دفاعا عن الحكيم دفاعا عن فلسطين، محمود فنون 

1/9/2022م 

ضج عدد من الرفاق والاصدقاء مستكثرين ما جاء في مقالتي بعنوان: “أحمد قطامش وبيت الحكيم في اللد” المنشور على صفحتي بتاريخ 24/8/ 2022م.  

وقد حاول الرفيق احمد سعيد مهاتفتي عبر ماسنجر وحيث ان هذه العملية لا يمكن ان تتم لأن​​ الكومبيوتر غير معد للمكالمات الصوتية مع الاسف واعتذر للرفيق أحمد. ولكنه كتب لي: “محمود ارجوك يا صديقي العزيز وحبيبي الي أفتخر فيه شيل موضوع احمد قطامش “ 

وتبدو الحرارة والاحساس العميقين على ما كتبه ربما حرارة عالية دفاعا عن الرفيق أحمد، ومثله مثل غيره من الرفاق لا يريد المساس بالرفيق وخاصة من قبلي. 

إنني أحمل للرفيق أحمد مشاعر أعلى مما يحمله الكثيرون بل وأراه من أكبر متنسكي النضال الفلسطيني وأنا شخصيا أعرف حجم التضحيات التي دفعها هو وأهله جميعا وخاصة وخاصة مرة أخرى أمه والأم والزوجة الصنديدة. 

لا أحد يعرف مثلي إلا قلة محدودة جدا. 

إن ما كتبته كان دفاعا عن الحكيم ونقدا حازما لاستخدام اسمه في غير مكانه بل في الضد من مكانه وفي سياق حشد من المقولات المنسوبة له والتي تعرف بشخصيته كمناضل ومفكر وسياسي … الخ. 

إنني لم اكتب بهدف الهجوم على الرفيق أحمد وسبق أن كتبت عنه معتزا ولكن كذلك سبق أن ناقشت أفكاره الجديدة في كراستي “بين حل الدولتين وحل الدولة الواحدة – دراسة نقدية ” وتناولت فكرته بالنقد والدحض. وفي ذات الكراسة نقدت موقف الرفيق أحمد سعدات مع كثيرين من أصحاب فكرة التعايش مع المستوطنين وأصحاب حل الدولة الواحدة. وهذا الكراس أثار ضدي ملاحظات عنوانها ما كان عليّ التعرض للرفيق سعدات وهو مناضل … و.. وهو في الاسر الصهيوني اليهودي. 

ولكن الرفاق كتبوا آراءهم ونشروها في كتب وصحف. واطّلع عليها من اطّلع. 

عندما تأتي هذه الافكار من رفاق لهما هذه القيمة الرمزية العالية في أوساط كوادر وقواعد الجبهة الشعبية وحتى أوساط الحركة الفلسطينية فيتوجب عدم السكوت وخاصة من أمثالي، الذين يعرفون حجم الانقلاب في المواقف وضرره على الرؤيا والثقافة والمفاهيم التي تربت عليها الحركة الوطنية الفلسطينية وهما من ابرز رموزها في الأرض المحتلة والسجون وعلى مؤيدي الجبهة الشعبية وخاصة أجيال الشباب الذين لا زالوا ينتبهون لرموز النضال ويتخذونهم قدوة. 

إنني أتسائل: لماذا لم تطلبوا من الرفيق أحمد حذف مقالته أو على الأقل تلك الفقرة التي انتزعتها وعلقت عليها والتي قلت إنها هي الهدف من كل ما تم حشده من مقولات وأقوال؟ 

ثم ألم تروا انها نقيض كل تاريخ الحكيم الذي قصدت المقولات المحشودة إلى ابرازه؟ 

ألم تروا انها تسيء للحكيم وعلى لسان أكبر كادرات الجبهة؟ 

لا اعرف إن كان آخرون ردوا على قطامش ولكن ما كتب وحُشي يستحق الكشف والرد. 

هذا من جهة. 

 من جهة أخرى أنا أكتب دائما ضد من يبادرون لطرح مشاريع تسوية مع الاحتلال اليهودي لفلسطين. سموه صهيوني، إسرائيلي، عنصري أو ما تشاءون. فلسطين مستلبة من قبل عدو ويجب أن يجلو عنها بقضه وقضيضه. سواء كان هذا العدو عنصري صهيوني أو غير ذلك. وتخليه عن عنصريته كما أوهام البعض لا يعطيه أي حق في وطننا وكذلك هي عبارات تستخدم لتمرير القبول بهذا العدو. 

