السنة الثانية والعشرون – العدد 6396
في هذا العدد:
■ نمط الإنتاج الكولونيالي، عادل سماره
■ تداعيات حرب أوكرانيا: من المُستفيد من تفجير خطوط نقل الغاز؟ الطاهر المعز
■ تصريح صادر عن الحملة الوطنيّة الأردنيّة لإسقاط اتفاقيّة الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال) … [كلّنا في مواجهة مشروع صهينة الأردن]
- تعميق التبعيّة عبر الغاز: ربط الصناعة الأردنيّة بالصهاينة، وإدماج قطاعات مهنية بالتطبيع
✺ ✺ ✺
نمط الإنتاج الكولونيالي
عادل سماره
ملاحظة: من مخاطر ما يسمى التواصل الاجتماعي، بينما هو غالباً استعمار اجتماعي، الترويج السهل لأفكار سياسية لا نظرية، اي خفيفة واستخفافية من جهة والترويج لبعض النتاجات النظرية لكتاب محببين للكاتب/ة بغض النظر عن متانة تلك النتاجات. تقع مسألة نمط الإنتاج الكولونيالي كحالة جدلية خلافية ويتم الترويج لها لأسباب أقل من نظرية ناهيك عن تعاطي البعض مع أطروحات نظرية لبعض الكتاب الرصينين في اشتباك عربي وكنعان بشكل تشويهي استخفافي بل لا علاقة لها بالفكر اصلاً. لذا فضلنا نشر هذا المقطع.
جادل حمزة علوي بأن الهند خلال الحكم الاستعماري، لم تكن لا إقطاعية (حيث كان هناك إنتاج سلعي واسع) ولا رأسمالية (حيث كان التراكم بسيطاً). وهو لم يكن شغوفاً للقول، بأن هناك تجميعا تراكمياً للأنماط أو على شكل طبقات بنيوية منعزلة عن بعضها البعض، لأن أنماط إنتاج مختلفة يمكن أن تتواجد فقط في حالة تناقض، في حين أنَّ البنى الزراعية في الهند لم تكن في حالة صراع مع مصالح رأس المال. فلم يزعم أحد أن صراعاً كان هناك بين الطبقة الرأسمالية “الريفية”، وبين سادة الأرض “الإقطاعيين”. (ويمكن للمرء قول الأمر ذاته عن بريطانيا).
إن فكرته الأساسية، هي أن تتم استعادة المفهوم الكلاسيكي لأنماط الإنتاج كمراحل للتطور. فالكولونيالية لا يمكن أن تتطابق بأية طريقة بسيطة، لا مع مرحلة الرأسمالية ولا الإقطاع، لذا لا بد أن تكون شيئاً مختلفاً آخر، إنها مرحلة كولونيالية.
هنا يصبح السؤال:
· هل هي خليط أنماط انتقالية، بينما الحسم لسياسة الاستعمار؟ مثلا كالمناطق الفلسطينية المحتلة 1967، أليس الحسم للاستعمار الاستيطاني الصهيوني، الذي يسيطر فيه نمط إنتاج رأسمالي؟ وهناك سؤال آخر: هل ما أقلق علوي وغيره ولاحقاً مهدي عامل، شيء غير سلخ الفائض، وحتى في شكله المحدّد القيمة الزائدة؟؟
· ما هي طبيعة اختلافها عن الرأسمالية وعن الإقطاع؟
· أليست هي جوهرياً رأسمالية، ولكن ليس ضمن الدولة القومية الواحدة؟ وهذا يفتح على نقاش استخلاص القيمة الزائدة على صعيد ما فوق قومي.
· أليست هي الأنوية الأولية للعولمة، أي لخروج السوق القومي والإنتاج القومي إلى الصعيد العالمي؟
· إنها اختلاف وتوافق، فهي ليست مقطوعة عن الرأسمالية، بل هي تمددها الطبيعي.
· لا شك أن المفترض، قراءة هذه العلاقات الطبقية المختلفة، لأنَّ الطبقات مختلفة.
· ألم تمتد في دولة ما بعد الاستعمار لتصبح محيطية؟ ألا نلاحظ جوهرها التابع.
· هل هي خليط الاقتصادي والسياسي الاستعماري والمحلي المركب.
يجادل حمزة علوي بأن النمط الكولونيالي يتسم بوجود سلطة دولة برجوازية كولونيالية، وعدم تمفصل داخلي جواني، وإنتاج سلعي معمم، وتحويل الفائض إلى المتروبول، وافتقار للتراكم. وهذه بالطبع الملامح التي وصفها باران تماما كتخلف أو أمين “للرأسمالية المحيطية”. إذن هي رأسمالية، ولكن متخارجة بالتوافق مع طبيعتها، بل متوافقة قسراً لأن الحالة استعمارية.
بوسع علوي وصفها بأنها نمط إنتاج، ولكنها ليست مثل أي مفهوم ماركسي لنمط الإنتاج. إنها ليست بنية مفاهيمية مجردة، وليست لها علاقات إنتاج معرفة/ ولا تشتمل على أي معارضة طبقية معينة. وعليه، لا يوجد ما يفيد من وصفه بأنه نمط إنتاج كولونيالي. والنتيجة التي رسمتها هي أن “مراحل” مفهوم نمط الإنتاج، التي فيها مجموعة من الأنماط -غير متطابقة أو منسجمة، وتلي بعضها بعضاً بحيث يدمر الجديد القديم ويطرده-ليست كافية للتعامل مع تجربة الكولونيالية والتخلف.[1]
مرة أخرى، هل يمكن اعتماد استنتاج مركب هو: نظام سياسي كولونيالي، ونظام اقتصادي رأسمالي، ونمط إنتاج يهيمن فيه الرأسمالي. هل يفيد هنا تحديد من هي الطبقات المتشاركة والمتحالفة في فهم البنية، مثلاً:
يسأل بريور عن علاقات الإنتاج بين الطبقات في النمط الكولونيالي، خاصة أن فيليب راي يرتكز عليها؟ أي علاقات الإنتاج التي يرتكز عليها النمط لإعادة إنتاج الطبقات. من هي الطبقة السائدة؟ الإدارية؟ يرى أن المنظومة الكولونيالية لا تعيد إنتاج نفسها، بل بالأحرى تنتج شروط السيطرة الرأسمالية.
