا لمصلحة أمريكا ولمصلحة أمريكا دون اوكرانيا فأوكرانيا الخاسر الأكبر في الحرب في البداية وفي النتيجة . والنظام الأوكراني الفاشي قبل هذه المعادلة وانخرط فيها دون حدود ومهما كانت النتائج.
لقد اطلعت على وثائق تخص الصراع الدائر والاستعدادات له واطلعت على بعض ما اصدرت مراكز الأبحاث الغربية والامريكية خصوصا وعند تفجر الأزمة راجعت ما أصدرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية وما كتبت بعض الصحف الأمريكية ولا أرى ضرورة للاستشهاد به الآن .
وملخص الأمر أن أمريكا بايدن وسيرا على خطا من سبقوه وما خططوا له قد رتبوا أعدائهم وأصدقائهم ( وهذا درس للشيوعيين على أية حال ) وقد وضعوا روسيا والصين على رأس قائمة الأعداء وكما تعلم معهما فنزويلا المحاصرة وكوبا المحاصرة وإيران المحاصرة وكوريا الشمالية المحاصرة وكل من لا يخضع لهيمنة أمريكا وحلف الناتو.
وهذا ليس فقط رسما لخريطة الصراع بل أن الصراع قائم بشكل موضوعي ويزداد تأزما بفعل فاعل هو امريكا العدوة لنا وحلفها المعادي.
ويضيف بيانكم الذي قرأته بتمعن وبمراجعات نظرية وفقا للمنهج المادي الجدلي وخبرة الصراعات الدولية وتقاسم العالم والمنظومات الراسمالية وصراعاتها وتوقها للحروب في ظل الأزمات وتكريس سيطرتها على شعوب الأرض المغلوبة ونهب خيراتها واحتجاز تطورها بل وتدميرها وتدمير دولها كما تعلم في العراق وسوريا وليبيا واليمن وعدد من مناطق اوروبا وامريكا اللاتينية .. حيث يضيف بيانكم :
“ما يجعل تطورات الاحداث داخل أوكرانيا والصراعات القومية فيها تأخذ هذا البعد العالمي هو، بطبيعة الحال، اشتداد الصراع الجيو سياسي والاستراتيجي بالدرجة الأساس بين الدولة الامبريالية الروسية والدولة الامبريالية الامريكية وحلفائها من الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي والتنافس على الاستحواذ على مناطق النفوذ في أوروبا.
ان روسيا بعد ان استطاعت بناء قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية بدرجة كافية من جديد، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي 1991، وأمنت تحالفها مع الصين و دول أخرى مثل ايران خلال الحقبة الماضية، أصبحت في نقطة ما تكسب موقعا يمكنها التصدي لأمريكا والحلف الأطلسي على مسرح الصراع الجيو سياسي والاستراتيجي العالمي كقوة امبريالية عسكرتارية منافسة. أولى بوادر هذا الموقع الجديد طفت على السطح بتدخل روسيا العسكري في جورجيا عام 2008، وهي الان في موقع تتصارع بوجه القوى الامبريالية الغربية لأخذ حصتها من مناطق النفوذ ولتامين مكانتها في النظام الجيو سياسي والاستراتيجي والجيو اقتصادي على الصعيد العالمي والإقليمي وتسعى لإعادة ما يمكنها اعادته مما فقدتها من مناطق النفوذ في أوروبا.
إذن هي حرب بين الضواري الإمبريالية بين الدولة الإمبريالية الروسية من جهة ولم يضم بيانكم أحدا آخر معها وبين الإمبريالية الأمريكية وحلفائها من الدول الأوروبية في حلف شمالي الأطلسي وفقط كذلك أي أن بيانكم لم يرى دول البريكس مثلا مع روسيا كما لم يرى اليابان وكندا واستراليا مع أمريكا ولا أعتقد أن هذا من باب النسيان .
في الحلف الروسي من الصعب حتى الآن ولا بأي أدوات تحليل أن نصف روسيا كدولة امبريالية فهذا له مواصفات حددها الأدب الماركسي اللينيني ولكن من البداية لا يمكن القول أن الصين إمبريالية وبالكاد وصفها كدولة رأسمالية صافية التركيب وفنزويلا وإيران والهند وكوريا الجنوبية بعضها اشتراكي وبعضها في المراحل الأولى من التطور الرأسمالي المستقل من التبعية .
ولكن لتسهيل تمرير الموقف استحسنتم القول بأنه صراع بين الدول الإمبريالية لتقاسم العالم وتقاسم النفوذ على وصفة الحرب العالمية الاولى والثانية .
وهي ( أي روسيا الامبريالية )” وهي الان في موقع تتصارع بوجه القوى الامبريالية الغربية لأخذ حصتها من مناطق النفوذ ولتامين مكانتها في النظام الجيو سياسي والاستراتيجي والجيو اقتصادي على الصعيد العالمي والإقليمي وتسعى لإعادة ما يمكنها اعادته مما فقدتها من مناطق النفوذ في أوروبا “أين مناطق نفوذ روسيا الإستعمارية يا رفاق ؟
والبيان في هذه الفقرة وحتى آخره لم يتعرض لأهداف أمريكا وحلفها المعادي !!!
