السنة الثانية والعشرون – العدد 6409
في هذا العدد:
■ أستأذنكم في توجيه بعض النصائح، رشاد أبوشاور
■ جنوب إفريقيا، بعد عشر سنوات، الطاهر المعز
■ تقييم جاهزية القوات الأميركية .. فرصة لمزيد من الإنفاق العسكري، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
■ عرين الاسود بين النشوة والفجوة، د. وليد عبد الحي
✺ ✺ ✺
أستأذنكم في توجيه بعض النصائح
رشاد أبوشاور
.. ولقد فعلت هذا من قبل، رغم أنني لم أتلق الإذن من أحد، أو فصيل، أو جهة رسمية فلسطينية انطلاقا من أن هذا واجب وطني.
كان دافعي لتوجيه النصح وطنيتي، وخبراتي في المشاركة في معارك شعبنا الكبرى، وقناعتي بأنني أقوم بواجبي تجاه قضيتي، والشعب الذي ولدت إبنا له، وحملت نصيبي معه من هموم القضية المقدسة التي تجمعه مع ملايين أمته العربيّة.
من غير المعقول أن أحجب النصيحة التي أراها واجبة، مراعاة لشعور بعض الأشخاص، وحرجا من أن أصنف بأنني أنصّب نفسي معلما، في حين إنني أتعلم، رغم أنني في نهاية العقد الثامن من العمر، وعاصرت وشاركت في تجارب ومعارك كبيرة لشعبنا، وخبرت أوقاتا مفصلية لقضيتنا، ولحظات قريبة من اليأس بأن مقاومتنا توشك على التلاشي لولا..أن شعبنا العظيم يجترح فجأة فعلا ثوريا نهوضيا عارما يغيّر الواقع والوقائع، ويبهر الصديق والعدو، بحيث يقتنع الجميع بأن شعبنا بسبعة أرواح كما كتب الشاعر توفيق زياد، وكما هي الوقائع تنبئ، والحقائق تؤكد، وهو ما يجعلنا لا نيأس أبدا كشعب وضعته أقداره في الخندق المتقدم للصراع بانتظار تهيوء الأمة للحشد والزحف إلى أرض المعركة: فلسطين..وأُذكّر بأن هذا ما حدث في مواجهة الاجتياح الصليبي و المغولي، من قبل، وأنه لم ينقطع شعبيا عربيا في مواجهة الغزو الصهيوني.
من أهم الدروس المستخلصة في معارك تحرر الشعوب التي يفترض أن لا تنسى: المراكمة و..التعلّم، وتوريث الدروس المستفادة لمن سيأتون ويحملون الراية لمواصلة معركة الحريّة حتى النصر المؤزّر بطرد العدو، وهو ما يفعله شعبنا بلا كلل، ولا يأس، وهو بهذا يدفع أعداءه للحيرة في أمره، والشعور بالإحباط والعجز أمام صلابته، ومضاء عزيمته، وتطور خبراته، وهو ما يحققه شعبنا في المائة سنة وأكثر الماضية، وهو ثابت في ميدان المنازلة التاريخية المصيرية.
إنني أنصح بتجنب حمل السلاح في المسيرات، سواء لتوديع الشهداء، أو في المناسبات، أو تحت أي عنوان، لأن عيون عدونا ستتابع حملة السلاح وستستدّل على عناوينهم، وبهذا يكونون مواقع ثابتة محددة، وهذا ما حدث في نابلس لأبطال عرين الأسود فأوقع العدو بخمسة شهداء في ضربة واحدة..وهو ما شكّل صدمة لشعبنا، خففتها فيما بعدعمليتا الخليل وأريحا المبهرتين.
إن التجمع في مكان واحد، والركون إلى أن حمل السلاح، والموقع المحصّن، سيؤمن الحماية، تقدير خاطئ، ورهان خاسر، فالمكان سيكون مصيدة، والسلاح في مكان محدد لن يرجح الكفة في المواجهة راهنا، ولذا نواجه عدونا بالمباغتة، و..أضرب واختفي، ولن أستفيض في هذا الأمر،فهذه بدهيات أولية في حرب المقاومة.
لقد نجحت العمليات التي صنفت بأنها عمليات ذئاب منفردة، لأنها عمليات اقتحام من أفراد يباغتون تجمعات العدو، ومدنه التي تبدو له حصينة، من غير المعقول أن يقتحمها أفراد فلسطينيون مقاومون، وهزّت كيان العدو، وهيبة جيشه، وصدمت محتمعه، وأذهلته بشجاعة (الفرد) الفلسطيني، وقدرته، وثباته، وروحه الاستشهادية.
العدو واستخباراته، وعيونه وأذانه، وأدوات رصده عجزت عن توقع فعل الأبطال الفلسطينيين، ومعرفة أمكنة انطلاقهم، والأهداف التي سيضربونها..وهنا تفوّق أبطالنا.
من أول المبادئ التي زرعت في عقولنا، عندما انتظمنا في مطلع الستينات من القرن العشرين: السريّة والكتمان..وفي ظروف العمل السري، وقبل انطلاقة الثورة الفلسطينية، حافظنا بهذا المبدأ الثوري على كل تحركاتنا، وتنقلاتنا، وتدريبنا،ولم نكن نمارس أي فعل معلن يمكن أن يكشفنا، ويسهّل اعتقالنا..وبقينا هكذا حتى انطلاقة الثورة الفلسطينية بعد هزيمة حزيران 67 الكارثية.