أعتقد بدوري أن الأمر أوسع. هي لا تعيد إنتاج نفسها، لأنها تعمل تحت شروط السيطرة الاستعمارية، مما ينتهي بنا إلى إسقاطها هي والسيطرة الاستعمارية الرأسمالية بالعامل السياسي القومي، وليس إعادة إنتاجها عبوراً إلى مرحلة، تُسمى افتراضاً: ما بعد الاستعمار، وهي مسألة جدالية خلافية، بمعنى هل هي ما بعده فعلاً؟ أم أنها من ناحية اقتصادية، أي من حيث نمط الإنتاج، هل هي رأسمالية، أم تحمل سمات ما يسمى نمط الإنتاج الكولونيالي؟ ولو افترضنا تسميتها/ه النمط الذي تلا الاستعمار بنمط الإنتاج ما بعد الكولونيالي، فما هي سماته المختلفة عن الرأسمالية المحيطية أو التابعة؟ أي أن نقاشي مفاده: ما الفارق بين نمط الإنتاج الكولونيالي أثناء وبعد الاستعمار؟
يصل بريور إلى قناعة أن الرأسمالية تعيق تطور المحيط، وحتى حين يحاول الإفلات، تعيده للوراء؟ وهكذا يلتقي مع فرانك[2]. ومع اللحظة هنا في الأرض المحتلة، بل مع حالة معظم الوطن العربي.
هل نسحب هذا على الاحتلال؟؟ وهل هذا رد على نمط الإنتاج الكولونيالي: مساهمة حمزة علوي ومهدي عامل، في أنهما فتحا الباب؟ تفسيرهما لافتاً، لكنه ليس قوياً.
فما الفارق بين النمط الكولونيالي والتشكيلات الاستيطانية البيضاء، التي بدأت كاستعمار استيطاني؟ أليس الفارق فقط في المستوى السياسي العنصري، بمعنى أن الاستيطان الأبيض خلق تشكيلات رأسمالية حقيقية لعنصره، وفي المحيط فرض على الأمم المستعمَرة-التي ليس شعبها مستوطناً تشكيلات رأسمالية مشوهة للشعوب الأخرى. أي ليس الفارق في الآلية الاقتصادية؟
ينتهي بريور ص 200[3] غير مقتنع بالنمط الكولونيالي.
سؤالي الآخر، ما هي الطبقات المترتبة على نمط الإنتاج الكولونيالي؟ أجنبية أم محلية، وما التناقض والتحالف فيما بينها؟
يسأل بريور عن علاقات الإنتاج بين الطبقات في النمط الكولونيالي، خاصة أن فيليب راي يرتكز عليها؟ أي علاقات الإنتاج التي يرتكز عليها النمط لإعادة إنتاج الطبقات. من هي الطبقة السائدة؟ الإدارية؟ يرى أن المنظومة الكولونيالية لا تعيد إنتاج نفسها، بل بالأحرى هي تنتج شروط السيطرة الرأسمالية.
جدل تيرنر: كتب تيرنر،
“تاريخياً، لم يوجه الاستثمار الرأسمالي نحو البلدان التي تملك فائض عمالة، بل نحو تلك التي تملك نقصًا في العمالة، مما فرض استيراد العمل المتعاقد أو عمل العبيد لتأمين إمداد كاف من العمل، وحيث تم استثمار الرأسمال أو وجدت السلع الجاهزة لنفسها سوقاً، نتج عن ذلك تدمير للرأسمال الصناعي المحتمل في المستعمرة، وتمَّ استبداله برأسمال تجاري كمبرادوري خدم عملاؤه مصالح الرأسمال الأجنبي، بالتحالف مع الملاكين الإقطاعيين المدينيين[4]“.
هذا يعني أن النمط الكولونيالي ليس إنتاجيا بقدر ما هو استغلال وتجريف استعماري مما يعيقه عن إعادة إنتاج نفسه، بل هو في أحسن الأحوال نموذجٌ لإعادة اقتصاد التساقط.
لكن ما لم يلاحظه تيرنر أن وراء هذه السياسات كان نهب المحيط أو المستعمرات، أي الأمم والقارات القديمة، وإعادة استثمار المنهوب في المستعمرات /المستوطنات البيضاء، أي النهب من الهند والاستثمار في أمريكا الشمالية. وهي الظاهرة التي نتجت عنها المستوطنات الرأسمالية المتقدمة البيضاء. بكلام آخر، تم قطع تطور المستعمرات في إفريقيا وآسيا لصالح تطوير المستوطنات البيضاء.
نستدعي هنا مساهمة جايروس بانجي، وهي وجوب التمييز بين علاقات الاستغلال (القنانة، العمل المأجور، العبودية) وعلاقات الإنتاج (الشكل المحدد تاريخياً، والذي تتخذه علاقات محددة للاستغلال) وقوى الإنتاج. يقام هذا التمايز من أجل إظهار أن نمط الإنتاج الرأسمالي – على وجه المثال- لا يمكن تحديده بمعيار وجود العمل المأجور. تكمن أهمية هذه الملاحظة في إثبات أن الحالة الاعتيادية في المستعمرات، كانت توسيع وتكثيف الأشكال المتخلفة السابقة للرأسمالية، كتنظيم العمل، وعلاقات الاستغلال كلّما انتشرت علاقات الإنتاج الرأسمالية. أسّسَت الرأسمالية في المستعمرات “منطقا متراجعا” للتراكم البدائي والتخلف الصناعي في المحيط.
