السنة الثانية والعشرون – العدد 6393
في هذا العدد:
■ مجدداً: العالم في حرب لا تتوقف، د. عادل سماره
■ الانتباه لاجتماع القيادة الفلسطينية في الجزائر، محمود فنون
■ كيف نفهم خطاب بوتين، ألكسندر دوغين تعريب د. زياد الزبيدي
■ ملف حول التفاعلات الراهنة في المجتمع الروسي، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي
■ كوبا:
- بيان وزارة الخارجية: كوبا ترحّب باستئناف المحادثات بين الحكومة الكولومبية و”جيش التحرير الوطني” الكولومبي
✺ ✺ ✺
مجدداً: العالم في حرب لا تتوقف
د. عادل سماره
لو حاولنا تجميع وترتيب ما يحصل في عالم اليوم إن لم نقل في عالم اللحظة فهو تأكيد لما نذهب إليه بأن هذا العالم هو في حرب دائمة يحتاج إلى ثورة دائمة كما طرح اساساً ماركس ثم لينين إلى أن خطفها تروتسكي تماما كما يفعل التروتسك من اختطاف كل مساهمة ماركسية من ماركس واي ماركسيين آخرين وخاصة بعد تفكك الكتلة الاشتراكية. وقد يكون أوضح سطو من جانبهم هو السطو على كثير من تراث جيفارا الذي كان نهجه في الحرب البؤرية في امريكا اللاتينية نقيض نهجهم في تحريك الجماهير إلى مقصلة جيوش الأنظمة القائدة والتابعة. فمن لا يحمي الجماهير ليس سوى عدو مغروس في جسدها. التروتسك وارثون وليسوا منتجين فكراً ثوريا تماماً كمن يرث عن ابيه ما لم يشارك هو في إنتاجه.
ماذا نسمي الحرب الدفاعية الروسية في أوكرانيا غير انها حرب كل العالم، فمن يشارك هو محارب ومن يقف على الحياد، إن حصل هو داعم للمعتدي الناتو مثلاً أي محارب. لقد رأينا كيف انتهى ذلك الإجهاض الضخم “عدم الانحياز” إلى توابع بأشكال ودرجات.. ماذا نسمي من يحاربون نيابة عن أمريكا:1- اوروبا تحارب نيابة عن أمريكا ولو بدرجات ونِسب واشكال وتنوعات وعلى حساب شعوبها.2- ماذا نسمي الحرب الإرهابية التي تنتقل بل تُنقل من الوطن العربي إلى إفريقيا 3- ماذا نسمي الانقلابات المتواترة في فريقيا والتي تحركها فرنسا بتفويض امريكي وخاصة لمواجهة دور الصين وروسيا في إفريقيا 4- ماذا نسمي حروب اليمين الكمبرادوري في امريكا الجنوبية ضد القوى التقدمية ذات التوجهات التنموية واليسارية 5- ماذا نسمي الهتاف الأسترالي والياباني للحرب ضد الصين 6- ماذا نسمي إصرار السعودية والإمارات على تدمير سوريا واليمن،7- ماذا نسمي دور تركيا في كل الوطن العربي من سوريا إلى ليبيا 8- ماذا نسمي حرب الكيان الصهيوني من جنين إلى حلب 9-ماذا نسمي الاحتراب داخل العراق بينما الاحتلال الأمريكي والتركي في أمان 10-ماذا نسمي هذه الهجمة وقوى الثورة المضادة في إيران بتواقت مع موت الشابة الإيرانية دون إثبات قتلها. 11- ماذا نسمي حرب الإعلام الرأسمالي الإمبريالي في تشويه الحقائق وخصي العقول وهندسة وإعادة هندسة العقل والثقافة والخطاب على صعيد العالم.12- ماذا نسمي محاولات مشروع قطر في تخريب الثقافة العربية بامتطاء عزمي بشارة وامتطائه بدوره لمن يعتبرون ظاهر العُمر مجرد قاطع طريق وذلك بهدف نفي وجود شخصية وطنية فلسطينية.12- ماذا نسمي الهجوم الشامل على كل الرموز العربية كي لا يشعر العربي أن هناك شرفاء وثوريين من العروبة؟ 14- ماذا نسمي توظيف ما تسمى شبكة “التواصل الاجتماعي” ربما لملايين المخبرين ضد كل كلمة ثورية اشتراكية، قومية، شيوعية، وطنية، وخاصة عروبية، ماذا نسمي هذا غير أنه احتلال العقل فالوعي فالخطاب وتطويعها وتطبيعها كي تستدخل الهزيمة وحينها لا تحتاج الثورة المضادة لحرب بل سيكون بوسعها التحكم بدولة اعتمادا على مخفر شرطة. 15-ماذا نسمي هذه الشبكة غير أنها تقوم بهندسة وإعادة هندسة الوعي متجانسة مع محاولات هندية وإعادة هندسة البنية الجسمانية وحتى الجسدية للإنسان.16- ماذا نسمي الترويج على الشاشات لأجساد النساء غير أنها حرب الذكورية وسيطرتها بالجنس أي امتطاء نصف المجتمع للنصف الآخر، هذا لا يختلف عن جهاد النكاح سوى في “دفاشة” إخراج جهاد النكاح.17- ماذا نسمي الترويج للمثلية والبغاء العلني على حساب بل ولإخفاء الاستغلال الطبقي والقومي، أي إحلال الإباحية محل الثورة الطبقية.
وعليه، طالما العالم في حروب متواصلة على درجة من السخونة والاتساع الجغرافي تعلو وتهبط، فالويل لأمة لا تدرك هذا. ويل لها من أنظمتها ومثقفيها الذي يدركون ذلك ويصطفون ضدها هي نفسها كما هي معظم الأنظمة العربية ومثقفي الطابور السادس الثقافي.
