نشرة “كنعان”، 22 أيلول (سبتمبر) 2022ن

كنعان النشرة الإلكترونية

السنة الثانية والعشرون – العدد 6385

22 أيلول (سبتمبر) 2022

في هذا العدد:

ليس تمييزاً عنصريا ولا حتى تطهير عرقي: لسنا نسخة عن جنوب إفريقيا، د. عادل سماره

لماذا إيران!!! بادية ربيع

لماذا تعاني أميركا في جاهزيتها العسكرية لشن حروب جديدة؟ د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

اسرائيل تقرّ بمعادلة المقاومة: الاستخراج بعد الاتفاق، علي حيدر

✺ ✺ ✺

ليس تمييزاً عنصريا ولا حتى تطهير عرقي

 لسنا نسخة عن جنوب إفريقيا

د. عادل سماره

نشر موقع الحوار مقالا في باب راي، بعنوان” دروس للفلسطينيين من نضال السود في جنوب افريقيا للكاتب ران غرينشتاين. ترجمة علاء الدين ابو زينه. والمراجعة منشورة على موقع الغد الأردنية. نُشر هذا المقال بعنوان What lessons can Palestinians Really take from the Struggle of Black Africans?  

(موقع الحوار  alhewar@alhewar.com via groups.outlook.com   

 ليس ما اكتبه هنا ردا ولا نقدا لموقع الحوار وإنما توضيح من جهة ودفاع وطني عروبي شيوعي من جهة ثانية عن وطننا في وجه هجمة خطيرة بدأت ربما عام 1995 إثر تفكيك السلطة السياسية العليا في جنوب إفريقيا مع بقاء الأرض والصناعة بل كل القمم الاقتصادية هناك بيد البيض. اي فقط حصل السود على طربوش اسود لبلد انحصرت تغطيته لراس الأكثرية السوداء /البرجوازية تحديدا وبقي الجسد الأسود عاريا كما كان.

فالمؤتمر الوطني الإفريقي لم يُعد الأرض للسود ولم يلجأ إلى حل وسط بتأميمها، بل لم يُجري ما يسمى حل المسألة الزراعية the Agrarian Question إن صحت الترجمة، ولم يؤمم الصناعات. لذا كتبت حين زرت تلك الدولة عام 1995 مقالا في كنعان العدد 54، إن كنت اذكر “دولة بيضاء بوشاح اسود”.

ليس هذا نقداً لتجربة جنوب إفريقيا فقط بل اساساً لنقد هجمة خلق التطابق بين حالتنا وحالة جنوب إفريقيا وخاصة زعم أن ما يحصل في وطننا هو تطهير عرقي. كلا ابداً. إنه الاقتلاع المستدام إلى يوم القيامة أن تمكَّن.

الاختلافات عديدة تقود إلى الاختلاف الجذري.

مقالة غرينشتاين من نفس النسق الذي يفرض المطابقة قسراً ولكن بمهارة وبلاغة النصح. فهي تحتوي على أكثر من خلل ومخالطة ومغالطة.

أولا: هنا لا ينطبق وصف الفصل العنصري. هنا اقتلاع وليس حتى تطهيراً عرقياً محدوداً بل شاملا ودائَماً.

 ثانيا: اليهود ليسوا قومية بل اصحاب ديانة، وليسوا جميعا متدينين بل دمجوا بين الإيديولوجيا الصهيونية والدين السياسي تم استجلابهم من مئة قومية كما الأمم المتحدة. ربما إذا نجحت الأوراسية في هدم الأمم المتحدة تبقى أو لا تبقى بعدها “الأمم المتهودة المتحدة”!!!

ثالثا: الصراع عربي صهيوني ليس فلسطيني صهيوني وكل من ينفي عروبة الصراع لا يدرك أنه يعاند التاريخ وانتماء الشعب العربي بل كل أهل هذا الوطن أي العروبيين لوطنهم الكبير ويخدم هدف الثورة المضادة والصهيونية منها خاصة في هدم العروبة لأن هدمها هو بقاء الكيان واندماجه في الوطن العربي اندماجا مهيمناً.