إنَّ ضمَّ المستعمرات إلى الاقتصاد العالمي، يحافظ على الأنماط الإنتاجية السابقة على الرأسمالية، كما يكثف علاقات الاستغلال المتخلفة، فيما يؤخر توسع السوق المحلية والصناعة الرأسمالية المحلية، ولا يحدِّث هذه التشكيلات الاجتماعية.
يضيف بانجي: “… يمكن تلخيص السمات الاقتصادية الرئيسية في التشكيلات الاجتماعية الاستعمارية كما يلي: 1- تطور متأخر للعلاقات الإنتاجية الرأسمالية في الزراعة، وإنتاجية منخفضة للعمل الفلاحي، وبالتالي ركود مستويات الإنتاج. 2- بنية صناعية ذات شخصية متخلفة، وأحادية الجانب نابعة مباشرة من سياسات التراكم البدائي المتأخر 3- تركز الصادرات على محاصيل الزراعة[5].
تكثف العملية الاستعمارية في التصنيع حين حصولها على هذه الخصوصيات. وترتبط قسمات الاقتصادات الاستعمارية بالمعايير الطبقية، وبتطور بطيء لبروليتاريا صناعية، وغلبة الفلاحين المستخدمين كعمال موسميين بالأجرة، وغياب طبقة رأسمالية صناعية، والأهمية المتنامية للبرجوازية الصغيرة.
“وأخيراً، ضمن ما بعد الاستعمار، فإن الدولة ليست أداة طبقة واحدة، بل تحاول التوسط بين مصالح ثلاث طبقات مهيمنة: ملاكو الأرض، والطبقة الرأسمالية المحلية الصغيرة، والبرجوازية الكمبرادورية، وذلك عبر تأمين شروط وجود “النمط الاستعماري للإنتاج” أي تأمين شروط استخراج الفائض.[6]
لكن هذا الموقف الوسطي لدى بانجي ليس واضحاً. ذلك لأنه توقف عند السؤال المركزي أي: لمن استخراج الفائض؟ ألا يقوم ذلك على أساس طبقي رأسمالي كلاسيكي؟ أي لصالح رأسمالية المركز، الذي تتقاسمه مع رأسمالية المحيط التابعة؟ أليس هذا نواة طبقية رأسمالية معولمة؟ كما لم ينتقل بانجي إلى المسألة الأهم في الجدل الماركسي وهي: مسألة القيمة على صعيد عالمي.
(هذا مقتطف من كتابي: الاقتصاد السياسي والطبقة منشورات مركز المشرق/العامل للدراسات الثقافية والتنموية-رام الله 2017 ص ص 77-82)
[1] Brewer Antony, 1981, Marxist Theories of Imperialism: A Critical Survey, London and Boston, Routledge and Kegan Paul, pp 270-71.
[2] نفس المصدر، ص 198.
[3] نفس المصدر، ص 200.
[4] بريان تيرنر، ماركس ونهاية الاستشراق، ترجمة يزيد صايغ، مؤسسة البحاث العربية، 1981 بالعربية، ص 26 و 1978 بالإنجليزية.
[5] Banaji, J, 1972, For a Theory of Colonial Modes of Production, in Economic and Political Weekly, Bombay VII, 52, December.
[6] تيرنر 1981 ، مصدر سبق ذكره، ص9 و ص 91-92.
✺ ✺ ✺
تداعيات حرب أوكرانيا
من المُستفيد من تفجير خطوط نقل الغاز؟
الطاهر المعز
تُعتَبَرُ شركات النفط والغاز من أكبر المُستفيدين من زيادة الأسعار، ولا تستفيد دول “أوبك”، ومنها الدّول العربية سوى بالفُتات، وأدّت حرب أوكرانيا إلى زيادة كبيرة في أسعار المحروقات، استفادت منها بدرجة أولى شركات النفط (بي بي أو شل أو إكسون موبيل أو شيفرون أو توتال إنرجي) التي رفعت الأسعار، بما في ذلك أسعار مخزوناتها القديمة ذات التكلفة الرخيصة، وحققت أرباحًا قياسية. أما في روسيا فإن الشركات الحكومية تُسيْطر على إنتاج وتكرير وتسويق النفط والغاز، ولذلك استفادت روسيا ومصارفها والعديد من شركاتها من الحرب وحتى من الحصار، حيث بلغ الروبل (عُملة روسيا) أعلى مستوى في خمس سنوات، وأعلنت شركة الغاز الروسية العملاقة “غازبروم” عن زيادة أرباحها بنسبة 100% خلال النصف الأول من سنة 2022…
أعلن بعض رُمُوز السّلطة بالولايات المتحدة وبأوروبا (بولندا وألمانيا…) استهداف روسيا حتى تنْهَارَ اقتصاديًّا وتركَعَ سياسيا، فيما تعمل الولايات المتحدة على غَزْو سوق الطاقة الأوروبي بالغاز الصّخري الأمريكي، وإقصاء الغاز الرّوسي الذي يُلَبِّي ثُلُثَ حاجيات دول الإتحاد الأوروبي من الطّاقة، وهو أقَلَّ ثَمَنًا وأعْلَى جَوْدَةً من الغاز الأمريكي…
لم تَكْتَفِ الولايات المتحدة باستفزاز روسيا (وخصومها الآخرين مثل الصين وإيران) على حُدُودِها، واستخدام شعب أوكرانيا وروسيا وشعوب أوروبا وقُودًا لحرْبٍ أطلسية ضد روسيا، بل تصرّفت كما عصابات المافيا والجريمة المُنَظّمة وقُطّاع الطُّرُق، باستخدام التّهديد والتّخريب والأعمال الإرهابية (في روسيا كما في إيران وسوريا وفنزويلا…)، ولذلك من غير المُسْتَبْعَد أن تكون الولايات المتحدة مُتَوَرِّطَة في تفجير خطوط الغاز الرّوسي التي تُزَوّد أوروبا، فهي قنوات متينة الصّنع، تقع في المياه العميقة، ومُراقبة على مدار السّاعة بالأقمار الصناعية والتجهيزات الإلكترونية، ولا يمكن تخريبها وتفجيرها دون تخطيط مُحْكَم من قِبَلِ قوات عسكرية عالية التّدريب، مثل القوات الأمريكية واستخباراتها العسكرية، بمُشاركة جيش بولندا (المُنَفِّذ المُحتمَل) وجيش وحكومات السّويْد والدّنمارك، دون أي اهتمام بنتائج تسرّب الغازات على البيئة، فضلاً عن المشاكل الاقتصادية الناتجة عن ذلك.