✺ ✺ ✺
الانتباه لاجتماع القيادة الفلسطينية في الجزائر
محمود فنون
4/10/2022م
“وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون اعتزام بلاده استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية، ولاحقا استقبلت الجزائر وفودا تمثل الفصائل” وكالات
ومنذ هذا التاريخ ونشرات الأخبار تردد أخبار الدعوة وأصدائها كما وتتكرر زيارة الوفود الفلسطينية للجزائر وغير الجزائر.
ويتوجب الانتباه أن الاساسيّين في المصالحة هم كل من فتح (السلطة) وحماس (السلطة والمقاومة) والباقي يتبع.
ولا أرى ضرورة لاستعراض ملف المصالحة منذ ما قبل القسمة وما بعدها، ولا استعراض الموافقات والاتفاقات التي تمت برعاية مصرية وقطرية وسعودية وغير ذلك والتي يتوجب أن تكون دروسا للجزائريين الذين يتصدون لرعاية ملف المصالحة هذا الأسبوع..
وفقط اريد أن اذكّر الجزائريين والقارئ بمصالحة من هذا القبيل حصلت قبل 35 عاما في الجزائر ولم تكن لها جدوى تذكر.
لقد انقسمت الساحة الفلسطينية مرات عديدة ويكون إجدى طرفي الانقسام حركة فتح ومن يتبقى معها وتكون الجبهة الشعبية ومن معها في الطرف الآخر وكانت جبهة الرفض أول انقسام عميق عام 1974م ثم كان انقسام التحالف الديموقراطي مقابل فتح بعد زيارة عرفات للسادات وبعدها مجلس عمان واتفاق عمان مع عرفات.
ثم تدخلت اليمن الديموقراطي (لرأب الصدع) ولم يكن صدعا بل افتراقا حادا وتبعتها الجزائر وبمشاركة ليبيا وتمت صياغة اتفاقية عدن الجزائر عام 1987م بعد اسبوع متواصل في الجزائر وضغط الرؤساء الموجودين بأنهم لن يسمحوا لهم بالمغادرة دون اتفاق وهكذا كان:
وبالطبع انفرط العقد وظل ابو عمار يتصرف بأنه صاحب الربطة الرقابية في فتح وبصفته ممثل فتح في المنظمة يكون صاحب المنظمة وبعد ان استشهد ابو جهاد وبعده كل من ابو إياد وأبو الهول أصبح صاحب فتح والمنظمة معا ولم تجر أية إصلاحات لا على المنظمة ولا على فتح. ولذلك كان قرار الذهاب لمدريد وبعدها واشنطن وبعدها أوسلو وبعدها انشقاق فتح وحماس جغرافيا ولا زال حتى يومنا هذا.
وكل الوساطات التي حصلت لجمعهما معا ذهبت أدراج الرياح وستذهب هذه المحاولة كذلك.
وقد لفت انتباهي لدى مراجعة معظم ما صدر من تصريحات من طرف الجزائر وغيرها أمران هامان:
الأول: أن الرئيس الجزائري طوال وقت مبادرته كان على تواصل مع السعودية ومصر ودول عربية أخرى.
والامر الثاني الأكثر أهمية أنه يجمعهما على المبادرة العربية أي على برنامج تسوية بل برنامج تسوية رديء ومرفوض وطنيا من جانب الشعب الفلسطيني.
في مرات عديدة كتبت عن المصالحة، ذكرت أن الضغوط السياسية من أجل المصالحة توجه لحماس وليس لفتح اوسلو أو السلطة فتح، ودائما أقول وأقول الآن أن هذه الضغوط كانت تؤثر على موقف حماس وتزحزحها باتجاه التنازلات مع أنه لم تكن حاجة لهذه المصالحة وليس لها حاجة الآن وأن حماس ليست مضطرة لدفع ثمنها سياسيا كما كان يحصل سابقا مع فصائل منظمة التحرير والتي أشرت لبعضها أعلاه.
ربما ترى القيادة الجزائرية أن المسألة السياسية هي الأصعب.
وجوابي: هي ليست الاصعب.
إن الاصعب هو التوفيق بينهما على الملفات الأخرى ذات الطابع التنظيمي والاجرائي والتقاسم والتي سبق لهما أن توافقا عليها ولكن دون فائدة. وكلهم يدعون الرغبة في اصلاح النظام السياسي واجراء انتخابات والتوافق على المجلس الوطني وغير ذلك
والمسألة الأسوأ ما الذي ستقدمه الجزائر عن التنسيق الأمني الخطير جدا دائما والذي حول فتح إلى جهاز امن تابع للأمن الإسرائيلي وهل تقبل حماس التجاوز عن هذا الملف.
وماذا ستقدم المصالحة عن التهدئة في قطاع غزة وعن سيطرة السلطة على سلاح غزة.
صحيح ان السعودية ومصر ويمكن قطر كذلك على الخط وربما ينقلون الرسائل للإسرائيل وامريكا. ولكن اسرائيل لا تحترم امور كهذه ولا وساطات كهذه بل ترى ما يخدم مصلحتها ولا تكترث للباقي.
حماس توافق على التهدئة مفتوحة الأجل ولن يخرقها غير القرار الإسرائيلي فهي تهدئة مطلوبة فقط من حماس من الجانب الفلسطيني التي تعلنها دوما كمطلب وتعلن التزامها بها. واسرائيل تتابع مصالحها الامنية دون اكتراث لأي اتفاقات وتعطي نفسها حق المطاردة الساخنة.