وأكد البيان الموقف الصريح المعادي لروسيا بقوله :
” نحن في منظمة البديل الشيوعي في العراق نناهض غطرسة الدولة الروسية وتدخلها وهجومها العسكري الحالي على أوكرانيا وأي تحرك باتجاه غزو شامل لأوكرانيا وشن الحرب عليها،…
وروسيا لم تنفذ احتلالا شاملا لاوكرانيا . وقد راجعت ادبياتكم بما فيها بلاغ اللجنة المركزية على أجد تصويبا لهذا الطرح ولم أجد . إن أمريكا هي التي ورطت اوكرانيا وحرضتها على رفض التفاض قبل الحرب وهي التي حرضتها لجهة عدم الالتزام باتفاقية مينيسك .
وكان القرار الروسي استباقيا قبل ان تجهز الدول الغربية نفسها للحرب ومن باب جبر الخواطر أضفتم أشياء مع انها مهمة إلا أنها تعبر عن مظهر توازن تطلبته الحالة بقولكم :
“، كما ونناهض ممارسات أمريكا وحلفائها وخلقها لأجواء الحرب واستمرارها بتوسيع وتعزيز دائرة نفوذها من خلال عضوية الدول الاوربية المحاذية لروسيا في حلف شمال الأطلسي…”
ولا بأس أنكم مررتم على التمييز العرقي من جانب كييف .
ولكن جوهر موقفكم اتضح أكثر من خلال إدانة الدعم الروسي لسوريا دون ان تنبسوا حرفا واحدا عن العدوان الدولي الواسع الذي واجهته سوريا حتى قبل مساعدة روسيا لها التي بدأت عسكريا وفعليا عام 2015م فقط بينما كانت أمريكا تحرث سوريا مباشرة وبواسطة اتباعها : تركياوقطر واسرائيل والرجعيات العربية وما خلقوه من قوى رجعية وتدميري فاعلة حتى الآن.
يقول بيانكم : ” هذا، وان تدخل روسيا العسكري في الدفاع عن نظام الأسد في سوريا وجرائمها بحق المواطنين في هذا البلد…”وهل يفعل الاسد ونظامه شيئا سوى انهم يدافعون عن وطنهم ؟
الله أكبر ! حينما تدخلت روسيا في سوريا كانت الجرائم كلها مرتكبة لو تعلمون ، كانت معظم الأراضي السورية خاضعة للنفوذ الأمريكي وكان تقسيم سوريا على مرمى النظر وكانت الفوضى وقوى امريكا المتعددة تعيث فسادا في سوريا والإقتصاد السوري والمجتمع السوري والنساء السوريات . لماذا تناسيتم ذلك ؟ لماذا لم تقولوا بأن الروس تدخلوا لإنقاذ سوريا من ما يحصل في العراق وليبيا على يد أمريكا وأدواتها ؟.
تقولون أنكم حزب شيوعي ! وسأسمح لنفسي بالسؤال : أين انجازات الاحزاب الشيوعية في العراق وما كان دوركم في المقاومة التي شنها العراقيون ضد الإحتلال الأمريكي عام 2003م وما دوركم ضد حكم بريمر وانجازاته الديموقراطية! في العراق ؟
العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا هي لمجابهة أمريكا وحلفها المتغطرس علينا أولا وعلى كل شعوب الأرض .
نحن مع من يقول لأمريكا كفى وإلى هنا ومن يقل بغير ذلك هو من أدوات أمريكا والناتو .
نحن مع من يدافع عن وطنه قي وجه العدوان الغاشم في وجه أمريكا .
نحن مع فنزويلا ضد امريكا ،ومع كوبا وضد أمريكا ومع إيران ضد أمريكا ومع الصين ضد أمريكا ومع سوريا ضد امريكا ومع اليمن ضد امريكا ومع من يقاتل في العراق من أجل حرية العراق ضد أمريكا .
نحن مع تحرير العراق من النفوذ الأجنبي وهذه تتطلب نضالا تحرريا لطرد الإستعمار وأدواته وتوحيد العراق كجزء من الوطن العربي ومع استعادة العراق لشعبه المهجر في الداخل والخارج نحن مع استعادة العراق الضائع .
أما من يتماهى مع أمريكا فهو لا يمثل العراق ولا شعب العراق والبيانات الباهتة لا تمثل العراق بل النضال في الميدان وبكل الوسائل هو ما يمثل العراق ومستقبل العراق .
كل شعوب الأرض مع روسيا في حربها ضد أمريكا ومن أجل كسر عنجهيتها وأنا مع روسيا ضد أمريكا .
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.