إن حمل السلاح، وإطلاق الرصاص في المسيرات، يناقض تماما السريّة والكتمان، وإنني من الذين كتبوا قبل سنوات عن عدم المسؤولية في إطلاق الرصاص في المسيرات بحجة توديع الشهداء، وأعود لألح على أن هذا الفعل هو استعراض لا يليق، وهذا الرصاص الذي يطلق في الهواء مكلف بثمنه ونقله، ويتم الحصول عليه (بطلوع الروح) لمقاتلة قوات وأجهزة الاحتلال، لا للمظاهر المنفرة الاستعراضية.
إنني أنصح بعدم الاستجابة لإغواء الإعلام، فهو يستدرجكم للظهور، وتحديد هويتكم، ويكشفكم لعيون العدو، بقصد أو بغير قصد، وأنا أرى أن أفعالكم هي التي تقدمكم، وليست كاميرات المراسلين، والفضائيات..فأنتم أبطال فلسطين، ولستم ناطقين رسميين.
يستطيع العدو أن يرسل مسيراته فوق المناطق التي تتواجدون فيها، لنقل حركتم، وتحديد أمكنتكم، عندما تكونون تجمعات مسلحة، ولكنه سيعجز عن فعل شئ عندما تكونون مجرّد أفراد عاديين بين شعبكم، وسلاحكم مخفي ولا يستخدم إلاّ في لحظات محددة.. ثم يُعاد إلى مواقعه التي من الصعب أن يعرف العدو موقعها، وهو ما يقتضي أن تكونوا مجهولين وأن تتسلحوا بالسريّة والكتمان، فلا مباهاة، ولا استعراض، ولا تشوّف، ولا تسميات تحدد الآحياء، والمدن، والمواقع…
هذه الإجراءات الثورية وغيرها ستسهم في حمايتكم من كشفكم، ومتابعتكم، وتحديد أماكنكم، ومعرفة هوياتكم الشخصية، فأنتم فلسطينيون عاديون، تمارسون حياتكم اليومية العادية أسوة بأبناء شعبكم.
لن تستطيع مُسيرات العدو أن ترصدكم، لأنكم أفراد عاديون، ولن يستطيع جيش الاحتلال أن يوقع في صفوفكم خسائر فادحة، لأنكم لستم تجمعات يمكن رصدها والتعامل معها كأهداف محددة.
أنتم هكذا تفاقمون شعور العدو وأجهزته بالعجز، لأنه يتلقى الضربات من أفراد، لا يعرف من هم، ومن يقف خلفهم، ومن يحركهم، ومن يوجههم…
وأنتم هكذا ستحظون بإعجاب شعبكم وفخره بكم..بفعلكم، وأنتم كأفراد مجهولون..وبفعلكم معروفون، ولستم تسعون للشهرة الشخصية، ولكنكم تنصرون شعبكم، وقضيتكم، وتضربون عدوكم، وتذلونه..وهل تريدون أكثر من هذه المنجزات؟!
سأصارحكم: شعبنا ينفر من المظاهر المسلحة الاستعراضيّة، وأنا سمعت كثيرا تعليقات كهذه، عندما يرون عشرات البنادق يحملها مُقنعون في المسيرات، والجنازات: ما دامت لديهم كل هذه البنادق فلماذا لا يظهرون في وجه قوات الاحتلال وهي تقتحم المخيمات، والأحياء، وتطارد المقاومين؟!
لا تكفي الحماسة وحدها في العمل الثوري، فلا بد أن تعرفوا ما يحيط بكم، فهناك من لا يحبذون المقاومة المسلحة، وهؤلاء قد يرون في تقويض عملكم خدمة لأهداف وطنية، وبناء على هذا سيعملون على اختراقكم، ومحاصرتكم، وتيئيسكم، وسيغطون ما يفعلون بشعارات وطنية، وبحكمة مدعاة، وبحرص على دمكم..ولهم أساليبهم، ووسائلهم، ومآربهم…
لا بد من أن تتحصنوا مع السريّة والكتمان بالوعي، وبنكران الذات، وبالحرص على الذات..أي على أمن الذات، وأمن أخوة السلاح، والحذر الحذر من المزاودين والاستعراضيين…
أنتم تتحركون في أمكنة ضيقة، تستطيعون توسيعها حولكم بعدم كشف أنفسكم..حتى يأتي الوقت الذي تعم الثورة المسلحة كل فلسطين بمدنها، وقراها، ومخيماتها..ومع ذلك تبقى السريّة سلاحنا الذي يعمي عيون العدو عن رؤية حركتنا، ويحرم أذنيه من سماعنا.
✺ ✺ ✺
جنوب إفريقيا، بعد عشر سنوات
الطاهر المعز
\
هل يمكن الإكتفاء بتغيير حاكم مُسْتَعْمِر أوروبي أبيض بحاكم مَحَلِّي أسود أو أصفر أو قَمْحِي، لتغيير الوضع الإقتصادي والإجتماعي؟ هل يمكن الحديث عن وضع حدّ للميز القومي والعنصري في فلسطين المحتلة لتحقيق “المُساواة” (الوَهْمِيّة) بين الغازي المُستعمِر وصاحب الوطن والأرض؟
لما تَمّت المفاوضات بين بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ونظام حُكم المُستعمرين “البيض”، من أصل أوروبي، لم تكن استراتيجية المؤتمر الوطني الإفريقي تُركّز على تصفية الإستعمار الإستيطاني، بل على المُساواة القانونية، ولم يتم التّركيز على استعادة الممتلكات التي استولى عليها المُسْتعمِرُون، لذلك بقي النفوذ الإقتصادي والمالي بأيدي المُستعمِرِين، وأصبحت الحكومة والبرلمان (أغلبية من المواطنين السّود) يسْهَرُ على حماية ممتلكات المُستَعْمِرِين البيض، مع ارتقاء جزء صغير من السود في درجات السُّلّم الطبقي، بدءًا بقيادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي
في الذّكرى العاشرة للمجزرة التي ارتكبتها الشرطة “السّوداء” بقيادة ضابط أبيض، والتي استهدفت العُمّال المُضربين بمنجم “ماريكانا” للبلاتين، نُذَكِّرُ بما يُمكن أن يحدث عندما لا يرتبط النضال من أجل الحقوق المدنية بالنضال من أجل الحقوق السياسية والإقتصادية.