وقول حماس أنها تتعاطى بجدية مع جهود الجزائر:
“وقد أعلن الناطق باسم الحركة حازم قاسم -في تصريحات للأناضول- إن حماس تتعاطى بجدية كبيرة وإيجابية واضحة مع الجهد الجزائري بشأن المصالحة الفلسطينية، وهي بالفعل معنية بإنجاحها..”
أما الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية فلم يطرحا شيء سوى الترحيب بجهود الجزائر أما بقية القوى فلا أهمية لا لمواقفها ولا لدورها.
✺ ✺ ✺
كيف نفهم خطاب بوتين
ألكسندر دوغين
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
2/10/2022
كان 30 ايلول سبتمبر 2022 نقطة فاصلة في التاريخ المعاصر. في هذا اليوم، وصلت جميع الأحداث الأخيرة إلى ذروتها. في 30 سبتمبر، كان كل شيء مهمًا – ليس فقط ما قيل، وفعل، وتم توقيعه، ولكن أيضًا كيف تم تأطير كل شيء، وكيف كانت تعابير الصوت والصورة.
بشكل عام، لقد كانت نقطة تحول. ليس شيئًا روتينيًا، وليس استمرارًا لاتجاه خبرناه، بل بداية جديدة.
في التعاليم الأفلاطونية، هناك مصطلح مهم هو “epistrophe” – والذي يعني في اليونانية “تغيير حاد في اتجاه الحركة”، “خط جديد”، “تغيير المسار”، وبمعنى أسمى – “عودة عظيمة إلى المنبع.”
في 30 سبتمبر 2022، حدثت لحظة epistrophe في السياسة الروسية، في الصراع الأوكراني، في تاريخ العالم.
أصبحت عملية انضمام مواطنين جدد لروسيا بعد إجراء استفتاء شعبي – في مناطق الدونباس ومقاطعتي خيرسون وزابوروجي – شيئًا أكبر بكثير من إعادة توحيد روسيا مع شبه جزيرة القرم.
من الواضح الآن للجميع أن موسكو قد اقتربت بشكل أساسي من التشكيك في اتفاقيات بيلوفيجسكايا (التي ألمح إليها بوتين في خطابه التاريخي) (يقصد اتفاقية 8/12/1991 بين روسيا وأوكرانيا وبيلوروسيا لتفكيك الإتحاد السوفيتي – المترجم)، مما يعني أننا سنراجع تاريخ روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي بأكمله، وبالتالي تاريخ العالم.
في خطاب الرئيس، تم الحديث مباشرة عن مفاهيم رئيسية – “روسيا الكبرى”، ” الدولة-الحضارة”، الربيع الروسي والرفض الراديكالي للهيمنة الغربية ولاستمرار نظام عالمي أحادي القطب.
هاجم بوتين النظام العالمي المتمحور حول الغرب، والذي ساواه بالنظام العنصري الاستعماري الجديد – بالإمبريالية القاتلة والفصل العنصري.
سقطت الأقنعة. ودخلت روسيا، في الجولة التالية من وجودها التاريخي، في مواجهة صعبة مع الغرب الجماعي. وهذه المرة، تشمل هذه المواجهة جميع الأبعاد تقريبًا:
• الجيوسياسية (القوة البرية Land Power تقوم بهجوم مضاد على القوة البحرية Sea Power من اجل دول الطوق Rimland، بعد حقبة من التراجع والهزيمة)؛
• الحضارية (روسيا، باعتبارها حضارة دولة منفصلة ذات طبيعة خاصة، تثور ضد حضارة الغرب الجماعي ما بعد الحداثي المعاصر، وتنكر حقها (اي حق حضارة الغرب) في التفرد، والعولمة، والهيمنة، وتعترف بحق الحضارات الأخرى في هويتها الخاصة والاستقلال)؛
• الاقتصادية (العلاقات الاقتصادية بين روسيا والغرب تنهار بسرعة، وتقويض الأنجلو ساكسون للسيل الشمالي هو اللمسة الأخيرة في هذا الطلاق الاقتصادي)؛
• الثقافية (تلتزم روسيا الولاء للقيم التقليدية، والانسان، وحقه في الوجود، وحرية العقيدة، والأسرة الطبيعية، والحرية والعدالة، وتتخلى عن النزعة الفردية، وما بعد الإنسانية، وثقافة الإلغاء، والمثليين، والنسوية، وإضفاء الشرعية على الانحرافات والشيطانية المباشرة للغرب)؛
• العسكرية (في أوكرانيا والآن على الحدود الغربية لروسيا نفسها، هناك مواجهة عسكرية شرسة، العدو هو بالضبط حلف الناتو كأمر واقعي، وإن لم يكن بحكم القانون، والذي يسلح ويشرف على النازيين الأوكرانيين).
كل هذا وارد بشكل واضح وحرفي في خطاب الرئيس في حفل التوقيع على اتفاق بشأن انضمام 4 مناطق جديدة إلى روسيا. هذا الخطاب هو إطار أيديولوجية كاملة تتوج بكلمات للفيلسوف إيفان إيلين – قسم الولاء لروسيا، والفكرة الروسية.
نعم، لا زلنا بعيدين عن النصر. لكن ما حدث يوحد، وبشكل متسق وواضح للغاية، العوامل الرئيسية التي ستجعل هذا النصر حقيقة واقعة. لا يمكنك الفوز بالمعركة إلا من خلال خوضها وفهم ما يحدث تمامًا – المخاطر، الرهانات، والموارد، وسيناريوهات تطور الأحداث.
هذا هو بالضبط ما تم القيام به في 30 سبتمبر. في روسيا، انتهت فترة صعبة من الخمول، والتسويات، والتعبيرات الملطفة، والصيغ المبسطة، والأوهام المتبقية حول الطبيعة الحقيقية للغرب المعاصر.