رابعاً: فيما يخص الدولة الواحدة ستكون دولة واحدة لكن عربية ونحن جزء منها أما الأرض فتعود لنا، أما الذين يستجدون من الصهيوني التخلي عن الإيديولوجيا الصهيونية ويبقى مغتصب الأرض والبيت وبالتالي ينتهي الصراع فهذا الاستجداء ليس أعلى من الافتخار باستدخال الهزيمة من اشخاص لا يمثلون أحداً خاصة وأن الوطن لا يُمثَّل بأفراد ولم يحصل في التاريخ أن جرى استفتاء شعب على التخلي عن وطنه أو تقاسمه مع أحد.

 وخامسا فيما يخص مصير الكيان الاستيطاني فهذا منوط لما بعد التحرير حينها من يبقى منهم يعامل كشخص عادي مع تجريده مما اغتصب.

سادسا: قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي ساومت لكن قيادتنا فرَّطت.

سابعاً: التناقض في جنوب إفريقيا كامن وإن كانت مقاومته بوتيرة بطيئة أما في حالتنا فالمقاومة تشتد وتتسع كمحور ممتد من طهران لدمشق للضاحية الجنوبية.

ثامناً: ما جرى في جنوب إفريقيا هو تفكيك السلطة العليا، أما في حالتنا فلا يعني التفكيك سوى التحرير.

تاسعاً: إن من ساعد على تفكيك قمة السلطة في جنوب إفريقيا أي تبديل الطربوش هو المتروبول العالمي (المتروبول هو حاجة الكيان الاستيطاني إلى دولة أم راعية) خوفا على مصالحه وشركاته وهذه كانت الصفقة مع مانديلا الذي في الحقيقة خان شعبه وطبقته وحتى لونه بأن تصالح وتقيد بتخليد الاستغلال الطبقي والقومي لشعبه. قد يكون ما دفعه لذلك أن سقوط النظام العنصري جاء في فترة تفكك الكتلة الاشتراكية وانهيار الاتحاد السوفييتي اي في لحظة انتصاروية رأسمالية معولمة على العمل. المتروبول الدولاني العالمي هو الداعم الخارجي للمستوطنات الرأسمالية البيضاء وهنا ايضا يختلف وضعنا عن جنوب إفريقيا، فمتروبول الكيان هو كامل النظام الرأسمالي العالمي أما في جنوب إفريقيا فلم يكن كامل النظام العالمي هو الداعم والمؤسس لنظامها الاستيطاني.

عاشراً: مهم الانتباه بأن معظم من يركزون على التشابه بين حالتنا وحالة جنوب إفريقيا هم كتاب من الديانة اليهودية والتابعية “الإسرائيلية” ومن التروتسك. وهم في الحقيقة مقابل نقدهم الناعم للكيان، لا يبدأ موقفهم من حقنا في تحرير الوطن بل يطالبوننا مقابل تعاطفهم معنا أن نقبل بأن يبدأ النقاش بعد الإقرار بأن المحتل 1948 اي الكيان ثابت لا يُناقش.

وهنا يكون كل من يرى المسألة بل يُقزِّمها في مسألة التمييز العنصري هو تابع فكريا وثقافيا، مثقف متخارج على الأقل.

ملاحظة1:For discussion to this issue, see: Adel Samara, Debatable Issues: Polemic Critique, 2020, p.p. 68-83, 

ملاحظة 2: الفيديو المرفق عن نفس الموضوع، مع الاعتذار للمستوى الفني المتواضع،

✺ ✺ ✺

لماذا إيران!!!

بادية ربيع

اعتماد دعاية الغرب ضد إيران كارثة. الغرب بدأ القتل عولميا ولو يتوقف. قد يحصل قتل شخص أو أكثر لخطئ ما أو لسبب غير الضرب. هل يُعقل ان دولة تقتل امرأة بسبب عدم وضع غطاء الراس! بوسع القضاء حكمها زمنا ما. ما يحدث في الخليج كوارث لم تشهدها البشرية فلماذا الصمت عنها. بل في أمريكا الاغتصاب أكثر من العلاقات الحميمية.