السياق العام للتفجيرات:
يتزامن هذا التخريب لخطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و 2 مع تكثيف خطوات تطوير التنسيق والتعاون بين روسيا والدول الأعضاء في أوبك، فقد أعلن وزير النفط الإيراني للصحفيين في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2022، على هامش المنتدى الاقتصادي الثاني لبحر قزوين في موسكو، أن هناك “مشروع مشترك في مجالات تكنولوجية وإنتاج وصيانة معدّات الغاز مع شركة غازبروم الروسية، ما قد يجعل من إيران مركزًا إقليميًّا لعبور وتبادل النفط والغاز الروسيّيْن، وتسارعت وتيرة التعاون بين البلدين بعد قرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تَشْدِيدَ العقوبات الغربية بهدف خنق روسيا، وسبق أن نشرت وكالة “سبوتنيك” الروسية، في تموز/يوليو 2022، بيانًا صادرًا عن نائب وزير النفط الإيراني كشف أن إيران تخطط لإبرام العديد من اتفاقيات التعاون في مجال الغاز والنفط مع روسيا، قبل نهاية سنة 2022، لأن البلديْن يمتلكان ما يزيد عن سبعين تريليون متر مكعب من احتياطي الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يمثل 30% من الإمدادات العالمية، ووقعت شركة غازبروم صفقة استثمار بقيمة 40 مليار دولار مع شركة النفط الإيرانية، في تموز/يوليو 2022، وفي أيلول/سبتمبر 2022، وأصبحت روسيا تضخ الغاز إلى إيران، عبر أذربيجان، وتضمنت الاتفاقية الرُّوسية الإيرانية إنشاء خط أنابيب لتصدير الغاز الإيراني إلى باكستان وسلطنة عُمان، كما أصبحت إيران مركزًا لنقل البضائع الروسية إلى الهند.
تتخوف الدّول المُصَدِّرَة للنفط (دول أوبك وروسيا، أو “أوبك +” ) من الرّكُود الاقتصادي المُتَوَقَّع، ما يُخَفِّضُ الطّلب على المحروقات، لذا اقترحت لجنة “أوبك + ” خفضًا للإنتاج بمقدار مليوني برميل من النفط يوميًا لمكافحة هبوط الأسعار في قطاع الطاقة الذي قد يحصل نتيجة ركود أو تباطؤ اقتصادي عالمي، وفقًا لوكالة الأنباء الأمريكية بلومبرغ، وبهذا الصّدد أفاد موقع قناة سي إن إن التلفزيونية الأمريكية أن الحكومة الأمريكية حاولت الضغط على الكويت والسعودية والإمارات لمنع خفض كبير في إنتاج النفط، ثم اتهمت الحكومة الأمريكية دول أوبك (في الخامس من تشرين الأول/اكتوبر 2022) بـ “الانحياز إلى روسيا” ، لكن وزير الدولة السعودي عادل الجبير نفى المزاعم الأمريكية، مشيرًا إلى أن الزيادة في أسعار البنزين في الولايات المتحدة ترجع إلى الإنتاج غير الكافي للتكرير في هذا البلد، بسبب عدم الاستثمار في هذا القطاع منذ أكثر من عشرين عامًا”، كما نقلت عنه محطة تلفزيون فوكس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2022.
عربدة أمريكية:
في خضم أزمة إمدادات الوقود، رَفَعَ جيش الاحتلال الأمريكي من وتيرة سرقات النفط السوري، حيث تدّعِي الحكومة الأمريكية إن وجود جيشها في سوريا له ما يبرره، فهو يحمي موارد النفط في البلاد من مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”.