خطاب بوتين التاريخي سبقه العديد من التدابير المهمة. كان كل واحد منها شرطًا أساسيًا لبناء السياق الكامل لأحداث 30 سبتمبر.
بعد تراجعنا الأخير في منطقة خاركوف واختراق الجيش الأوكراني لخطوطنا، اتخذت قيادة البلاد خطوات واضحة لا لبس فيها:
• إجراء استفتاء في 4 مقاطعات حول الانضمام إلى روسيا (وهو أمر ضروري لتقرير مكانة هذه المناطق في المجال السياسي والحقوقي، بشكل حاسم لا رجعة فيه)،
• الإعلان عن التعبئة الجزئية في روسيا نفسها (كشرط للدعم الكمي والنوعي للجيش الروسي المحارب، الذي واجه صعوبات معينة)؛(ما حدث هو استدعاء1% فقط من الاحتياط ذوي تخصصات تقنية وعسكرية معينة – المترجم )
• إقرار أحكام التشريعات المتعلقة بالفرار من الخدمة، وتشديد المسؤولية عن مخالفة أوامر الدفاع، وتوضيح مفاهيم “الأحكام العرفية” و “زمن الحرب”. (لم يكن في قانون العقوبات الروسي، حديث العهد من الناحية التشريعية، نصوص حول هذه المسائل المتعلقة بزمن الحرب – المترجم)
بالتوازي مع هذا، فجرت القوى الأنجلوسكسونية خطوط السيل الشمالي للغاز، في محاولة لفصل أوروبا القارية بالكامل (ألمانيا في المقام الأول) عن روسيا.
وفي الوقت نفسه، في إيطاليا، فاز الائتلاف اليميني المناهض للعولمة في الانتخابات – ليس صديقا، ولكنه مفيد من الناحية التكتيكية لروسيا.
أضاف قرار وحدة الأرض الروسية وخطاب بوتين الذي ألقاه في الحفل إلى هذه الخطوات الفنية الضرورية للغاية والسياق الدولي للأحداث – أضاف بعدا أكثر أهمية.
في الواقع، أعلن الرئيس عن أيديولوجيا – الأيديولوجية الروسية، والتي تضمنت عضويا مبادئ الأرثوذكسية والأديان التقليدية لشعوب روسيا، وأفكار السلافوفيين، الأوراسيين، والولاء للبطولة الفذة للشعب السوفيتي.
الآن أصبح الأمر واضحًا تمامًا كالبلور – من يقاتل، مع من يقاتل، ولماذا يقاتل.؟!
من المهم أن الرئيس تحدث في خطابه بإيجازعن أوكرانيا. في الأساس وعلى وجه التحديد، انتقد بوتين الغرب الجماعي، والنخب الليبرالية العالمية، والعولمة والعنصرية الحضارية، والهيمنة العالمية والرغبة اليائسة لنظام غربي غير عادل للحفاظ على عالم أحادي القطب. أوكرانيا ليست موضوعنا هنا، ولكنها مجرد أداة مبنية بوقاحة ومشبعة بالأيديولوجية النازية المعادية لروسيا.
أوكرانيا ليست دولة – إنها أرض معركة الحضارات. ويظهر اختيار أربعة من مقاطعاتها السابقة بوضوح إلى أي جانب يقف شعب أوكرانيا. إنه إلى جانب حضارتنا السلافية الشرقية الروسية المشتركة. وليس هناك أي غموض هنا.
ان أي تقدم لقواتنا نحو الغرب في هذا الإقليم سيعني تحرير تجمعات جديدة وجديدة من سكاننا الأصليين – التحرر من الهيمنة الغربية واتباعها الدمويين المنحرفين. المعركة ضد نظام كييف تصنف كعملية مكافحة الإرهاب. لكن من غير المجدي التحدث عن شيء ما مع الإرهابيين أنفسهم – من الضروري حل القضايا مع رعاتهم الحقيقيين. وقد تحدث بوتين عنهم في خطابه.
دخلت روسيا حقبة جديدة في تشرين أول أكتوبر 2022 – في عصر الفكرة (يقصد الأيديولوجيا – المترجم).
كل ما خمناه او ما افترضناه وما كنا نأمل به – اكتسب اسما وعنوانا. روسيا – حضارة، الرمز الرئيسي لها هي التقاليد العريقة. تعارضها حضارة أخرى، رمزها مناهضة التقاليد، ونزع الطابع الإنساني عن البشر، والأكاذيب، والعدوان، واستغلال البلدان والشعوب، والنيوكولونيالية، والإرهاب والشر.
في الوقت نفسه، يهدف الغرب الجماعي أيضًا لتعميم نموذجه، ولا يترك لأحد أي خيار آخر. يمكنك اختيار واحد من واحد. ويوصف كل معارض على الفور بأسماء مخيفة – “فاشي” و “عميل بوتين” وببساطة “روسي”.
الروسوفوبيا او كراهية الروس اليوم هي أيضًا أيديولوجيا، أيديولوجية العولمة الغربية، المليئة بالكراهية نحونا. إذا كنت روسيًا، فيجب أن تكون مع روسيا – يعني أن تكون إلى جانب الحقيقة.
هذا البعد الأيديولوجي يجبرنا على التعامل بطريقة جديدة مع المعارضة الليبرالية داخل روسيا، والأعمال الإرهابية التي يحاول تنفيذها عملاء الغرب وغالبًا ما يتم توجيههم تقنيًا من شبكة كييف، ومع المحاولة المخزية لبعض افراد الاحتياط للهروب من البلاد في توقيت حرج.
