كوبا، نموذج تطوير الصحة الأساسية والتّثقيف الصّحِّي، الطاهر المعز

حاولت الولايات المتحدة الإطاحة بالثورة الكوبية سنة 1961، بعد عامَيْن على انتصارها (سنة 1959) من خلال محاولة غزو جزيرة كوبا عبر “خليج الخنازير”، وفشلت محاولة الغزو وفشلت عشرات المحاولات الانقلابية ومحاولات اغتيال قادة الثورة، لكن كوبا تخضع للحظر منذ أكثر من ستين عامًا.

تكيّفت الدّولة مع شُحّ الموارد وأصبحت كوبا نموذجًا للتكيف مع الظروف المناخية والمالية الصعبة للغاية، واستثمر النظام السياسي الذي انبثق من الثورة موارده المحدودة للغاية في الصحة والتعليم والعمل الاجتماعي التربوي والتربية البدنية، إلخ.

قبل الثورة، عانى السكان من الجوع والأمية واعتلال الصحة، وكان معدل وفيات الرضع 59 لكل 1000 ولادة حية سنة 1959، ثم أصبحت النّساء الحوامل يتَلَقّيْنَ فحوصات منتظمة من المهنيين وأطباء أمراض النساء، ويحظى الصّغار برعاية أطباء الأطفال، فأصبحت وفاة الرضع والنساء أثناء الولادة حدثًا استثنائيًا، في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 11 مليون نسمة، بينما تصل وفيات الأطفال إلى أربعين بالأَلْف في بعض بلدان بحر الكاريبي وأمريكا الجنوبية.

منذ بداية الثورة ، وعد النظام الكوبي بالقضاء على أمراض الفقراء، فتم تطوير حملات محو الأمية والتطعيم ومواجهة مظاهر الفقر، وتمكّن نظام الرعاية الصحية من القضاء على الوفيات الناتجة عن الإسهال أو سوء التغذية، وعلى مجمل الأمراض المرتبطة بالفقر، إذْ يتلقى كل طفل ما بين اثني عشر إلى ستة عشر لقاحًا ضد أمراض مثل الجدري والتهاب الكبد، وما إلى ذلك، فضلا عن تطوير التثقيف الصح​​ي (أو التربية الصّحّية) الذي أصبح جزءًا من المناهج الدراسية ومن برامج وسائل الإعلام الكوبية، وخاصة ضد الأمراض الجديدة بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان البروستاتا والثدي التي يمكن الوقاية منها بفضل التّوعِية الصحّية.

 على الرغم من الموارد المحدودة للبلاد، فقد نجحت البحوث الذي أجراها مركز الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية في هافانا في ابتكار العديد من اللقاحات والأدوية، ومن القضاء على التهاب الكبد B بفضل لقاح طوره المركز (Heberbiovac HB )، والذي استفاد منه نحو 70 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ما يساعد في القضاء على التهاب الكبد في البلدان الفقيرة.

تؤكّد منشورات الحكومة أن الاستثمار في التربية البدنية والرياضة قلل من المشاكل الصحية، ففي كوبا يعمل أكثر من 70000 من العاملين في مجال الصحة الرياضية مع مؤسسات التعليم ومراكز رعاية المُسنّين، لتوفير فرص ممارسة النشاط البدني، كما تبث وسائل الإعلام برامج تدعو لممارسة النشاط البدني، وأصبحت برامج التربية البدنية الجماعية وسيلة للحد من الأمراض المزمنة التي تسبب أضرارًا كبيرة للسكان وللاقتصاد…

في الخارج، استنجدت عديد الدّول بالأطباء وعناصر فيالق الإنقاذ الكوبيين الذين أصبحوا مشهورين في جميع البلدان التي عانت من الزلازل والفيضانات أو غيرها من الكوارث الطبيعية.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف. ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.