سبق أن نشر موقع ( The Cradle ) يوم 28 أيلول/سبتمبر 2022، بحثًا بعنوان “تتبع تدفق النفط السوري المسروق إلى العراق” ( Tracking the flow of stolen Syrian oil into Iraq ) وأورَد الموقع أخبارًا مُفَصّلة ووثائق عن سيطرة الجيش الأمريكي على مواقع الإنتاج الزراعي بمحافظة الحسكة وعلى مواقع إنتاج المحروقات (النّفط والغاز ) في مُحافَظَتَيْ دير الزُّور والحَسكة، ونهب الموارد السورية، من قِبَل تُركيا في منطقة الشمال الغربي والولايات المتحدة التي تقوم بتهريب النفط والحبوب، من منطقة الشمال الشرقي بالتعاون مع حُلفائها من قادة مليشيات الأكراد، إذْ يسرق الجيش الأمريكي وحلفاؤه نحو 80% من إنتاج النفط السوري اليومي ويُهَرِّبُه، بواسطة قوافل من الشاحنات والصّهاريج الضخمة، تحميها الطائرات الحربية الأمريكية، إلى إقليم كردستان العراق الذي تحول إلى منصة تسويق نحو تركيا والإمارات وإيران والكيان الصهيوني الذي كثّف نشاط مخابراته منذ حوالي خمسين سنة بشمال العراق، ويتم تهريب قسم صغير من الموارد السورية إلى البلدات الحدودية العراقية، بتواطؤ مع الجيش الأمريكي الذي يسيطر على الحدود بين العراق وسوريا، ويَفْرِضُ إغلاقها رغم إرادة حُكُومتَيْ البَلَدَيْن.
يُشرف جيش الاحتلال الأمريكي على عمليات التّهريب عبر معابر غير قانونية، تُؤَمِّنُها شركات الأمن الخاصة الأمريكية (مثل بلاك ووتر التي غيرت اسمها إلى “أكاديمي”)، وشركات صهيونية، وتمنع الاستخبارات العسكرية الأمريكية الصحافيين والمراقبين الدّوليين ومنظمات حقوق الإنسان من الوُصُول إلى المناطق الحُدُودية، ووَجَب التّذكير أن الجيش الأمريكي لم ينسحب من العراق، بل حافظ على أهم القواعد، وأعاد انتشاره، ويُواصل احتلال العراق تحت غطاء “تقديم المشورة الأمنية والعسكرية للقوات العراقية لمكافحة الإرهاب.
إن وجود القوات الأمريكية (وقوات أوروبا وحلف شمال الأطلسي) في سوريا غير قانوني، بل يُشكل جزءًا من نهب سوريا، وأنْشَأَ الجيش الأمريكي ما لا يقل عن ثمانية قواعد جوية غير قانونية في شمال شرق سوريا، بما في ذلك قاعدة الرميلان (محافظة الحسكة) التي كانت هدفًا لهجوم صاروخي مساء السبت الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2022، بعد أن اتهمت وزارة الخارجية السورية الجيش الأمريكي بنهب دفعة جديدة من النفط السوري من الأراضي المحتلة في البلاد. ينهب الجيش الأمريكي حوالي سبعين ألف برميل يوميا من النفط السّوري الذي تنقله حوالي مائة من ناقلاتها (بمساعدة الميليشيات الكردية) التي تُغادر سوريا (بمساعدة مليشيات عشائر الأكراد) عبر ممر المحمودية غير الشرعي باتجاه قواعد الجيش الأمريكي في الأراضي العراقية المُحتلّة، وقدّرت الحكومة السورية (نهاية آب/أغسطس 2022) قيمة النفط والغاز الذي نهبه الجيش الأمريكي وأتباعه بـ 107 مليارات دولار، خلال عشر سنوات …
الدّور المُزدوج لأذربيجان:
ورَدَ في فقرة سابقة ذِكْرُ عُبُور الغاز الرّوسي أراضي أذربيجان نحو إيران، وفق تصريحات الحكومة الإيرانية في أيلول / سبتمبر 2022، ولكن لأذربيجان علاقات متطورة جدًّا مع تركيا (وحلف شمال الأطلسي) وما فتئت العلاقات تتطور مع الكيان الصهيوني في كافة المجالات (الاقتصادية والسياسية والعسكرية ) وسمحت الحكومة الأذربيجانية للكيان الصهيوني بإنشاء قاعدة عسكرية للتجسّس على إيران من الحُدُود المُشترَكَة بين أذربيجان وإيران، واستخدم الكيان الصهيوني الحدود لتهريب الأسلحة والإشراف على تفجيرات واغتيالات عديدة داخل إيران.
استضافت أذربيجان، وهي مُصدّرة للنفط والغاز ، يومي الاثنين 3 والثلاثاء 4 تشرين الأول/أكتوبر 2022، وزيري الحرب الصهيوني والتركي “لمناقشة سلسلة من القضايا المتعلقة بالدفاع والأمن والتعاون”، بحسب وكالة رويترز، وتم الاتفاق على تنظيم مناورات عسكرية مشتركة لرفع مستوى التنسيق العسكري بين الجيوش الثلاثة، وستجرى المناورة المشتركة القادمة في تركيا في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022، وتقدم تركيا والكيان الصهيوني مساعدة كبيرة لأذربيجان من خلال تزويد جيشها بالمعدات العسكرية والأسلحة والمُدَرِّبين والمُستشارين، خلال الصراع مع أرمينيا المُستمر منذ ثلاثين عامًا …
خاتمة:
لكل جريمة دافع ومُستفيد، فما دوافع تفجير خَطّيْ أنابيب نقل الغاز الرّوسي إلى شمال أوروبا، ومن المُستَفِيد؟
لم تكن روسيا مُتسببة في عرقلة ضخ الغاز، لأنها تبحث عن زبائن لبيع إنتاجها من الغاز والنّفط، بل أعاقت العقوبات الغربية تدفق الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 و2، نحو أوروبا.
تحلق مروحيات أمريكية، منذ منتصف أيلول/سبتمبر 2022، فوق الموقع الذي تم تخريبه، إلى جانب سفينة بريطانية كانت في المياه الدنماركية، بحسب صحيفة “دير شبيغل” الألمانية التي نشرت تقريرًا بعنوان ” وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تُنبّه الحكومة الألمانية بشأن هجمات وشيكة على خطوط أنابيب بحر البلطيق “.