في عام 2008 ، بدأت شركة Lonmin البريطانية متعددة الجنسيات في استغلال مناجم البلاتين في موقع “ماريكانا”، سنة 2008، سنة الأزمة المالية والإقتصادية، وفي 16 آب/أغسطس 2012، قتلت شرطة جنوب إفريقيا 34 من المضربين بالمنجم، لتعكس هذه المجزرة حِدّةَ “الصراعات الاجتماعية” (تلطيف لعبارة الصراع الطّبقي) في البلاد التي اعتقد سُكّانها خَطَأً أن خلاصهم من نظام المَيْز العنصري سوف يُؤَدِّي إلى تحسين أوضاعهم، وتُسَبِّبُ مناجم البلاتين المُندمجة في سلاسل الإنتاج العالمية، أضرارًا بيئية كبيرة، بالإضافة إلى العنف متعدد الأوجه ضد العمّال والسكان… بعد عشر سنوات لم يتغير شيء تقريبًا في “ماريكانا”، لا بالنسبة لعمال المناجم الذين يخاطرون بحياتهم مقابل أجور منخفضة، ولا بالنسبة للسكان الذين يعيشون في أكواخ من الصفيح بالقرب من المناجم ، في بيئة ملوثة.
يُعدّ البلاتين من أَثْمَن المعادن، وضروري في تصنيع محفزات السيارات (للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون)، وفي تصنيع أشباه الموصلات والسبائك المغناطيسية للأقراص الصلبة للكمبيوتر، وله استخدامات عديدة في التكنولوجيا الدّقيقة. أما بالنسبة لسكان منطقة ماريكانا فإن المنجم يُشِير إلى جانب آخر من الواقع، فقد ازداد عدد النساء اللاتي عانين من الإجهاض القَسْرِي بسبب المياه الملوثة جراء أنشطة التعدين والمواد الكيميائية التي تتطلبها عمليات استخراج المعادن وتكريرها، والنفايات السّامة التي تُلقي بها الشركات على مسافة صغيرة من أحياء الصّفيح التي يسكنها العُمّال وأهالي المنطقة، ما يجعل من نشاط المناجم وعملية التعدين خَطَرًا على الصحة.
يتقاضى العُمّال رواتب منخفضة ويعملون في ظروف سيئة، بمعدّات مُتهالكة، بدون رعاية صحية، ولذلك احتجّوا صيف سنة 2012، بدعم من السّكّان الذين أرهقتهم ظروف العمل وظروف المعيشة السيئة، وفي السادس عشر من آب/أغسطس نقلت وكالات الأخبار أنباء وَصُوَر المجزرة التي راح ضحيتها 34 عاملاً مضربًا من منجم “ماريكان”، ليصبح هذا الإضراب رمزا للنضالات الاجتماعية والبيئية في قطاع التعدين، في مرحلة حُكْم المؤتمر الوطني الإفريقي، بعد وضع حدّ (شَكْلِي) لنظام المَيْز العنصري، الذي تم استبدالُهُ بنظام المَيْز الطّبقي.
بعد عشر سنوات، لم يتغير شيء، وفقًا للسكان المحليين (رويترز 16 أغسطس 2022)، وتجدر الإشارة أن الرئيس الحالي لجنوب إفريقيا “سيريل رامافوسا” هو رجل أعمال ثري من القيادات المُؤَثِّرة والوازنة في المؤتمر الوطني الإفريقي، ومن أصحاب الأسهم في شركة Lonmin متعددة الجنسيات التي تستغل منجم “ماريكانا”، وكان خلال الإضراب زعيمًا مؤثرًا للغاية في المؤتمر الوطني الأفريقي، ووَصَف المُضربين بالمُجْرِمِين وأعلن أنه طلب آنذاك من وزارة الداخلية قمعهم بلا رحمة وعدم تلْبِيَة مطالبهم…
يتولّى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي السلطة منذ سنة 1994، وأَقَرَّ نوابه الذين يشكلون الأغلبية المُطلقة بالبرلمان، تشريعات تخفيف القيود على رأس المال والبورصات، والسماح للشركات متعددة الجنسيات باستثمار أرباحها في البورصات أو في المصارف الأجنبية، خارج البلاد، ما مَكّنَ الشركات العابرة للقارات وأصحاب الأسهم بمناجم البلاتين، مثل Lonmin أو Anglo-American أو Impala يُحقّقُون الكثير من الأرباح دون الاستثمار في البنية التحتية للتعدين أو التكرير، ولذلك تهالكت البنية التحتية لمنجم ماريكانا وانخفض حجم الإستخراج، وللمحافظة على حجم الأرباح سَرّحت الشركات متعددة الجنسيات آلاف العُمّال منذ أزمة 2008/2009، بهدف تقليل حصة العمالة ومواصلة توزيع الأرباح على المساهمين…
في هذا السياق تضاعفت الصراعات الاجتماعية والإضرابات، وانسلخ عمال المناجم عن اتحاد النقابات “كوساتو”، الحليف التاريخي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، بسبب رفض قادة كوساتو دعم العُمّال المُضربين بشركة التعدين “لونمين”، وأسَّسَ العمال نقابة جديدة سموها اتحاد عُمال المناجم والبناء (AMCU) والتي أصبحت النقابة ذات الأغلبية في مناطق التعدين.