المضحك أن معظم النساء الإيرانيات يظهرن على الشاشات في طهران بدون غطاء كامل للرأس وحتى بشكل مغري ومنذ عقود اي بعد الشاه.​​

Akram Atallah Alayasa

soSrotpdne3ul6l5167g77u5um910tfga507t0u9hhlu7ia33f217ag1hhc0  · 

خصلة شعر

مها اميني شابة ايرانية عمرها 22 عاما، اعتقلتها ما يعرف بشرطة الاداب في ايران لانها لم ترتدي غطاءا كاملا للرأس، بعد ساعات من اعتقالها توفت 14/9/2022، مع…

✺ ✺ ✺

لماذا تعاني أميركا في جاهزيتها العسكرية لشن حروب جديدة؟

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

تتصاعد ميزانيات وزارة الدفاع الأميركية دورياً إلى أرقام فلكية، متجاوزة نسبة 10% من مجموع الدخل القومي، من دون أن ترافقها مخصصات موازية لقطاعات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وهي تذهب إلى الإنفاق السخي على انتشار واسع للقوات العسكرية الأميركية في نحو 800 قاعدة عسكرية في أكثر من 80 دولة حول العالم، قبل احتساب انتشار قوات عسكرية محدودة العدد، كما في الصومال وسوريا، لتصل رقعة الانتشار إلى 177 دولة، بحسب إحصائية أستاذ الانثربولوجيا في الجامعة الأميركية في واشنطن، ديفيد فاين.

          انتشار عسكري وتمدد ثابت تغذيه ميزانيات تنمو سنوياً: 778 مليار دولار لعام 2022، وما لا يقل عن 813 مليار دولار للعام المقبل، يدرك الشعب الأميركي منه اليسير، والأغلب ينقصه استيعاب أبعاده وانعكاساته على المديين المنظور والمتوسط.

          يتردد بين الآونة والأخرى الاعتقاد الذي كان سائداً لدى عسكريي حرب فيتنام بأن بوسع الولايات المتحدة دخول حرب على جبهتين متزامنتين: فيتنام وأوروبا. وانطلاقاً من ذلك، تدور التساؤلات عن تطور المسرح الآن شرقاً باستهداف روسيا والصين؛ الأولى في محيطها الجغرافي المباشر، والثانية في بحر الصين الجنوبي، وحرب أخرى تدور رحاها في الوطن العربي؛ سوريا والعراق واليمن وشبه الجزيرة العربية.

          أفرزت الحرب في أوكرانيا جملة تحديات على قرارات البنتاغون، كنتيجة مباشرة لتوريد الأسلحة والذخائر المختلفة من مستودعات القوات الأميركية واستنزاف احتياطيها، إضافةً إلى تهالك بعض المعدات العسكرية وتوقيف أسطول المقاتلات المروحية من طراز “شينوك”، وقوامه نحو 400 طائرة.

          تسارع استهلاك ذخيرة الأسلحة الأميركية، نتيجة توفيرها بكثافة إلى أوكرانيا، استدعى انتباه رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميللي، لإجراء مراجعة دورية شهرية للتيقن من عدم استنزاف الترسانة الأميركية إلى مستويات متدنية، واستبدال بعض الأسلحة المرسلة إلى كييف، كما جرى بتوفير مدافع من طراز هاوتزر-105 ملم عوضاً عن الأقوى (155 ملم)، التي تخشى القيادات العسكرية استنزافها “إلى مستويات غير مرحب بها”، بحسب بيانات البنتاغون.

          وأوجز قادة عسكريون أميركيون التحديات الراهنة للترسانة الأميركية بالقول: “طلَب أوكرانيا من الذخائر يتعاظم كما لو كانت أميركا في حرب مع ذاتها”، كما أنّ “مخزون الذخائر في المستودعات الأميركية يُستنزف بصورة مقلقة، وخصوصاً ذخائر المدفعية” (يومية “وول ستريت جورنال”، 29 آب /أغسطس 2022).

          إضافة إلى استنزاف المستودعات الأميركية، تواجه المؤسسة العسكرية تحديات جديدة في آليات ونظم التوريد ودوران مصانع الأسلحة التي تتطلب زمناً ليس متوفراً الآن لإعادة تأهيل المعدات وتشغيلها، “في ظل تبدل المواصفات المطلوبة راهناً من البنتاغون” (المصدر أعلاه).