هذا ليس مجرد خوف على نفسك أو اختيار حر لمسارك الخاص، إنه انتقال إلى جانب الشر العالمي. هذا تكرار لفعل يهوذا (يهوذا الايسخريوطي هو التلميذ الذي خان المسيح وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة فضة – المترجم)، جريمة أخلاقية – أمام نفسه، أولاً وقبل كل شيء، أمام روحه، وكذلك أمام الشعب والدولة والأسلاف والأحفاد والتاريخ.
لا يهم كيف ينظر شخص معين للنظام السياسي الموجود اليوم في روسيا (قد ننتقده ولا نثق به)، ولكن كيف يرتبط بنفسه، ووطنه، بحضارته وثقافته.
الهروب أو عدم الهروب، الخيانة أو عدم الخيانة – خيار وجودي. مصير يهوذا محزن – لم يستطع التعامل مع جريمته وقتل نفسه.
حشود الشباب الهاربين من روسيا، للأسف، وضعوا نفسهم في طريقه الرهيب والمحتقر. والعكس صحيح: أولئك الذين خضعوا للتعبئة، بل استعدوا ليكونوا متطوعين، في ضوء الاوضاع الجديدة، يقومون بأداء واجب أخلاقي حقيقي، روحي وديني. هذا هو طريق الخلاص والشرف – الطريق المؤدي إلى النور والقداسة.
على هذه الخلفية، تنحسر القضايا الفنية للحملة العسكرية في الخلفية. الآن أراضي دونيتسك وزابوروجي هي روسيا. وتحرير المنطقة التي لا يزال يحتلها العدو هو واجب وطني.
ومع ذلك، في الممارسة العملية، من المستحيل تحقيق ذلك دون تحرير بقية أراضي روسيا الجديدة – من خاركوف إلى أوديسا.
وسيكون هناك نفس السؤال فيما يتعلق بأوكرانيا الوسطى وحتى الغربية. ولكن هذا لا يزال وراء الأفق.
الآن وبشكل أساسي، يجب وقف محاولات النازيين في كييف للقيام بهجوم مضاد. بالطبع، من الضروري استخلاص النتائج بعد الاختراق السابق لـلجيش الاوكراني على جبهة خاركوف.
لكن الآن، في خضم الحملة العسكرية، تلعب الأيديولوجيا دورا مهما. الحرب مع الغرب تأخذ بُعدًا مختلفًا تمامًا. هذه معركة روحية بين الخير والشر، وعندما يدرك المحارب هذا في أعماق روحه، فإنه يحارب بطريقة مختلفة. ويتحول المجتمع إلى جبهة داخلية متراصة، ويعمل من أجل النصر، ويبذل كل جهده، ويعيش في نفس الوقت مع الأبطال الذين يدافعون عن حريته. هذه هي قوانين الحرب المقدسة. هذه الحرب أصبحت بالتأكيد مقدسة.
لا يوجد سبب للنشوة. يجب أن نفهم العمق الكامل للمسؤولية التاريخية – الميتافيزيقية – التي تقع الآن على عاتق كل واحد منا. ليس فقط على الدولة، ولكن على الشعب، على كل فرد منا.
ولكن الشيء الرئيسي حدث: كل شيء منطقي في النهاية. وهذا يعني أن جميع الضحايا الذين سقطوا، سواء في الماضي او حتى في المستقبل ليسوا عبثًا.
✺ ✺ ✺
ملف حول التفاعلات الراهنة في المجتمع الروسي
إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي
- علماء الاجتماع الروس يحذرون
- حول المزاج العام في روسيا
- آراء الخبراء
■ ■ ■
مقدمة من المترجم:
سال حبر كثير حول الصراع في أوكرانيا، والهجوم الأوكراني المضاد، وتهديد روسيا بالسلاح الذري، وعودة أربع مقاطعات لحضن الأم الروسية.
في هذا الملف غصنا تحت السطح لسبر اغوار المجتمع الروسي: مزاجه، تناقضاته، تفاعلاته وحتى الصراع بين مكوناته، الذي لم يكتب عنه سوى القليل.
■ ■ ■
قناة Nezigar على تيليغرام
علماء الاجتماع الروس يحذرون
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
ايلول 2022
لاحظ علماء الاجتماع الروس زيادة ملحوظة في السخط الاجتماعي في الأيام الأخيرة، لكنهم ذكروا أن تحوله إلى مزاج احتجاجي أصبح الآن محدودًا إلى حد كبير لعدد من الأسباب.
أدت التعبئة الجزئية المعلنة إلى زيادة احتمال الاحتياج في المجتمع الروسي، والتي غالبًا ما يتم التعبير عنه في المظاهر الفردية للفعل الاجتماعي والسياسي، فضلاً عن المظاهرات المتفرقة في المدن الكبرى في البلاد وفي عدد من جمهوريات الحكم الذاتي. في الوقت نفسه، وفقًا للخبراء، فإن العامل المقلق هو اللجوء للعنف، بما في ذلك في مكاتب التسجيل والتجنيد العسكرية في البلاد.
هذا، وفقًا لعلماء الاجتماع، يشير إلى أن شريحة صغيرة ولكنها نشطة من المجتمع في حالة من الحرمان الفعلي أو المحتمل، وفي الواقع، مدفوعة نحو اليأس.
على خلفية التعبئة الجزئية المعلنة، يمكننا التحدث عن تقسيم المجتمع:
الغالبية ترى هذه الظاهرة على أنها ضرورية وتتفاعل وفقًا للقيام بواجبها الوطني. يعاني جزء آخر من المجتمع من السخط الاجتماعي ويأمل في استكمال سريع للتعبئة، أو على الأقل يميل إلى الاعتقاد بأن هذا لن يؤثر على أحبائهم.