يُرَجّح أن التفجير عمل تخريبي أمريكي (مُباشر أو عبر بولندا أو طرف ثالث) من شأنه إعاقة اقتصاد ألمانيا والاتحاد الأوروبي ويقطع المفاوضات السرية التي تدور بين ألمانيا وروسيا بشأن استئناف ضخ الغاز، وأوْضَحَ بيان وزارة الخارجية الروسية: “لقد وَقَعَ الحادث في منطقة تسيطر عليها أجهزة المخابرات الأمريكية”.
في هذا المناخ العالمي، جرى تفجير خطوط أنابيب الغاز الرّوسي “نورد ستريم” 1 و2 النّاقلة للغاز الروسي إلى شمال أوروبا، فمن المُستفيد يا ترى؟
من المؤكّد أن روسيا غير مستفيدة، وفي جو الحرب الأطلسية الروسية، عبر أوكرانيا، ونظرا للتقاليد الأمريكية العريقة في مجالات الاعتداء والعربدة والتّخريب، ونظرًا لصعوبة الوصول إلى الأنابيب وصعوبة تفجيرها، يُرجّح التحليل العقلي والمنطقي ارتكاب الولايات المتحدة، مباشرة أو بواسطة طرف آخر (جيش بولندا على الأرجح) هذه الجريمة في حق اقتصاد وسيادة روسيا ودول الإتحاد الأوروبي…
✺ ✺ ✺
تصريح صادر عن الحملة الوطنيّة الأردنيّة لإسقاط اتفاقيّة الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال) … [كلّنا في مواجهة مشروع صهينة الأردن]
تعميق التبعيّة عبر الغاز: ربط الصناعة الأردنيّة بالصهاينة، وإدماج قطاعات مهنية بالتطبيع
الأحد 9 تشرين الثاني 2022
لا ينفكّ أصحاب القرار في الأردن عن تعميق التبعيّة للصهاينة ودعم إرهابهم بشكل مباشر، وإدماج بلدنا ومواطنينا واقتصادنا بهم، ووضعها جميعًا تحت رحمتهم، دون أن يتّعظوا بما يحصل اليوم في العالم، ودون أن يلتفتوا إلى الكيفية التي تُستخدم فيها الطاقة، والغاز تحديدًا، كسلاح يستخدمه المُصدِّر ليبتزّ ويُخضع المستورد.
آخر القرارات “العبقريّة” تمثّلت قبل أيام في إعلان وزارة الطاقة عن آلية لإيصال الغاز الطبيعي للمصانع الأردنيّة (مرجع 1)؛ وتقع في لبّ هذه الآليّة شركة فجر الأردنيّة المصريّة لتوريد ونقل الغاز الطبيعي، وهي شركة داعمة للإرهاب الصهيوني، وقّعت في شهر شباط من العام الحالي اتفاقية لتوريد الغاز الفلسطيني المسروق من الصهاينة إلى مصر، عبر الأردن (مرجع 2)، ومن خلال خط الغاز العربي، لتسييل الغاز في المنشآت المصريّة، وتصديره بالبواخر إلى أوروبا التي تعاني من وطأة السيطرة الروسية على إمدادات الغاز الخاصة بها وتحاول فك اعتمادها عليه، ليتحوّل الكيان الصهيوني إلى لاعب دوليّ في مجال الطاقة؛ وقد بدأ تنفيذ هذه الاتفاقية فعليًّا في شهر آذار من العام الحالي، لتضاف إلى الاتفاقية التي وقّعتها شركة الكهرباء الوطنيّة (المملوكة بالكامل للحكومة الأردنيّة) لاستيراد الغاز من الصهاينة عبر خط يشبك على خطّ الغاز العربي في منطقة الخناصري في المفرق، ما حوّل خطّ الغاز العربيّ، بعد عكس مسار الضخّ فيه، من مشروع للتضامن والتكامل العربيّين، إلى خط صهيونيّ للغاز، يخدم مصالح الكيان الصهيوني التوسّعيّة والهيمنيّة، يدرّ عليه مليارات الدولارات التي يستخدمها لتمكين اقتصاده وجيشه ومستوطناته وانتهاكاته وعدوانه.
وتمثّل هذه الآليّة الجديدة اختراقًا تطبيعيًّا للقطاعات المهنيّة التي لطالما كانت مقاومة للتطبيع، خصوصًا قطاعي المهندسين والمقاولين، إذ تُبيّن الآلية وجود قوائم معتمدة منهم لتنفيذ مشاريع ربط القطاع الصناعي بشبكة الغاز التي يسري في عروقها اليوم، وبشكل شبه حصري، الغاز الفلسطينيّ المسروق الذي يصدّره الصهاينة، وعن وجود مسار لاعتماد المهندسين والمقاولين غير المدرجة أسماؤهم على هذه القوائم، ما يعني فتح الباب، من زاوية الفوائد الماليّة، للانضمام المباشر إلى ركب التطبيع، وإدماج المهنيين في البنية التحتيّة الاستراتيجيّة التطبيعيّة الخاصة بالغاز والمياه والكهرباء، والتي يسعى من خلالها أصحاب القرار إلى إحكام مشروع صهينة بلدنا، وإلحاق مواطنينا، من زاوية حاجاتهم الأساسية والحيويّة للكهرباء والماء والطاقة، بالصهاينة.
وتُلزم الآلية الشركات الهندسية والمقاولين على توقيع اتفاقيات لـ”سرية تبادل المعلومات”، ما يعني أيضًا حجب المعلومات عن العموم، وإجبار المهنيّين على التواطؤ في التطبيع.
