بين سنتي 2002 و2004 أقمت في السكن الجامعي في حي “كينجز كروس” العتيق بلندن، على مسافة مشي مريحة من المتحف البريطاني العظيم.
كنت أقضي غالب وقتي (الذي أحتاجه في المذاكرة الجامعية وفي البحث الأكاديمي) بين جنبات هذه المؤسسة الفاخرة ذات الإبهار المعماري والمعرفي الكامل.
وكطالب في الدراسات العليا بجامعة لندن (كنت حينها أعد رسالة الماجستير في الفلسفة الإسلامية) كانت أبواب المتحف العمومية والخصوصية مفتوحة أمامي طوال اليوم.
ظللت لسنوات أجول أروقة المتحف وخفاياه الحضارية كروح عربية إنسانية تائهة تبحث عن معناها القومي ومصيرها الكوني الذي يوحدها ببقية خلق الله.
اطلعت مثلاً، وبإذن خاص وترتيب مسبق، على نسخ عتيقة للمصحف، ومخطوطات فلسفية بالغ القدم، ومقتنيات أثرية بديعة يرجع بعضها لعهد النبي الكريم وخلفائه المباشرين، كما تكلمت بأريحية مع كبار المتخصصين في المتحف في أصول الحضارة وجذور المدنية وأسس الثقافة الإنسانية.
ولم يكن هذا حكراً على أنا وعلى الحضارات العروبية فقط، فصديقي الياباني مثلاً كان يقول لي ضاحكاً (ومتأسفاً) وهو يشير إلى الجناح الياباني المهيب: في المتحف البريطاني من آلهتي وأساطيري الروحية ما يكفيني لطقوس العبادة وشعائر التقديس لعمرٍ كامل!
هذا الصباح، وبدافع من النوستالجيا والعطش المعرفي زرت موقع المتحف على الانترنت، لأجد فيه بالصدفة إحصائية رسمية غير كاملة بعدد القطع الأثرية التي يملكها المتحف من مختلف حضارات العالم (بالترتيب الأكثر ثم الأقل). هي كلها طبعاً (باستثناءات قليلة) نهبتها الإمبراطورية البريطانية (أيام مجدها الزائل) بقوة البارود والعلوم والفلوس والآلة الحديدية الفاعلة.
مرفق هنا، يا أصدقائي، ترجمتي وإعدادي لهذه الإحصائية المهمة لتبقى شاهداً حضارياً مهماً للأجيال! مع ملاحظة أن الأرقام هنا بالآلاف: 164 تعني 164 ألفاً من القطع الأثرية المنهوبة.

:::::
المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.