في الوقت نفسه، يقول علماء الاجتماع، إن نسبة حاملي السخط الاجتماعي ارتفعت إلى 30-40٪، لكن الغالبية العظمى منهم ليسوا مستعدين للاحتجاج. من نواح كثيرة، يتم التعبير عن الاستياء في شكل لا يظهر للعيان.
في المجتمع، وفقًا لعلماء الاجتماع، هناك وعي كبير بأن الاحتجاجات في سياق مواجهة واسعة النطاق مع الغرب والحرب في أوكرانيا لها تأثير مدمر على الدولة.
في الوقت نفسه، يتزايد الشعور بالظلم والقلق في هياكل المجتمع الروسي. تخلق هذه العوامل متعددة الاتجاهات مستوى عالٍ من عدم اليقين في المجتمع، لكنها حتى الآن لا تؤدي إلى زيادة حادة في إمكانات الاحتجاج.
محاولات تنسيق المزاج الاحتجاجي من جانب المعارضين، وفقًا للخبراء، تتم بشكل منتظم، لكنها لا تعطي التأثير المطلوب، بينما لا يوجد تقريبًا داخل البلاد أي إمكانات للتنسيق بعد ازاحة المعارضة غير النظامية. وفقًا للخبراء، فإن هذا الوضع يعيق بشكل كبير إمكانية تحويل السخط الاجتماعي إلى احتجاج. في الوقت نفسه، يشير المحللون إلى أنه على خلفية التعبئة، تتراجع الثقة في التلفزيون وهناك طلب ثابت للبحث عن مصادر بديلة للمعلومات، بما في ذلك في الشبكات الاجتماعية وقنوات التليغرام، بينما يظل التواصل المباشر للمواطنين أولوية والمصدر الأكثر موثوقية، والذي يسمح لك بتشكيل صورتك الخاصة للعالم.
يعتقد علماء الاجتماع أنه لن يكون هناك على الأرجح زيادة حادة في مشاعر الاحتجاج في الأسابيع المقبلة، لكن المستوى الحالي من السخط الاجتماعي مرتفع بالتأكيد ويترك مخاطر ردود الفعل الاجتماعية غير المواتية والمدمرة.
■ ■ ■
حول المزاج العام في روسيا
أليكسي ماكاركين
النائب الأول لرئيس مركز التقنيات السياسية
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
تشرين اول أكتوبر 2022
ينقسم المجتمع الروسي فيما يتعلق بالمجال السياسي إلى ثلاثة أجزاء – أقليتان كبيرتان والأغلبية. الأقليات مستقرة في تفضيلاتها. هذا لا يعني أن مزاج أشخاص معينين لا يمكن أن يتغير – لكن الحديث عندها عن حالات معزولة.
الأقلية الأولى – هم الموالون بالكامل للسلطة. إنهم لا يشاهدون التلفزيون فحسب، بل يرون أنه مصدر غير مشروط للمعلومات التنظيمية. وإذا واجهوا معلومات بديلة، فإنهم يرفضونها بشكل بديهي.
ميزة أخرى لهذه الأقلية – هي التعويل على التاريخ، ومقارنة الأحداث الجارية مع السوابق التاريخية (في المقام الأول مع الحرب الوطنية الكبرى). هؤلاء الأشخاص مستعدون “للنجاة بحياتهم survive”، والعيش “يوم واحد”، متذكرين كيف نجت الأجيال السابقة، والتي ينظر إليها كنموذج.
الأقلية الثانية – هم معارضو السلطة من الطبقة الحداثية. إنهم لا يثقون بالتلفزيون، بل يختلفون معه تمامًا، ويحصلون على المعلومات بشكل أساسي من الإنترنت.
إنهم يعيشون في الغالب يومهم و(الذي أصبح الآن أكثر صعوبة) غدًا وبعد الغد. عادة ما يكون موضوع “الغد” مهمًا بالنسبة لهم، حيث يركزون على قيم التنمية. إنهم لا يريدون التركيز على “النجاة بروحهم”، ولكن لأسباب مختلفة (تتعلق بمواقف الحياة الفردية) يختارون استراتيجيات حياتية مختلفة – شخص ما يهاجر، ولكن معظمهم يبقى. يختار الكثير من الناس الهجرة الداخلية، يطبقون الرقابة الذاتية، ويحدون من دائرتهم الاجتماعية.
وأخيرا، الأغلبية. إنهم غير مسيسين وغير ناضجين بما فيه الكفاية. لا يهتمون كثيرا بالتاريخ، وأفق تخطيطهم، كقاعدة عامة، محدود. عادة ما يعيش هؤلاء الأشخاص حياة بسيطة دون أي طموحات أكبر، يعيشون في الوقت الحاضر (وإن لم يكن “يوم واحد”). في وقت الأزمات، عادة ما يلتفون حول العلم، أي أنهم يدعمون السلطة – لأنها “تخصهم” في المواجهة مع “الغرباء”، وأيضًا فيما يتعلق بالشعور بأن لا أحد باستثناء السلطة سيحميهم – لذلك لا بد من “الاعتماد عليها”. ولكن إذا طالت الأزمة، فقد يبدأ الدعم بالتآكل.
في الوقت نفسه، فإن عامل القوة مهم بالنسبة لهم – قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، رأى هؤلاء الأشخاص القوة ليس في غورباتشوف، ولكن في يلتسين، ومالوا إلى جانبه.
الآن لا يوجد مركز آخر للجذب – وسيختار الناس استراتيجيات العمل بشكلٍ فردي، سوف تنتشر ظاهرة “ازدواجية التفكير” Double thinking، المعروفة جيدًا في العصر السوفيتي.