          ويمضي القادة العسكريون في الإشارة إلى معضلة برزت مؤخراً في البحر الأيوني، جنوبي إيطاليا، حين اضطرت حاملة الطائرات “ترومان” إلى نقل بعض أسلحتها وذخائرها إلى متن حاملة الطائرات البديلة “يو أس أس بوش”، التي كانت ستتخذ مواقعها في تلك المياه.

من بين التحديات العسكرية أيضاً ما يخلّفه الاستهلاك المتواصل من تآكل المعدات والأسلحة، بسبب ظروف الحرب والمناورات العسكرية. وأظهر تحقيق أجرته البنتاغون قبل عامين في حادثة غرق عربة برمائية وهلاك طاقمها في مياه مدينة سان دييغو أن السبب هو عدم الالتزام ببرنامج الصيانة المطلوبة، نظراً إلى طلب عسكري ملحّ لدخولها الخدمة.

للإضاءة على إفراط المؤسسة العسكرية في التمدد عبر العالم، تشير بيانات البنتاغون الخاصة بنشر حاملات الطائرات للمرابطة في مناطق معينة إلى معادلة 8:8:8، أي خلال خدمة مدتها سنتان، تحتاج الحاملة إلى 8 أشهر من العمل، و 8 أشهر لأعمال الصيانة وتحديث المعدات، و8 أشهر من برامج التدريب لطواقمها. وينطبق الأمر عينه على القوات والأسلحة البرمائية، ومنها التي تستضيف على متنها أحدث المقاتلات الأميركية من طراز “أف-35”.

إذاً، تصطدم الخطط العسكرية والسياسية الطموحة بقيود الواقع الميداني. مثلاً، مع غروب شهر آب/أغسطس الماضي، تم رصد مرابطة 3 حاملات طائرات أميركية في المياه الآسيوية قرب الصين: “يو أس أس ترومان” و “يو أس أس بوش” اللتان ترابطان ضمن مهام الأسطول السادس، فيما ترابط حاملة الطائرات “يو أس أس رونالد ريغان” قرب مياه اليابان. كما أنّ الحاملة “ترومان” في طريق عودتها إلى قاعدتها الأم لأعمال الصيانة والتحديث في مدينة نورفولك في ولاية فرجينيا، ولن تستطيع المشاركة لنحو عام كامل.

          تنشر الولايات المتحدة مجموعتين من القوات والمعدات البرمائية في بحر الصين الجنوبي: “يو أس أس أميركا” و “يو أس أس تريبولي” اللتان تحمل كل منها نحو 20 مقاتلة حديثة من طراز “أف-35”.

وفي حال اشتعال ساحة حرب جديدة، في الشرق الأوسط أو الصين أو أوكرانيا، سيواجه سلاح البحرية الأميركي تحديات جديدة تقيّد قيامه بنشر حاملات نووية للطائرات في وقت متزامن في الساحات المشار إليها.

          كما تواجه المؤسسة العسكرية الأميركية تحدياً في تجنيد منتسبين جدد إلى صفوفها، إذ عبّر نحو 9% من البالغين عن رغبتهم الانضمام للقوات المسلحة، وهي “أدنى نسبة منذ حرب فيتنام عام 1973″، فضلاً عن تأهل المنتسبين إلى برامج التدريب القاسية، والذين لا يزيدون عن نسبة 24% من مجموع العينة.

          استعراض الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة في حال نشوب حرب حقيقية تشارك فيها مباشرة يؤدي إلى جملة حقائق.

          للمرة الأولى، تتراجع خطورة الحرب في الشرق الأوسط، بحسب أولويات البنتاغون، يعززها انتشار واسع لقوات أميركية في المنطقة، فضلاً عن توفر عدد كافٍ من القواعد والمطارات إن دعت الحاجة.

          أما في حال نشوب مواجهة عسكرية مع إيران، فالأمر يتطلب إجراء تعديلات كبيرة في وضعية القوات الأميركية، أبرزها الأعداد المحدودة للقوات المتوفرة، وإعادة تموضع القوات والأسلحة البحرية في المنطقة، وضمان ملاحة السفن الحربية وحاملات الطائرات في قناة السويس، وما قد يترتب عليها من انعكاسات إقليمية، أو سحب بعض القوات البرمائية من المحيط الهادئ باتجاه بحر العرب.