اضطرت شركة Lonmin للتنازل وحصل العُمّال على زيادات في الأجور، في أعقاب مذبحة 16 آب/أغسطس 2012، وسرعان ما التهم التضخم تلك الزيادة، ثم تم بيع فرع شركة “لونمين” سنة 2018، لشركة تُعلن مقرّها بجنوب إفريقيا، وتدهور ميزان القوى بسرعة وأصبح حاليًا غير مواتٍ لعمال المناجم وعمال الصّهر والتكرير الذين لا زالوا يعيشون مع عائلاتهم في مخيمات غير رسمية مكونة من أكواخ حديدية مموجة (قصديرية)، يحيط بها غُبار المناجم والشاحنات التي تحمل النفايات السامة والضارة جدا بالصحة لإلقائها قريبًا من مساكن العمال التي تفتقر للمياه الجارية، وتعبُرُها أبراج وخيوط الكهرباء ذات الضّغط العالي التي تغذي المنجم، وفي حزيران/يونيو 2022، قتلت أجهزة أمن المناجم مناضلة محليًا ونقابيًا كانا يُنَظِّمَانِ حملة لدعم عمال المناجم المُضربين بمنجم بلدة “روستنبرغ” القريبة.
لم يؤد تفكيك شركة Lonmin واستيلاء الشركة الجنوب إفريقية ( Sibanye-Stillwater )عليها، سنة 2018، إلى تحسين ظروف العمل والمعيشة للسكان، فلم ترتفع الرواتب منذ سنة 2013، رغم ارتفاع المُعدّل الرسمي للتّضخم إلى حوالي 50% وازداد تَدَهْوُرُ الأوضاع الصحية، مع انعدام المراقبة الطبية للعاملين في قطاع التعدين، وسكان المنطقة التي تُعاني من النفايات، ليصبح معدل وفيات عمال المناجم السابقين أعلى بنسبة 20% من معدل الوفيات العام بالبلاد، وفقًا لدراسة أجريت بين سنتَيْ 2001 و 2013، وتراكمت النفايات لتصبح المنطقة المُحاذية لمدرسة ابتدائية مكبًّا للنفايات السامة، وأصبح الهواء مُحَمّلاً بثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد النيتروجين والغبار مما يتسبب في إصابة السكان بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن وأمراض الجهاز التنفسي، وفقًا لتقرير مؤسسة برنش مارك (Bench Mark Foundation ) الذي يدرس المخاطر الناجمة عن أنشطة استخراج المعادن الضرورية للصناعات الأوروبية والاسترالية والأمريكية …
✺ ✺ ✺
تقييم جاهزية القوات الأميركية..
فرصة لمزيد من الإنفاق العسكري
د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
لا يحتاج المرء، سواء من ذوي الاختصاص أو الاهتمام العام، إلى الغوص عميقاً في وثيقة رسمية أميركية بشأن “استراتيجية الأمن القومي” لسبر أغوار جاهزية القوات العسكرية الأميركية، وخصوصاً لما جاء في معرض استنتاجاتها بأن وضع القوات العسكرية الراهن لا يمكّنها من مجاراة الصين وروسيا ومواجهتهما والانتصار عليهما، ممهّدة بذلك المسوّغات السياسية لتخصيص مزيد من الأموال للبنتاغون، الذي أضحت ميزانياته التراكمية الهائلة من دون سقف محدد. وكذلك استعادة لأجواء الحرب الباردة بصورة أكثر وحشية واصطفافات متقابلة يفصل بينها الضغط على الزناد.
تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن المتكررة بشأن أولويات الاستراتيجية الكونية لبلاده تلامس جوهر أولويات المسألة بدقة، وتخفّف عبء التيقّن بصدقية الدراسة من عدمها، إذ يحرص الرئيس على حصر الأولويات وفق معادلة ثنائية للصراع في قطبين: أنصار “الديموقراطية والاستبداد”، واستنساخ المواجهات القديمة، وما يواكبها من تبسيط مخلّ بالظروف الدولية ومتغيراتها في إرساء أفق سياسي أكثر عدالة للقوى الأخرى الصاعدة.
الوثيقة استجابت لمطالب صقور الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، لما يرونه من إجراءات ضرورية وعاجلة لاستعادة “القيم والاستثنائية” الأميركية، تتحقق عبر “الردع المتكامل” للقدرات الأميركية العسكرية والاقتصادية، وتعزيز مبدأ “منافسة استراتيجية لتشكيل مستقبل النظام الدولي” في مواجهة ما يفرضه ظهور الصين وروسيا من تحديات لواشنطن، أوضحها مستشار الأمن القومي جيك سوليفان للصحافيين قائلاً: “من الأهمية بمكان تحديد التحديات التي تفرضها الصين قبل فوات الأوان، وإذا فقدنا الفرصة في هذا العقد الزمني فلن نكون قادرين على مواكبة ذلك”.
مفهوم “الردع المتكامل” يستند إلى تسخير مجموعة كبيرة من القدرات والإمكانيات، ليس للولايات المتحدة فحسب، بل بانضمام حلفائها وشركائها إلى جهودها في مروحة واسعة من المجالات: العسكرية، بما فيها الفضائية، والاقتصادية، التقنية والمعلوماتية، الاستخبارية والأمنية، وكذلك الحضور الديبلوماسي.