كما تتضمّن الآلية ما يؤشّر إلى استملاكٍ لمزيد من أراضي المواطنين لهذه الغاية، ما يفتح الباب مجدّدًا أمام الإضرار بمصالح المواطنين، والإضرار بالأراضي الزراعية، وتعريض المواطنين للأخطار المتنوعة، هذا إضافة إلى استخدام أراضينا لصالح مشروع يعمّق التبعيّة للصهاينة.
وقد نصت الآلية على إيصال الغاز الطبيعي للصناعات من أنبوب الغاز الرئيسي ولغاية موقع المصنع من خلال التعاقد المباشر بين المستهلك النهائي [المصنع] والمقاولين، بإشراف المستشار الفني المشترك والمعيّن من وزارة الطاقة والثروة المعدنية وشركة فجر الأردنية المصرية لتوريد ونقل الغاز الطبيعي.
كما نصت على “إمكانية أي مصنع التعاقد مع أي شركة هندسية (مقاول) لغايات تصميم وتنفيذ البنية التحتية المطلوبة (…) شريطة الالتزام بتقديم طلب التزود بالغاز الطبيعي سواء من خلال وزارة الطاقة و/أو من خلال شركة فجر الأردنية المصرية، وتزويد شركة فجر بالبيانات المتعلقة باستهلاك الوقود وكميات الغاز المطلوبة”، لكن الآلية اشترطت أيضًا قيام المستهلك النهائي [المصنع] باختيار المقاول من ضمن القائمة المعتمدة من قبل الوزارة، وفي حال اختيار المصنع لمقاول من خارج هذه القائمة فثمة طلبات كثيرة وخاصة ينبغي تحقيقها، إضافة إلى قيام الوزارة بتقييم المقاولين غير المعتمدين من خلال الاستعانة بالشركة الاستشارية المعتمدة لدى الوزارة، وعلى نفقة المصنع، وإعلامه بنتائج التقييم، وبعد الانتهاء من اختيار المقاول المؤهل يتم التوقيع على اتفاقية سرية تبادل المعلومات، وبحسب الصيغة المعتمدة لدى الوزارة.
وبحسب الآلية تم تحديد قائمة معتمدة لدى الوزارة وشركة الفجر بأسماء الشركات الاستشارية للإشراف، ويجب على المستهلك النهائي [المصنع] اختيار شركة من هذه الشركات على نفقته بحيث يتم توقيع اتفاقية بين شركة الفجر والمستهلك النهائي بعد اعتمادها من وزارة الطاقة لتغطية النفقات المترتبة على تعيين الشركة الاستشارية التي تكون قراراتها نهائيّة وملزمة للمصنع.
وبحسب الآلية، تقوم شركة فجر، وبعد اعتماد أعمال الرفع المساحي التفصيلية، بمخاطبة وزارة الطاقة للسير في إجراءات استملاك الأراضي المخصصة لمشروع توصيل أنابيب الغاز، ويقوم المستهلك النهائي [المصنع] بتزويد شركة الفجر بكافة المستندات الثبوتية الخاصة بالمشروع، ويلتزم بنقل ملكية كامل أجزاء التسهيلات الفرعية المنفذة ضمن حدود استملاك مشروع أنابيب نقل الغاز الطبيعي فور الحصول على شهادة اكتمال الأعمال من المستشار الفني وقبل تدفيع الغاز.
ولا يحق للمقاول، بحسب الآلية، العمل ضمن حرم أو محيط خط الغاز بدون أخذ التصاريح اللازمة من شركة فجر.
نحن هنا أما دور يتجاوز دور الدولة تقوم به شركة فجر الأردنيّة المصريّة لتوريد ونقل الغاز الطبيعي: فهي تُصدر تصاريح العمل ضمن حرم أو محيط خط الغاز، وتخاطب وزارة الطاقة لاستملاك الأراضي، وتحدد المستشارين الفنيّين المعتمدين، وتستلم طلبات التزوّد بالغاز، وتحصل على البيانات المتعلقة باستهلاك الوقود وكميات الغاز، وتحصل على المستندات الثبوتية الخاصة بالمشروع، وينقل إليها ملكية “أجزاء التسهيلات الفرعيّة”، ضمن أدوار أخرى منوطة بها يفترض أنها تقع في دائرة سيادة الدول لا تحت إدارة الشركات.
ونحن هنا أمام تعميق للتبعيّة يتمّ بإشراف ورعاية من أصحاب القرار في الأردن، وأمام باب واسع يتم من خلاله إدارج قطاع كبير من المهنيين في مشروع التطبيع.
لكل هذا، تتوجّه الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال) إلى جميع الجهات الصناعية والتجارية والهندسية والمهنيّة والفنيّة والعمّاليّة في الأردن، ممثّلة بغرف الصناعة، وغرف التجارة، والنقابات العمالية، والنقابات المهنية (خصوصًا منها نقابة المهندسين ونقابة المقاولين)، والشركات الصناعية الكبرى (وعلى رأسها شركة الفوسفات، ومجموعة نقل، اللتان وقعتا اتفاقيات مع شركة فجر – مرجع 3)، إلى مقاطعة وعزل شركة فجر الأردنيّة المصريّة، والشركات التابعة والشقيقة لها مثل الشركة الفنية لخدمات تشغيل خطوط الغاز (TGS)، التي تحوّلت اليوم إلى وسيط لتسويق الغاز المستورد من الكياني الصهيوني، ودعم إرهابهم ماليًّا واقتصاديًّا، وتحويل خط الغاز العربي الذي يقع تحت إدارتها في الأردن إلى خط صهيونيّ للغاز.