فيما يتعلق بالأرقام – مع جميع عيوب الاحصائيات، يمكن افتراض أن الأغلبية أي أكثر من نصف الروس يهتمون بالقضايا العامة (لا تنسوا أن هناك جزءًا كبيرًا من السكان يتم استبعادهم بالكامل من أي مواضيع عامة، بما في ذلك عدم التواصل مع علماء الاجتماع).
من هنا، الأقليتان الانف ذكرهما، على التوالي – يشكلان في المجموع أقل من النصف مع بعض الافضلية للموالين للسلطة.
■ ■ ■
قناة Nezigar على تيليغرام
آراء الخبراء
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
ايلول 2022
وفقًا لعدد من المراقبين، على خلفية التصعيد الجيوسياسي المستمر، يتصاعد التوتر داخل النخبة في روسيا. ادلى الخبراء بتقييم امكانية النزاعات المحتملة.
1) ميخائيل فينوغرادوف
رئيس مؤسسة سانكت بطرسبورغ للسياسة:
الجدل الذي بدأ يتكشف هو رد فعل طبيعي تمامًا على ثاني فشل عسكري كبير على التوالي من الجانب الروسي. على نطاق أوسع، فإنه يعكس عدم القدرة على التركيز بشكل كامل حول أي من المشاريع.
يبدو أن التعبئة هي واحد من هذه المشاريع، لكن هذا لا يحدث حوله اجماع أيضًا – وزارة الدفاع تتعرض لضغوط متزامنة من الدعاية والنشطاء العاملين من داخل النظام، مما يؤدي إلى إضعاف معنويات الجيش من الأسفل إلى الأعلى بالكامل.
على نطاق أوسع، هذا هو نتيجة تحريم النقاش حول ما إذا كان من الصواب بدء الحرب في شباط فبراير الماضي.
لا يوجد موقف موحد تجاه هذا سواء في المجتمع أو في مؤسسات الدولة، ولكن التحليل العام المتفق عليه للنجاحات والأخطاء أمر مستحيل.
بشكل عام، لا يزال لدى النخب مخاوف رئيسية – الخوف من النصر والخوف من الهزيمة. لكن النشاط في هذا الاتجاه، وحتى إنشاء “حزب للحرب” و “حزب السلام”، محدود للغاية بل إنه مستحيل بسبب عدم وجود أي نوع من الثقة حتى بين أولئك الذين يشعرون ويقيمون الامور بنفس الطريقة.
2) أوليغ إيفانوف
رئيس مركز تسوية النزاعات الاجتماعية:
المواجهة بين حزبي “الحرب” و “السلام” موجودة حتى في زمن السلم، ومن الواضح أنها موجودة الآن. بالطبع، في الوضع الحالي، “حزب الحرب” أقوى بكثير، ولا داعي للحديث عن أي نوع من المنافسة هنا. “حزب الحرب” يشمل في المقام الأول قوات الجيش و الأمن والمجمع الصناعي العسكري.
بينما يشمل “حزب السلام” النخب التي عانت أكثر من غيرها من العقوبات الاقتصادية. هؤلاء هم، أولاً وقبل كل شيء، القلة من أصحاب المصارف وغيرها، وشخصيات من الوسط الثقافي والتعليم العالي الموالية للغرب.
واليوم، الصراع في مرحلة التصعيد، وقد تم الإعلان عن تعبئة جزئية في روسيا. وقبل مرحلة الذروة، فإن المفاوضات لا تزال بعيدة جدا، لذلك يعزف على الكمان الأول “حزب الحرب”.
تتراجع المصالح الاقتصادية إلى الخلفية، لأن الطبيعة الحضارية والجيوسياسية لهذه المواجهة واضحة للجميع.
3) فلاديمير إيفانوف
أستاذ مشارك في قسم الإدارة الحكومية والبلدية في جامعة الصداقة:
في الوقت الحاضر، لا يخفى الانقسام بين النخب على المستوى العام. كانت الهجمات الأخيرة والقاسية غير المعتادة التي قام بها يفغيني بريغوجين ورمضان قديروف، المقربان من الرئيس بوتين، ضد وزارة الدفاع تستهدف جزءاً من الناس المتابعين للأحداث على الجبهة، وتسببت بشكل عام في رد فعل كبير. يشار إلى أن عددًا من السياسيين والمتقاعدين العسكريين رفيعي المستوى انضموا إلى الخلاف الذي بدأ في وسائل الإعلام حول من يتحمل مسؤولية الانسحاب من كراسني ليمان “الجنرال لابين أم هيئة الأركان العامة للجيش الروسي”.
في ظل الظروف الحالية، يجب اتخاذ تدابير تنظيمية، من بين أمور أخرى، لمنع حدوث أزمة خطيرة محتملة في القيادة المركزية وانقسام لا يقل خطورة داخل الجنرالات. الاتهامات المتبادلة والبحث عن المذنبين – ليسا أفضل ما يمكن أن يحدث في ظروف التعبئة بل هو أيضاً مؤشر على ضرورة حدوث تغييرات عاجلة في كادر وزارة الدفاع.
4) قسطنطين كالاتشيف
رئيس فريق الخبراء السياسيين:
هناك “حزب الصقور” و “حزب الفطرة السليمة”. سيكون ذلك أكثر دقة. لكن المشكلة أعمق بكثير. ماذا يريد الإنسان أكثر – أن يعيش أم يموت؟
جاء فرويد بفكرة أن من الطبيعة البشرية أن الانسان يريد الموت.
