(1)
تبخيس تشرين 1973 و2022!
ستكون عالي السذاجة إذا فوجئت بتبخيس أداء الجيوش العربية في حرب تشرين 1973 لا سيما أن الزمن بين 1967 و1973 كان قصيرا جدا. ولا سيما أيضا أن اي حرب مع الكيان سواء بالسلاح أو الفكر أو الأكاديميا أو الأخلاق أو علم النفس هو مع كامل النظام الراسمالي/الإمبريالي العالمي. ولا سيما للمرة الثالثة أن راس النظام المصري في تلك الفترة كان شكلاً مصريا وجوهرياً في واشنطن. وأقل شهادة على ذلك إصرار السادات على عدم سحق أول مجموعة من العدو دخلت الدفرسوار. كان ذلك إعلانا عن خصي النصر. لقد قاتلت الجيوش المصرية والسورية والجزائرية والعراقية في هذه الحرب بجدارة. ولا شك بأن تدمير الجمهوريات منذ 1991 وخاصة منذ 2011 له علاقة بدورها في تلك الحرب لأن المطلوب تخليد هزيمة 1967 وعدم وجود دولة عربية مركزية لأنها وحدها قوة استعادة والانتصار في القضية العربية المركزية.
واليوم تقاتل وطنية لبنان كل من صاحب العمامة إلى الرئيس اللبناني لتحرير نفط وغاز لبنان. ومع ذلك يقف كارهو أنفسهم ووطنهم رافعين عقيرتهم بالتشكيك ومعتبرين المدافعين عن لبنان مثابة مطبعين مع الكيان. لا يوجد اتفاق مباشر بل أُرغم الصهيوني الأمريكي بأن يتحول إلى مراسل بين الطرفين.
لا يختلف هذا الترتيب عن هدنة الحدود البرية من دول الطوق مع الاحتلال، طبعا قبل تطبيع البعض. ولكن يبدو أن المشككين حريصين على الكيان وليس على لبنان.
نعم في كل أمة هناك مرضى ضد الذات، لكن مثل هؤلاء المرضى لم تلد أرحام البغايا ابدا.
(2)
تريثوا في الابتهاج بالنفطيين
يبدو ظاهرياً ان خليج النفط انفلق إلى فلقتين نفطتيتين: الفلقة القطرية التي تزيد ضخ نفط العرب لأوروبا وخاصة ألمانيا وبقدرة قادر حصل ذلك قبل ايام من قيام دولة الإرهاب المعولم بتدمير خط النفط الروسي (نورد ستريم2). ويبدو أن مستشار ألمانيا يعلم ذلك وابتلع لسانه.
وطبعا يترافق هذا مع قرار امريكا ولصالح تركيا سيدة قطر برفض (ميد ستريم) الذي تخطط له اليونان والكيان وقبرص).
والفالق الثاني سعودي إماراتي قرر ضمن أوبك وروسيا تقليص ضخ النفط مما ربما ” أربك ” القرار الأمريكي بتحديد سعر النفط بقصد تقويض مداخيل روسيا.
ويبقى السؤال، هل حقاً تمردت السعودية والإمارات ضد أمريكا!
هل يمكن لذي عقل أن يبتلج لهذه المناورة؟ وهل المسألة لأن بن سلمان مهدد بموقف امريكي من أجل خاشقجي (العميل المزدوج)!.
لماذا لا نقول بأن تقليص ضخ النفط هو في صالح جميع المنتجين وخاصة أمريكا حيث ستزود أوروبا بأسعار خيالية وتنسب الارتفاع إلى “جشع” أوبك وروسيا. وبالنتيجة تخنع أوروبا لأمريكا أكثر وربما تصبح مجرد إحدى جواري امريكا ما لم تنفجر اجتماعيا من البرد اوقلة المال. وبهذا المعنى فتقليص ضخ النفط ليس حقا ضد أمريكا.
فكل دولة حتى التابعة لها هامش حرية حركة ما.
الدولة القطرية هي تابعة بالضرورة حتى لو غنية طالما ليست بها قيادة أو سلطة وحدوية التوجه والبناء لهذا الهدف، فكيف حين تكون دولة قطرية هندسها الغرب.
ولو افترضنا أن السعودية تشاكس أمريكا، ألا يسهل على امريكا تصفية بن سلمان من خلال العائلة كما حصل مع فيصل. هذا مع أن فيصل خدم الكيان باستجداء امريكا تدمير مصر الناصرية. أما الإمارات فهي مثابة كيان ص.ه.ي.و.ن.ي مثل اوكرانيا.
ثم دعونا نرجع لكتاب “اعترافات قاتل اقتصادي/جون بيركنز” الذي يوضح أن فوائض الطفرات النفطية الخليجية كانت تنتهي في المصارف الغربية الرسمية والتجارية مثل غيمة هرون الرشيد!
كان يمكن فهم هذه الركلة الصغيرة لو كانت موظفة في توجه تنموي عروبي وهذا محال من هؤلاء.
فحتى لو أن هناك توجه سياسي سيادي في هذه الكيانات، فهذا طريق طوييييل يقتضي بالضرورة كنس الحكام خلال سيرورته لأنهم سيرتطموا به لا محالة ولذا لن يفعلوها.
إن تصالح الأنظمة العربية مع بعضها بواقعها القطري والتابع يجب أن لا يخدعنا.
بقي أن نقول: أمريكا لن تنسى لهذه الكيانات:
مقاطعتها للعراق حتى اختنق ومات
ومقاطعتها لسوريا وهي تختنق
ومقاطعتها لإيران كي تختنق.
وكل هذا لعيون الكيان كجزء من أمريكا.
هذه هي الخدمات الأساسية لهذه الأنظمة
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف. ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.