          ذروة التحديات بالنسبة للبنتاغون في هذا الصّدد تكمن في نشوب حرب مع الصين، والتي سيكون عنوانها الأبرز القطع البحرية المتوفرة والمنتشرة قرب بحر الصين الجنوبي، والاستعانة بقوات إضافية من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، استراليا واليابان، لمواجهة القوات الصينية في الجزر الاصطناعية المنتشرة في المنطقة، وإشغال الغواصات الصينية بمناورات معينة لحرمانها من استهداف حاملات الطائرات الأميركية بشكل خاص.

          اتساع رقعة انتشار القوات والموارد العسكرية الأميركية كشف حدود القوة والتهديد بها، وخصوصاً عند الأخذ بعين الاعتبار وضعية القوات الأميركية المختلفة منذ نهاية حرب فيتنام، باعتمادها كلياً على نظام التطوع، وخشية القادة السياسيين من تفعيل نظام التجنيد الإجباري في أزمنة تستدعي رفع مستوى رفاهية الشعب الأميركي، وليس انخراطه في حروب لامتناهية.

          هذا لا يعني، بالمقابل، الاستخفاف بالآلة العسكرية الضخمة وقدراتها التدميرية الهائلة، لكن القوة العسكرية الصرفة لا تحسم صراعاً أو اشتباكاً بمفردها، وخصوصاً في ظل تردد القادة الأميركيين، سياسيين وعسكريين، في نشر قوات برية بأعداد كافية في ساحات المواجهة المعنية، وفي الأذهان الانسحاب المذلّ للقوات الأميركية من أفغانستان.

 :::::

مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن

الموقع الإلكتروني:

http://thinktankmonitor.org/

✺ ✺ ✺

اسرائيل تقرّ بمعادلة المقاومة: الاستخراج بعد الاتفاق

ما هي الرسالة التي بعث بها حزب الله؟ خلافات إسرائيلية يحسمها قرار رفيع بإعلان تأجيل الاستخراج

علي حيدر

أحدثت رسائل حزب الله شرخاً في التقدير والموقف لدى قيادة العدو وجيشه حول كيفية التعامل معها، في ضوء المخاطر الكامنة في كل من الخيارات الماثلة أمامهم. وفرضت مواقف السيد حسن نصر الله نفسها على المشهد في كيان الاحتلال، وخصوصاً إعلانه الأخير، السبت الماضي، عن رسالة بعثت بها المقاومة الى العدوّ تحذّر من بدء الاستخراج من حقل «كاريش» قبل الاتفاق مع لبنان. فيما استكمل الفريق التقني اللبناني الدراسة الأولية حول واقع الخطوط الحدودية، على ضوء مقترحات عاموس هوكشتين الأخيرة، مع تقديرات تشير الى احتمال الوصول الى حل لـ«المنطقة الأمنية» بما يرضي الجانبين

شكّلت الرسالة التي أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المقاومة وجّهتها إلى العدو والأميركيين، بعيداً من الإعلام، ومفادها أنه «سيكون هناك مشكل في حال بدء الاستخراج من حقل كاريش قبل الاتفاق مع لبنان»، إطاراً كاشفاً لخلفية البيان التوضيحي الذي أصدرته وزارة الطاقة الإسرائيلية وأكدت فيه أن ما ستقوم به في الأيام المقبلة ليس سوى إجراء اختباري لنظام الضخ. ومنعاً لأيّ التباس، سمحت الأجهزة الأمنية لوسائل الإعلام بالكشف عن أن الجيش هو الذي طلب من وزارة الطاقة إصدار البيان وأنه هو من أملى صياغته أيضاً. في غضون ذلك، أملت ‏وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار، أمس، «بصدق أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق. لدينا التزامات تجاه السوق المحلي والدولي، لذلك يجب أن يتدفق الغاز في أقرب وقت ممكن».

