الجامعة العربية كما أرادتها بريطانيا
هل هناك ما يثير الدهشة من موقف الجامعة من التطبيع الخليجي وعدم اعتذارها حتى الان لسوريا، ومما وصلت إليه في سنواتها الأخيرة.
1. شهدت (جامعة الدول العربية) أكثر من محطة عند تأسيسها: بروتوكول الاسكندرية 1944م ثم ميثاق الجامعة 1945م الذي وقعته مصر، وسوريا، والأردن، واليمن، والسعودية، والعراق ولبنان، وقد تعاقب على أمانتها العامة: عبد الرحمن عزام حتى عام 1952 وهو مصري، ثم عبد الخالق حسونة طوال العهد الناصري ثم محمود ریاض ثم الشاذلي القليبي قبل ان تعود الى المصريين.
2. أما الجهات التي وقفت خلف تأسيسها فهي مراكز بريطانية مما انعكس في تنافس حكومات العراق ومصر (الصديقة) لبريطانيا آنذاك، وتحديدا حكومة نوري السعيد في العراق وحكومة مصطفى النحاس في مصر، حيث ادعى كل منهما أنه صاحب المبادرة، بينما صاحب المبادرة الحقيقي هو انطوني ايدن، وزير الخارجية البريطانية الذي صاغ المبادرة على طريقة وعد بلفور (تنظر بريطانيا بين العطف إلى رغبة العرب في شكل من الاتحاد.. الخ).
ومهندس الجامعة هذا السيد ایدن، هو مهندس العدوان المشترك مع العدو الصهيوني والاستعمار الفرنسي على مصر 1956 بعد أن قام زعيم الأمة وقائدها التاريخي جمال عبد الناصر بتأميم الشركة البريطانية – الفرنسية لقناة السويس وأعاد ملكيتها إلى الشعب المصري.
وقد سقط كل الذين تورطوا في هذا العدوان، ايدن في بريطانيا وبلوم في فرنسا، وقادة رجعيون أتراك وعرب.. ما يذكرنا أيضاً بالنسخة الحالية منهم في باريس ولندن وفي محمياتهم أيضاً، كما في اسطنبول (مندريس) الذي يشبه اردوغان وإسلامه الأمريكي الذي أسس قاعدة إنجرليك الامريكية.
3. إضافة للوظيفة البريطانية للجامعة في الالتفاف على فكرة الوحدة العربية بإنشاء اتحاد لكيانات عربية مبرمجه على مقاس اتفاقية سايكس بيكو وغيرها فقد وفرت في عقودها الأخيرة أخطر غطاء دولي وإقليمي للعدوان على الأمة وتمرير مشروعات التسويق الصهيوني، وكان هناك دائماً توافق بين أعداء الأمة والقوی الرجعية ومحميات نفطية معروفة ومن أخطر هذه المحطات: التغطية على العدوان الصهيوني على المقاومة الفلسطينية واللبنانية والجيش السوري في البقاع 1982 وذلك بتمرير ما عرف بمشروع أو مبادرة فاس الثانية ومشروع ريغان لتصفية القضية الفلسطينية، ثم التغطية على العدوان الأمريكي الأطلسي الرجعي على العراق مرتين 1996 و2003 ثم التغطية على عدوان مماثل على ليبيا، ثم التغطية على مشروع تدمير سوريا.
4. وكما تلاحظ دراسة الدكتور مجدي حماد حول الجامعة الصادرة عام 2004 فإن إحلال المظلة الخارجية ظل علاقة واضحة في عمل الجامعة منذ نهاية العهد الناصري وهيمنة الحقبة النفطية التي استدعت اضعاف وتدمير مراكز الامة الحضارية لصالح القوى لنفطية الصحراوية المتكاملة مع العدو الصهيوني.
وليس بلا معنى ان مراكز الامة الاساسية، اما مهمشة سياسيا، اما مدمرة مثل العراق، واما برسم الاستنزاف اليومي مثل سوريا ناهيك عن اخراجها من الجامعة مقابل الحضور المتزايد لعواصم التطبيع والتبعية والقواعد العسكرية الامريكية.
::::
المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….