أشارت الوثيقة إلى إيران، في سياق فقرة تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، كـ “قوة استبدادية أصغر، تطور برنامجاً نووياً يتجاوز أي حاجة مدنية ذات مصداقية”. وحافظت كوريا الشمالية على مكانتها في عداء الولايات المتحدة لها، نظراً إلى “برامج الأسلحة الصاروخية والنووية غير المشروعة”.
في التفاصيل استندت الإدارة الأميركية إلى دراسة بحثية صادرة عن أحد أبرز مراكز الأبحاث ذات التوجه المتشدد في القضايا الدولية، مؤسسة “هاريتاج”، سارعت وسائل الإعلام المختلفة إلى التركير على أبرز نتائجها بأن أوضاع “القوات العسكرية الأميركية تواجه مخاطر متزايدة لناحية عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها للدفاع عن المصالح الحيوية الأميركية”.
واستطردت في انتقاد سلاح الجو الأميركي الذي “تميّز” بقدراته وعقيدته سابقا، والآن يصنّف بأنه “بالغ الضعف”. كما تعرّض سلاح البحرية للتصنيف الضعيف بعدما شهد أوجه في مراحل سابقة، وبسط سيطرته العالمية إذ “أضحت المحيطات والبحار بحيرات تجوبها القوات الأميركية”.
واستثنت الدراسة المطوّلة “سلاح مشاة البحرية – المارينز” من الانتقاد والتشديد على سلامته كقوة معتبرة لتحقيق مهمات الاستراتيجية الأميركية المطلوبة.
كما قفزت الدراسة، في صيغتها المعلنة، عن خطر داهم يهدد الأمن الوطني والسلم الأهلي يمثله “الإرهاب الداخلي”، وتزايد مضطرد أيضاً في حوادث إطلاق النار على مدنيين عزّل، وخصوصاً طلبة المدارس العمومية.
بالمقابل، استرشدت الدراسة بتصريحات صقور الحزبين اعتبار “داعش وتنظيم القاعدة” خطراً يهدد الأمن القومي الأميركي، ما يدلّ على نية لتوسيع رقعة الحضور العسكري الأميركي في “الشرق الأوسط”.
اللافت أيضاً ما دوّنه الرئيس الأميركي في مقدمة الوثيقة بالقفز عن متغيرات الظروف الدولية قائلاً: “في جميع أنحاء العالم، الحاجة إلى قيادة أمريكية كبيرة كما كانت في أي وقت مضى. نحن في خضم منافسة استراتيجية لتشكيل مستقبل النظام الدولي. لا توجد دولة في وضع أفضل لقيادة (العالم) بقوة وهدف من الولايات المتحدة الأمريكية “.
الإضافة الجديدة إلى جوهر وثيقة “استراتيجية الأمن القومي” هي استعادة خطاب “خوض أميركا حروب متزامنة” مع كل من الصين وروسيا، بكل ما تتطلبه من تحشيد للقدرات والإمكانيات والاستمرار في تنفيذ عمليات عسكرية طويلة الأجل. ذلك ما يخدم الصقور بين القيادات العسكرية والسياسية، والذين يعتبرون ما وصلت إليه القوات العسكرية من تراجع جاء نتيجة قرار ات الإدارات المتعاقبة لتخفيض معدلات الإنفاق العسكري، الأمر الذي “حدّ من جهود التحديث للآلة العسكرية” والنووية أيضاً، بحسب أدبياتهم وتصريحاتهم.
من بين “توصيات” الدراسة، التي يتبناها غالبية صناع القرار السياسي والعسكري والأمني، رفع عديد قوات سلاح المشاة إلى “50 لواءً” قتالياً لتنفيذ مهام “خوض حرب متزامنة على جبهتين”. وأشارت أيضاً إلى أن سلاح الجيش لديه “62% من القوات المطلوبة”، وتبلغ جاهزية ألويته نحو 25 لواء من مجموع 31.
أيضاً، تفيد الدراسة في الشق العسكري بأن أحد مكامن الضعف في القوات البرية هو انتقال عقيدتها القتالية وتدريباتها من خوض “عمليات صغيرة تكتيكية في الشرق الأوسط إلى عمليات قتالية كبيرة ومستدامة”، كما يجري في أوكرانيا، والخبرة العملياتية المكتسبة في الشرق الأوسط لا ترقى إلى المستوى المطلوب لتنفيذ مهمات متعددة تستدعي العمل الجاد تحت ضغوط الظروف الميدانية والعمل كفريق متناسق.
وضع سلاح البحرية، في نظر معدّي الدراسة، مقلق ويعاني من “ضعف شديد”، وينقصه توفر مزيد من السفن الحربية ما يتطلب فترات أطول في خدمة الطواقم الحالية لتعويض النقص. ما يحتاجه سلاح البحرية، بحسب الدراسة هو الحصول على أسطول مكون من “400 سفينة حربية، عوضاً عن 298 سفينة في ترسانته الحالية”.
وعليه، فإن الكونغرس أمام تحدي تخصيص مزيد من الإمكانيات المالية لبناء سفن جديدة قبل حلول عام 2030 خشية تفاقم قصور الأداء العام. بالنظر إلى تواجد قطع الأسطول السادس في البحر الأبيض المتوسط، وما أفرزته الحقبة الراهنة من مخزون كبير للطاقة تحت سطح البحر يستدعي “إنشاء قوة جديدة من حاملات الطائرات”.
أما سلاح مشاة البحرية، المارينز، فقد حافظ على معدلات “رضى” معدّي الدراسة، ولديه نحو 30كتيبة تقتصر مهماتها على خوض معارك خفيفة للمشاة ولهجمات القوات البرمائية، تغطي معظم نقاط الاشتباك في العالم.