كما توجّه الحملة نداءً إلى المهندسين والفنيين والعاملين في شركة فجر الأردنية المصريّة، والشركات والمشروعات التابعة والشقيقة لها، مثل محطة ضواغط الغاز بالعقبة، والشركة الفنية لخدمات تشغيل خطوط الغاز (TGS)، للانتباه إلى أنهم يشاركون بشكل مباشر في دعم وتشغيل وتسيير أعمال مشروع داعم للإرهاب الصهيوني، يُلحق شعوبنا ودولنا من خانة التبعيّة بالعدو الصهيوني، ويربط مصيرنا عضويًّا بمشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني على المدى الطويل.
وتتوجّه الحملة إلى أصحاب القرار في الأردن، المتواطئين على أمن ومستقبل بلدنا ومواطنينا، الداعمين للإرهاب الصهيوني، بالأسئلة التالية: ما هو موقفكم من تحويل خط الغاز العربي إلى خط لتصدير الغاز المسروق من قبل الكيان الصهيوني؟ وكيف تقوم شركة فجر بعقد اتفاقيّات استراتيجيّة لتوريد الغاز من الصهاينة إلى مصر عبر الأردن، ما يؤثر على سيادتنا، بشكل مباشر، ودون وجودكم؟ وما هو مصير كميّات الغاز المصريّ المتعاقد عليها لصالح الأردن، وكيف يتم ضخّها اليوم إلينا بعد أن أصبح الغاز المستورد من الصهاينة هو المغذّي الرئيسي لخط الأنابيب الذي تحوّل الضخ فيه إلى مصر بدلًا من ضخ الغاز إلينا من مصر؟ وهل يعني هذا أن الأردن تحوّل إلى الاعتماد الكامل 100% على الغاز المستورد من الصهاينة؟ لماذا هذا الإصرار على صهينة قطاع الطاقة في الأردن، بدءًا من اتفاقية استيراد الغاز امن الصهاينة لتوليد الكهرباء، وصولًا توريد الكهرباء للصهاينة مقابل الماء، وصولًا إلى تحويل الأردن إلى ممرّ لتوسّع وتمدّد قطاع الطاقة في الكيان الصهيوني إقليميًّا وعالميًّا، والعمل على ربط القطاع الصناعي بشبكة الغاز التي يسري في عروقها الغاز الفلسطينيّ المسروق المستورد من الصهاينة؟ وكيف، ولماذا، تعطى شركة فجر كل هذه الصلاحيات الواسعة على قطاع خطير واستراتيجي؟
هي جريمة إضافية تضاف إلى سلسلة الجرائم المرتكبة بحق الأردن وأمنه ومواطنيه، أطرافها اليوم هم:
1- أصحاب القرار في الأردن وحكوماتهم (اتفاقية بـ10 مليار دولار لاستيراد الغاز من حقل ليفاياثان لصالح شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة الأردنية، واتفاقية بـ700 مليون دولار لاستيراد الغاز من حقل تامار لصالح شركة البوتاس العربية المملوكة جزئيًّا للضمان الاجتماعي ووزارة المالية الأردنية، تسهيل عمل شركة فجر الأردنية المصرية التي تقوم بتشغيل خطوط الغاز وضخ الغاز من الكيان الصهيوني إلى مصر عبر الأراضي الأردنية).
2- شركة الكهرباء الوطنيّة (اتفاقية بقيمة 10 مليار دولار لاستيراد الغاز من حقل ليفاياثان لتوليد جزء كبير من كهرباء الأردن).
3- شركة البوتاس العربية (اتفاقية بقيمة 700 مليون دولار لاستيراد الغاز من حقل تامار لتشغيل مصانعها في منطقة البحر الميّت).
4- شركة فجر الأردنية المصرية (المشغلة لخطوط الغاز في الأردن، والمشرفة على تصدير الغاز من الكيان الصهيوني إلى الأردن، وتصدير الغاز من الكيان الصهيوني إلى مصر عبر الأردن من خلال خط الغاز العربي، وربط المصانع الأردنية بشبكة الغاز).
وإذ تؤكد الحملة على أن الموقع الوحيد لهؤلاء هو موقع المساءلة والمحاسبة والمحاكمة على ما ارتكبوه وما يرتكبونه من جرائم بحق بلدنا وأمننا واقتصادنا ومستقبلنا، فهي تؤكد أيضًا على ضرورة استعادة تقاليد العمل الشعبي المشترك لمواجهة هذه الأخطار الجسيمة التي تسللت اليوم إلى داخل جسدنا عبر الكهرباء والغاز والماء والمشاريع الاستراتيجية الحيوية الكبرى.
المراجع:
مرجع 1: وكالة الأنباء الأردنيّة (بترا)، وزارة الطاقة تعلن آلية إيصال الغاز الطبيعي للمصانع، 1 / 10 / 2022، https://bit.ly/3MhIP9N
مرجع 2: المونيتور،Israel, Egypt tighten energy ties، 2 / 3 / 2022، https://bit.ly/3yp2qiG؛ وأيضًا: إنتربرايز،Israel is now sending us natural gas through Jordan، 6 / 3 / 2022، https://bit.ly/3ee8Ev5
مرجع 3: موقع شركة مناجم الفوسفات الرسمي، الفوسفات تدشن خطا لتزويد المجمع الصناعي في العقبة بالغاز الطبيعي،https://bit.ly/3pzzrnu ؛ وأيضًا: الغد، شراكة استراتيجية بين “إيليا نقل” و”فجر الأردنية المصرية“، 8 / 12 / 2021، https://bit.ly/3wilD4s؛ وأيضًا: المملكة، اتفاقيتان لتزويد “الفوسفات” و”نُقل” بالغاز الطبيعي، 17 / 9 / 2019،
:::::
https://www.arabjo.net/?p=97247
موقع “الأردن العربي”، أكتوبر 9, 2022
____
- تابعوا “كنعان اون لاين” Kana’an Online على موقعنا: https://kanaanonline.org/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org