الانتخابات في إيطاليا والانعطاف نحو اليمين:

  • إيطاليا، عودة موسيليني في ثوب أُنْثَى، الطاهر المعز
  • انعطاف إيطاليا نحو اليمين: ما الذي سيتغير بالنسبة لروسيا؟ يلينا بانينا، تعريب د. زياد الزبيدي

■ ■ ■

إيطاليا، عودة موسيليني في ثوب أُنْثَى

الطاهر المعز

بعد السويد، حقق اليمين المتطرف انتصارًا جديدًا في أوروبا، حيث أصبح حزب “فراتيللي إيطاليا”، (حزب “نيو فاشي”) أكبر حزب، من حيث عدد الأصوات، ليحكم إيطاليا ضمن ائتلاف يميني متطرف، لأول مرة منذ عام 1945، بعد حملة انتخابية عدوانية وعنيفة.

استفاد اليمين المتطرف من انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات من 73,86% في 2018 إلى 64% في انتخابات 25 أيلول/سبتمبر 2022، وكان ناخبو اليسار هم من امتنعوا عن التصويت لأن اليسار لم يلب توقعاتهم وآمالهم. جاء حزب اليمين المتطرف على رأس القائمة بحصوله على 26,5% من الأصوات، وفقًا لوزارة الداخلية الإيطالية، ما يُمكّنه من قيادة الإئتلاف اليميني (العصبة – حزب ماتيو سالفيني اليميني المتطرف، وحزب فورزا إيطاليا بزعامة سيلفيو برلسكوني) الذي حاز على أكثر من 44% من الأصوات، وتضمن له هذه النّسبةُ الأغلبيةَ المطلقةَ من المقاعد في البرلمان (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، وهذه هي أعلى نسبة من الأصوات سُجِّلَت على الإطلاق، من قبل أحزاب اليمين المتطرف في تاريخ أوروبا الغربية من العام 1945 حتى يومنا هذا، وفقًا للمركز الإيطالي لدراسات الإنتخابات، ​​ولم يحصل حزب اليسار الرئيسي، الحزب الديمقراطي، سوى على أقل من 20%، في سياق انخفاض مشاركة العُمّال والأُجراء والفُقراء في التّصويت، بسبب خيبة الأمل التي حصدوها من اليسار الإيطالي المائع، وبذلك سمحت السياسات النيوليبرالية لليمين واليسار الإيطاليين لورثة موسوليني بالاستيلاء على السلطة، ونَشْر البَهجة في صفوف اليمين المتطرف في أنحاء أوروبا، حيث أرسل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ونظيره البولندي ماتيوز موراويكي (كلاهما من أقصى اليمين) تهانيهما بسرعة إلى جيورجيا ميلون، حال الإعلان عن النتائج الأولية.

لم يحصل حزب فراتيللي دي إيطاليا “ما بعد الفاشية” الذي تأسس في عام 2012، بقيادة جيورجيا ميلوني، وزيرة الشباب السابقة (2008-2011) سوى على نسبة 4,3% فقط من الأصوات سنة 2018، وعلى نسبة 26,5% أي أكثر من ربع الأصوات، يوم الأحد 25 أيلول/سبتمبر 2022، ما جعله أكبر حزب برلماني إيطالي. أما زعيمة الحزب “جورجيا ميلوني”، فقد انضَمّت لصفوف الشبيبة الفاشية، منذ سن المُراهقة، واشتهرت بدعمها المُطلق لحلف شمال الأطلسي وبدعم عدوانه العسكري على البلدان والشعوب، انطلاقًا من القواعد الأمريكية الضخمة في إيطاليا، أحيانًا كثيرة، كما تدعم العدوان الحصار و”العقوبات” التي تفرضها الولايات المتحدة ضد دول ذات سيادة مثل روسيا أو كوبا أو إيران وغيرها.

تُسيطر التيارات اليمينية المتطرفة على حكومات دُول وسط أوروبا (بولندا وهنغاريا والتشيك) والتحقت بها السّويد، فيما يُشكّل اليمين المتطرف قوة سياسية هامة في إسبانيا وفرنسا وألمانيا (مَهْد النّازية) وهولندا والنمسا وسويسرا واليونان وغيرها، ما يُشكّل اتجاهًا مقلقًا في أوروبا، وبعد أسبوعين من انتصار تحالف اليمين المتطرف في السويد، تكرر السيناريو نفسه في إيطاليا، يوم الأحد 25 أيلول/سبتمبر 2022، وسوف تَحْكُم إيطاليا حكومةٌ يمينيةٌ متطرفةٌ بزعامة جورجيا ميلوني التي تقود ائتلافًا بين حزبها «حركة الإخوة الإيطاليين»، وحزب الرّابطة بزعامة ماتيو سالفيني وحزب «فورزا إيطاليا» (إيطاليا إلى الأمام) بزعامة سيلفيو برلسكوني، رئيس الحكومة الأسبق، لتكون هذه أوّل حكومة يمين متطرّف تَحكم البلاد منذ الحكومة الفاشية بزعامة بينيتو موسوليني الذي استغل الوضع السيء للإقتصاد بعد الحرب العالمية الأولى، واستخدمت “ميلوني” نفس شعارات موسليني، منها “سوف نُعيد لإيطاليا أمجاد الإمبراطورية الرّومانية”، وتعتبر جورجيا ميلوني نفسها وريثة بنيتو موسليني، زعيم إيطاليا الفاشية، من 1923 إلى 1944، وهي تتزعّم حزب حركة الأخوان الإيطاليين، الذي يستحضر شعارات وبرامج الحركة الفاشية التاريخية.