سلاح الجو لم يفلت من سهام الانتقاد، وفق تقييم الدراسة، وخصوصاً لما يعانيه من نقص في الكوادر المهنية لصيانة الطائرات، وكذلك في عدد المنتسبين إلى قيادة الطائرات بنحو 650 طياراً، ما أوجد وضعاً مقلقاً لناحية التجنيد والإبقاء على المهارات المطلوبة.
ربما يستطيع سلاح الجو في وضعه الراهن الانتصار في معركة إقليمية واحدة، بحسب الدراسة، وسيعاني من تحديات أمام أداء نظيريه الصيني أو الروسي. الاستنزاف الراهن في عديد المقاتلات وطواقم قياداتها سيعقّد إمكانية الفوز في مواجهة كبيرة في الإقليم. وتربط الدراسة مدى إنجاز مهمات “المارينز” المطلوبة باعتماده على توفير سلاح البحرية سفناً برمائية جديدة.
إذاً، القاسم المشترك في تقييم الدراسة المعتمدة رسمياً هو إعداد العامة لتقبل تخصيص مزيد من الميزانيات لشؤون فروع القوات المسلحة، وتجاهل مطلبات تحديث البنى التحتية المنهارة، على الرغم من الوعود الانتخابية بمعالجتها وإعادة ترميمها. وبررت ذلك بالقول إن الأوضاع الراهنة مقلقة نتيجة “الاستخدام المستمر للأسلحة، وتقليص الميزانيات المطلوبة، وعدم دقة تحديد الأولويات الدفاعية، والتحولات المتسارعة التي تطرأ على السياسات الأمنية، وغياب الصرامة والجدية في أركان مؤسسة الأمن الوطني”.
:::::
مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن
الموقع الإلكتروني:
✺ ✺ ✺
عرين الاسود بين النشوة والفجوة
د. وليد عبد الحي
منذ ان تم طرح المشروع الصهيوني في فلسطين مع نهاية القرن التاسع عشر الى يومنا هذه، توالت الثورات والمشروعات الثورية في فلسطين من البراق الى منظمة التحرير وتنظيمات القوميين العرب وصولا لحركات المقاومة المعاصرة التي يغلب عليها الطابع الديني. فطبيعة الكيان الصهيوني تخلق نقيضه في كل فترة. يتغلب عليها لكنه يفاجأ ببروز نقيض متواصل له. قد يختفي الشكل لكن المضمون باق وهو المقاومة. وفي إطار السياق السابق، ظهرت مجموعة “عرين الاسود” التي جذبت الاضواء اليها، وشكلت تحديا جديدا للاحتلال. لكن بروز هذا التنظيم واهدافه وعمله وبرنامجه السياسي ما زال ملتبسا لدى الباحثين بل وربما لدى المحققين الامنيين بمن فيهم اسرائيل وسلطة التنسيق الامني الفلسطينية، ويكفي ان نتوقف عند الملاحظات التالية:
1) المجموعة:
لا يوحي الاسم “عرين الاسود” الى هوية سياسية واضحة من حيث التوجه السياسي او البرنامج الاستراتيجي والمرحلي، فهو تعبير شعري تحيطه النشوة، وقد يبدو لذلك تفسيران:
أ- ان التنظيم تعبير عن تجمع لمناضلين ينتمون لتنظيمات مختلفة، واطلاق اسم عرين الاسود هو محاولة لتجاوز اي تسمية توحي بأن التنظيم امتداد لاحد التنظيمات المقاومة القائمة حاليا، اي ان التسمية “محايدة” أيديولوجيا وتنظيميا وموحية بقدر من الاستقلالية عما هو موجود من تنظيمات، لكن شعار المجموعة يشير الى بعض ما يمكن تلمسه، فالشعار عبارة عن “هلال- يتوسطه المسجد الاقصى ويعلوه رشاشان متقاطعان على شكل اشارة ×” وبتحليل ايحاءات الشعار يتبين انه يغلب عليه الطابع الديني (الهلال والاقصى) وطابع إعلاء مكانة السلاح في توجه المجموعة، بمعنى تبني خيار المقاومة المسلحة. وليس هناك ما يمنع من التحاق عناصر من تنظيمات مقاومة مسلحة اخرى غير دينية، فقوائم قيادات الحركة يشير الى ان البعض منهم كان في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (مثل محمد طبنجة). ولكن ما يستحق التأكيد عليه هو البرنامج السياسي، فهل هم مع دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل ام مع تحرير كل فلسطين؟ ما موقفهم من منظمة التحرير؟ او من حزب الله او ايران او الدول العربية …الخ…؟ كل ذلك يصعب الاجابة عليه.
ب- لكن الاسم بحد ذاته يوحي انه أقرب لتسمية الخلايا الثورية، فالتنظيمات القائمة كانت تصدر بياناتها بطريقة تبدأ بعبارة “قامت مجموعة الشهيد فلان.. او قامت مجموعة سحب الجحيم، او المجموعة رقم كذا.. الخ، فإذا كان الحال كذلك فهذا يعني ان تنظيما يقف وراء هذه المجموعة لكنه لسبب سياسي او عملياتي او تكتيكي لا نعلم خفاياه يمتنع عن ايجاد علاقة بينه وبين العرين. والمعلومات المتاحة حتى الآن ان التنظيم هو تجمع لوحدة تجمع كتائب الاقصى والجهاد وحماس، وكان للشهيدين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح دور مركزي في تشكيل التنظيم:
2) نشاطات التنظيم:
من المؤكد أن عام 2022 شكل حراكا نوعيا في الضفة الغربية لمقاومة الاحتلال، ويبدو ان اسرائيل وسلطة التنسيق الامني استشعرا ذلك مسبقا وقبل اكتمال التنظيم الاعداد للإعلان عن نفسه، إذ ان التنظيم تلقى ضربات مؤلمة خلال الفترة من فبراير 2022 – مرحلة الاعداد للإعلان عن التنظيم- الى اعلانه رسميا بعد الشهور السبعة اللاحقة، فقد تلقى التنظيم هجمات اسرائيلية بالتنسيق السري والعلني مع سلطة التنسيق الامني أدت إلى:
أ- في فبراير 2022 قامت اسرائيل باغتيال ثلاثة ممن وصفوا اعضاء في كتيبة نابلس.