جزء من النخبة لدينا – من أتباع ثاناتوس (إله الموت عند الإغريق – المترجم). يريدون الدم والموت. وقسم منهم – يحتفظ بالفطرة السليمة. لكني أعتقد أنهم أقلية. بالطبع، سنموت جميعًا. سيتم استخدام الأسلحة النووية.
يقع اللوم عليهم هم أنفسهم – لقد فقدوا إرادة الحياة.
✺ ✺ ✺
كوبا ترحّب باستئناف المحادثات بين الحكومة الكولومبية و”جيش التحرير الوطني” الكولومبي
بيان صادر عن وزارة العلاقات الخارجية
رفعت الحكومة الكولومبية إيعازاتها بالقبض على أعضاء وفد السلام التابع لـ “جيش التحرير الوطني” الكولومبي، وألغت التبليغات بطلب التعاون الدولي وتنبيهات الشرطة الدولية “إنتربول” بحقه، كما أبطلت مفعول طلباتها المقدمة لكوبا من أجل تسليمها أعضاء الوفد المذكور الذين كانوا ما يزالون في أراضي بلدنا.
أمام هذا المستجد، غادر أراضينا الوطنية أعضاء “وفد السلام” التابع لـِ “جيش التحرير الوطني” الذين كانوا قد مكثوا في كوبا، وذلك تنفيذاً لاتفاق موقّع بين الحكومة الوطنية الكولومبية و”جيش التحرير الوطني” والأطراف الضامنة: النروج وفنزويلا وكوبا.
كما هو معروف، في الثامن عشر من كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت الحكومة الكولومبية قرارها إنهاء “مائدة الحوار من أجل السلام” بين الحكومة الكولومبية و”جيش التحرير الوطني”، التي كانت جلساتها تنعقد في هافانا، كوبا، بطلب من الرئيس آنذاك خوان مانويل سانتوس و”جيش التحرير الوطني” وغيرهما من الأطراف الدولية.
منذ تلك اللحظة، عبّرت كوبا للحكومة الكولومبية ولـِ “جيش التحرير الوطني” عن أملها باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تسمح بتطبيق باب “البروتوكول المعتمد في حال انقطاع تفاوض الحوار من أجل السلام بين الحكومة الكولومبية و’جيش التحرير الوطني‘”، الموقع في إطار المفاوضات حول السلام بين كل من الحكومة الكولومبية و’جيش التحرير الوطني‘” والبلدان الضامنة، في الخامس من نيسان/أبريل 2016.
وينص هذا البروتوكول على أنه “في حال انفضاض الحوار من أجل السلام، يكون لدى البلدان والأطراف مهلة 15 يوماً اعتباراً من موعد إعلانه، من أجل التخطيط لعودة الأعضاء ممثلي وفد ’ جيش التحرير الوطني‘ إلى كولومبيا وفعل ذلك”.
لقد مرت خمسة وأربعون شهراً على اللحظة التي كان يتوجب فيها تنفيذ ما هو متفق عليه.
عن مكوث وفد “جيش التحرير الوطني” للسلام في كوبا، قامت الحكومة الكولومبية السابقة بخطوات عدائية تجاه كوبا، وذلك من خلال تلاعبها، الجاحد والمدفوع سياسياً، بمساهمة كوبا في السلام لكولومبيا وتجاهلت “بروتوكول الانقطاع”، وذلك في تخلٍّ صريح وهدمٍ للالتزامات المضروبة من قبل هذه الدولة تجاه ستة بلدان أخرى موقّعة لهذا البروتوكول.
إن ما قامت به الحكومة الكولومبية السابقة، بالتواطؤ مع قطاعات معادية لكوبا في الولايات المتحدة، قد مهّد الطريق أمام أهداف حكومة ترامب المتمثلة في تشديد الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي وتصنيف كوبا غير المشروع كـ “دولة راعية للإرهاب”، الذي تترتب عنه تكاليف هائلة وعواقب إنسانية خطيرة على الشعب الكوبي.
لقد تصرفت كوبا باحتكام شديد لصفتها كـ “ضامن ومقر بديل”، بشكل غير منحاز ومسؤول ومهني ومتكتّم، سعياً منها لتحقيق حل سياسي للنزاع في كولومبيا، وصولاً إلى تحقيق السلام الذي يصبو إليه شعبها.
مع تطبيق “بروتوكول الانقطاع”، يكتمل الوفاء بما تم الاتفاق عليه بين الأطراف وتجاه الضامنين ويتأكد أن الموقف المبدئي والملتزم بالقانون الدولي الذي اعتمدته كوبا كان صحيحاً.
كما أن كوبا تدعم ما أعلن عنه اليوم في كركاس ممثلون عن الحكومة الكولومبية و”جيش التحرير الوطني” بحضور الضامنين من فنزويلا والنروج وكوبا ومدعوّين، بشأن استئناف المحادثات السلميّة في الأسابيع المقبلة.
تجدد كوبا التأكيد على قرارها على أداء دور في هذه العملية يحترم بصرامة الموافقة والاتفاقات المحددة المحرزة بين الحكومة الكولومبية و”جيش التحرير الوطني” انطلاقاً من الطلبات الرسمية الواردة منهما.
تجدد وزارة العلاقات الخارجية للحكومة الكوبية التأكيد على أن كوبا ستواصل دعمها وإسهامها، كتف إلى كتف مع البلدان الضامنة، للمفاوضات مع “جيش التحرير الوطني”، التي تراها كفرصة مؤاتيه، وتجدد التأكيد على قناعتها العميقة بأن الشعب الكولومبي يستحق السلام وسيجد السبل لتحقيقه.
هافانا، 4 تشرين الأول/أكتوبر 2022
_______
- تابعوا “كنعان اون لاين” Kana’an Online على موقعنا: https://kanaanonline.org/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org