وكشفت القناة 13 العبرية عن خلافات داخل المنظومتين القيادية والأمنية، بين مؤيد ومعارض لإصدار البيان التوضيحي. وبلغ الخلاف حدّ رفعه إلى رئيس مجلس الأمن القومي إيال حولاتا الذي حسم الموقف لمصلحة إصدار البيان. فيما لم يجر تناول طبيعة الرسالة التي بعث بها حزب الله.
ويبدو أن معارضي الرد على رسالة نصر الله، بإصدار بيان توضيحي، ينطلقون من تقدير أن هذه الخطوة ستُقدِّم إسرائيل كمن يخشى المواجهة العسكرية مع حزب الله، وتؤشر الى تسليم عملي بالمعادلة التي أرساها الحزب. كما ستؤدي الى تعزيز موقف لبنان الذي سيلمس مسؤولوه بشكل لا لبس فيه حجم حضور المقاومة وفعاليتها، ما يؤثّر سلباً على الموقف التفاوضي الإسرائيلي.

على أن مؤيدي إصدار البيان التوضيحي لا يمكنهم إنكار هذه الدلالات. لكنهم تصرّفوا بواقعية وتعاملوا وفق مبدأ الخشية من أن يدفع الامتناع عن التوضيح حزب الله الى خطوات تؤدي الى تطورات دراماتيكية، وتضع إسرائيل أمام اختبار ميداني مفصلي، وهو ما تسعى حتى الآن الى تجنّبه. ويعكس موقف هؤلاء أيضاً حقيقة أنهم يأخذون تهديدات حزب الله بكامل الجدية، ويحرصون على ضرورة إفساح المجال للمفاوضات من أجل بلورة اتفاق يحول دون المواجهة. أضف الى ذلك أن هذا الموقف يتلاءم مع التوجه الأميركي الذي عبَّر عنه الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصاله الأخير برئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، وأكد فيه ضرورة التوصل الى اتفاق مع لبنان خلال الأسابيع المقبلة.

نصرالله أهم تهديد لإسرائيل

نقلت القناة 12 العبرية، أمس، عن قائد شعبة العمليات السابق في أركان جيش العدو اللواء إسرائيل زيف أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «يشكل بالنسبة للجيش والمؤسسة الأمنية، أهم تهديد منذ انهيار الجيوش النظامية في محيطنا»، داعياً إلى «مراقبة شخصيته وطريقة تفكيره. وهذا دائماً ما كان على رأس جدول أعمال ضباط كبار، وبالتأكيد بالنسبة لي شخصياً».

مع ذلك، فإن الخلاف داخل المنظومة المهنية – الاستخبارية يعكس أيضاً عمق هذا الخلاف وعدم استعداد أيّ من الطرفين للتنازل عن موقفه. وهو أمر مفهوم وغير مفاجئ في ضوء المعادلة الحادّة التي فرضها حزب الله: إما استخراج لبنان وكيان العدو للغاز، أو لا استخراج للطرفين مهما كانت الأثمان والتداعيات، وخصوصاً أن قيادة العدو وجدت نفسها أمام خيارين (الاتفاق أو فشل المفاوضات)، ستكون لهما تداعياتهما التي تتعلّق بموقع المقاومة في معادلة الردع، وبصورتها كضرورة وطنية لانتزاع ثروات لبنان وحمايتها، وهو ما يتعارض مع الجهود التي تبذلها واشنطن وتل أبيب بهدف إظهارها كعبء على لبنان والمنطقة.

