ذكرت في “سؤال حامض 2366” هذا المصطلح الذي نحتته منذ سنوات.
ولعل اهتمامي بهذا الموضوع، ولا أقصد فقط المصطلح، هو أن ما حصل في الوطن العربي وخاصة بعد حادثين تاريخيين من حيث أهميتهما وليس من حيث إيجابيتهما أو سلبيتهما وهما:
أولا: انتصار نظام مصر الناصرية على قوى الدين السياسي وخروج قادتها إلى الخليج وخاصة السعودية حيث اكتسب هؤءلا المال واكتسب نظراؤهم في السعودية تنظيرات مؤدلجة في الدين السياسي ولذا حين عاد هؤلاء إلى مصر بعد رحيل ناصر أتوا بقوة المال والإيديولوجيا.
وثانياً: هزيمة 1967 والتي من أخطر ما حصل إثرها هو تراجع كثير من القوى القومية والشيوعية عن مواقفها وحتى إرتداد كثير منهم مما أوجد فراغاً في التوعية الشعبية العربية ليعبىء الدين السياسي هذا الفراغ. بل إن كثيرين من القوميين والشيوعيين ركوزا نقداً ممروراً ضد الجمهوريات العربية وأغفلوا تغلغل خليج الدين الساسي في الثقافة الشعبية مالاً وإيديولوجيا. والخليج، حتى اليوم على الأقل، ليس خليجا في اي امر بدون الإمبريالية والصهيونية.
وهكذا، استفقنا على شارع أسير إيديولوجيا الدين السياسي مما جعل ذبح قطر عربي على يد عرب مسألة دينية جهادية! وهكذا سادت مؤامرة الاستشراق الإرهابي وخاصة انها باتجاه مركزي وهو اجتثاث العروبة.
من هنا صار علينا التصدي لهذا الخطر وخاصة بتحليل وتثقيف فكري معمق .
وجدت الفقرة التالية مناسبة لتوضيح مضمون مصطلحي “الدين السياسي” أو تحديدا “الدين الإسلامي السياسي” لأن هناك، كما كتبت عديد المرات ، دين مسيحي سياسي ودين هندوسي سياسي، ودين يهودي سياسي…الخ.
■ ■ ■
ويبدو أنّ «السي. آي. إيه» اكتشفت لاحقاً منافع الأفيون الذي تمتاز بإنتاجه أرض أفغانستان، فهذه الزراعة لو قدّر لها أن تتطوّر إلى صناعة، فإنها ستغني «المجاهدين» عن مدّ أكفهم لأيدي المحسنين. وهكذا فقد تضاعف، في سنوات الجهاد، إنتاج المزارعين الأفغان من الخشخاش مرات عدة حتى صار مردوده المالي يقارب ستة مليارات دولار سنوياً، وأصبح الأفيون وتقطيره أهم صناعة وطنية في البلاد. ولقد احتاجت تلك الصناعة سريعاً إلى أن تردفها التجارة، ثمّ احتاجت التجارة إلى طرق مواصلات مؤمنة. وكذلك أمسك كل زعيم ميليشيا (جهادية) بتقاطع طرق، فأنشأ عليه حاجزاً يُنَظِّم مرور شحنات الأفيون، ويسمح بها مقابل رسوم يقتطعها تحت يافطة «واجب دعم الجهاد”.
■ ■ ■
لنلاحظ هنا كيف يتم تبرير العمل والمتاجرة في اسوأ المنتجات صحيا وأخلاقيا وتغليفها بأنها في خدمة الجهاد. وهذا بالطبع لا يختلف عن جهاد النكاح. وهذا يردنا للسؤال: هل حقاً خرجت أمريكا هروبا من أفغانستان؟ أم ابقت مصالحها هناك ومنها تجارة الأفيون. لا يهم الراسمالي ان تصفه بالجبن أو التخلي عن حلفائه فما بالك بعملائه، لأن ما يهمه هو الربح والتراكم.
للمقارنة: لقد سيطرت أمريكا على تجارة المخدرات في كولومبيا لعقود. واليوم أصبحت هذه البلد على عتبة نظام آخر. نتمنى لهم النجاح. ولنقارن بين:
· خروج امريكا من أفغانستان وسيطرة نظام الدين السياسي وكيف ستكون عليه حال أفغانستان
· وانتصار اليسار في كولومبيا وكيف ستكون البلد.
_________
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.