ب – في (يوليو 2022) قامت اسرائيل باغتيال 2 من كتائب شهداء الاقصى التي ساهمت في التنظيم.
ت- في الشهر الثامن من نفس العام الحالي تم اغتيال اثنين آخرين من كتيبة نابلس، بعضهم ينتمي لحماس.
ث- في اكتوبر اغتيل قيادي آخر (تامر الكيلاني) وبعدها بيومين اغتيل قيادي آخر (وديع الحوح) ناهيك عن اغتيال القيادي ابراهيم النابلسي.. الخ.
ج- في اكتوبر ايضا وبعد اغتيال الكيلاني بيوم واحد اعلنت اسرائيل عن اعتقال ثلاثة وصفتهم بانهم من عرين الأسود.
ح- وبعدها بأيام قليلة تواترت انباء عن تسليم خمسة من عناصر التنظيم أنفسهم لسلطة التنسيق الامني الفلسطينية.
وتكشف المعطيات السابقة ان التنظيم ليس محكما، وفيه ثقوب تنظيمية تُطِلُ الاجهزة الاسرائيلية وسلطة التنسيق عليه منها، فبعد أن تم الاعلان رسميا عن تشكيل عرين الاسود في سبتمبر 2022 وبعدها بحوالي 3 اسابيع تم اغتيال قيادي آخر من قبل اسرائيل ثم اعتقال آخر من قبل سلطة التنسيق الأمني.
خ- ان نشاطات التنظيم تختلط ببعض العمليات والهجمات على المراكز الاسرائيلية والمستوطنين، فمن العسير الربط بين التنظيم والهجمات في الخليل او قرب الاغوار او حول رام الله او في بعض القرى والبلدات في النبي صالح او ديرجرير او قراوة او سلفيت.. الخ. ويبدو ان التنظيم يقوم ببعض النشاطات لكنه يقتات ايضا على عمليات ليست له ويقوم بها افراد غير مرتبطين بجهة معينة، لكن تصدره المشهد يجعل نسبة العمليات ككل اليه من قبل الشارع الفلسطيني والعربي أسهل.
3- يبدو ان تسمية الكتائب التي شكلت اساس التنظيم تكاد ان تحدد التمدد الجغرافي للتنظيم، فنجد تسميات مثل كتيبة جنين و كتيبة نابلس وكتيبة طولكرم. الخ، لكنها تتركز كلها في شمال الضفة، وهو امر قد تكون فرضته ظروف موضوعية، لكن عدم انتشار التنظيم قد يجعل الحصار عليه من قبل السلطات الاسرائيلية وسلطة التنسيق الامني أكثر يسراً.
4 – يبدو لي أن الخطاب التنظيمي الصادر عن التنظيمات الفلسطينية القديمة، او الكتابات الفلسطينية وبعض العربية التي تساند عرين الاسود بحاجة الى قدر من العقلنة والاتزان، فمع كل تقدير لهذا التنظيم فان البعض من التنظيمات القديمة ومسؤوليها راحوا يتلطون بنشاطات هذا التنظيم لستر قصورهم الفعلي عن تاجيج المقاومة في كل مكان من الارض المحتلة بخاصة 1948 والضفة الغربية.
اخيرا، تشير بعض الكتابات الاسرائيلية (رونيت روزين من جامعة حيفا أو روغل الفير من الكتاب الصحفيين.. الخ) الى ان هناك من ربط بين طبيعة الاحتلال وردات الفعل عليه، وهناك من توقع انتهاء الظاهرة سريعا، وهناك من اوصى بزيادة.
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
السنة الثانية والعشرون – العدد 6409
في هذا العدد:
■ أستأذنكم في توجيه بعض النصائح، رشاد أبوشاور
■ جنوب إفريقيا، بعد عشر سنوات، الطاهر المعز
■ تقييم جاهزية القوات الأميركية .. فرصة لمزيد من الإنفاق العسكري، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
■ عرين الاسود بين النشوة والفجوة، د. وليد عبد الحي
✺ ✺ ✺
أستأذنكم في توجيه بعض النصائح
رشاد أبوشاور
.. ولقد فعلت هذا من قبل، رغم أنني لم أتلق الإذن من أحد، أو فصيل، أو جهة رسمية فلسطينية انطلاقا من أن هذا واجب وطني.
كان دافعي لتوجيه النصح وطنيتي، وخبراتي في المشاركة في معارك شعبنا الكبرى، وقناعتي بأنني أقوم بواجبي تجاه قضيتي، والشعب الذي ولدت إبنا له، وحملت نصيبي معه من هموم القضية المقدسة التي تجمعه مع ملايين أمته العربيّة.