ما ينبغي توضيحه أيضاً أن رئيس مجلس الأمن القومي لا يملك صلاحيات إصدار قرارات الى الجيش ووزارة الطاقة، بل يقوم بدور مستشار الأمن القومي لرئيس الحكومة. ولذلك يبدو واضحاً أن الأخير حسم موقفه بالاستناد الى رأي مستشاره – وإن لم يرد اسمه حتى الآن في التقارير الإسرائيلية – لمصلحة ضرورة عدم المغامرة باستفزاز حزب الله.
بالعودة الى بيان وزارة الطاقة، فقد أظهرت وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل صريح أن البيان موجّه الى حزب الله، فصحيفة «إسرائيل اليوم»، مثلاً، وضعت نصّ البيان تحت عنوان بارز «إشارة الى حزب الله». وقد كان لافتاً الشرح المهني التفصيلي الذي تضمّنه البيان لعملية الاختبار التي سيتم تنفيذها في اليومين المقبلين. كما عكس نصّ البيان، بشكل صريح، حرص الأجهزة الأمنية (التي أملت نصه) على أن توضح لحزب الله بالتفصيل ماذا سيجري، بهدف التأكيد على أن الأمر ليس استخراجاً للغاز من حقل «كاريش»، وإنما تجربة تدفق الغاز في الاتجاه المعاكس، من الشاطئ إلى الحفارة، لاختبار منظومة الأنابيب. والهدف من ذلك ألا يعتبر حزب الله العملية خرقاً للمعادلة التي أرساها، وهو ما أكدته القناة 13 بالإشارة إلى أن الهدف من البيان تفادي رفع مستوى التوتر القائم.
على خط مواز، وفي وقت أعلن فيه السيد نصر الله أن الهدف من المعادلة التي أرساها هو استخراج الغاز وليس الدفع نحو مواجهة عسكرية «إلا إذا فُرضت علينا»، في إشارة الى أن رفض تلبية المطالب التي قدّمتها الدولة اللبنانية سيؤدي الى هذا السيناريو، تحرك رئيس أركان جيش العدو أفيف كوخافي على خط المساعي الإسرائيلية الرسمية أيضاً. فأعلنت القناة 13 في التلفزيون الإسرائيلي أنه سيلتقي نظيره الفرنسي ومستشار الأمن القومي بهدف محاولة «التأثير على حكومة لبنان من أجل التوصل الى اتفاق سريع على تقاسم المياه الإقليمية ومنع التصعيد مقابل حزب الله». ويعكس أداء الطرفين، الإسرائيلي والمقاومة، دقة المعادلة القائمة وأنه لا يزال إفساح المجال لاستنفاد المفاوضات هو الحاكم حتى الآن ما دام العدو لم يخرق معادلة حزب الله، على أمل عدم التدحرج نحو مزيد من الخطوات العملياتية التي لمّح إليها السيد نصر الله في سياق هادئ.

في المقابل، ونتيجة اقتراب الاستحقاق من الموعد الفاصل، في مرحلة ما بعد اختبار الأنابيب إلا إذا ظهر وجود خلل تقني إضافي يدفع الى مزيد من التأخير، ناشد عضو الكنيست اللواء يوآف غالانت حكومة لابيد أخذ تهديدات حزب الله على محمل الجد. وشدد على ضرورة البقاء على «أهبة الاستعداد، وبقاء الأعين مفتوحة». فيما توقف معلقون إسرائيليون عند السقوف العالية من قبل حزب الله بمنع الاستخراج إلا في حال تلبية مطالب لبنان، وصعوبة خضوع إسرائيل وما قد تضعه من صعوبات للتوصل الى اتفاق. لكن هذا الإقرار بذاته يعكس حجم الضغط على المؤسسة الإسرائيلية التي عليها أن تقوم في نهاية المطاف بتقدير المخاطر واختيار الأقل سوءاً وخطراً على إسرائيل، بعد استنفاد الجهود السياسية والمناورات المكشوفة.

‏وزيرة الطاقة الإسرائيلية: نأمل بصدق بالتوصل إلى اتفاق لأن لدينا التزامات تجاه السوق المحلي والدولي