ولنعرف أكثر الرفيق يتطلع لظهور ديكليرك صهيوني ومانديلا عربي ويتصالحان وينتهي الأمر ببقاء كل الاستيطان على حاله ودون إزاحة مع تغيير مسميات ونظم لا تغيّر من الأمر شيئا. 

قد يقول قائل: الحكيم مع دولة ديموقراطية علمانية واشتراكية كذلك. 

وأنا مع هذا الطرح وضد وجود دولة لليهود في فلسطين ولا في أي شبر منها بما فيها المستوطنات. ولا أرفض من يبقى من المستوطنين كنتائج من ذيول الصراع وفي حينه. وفي حينه يقرر المنتصر إرادته. 

الرفيق قطامش يتحدث عن تعايش ويبقى الحال على حاله “دون ازاحة “. أي تبقى معاليه ادوميم في مكانها وكذلك كل المستوطنات في الساحل والشمال وكل مكان. هل هذا ما أراده الحكيم. 

إن استخدام قول منسوب للحكيم بأنه مستعد لبناء طابق ثاني فوق بيته ليسكنه المستوطن الذي يحتل بيته هي عبارة لها دلالات خطيرة تصل إلى درجة التعامل مع هذا المستوطن المحتل المجرم بأخوّة. 

وليس هذا تعبيرا عن انسانية الحكيم بل استخدام لا مبرر له إلا لتمرير أفكار تتعارض مع كل نضالات الحكيم.  

حتى لم يقل الكاتب بأن الحكيم سيتعامل هكذا بعد الانتصار وتحطيم دولة إسرائيل بل ترك الأمر وكأنه دعوة للاخوة الانسانية مع العدو الغاصب والتسامح مع اغتصابه. والرفيق من الحصافة بحيث يعرف خطورة ما طرح لأنه يعرف رأي الحكيم ولكن بعد الانتصار. 

يقول الحكيم: انا من الناس القائلين ان جميع المدنيين (الإسرائيليين) مستوطنون، ولا مجال للتعايش، ولا مجال لسلم حقيقي معهم، انا لا اتصور انه في فترة من الفترات، سيكون هناك سلام حقيقي. لماذا؟ لان تصوري يقوم على رؤية لطبيعة الغزوة الصهيونية واهدافها، والتي لا يمكن لأمتنا او لشعبنا ان يستسلما امامها، وان مرت فترات هدوء قد تقصر او تطول، هؤلاء – ولاحظوا هنا ما يقوله حبش – الناس المنادون بثنائية القومية او الدولة الديمقراطية لا يعرفون حقيقة المشروع الصهيوني واهدافه، انه صراع حياة او موت، لا اريد دولة فلسطينية في هذه المرحلة، لأنني اريد دولة فلسطين كلها (التجربة النضالية الفلسطينية حوار شامل مع جورج 


“…
فمعركة التحرر الوطني الديموقراطي تتجه نحو تحطيم الوجود العنصري الاستيطاني الاستعماري في فلسطين وذلك بالتحرر الناجز دون الوقوع في فخ التسويات او التنازلات ….”
إن تحطيم الكيان العنصري الاستيطاني وفي إطار معركة الأمة العربية يسبق أي طروحات ثم يتكفل الوضع الديموقراطي الناتج بتقديم الحلول الديموقراطية الاشتراكية للجميع. 

ليس الدفاع عن الحكيم والدفاع عن الموقف الفلسطيني ما يوجب الاعتراض بل نقد موقف الرفيق قطامش بالرغم من منزلته الرفاقية والروحية عندي. 

عليه أن يتوقف عن طرحه، ونقد نفسه والعودة إلى الاصول التي تربينا عليها وربينا عليها مئات الآلاف ممن اتحدوا روحيا ومصيريا مع الجبهة والحكيم ونضالات الجبهة والنضالات الوطنية، وأن يظل هو في موقف الدفاع عن تاريخه وتاريخ الوطن وتاريخ الحكيم الذي هو منضغم في تاريخ الوطن. وأنا دافعت عن هذا كله ويستحق الدفاع. 

_________

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.