على الجبهة الإقتصادية، تُقدّر دُيُون إيطاليا بنحو ثلاثة تريليونات دولارا، وحصلت الدّولة على دعم من الاتحاد الأوروبي بما يُقارب 200 مليار يورو لإنعاش اقتصادها، مقابل تنفيذ “إصلاحات هيكلية” كشرط للحصول على مساعدات جديدة من المصرف المركزي الأوروبي، لتجنُّب العجز عن تسديد الدّيون وثمن واردات البلاد التي تعُدُّ نحو ستين مليون نسمة، وثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وثامن أكبر اقتصاد عالمي ( بقياس الناتج المحلي الإجمالي الاسمي) ، لكن قيمة الدين القومي تصل إلى 151% من الناتج المحلي الإجمالي، أو ما يقرب من 54 ألف دولار لكل فرد، سنة 2021، وبلغ معدل التضخم 8,6% وكانت إيطاليا هي المستفيد الأكبر من برنامج المنح والقروض للاتحاد الأوروبي، بمبلغ 192 مليار يورو.

تأثرت إيطاليا بشدة بالأزمة الاقتصادية ولكنها لا تزال تجتذب المستثمرين الأجانب وظَلّت قطاعات الموضة والسيارات والسياحة تتميّز بديناميكيتها، ومع ذلك تعاني البلاد من مشاكل اقتصادية هيكلية، فالعديد من الشركات العائلية التي تشكل ركيزة القوة في الشمال الصناعي تجد صعوبة متزايدة في توريد الطاقة وبعض المواد الأولية والمعادن وأشباه المواصلات التي ارتفعت أسعارها، فيما تُعاني بعض هذه الشركات من نقص في السيولة لدفع الفواتير.

تقرر إجراء انتخابات 25 أيلول/سبتمبر 2022، بعد استقالة ماريو دراغي، رئيس الحكومة الإئتلافية (تشكلت في شباط/فبراير 2021)، والرئيس السابق للمصرف المركزي الأوروبي  في 21 تموز/يوليو 2022، وكان حزب فراتيللي ديتاليا ( إخُوان إيطاليا ) اليميني المتطرف، قد تهيّأ منذ 2018، بدعم من المؤسسة التي أنشأها جون بولتون، مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب، للإشراف على دعاية اليمين المتطرف في أوروبا وتقديم الدّعم اللّوجيستي ليفوز (اليمين المتطرف) في انتخابات الدول الأوروبية، ومن المتوقّع أن يتأثّر اقتصاد البلاد سَلْبًا بنتائج هذه الإنتخابات إذ يُزعج هذا الإئتلاف الأسواق والمراقبين الأوروبيين الذين يتوقعون أزمة ديون أوروبية للمرة الثانية، في غضون عشر سنوات، بعد أزمة الديون اليونانية… 

(2)

انعطاف إيطاليا نحو اليمين: ما الذي سيتغير بالنسبة لروسيا؟

يلينا بانينا

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

26/9/2022

خلال الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم الأحد في إيطاليا، احتل حزب “إخوة إيطاليا” (وفي ترجمة اخرى: إخوان إيطاليا – المترجم) المحافظ بقيادة جورجيا ميلوني الصدارة.  إنها حصلت على 26٪، وبالتعاون مع شركائها في كتلة يمين الوسط الممثلة بأحزاب “العصبة” و “إلى الأمام، إيطاليا” و “نحن معتدلون” – أكثر من 44٪.

ميلوني لديها كل الفرص لتصبح أول امرأة تشغل منصب رئيس وزراء إيطاليا.

يتخذ “إخوة إيطاليا “مواقف محافظة، ويعارضون المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية والهجرة.

 الحزب ينتمي إلى ما يسمى بالمتشككين في أوروبا – لكنهم لا يدعون إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكنهم يسعون فقط إلى تحقيق المصالح الوطنية لبلدهم.

هل سيؤدي وصول كتلة يمين الوسط إلى السلطة إلى تغيير موقف روما تجاه روسيا؟

لن يتغير.

“إخوة إيطاليا” يؤيدون العقوبات ضد روسيا.  بشكل عام، أصبح الموقف المعادي لروسيا علامة فارقة لتمييز “الصديق من العدو” بالنسبة للاتحاد الأوروبي. إذا كنت تدعم الخطاب والعقوبات المناهضة لروسيا – انت منا. و “إخوة إيطاليا” بالنسبة للجزء الرئيسي من المؤسسة الأوروبية – هم اصدقاء.

لا يمكن للمرء أن يتوقع سوى التقارب بين إيطاليا والمجر – فقط على أساس الآراء التقليدية حول الأسرة ومكافحة الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي.

يجب أن نتذكر أيضًا أن إيطاليا ليست فقط عضوًا في الاتحاد الأوروبي، ولكنها أيضًا أقدم عضو في الناتو منذ 4 أبريل 1949، تاريخ توقيع معاهدة الناتو.  وهذا هو أهم شيء (وعضو مؤسس في مجموعة السبع – المترجم).

لذلك دعونا لا نعاني من الأوهام حول “الموقف الموالي لروسيا” للسلطات الإيطالية الجديدة.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف. ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.