في ضوء ما تقدم، يبدو أن من أهم ما تعكسه محطة اختبار الأنابيب أنها دفعت حزب الله الى توجيه رسائل جدية جداً وحاسمة، كما يُستشفّ من كلام السيد نصر الله وردة فعل العدو. ويؤشر حدوث الشرخ في منظومات التقدير والقرار في كيان العدو عن عمق تأثيرها ومفاعيلها القاسية على منظومة صناعة القرار. والأهم أنه لو لم يكن أداء العدو عقلانياً، لكان المشهد الميداني والسياسي مختلفاً بشكل جذري عما هو الآن (كنا أمام مشكل بحسب السيد نصر الله). وإذا كان كل ذلك، والأمر يدور حول محطة اختبار الأنابيب، فكيف ستكون السيناريوات لو لم يتم الخضوع لمطالب لبنان، وحاول العدو استخراج الغاز من حقل «كاريش»؟
هكذا يصح التقدير أن حزب الله استطاع أن يمنح معادلته شحنة إضافية ويبدّد أيّ أوهام يمكن أن تراود بعض الداخل والخارج حول ما ستؤول إليه التطورات في توظيف محطة اختبار نظام ضخ الأنابيب ومنحه أبعاداً أكثر مما تحتمل. وأحبط بذلك أي محاولة لتحويل محطة الاختبار للتشكيك في جدية المقاومة. والأهم أنه قطع الطريق على أيّ فهم خاطئ لجهات التقدير والقرار في كيان العدو، يمكن أن يؤدي البناء عليه الى التورط في خيارات لا تريدها حتى الآن ابتداءً. في المقابل، أظهرت مواقف السيد نصر الله ورسائله، مرة أخرى، حجم تصميم حزب الله على انتزاع لبنان مطالبه المحقة، مهما كانت التداعيات. وإلى ذلك الحين، يشكل منح المفاوضات فرصة لاستنفاد خياراتها مشروعية إضافية أيضاً لأيّ خيارات بديلة سيلجأ إليها حزب الله لاحقاً. لكن المؤشرات حتى الآن لا تزال تؤكد وجود أرضية فعلية للتوصل الى اتفاق يلبّي مطالب الدولة اللبنانية.

■ ■ ■


لبنان يرسم الإطار التقني: منع العدو من استثمار المنطقة الأمنية

حت عنوان «جعل الاتفاق البحري أكثر ملاءمة للبنان» أنجز «الفريق التقني» في اجتماعات اللجنة المخصصة لدرس اقتراح الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين تصوره للخط الجديد المقترح أميركياً. وعلمت «الأخبار» أن الفريق أجرى «تحسينات» على هندسة الخط بالنسبة إلى نقطة البداية والنهاية، ووضع ما لديه في عهدة الجهات السياسية للبت في التعديلات وإبلاغها للوسيط.


وقد تبين أن الإحداثيات التي قدمها العدو الإسرائيلي عبر هوكشتين لما سماه «خط الطفافات»، جاءت مطابقة للإحداثيات التي أودعها لدى الأمم المتحدة عام 2011 حيال الخط المزعوم رقم 1. وهي تتضمن نقاطاً عدة تثير خشية لبنان، منها تأثير نقطة بداية أي خط على الحدود البرية ونقطتي B1 ورأس الناقورة وموقع نفق سكة الحديد، وتأثير نقطة نهايته على البلوكات الغازية.
وعلمت «الأخبار» أن الفريق العسكري الذي تولى درس الاقتراح أوصى بأن يبدأ الخط الجديد من نقطة رأس الناقورة، وألا يتجاوز البلوك رقم 10 فتكون حدوده بداية حدود البلوك، وهذا ينسجم مع ما سبق لنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أن أعلنه حيال ضمان ألا يتنازل لبنان عن أي جزء من بلوكاته. كما يعني تقلص «المنطقة العازلة» التي يطالب العدو بضمانها إلى أقل من 3 كلم مربعة. عليه لا يزال النقاش عند نقطة انطلاق الخط. وفي حين بات المعنيون بصدد القبول بالمنطقة «معدلة»، انحصر النقاش في ماهيتها. إذ يفضل التقنيون أن تشتمل على المياه من دون بلوغ البلوكات، أي في المنطقة الفارغة ما بين اليابسة والبلوك 10، وضرورة انطلاق أي خط من رأس الناقورة لضمان النقاط البرية. في المقابل تجرى مشاورات حول مدى إمكان الانطلاق من النقطة التي قدمها هوكشتين (أي النقطة 31 في البحر الخاصة بالخط 1) مقابل الحصول على ضمانات تحفظ النقاط البرية اللبنانية من جهة، ولا تجعل «المنطقة العازلة» تحت «السيادة الإسرائيلية» إنما تحت إشراف اليونيفيل.

وحتى الآن، عقدت اجتماعات لدرس التعديلات والموقف منها بين مستشاري الرئيسين ميشال عون ونبيه بري بحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. ومن المفترض أن يلي انتهاء المشاورات صدور الموقف الرسمي اللبناني الذي قد يجري الإعلان عنه في اجتماع رئاسي ثلاثي.

:::::

“الأخبار”

_____

  • تابعوا “كنعان اون لاين” Kana’an Online على موقعنا: https://kanaanonline.org/
  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org