من غير المعقول أن أحجب النصيحة التي أراها واجبة، مراعاة لشعور بعض الأشخاص، وحرجا من أن أصنف بأنني أنصّب نفسي معلما، في حين إنني أتعلم، رغم أنني في نهاية العقد الثامن من العمر، وعاصرت وشاركت في تجارب ومعارك كبيرة لشعبنا، وخبرت أوقاتا مفصلية لقضيتنا، ولحظات قريبة من اليأس بأن مقاومتنا توشك على التلاشي لولا..أن شعبنا العظيم يجترح فجأة فعلا ثوريا نهوضيا عارما يغيّر الواقع والوقائع، ويبهر الصديق والعدو، بحيث يقتنع الجميع بأن شعبنا بسبعة أرواح كما كتب الشاعر توفيق زياد، وكما هي الوقائع تنبئ، والحقائق تؤكد، وهو ما يجعلنا لا نيأس أبدا كشعب وضعته أقداره في الخندق المتقدم للصراع بانتظار تهيوء الأمة للحشد والزحف إلى أرض المعركة: فلسطين..وأُذكّر بأن هذا ما حدث في مواجهة الاجتياح الصليبي و المغولي، من قبل، وأنه لم ينقطع شعبيا عربيا في مواجهة الغزو الصهيوني.
من أهم الدروس المستخلصة في معارك تحرر الشعوب التي يفترض أن لا تنسى: المراكمة و..التعلّم، وتوريث الدروس المستفادة لمن سيأتون ويحملون الراية لمواصلة معركة الحريّة حتى النصر المؤزّر بطرد العدو، وهو ما يفعله شعبنا بلا كلل، ولا يأس، وهو بهذا يدفع أعداءه للحيرة في أمره، والشعور بالإحباط والعجز أمام صلابته، ومضاء عزيمته، وتطور خبراته، وهو ما يحققه شعبنا في المائة سنة وأكثر الماضية، وهو ثابت في ميدان المنازلة التاريخية المصيرية.
إنني أنصح بتجنب حمل السلاح في المسيرات، سواء لتوديع الشهداء، أو في المناسبات، أو تحت أي عنوان، لأن عيون عدونا ستتابع حملة السلاح وستستدّل على عناوينهم، وبهذا يكونون مواقع ثابتة محددة، وهذا ما حدث في نابلس لأبطال عرين الأسود فأوقع العدو بخمسة شهداء في ضربة واحدة..وهو ما شكّل صدمة لشعبنا، خففتها فيما بعدعمليتا الخليل وأريحا المبهرتين.
إن التجمع في مكان واحد، والركون إلى أن حمل السلاح، والموقع المحصّن، سيؤمن الحماية، تقدير خاطئ، ورهان خاسر، فالمكان سيكون مصيدة، والسلاح في مكان محدد لن يرجح الكفة في المواجهة راهنا، ولذا نواجه عدونا بالمباغتة، و..أضرب واختفي، ولن أستفيض في هذا الأمر،فهذه بدهيات أولية في حرب المقاومة.
لقد نجحت العمليات التي صنفت بأنها عمليات ذئاب منفردة، لأنها عمليات اقتحام من أفراد يباغتون تجمعات العدو، ومدنه التي تبدو له حصينة، من غير المعقول أن يقتحمها أفراد فلسطينيون مقاومون، وهزّت كيان العدو، وهيبة جيشه، وصدمت محتمعه، وأذهلته بشجاعة (الفرد) الفلسطيني، وقدرته، وثباته، وروحه الاستشهادية.
العدو واستخباراته، وعيونه وأذانه، وأدوات رصده عجزت عن توقع فعل الأبطال الفلسطينيين، ومعرفة أمكنة انطلاقهم، والأهداف التي سيضربونها..وهنا تفوّق أبطالنا.
من أول المبادئ التي زرعت في عقولنا، عندما انتظمنا في مطلع الستينات من القرن العشرين: السريّة والكتمان..وفي ظروف العمل السري، وقبل انطلاقة الثورة الفلسطينية، حافظنا بهذا المبدأ الثوري على كل تحركاتنا، وتنقلاتنا، وتدريبنا،ولم نكن نمارس أي فعل معلن يمكن أن يكشفنا، ويسهّل اعتقالنا..وبقينا هكذا حتى انطلاقة الثورة الفلسطينية بعد هزيمة حزيران 67 الكارثية.
إن حمل السلاح، وإطلاق الرصاص في المسيرات، يناقض تماما السريّة والكتمان، وإنني من الذين كتبوا قبل سنوات عن عدم المسؤولية في إطلاق الرصاص في المسيرات بحجة توديع الشهداء، وأعود لألح على أن هذا الفعل هو استعراض لا يليق، وهذا الرصاص الذي يطلق في الهواء مكلف بثمنه ونقله، ويتم الحصول عليه (بطلوع الروح) لمقاتلة قوات وأجهزة الاحتلال، لا للمظاهر المنفرة الاستعراضية.
إنني أنصح بعدم الاستجابة لإغواء الإعلام، فهو يستدرجكم للظهور، وتحديد هويتكم، ويكشفكم لعيون العدو، بقصد أو بغير قصد، وأنا أرى أن أفعالكم هي التي تقدمكم، وليست كاميرات المراسلين، والفضائيات..فأنتم أبطال فلسطين، ولستم ناطقين رسميين.
يستطيع العدو أن يرسل مسيراته فوق المناطق التي تتواجدون فيها، لنقل حركتم، وتحديد أمكنتكم، عندما تكونون تجمعات مسلحة، ولكنه سيعجز عن فعل شئ عندما تكونون مجرّد أفراد عاديين بين شعبكم، وسلاحكم مخفي ولا يستخدم إلاّ في لحظات محددة.. ثم يُعاد إلى مواقعه التي من الصعب أن يعرف العدو موقعها، وهو ما يقتضي أن تكونوا مجهولين وأن تتسلحوا بالسريّة والكتمان، فلا مباهاة، ولا استعراض، ولا تشوّف، ولا تسميات تحدد الآحياء، والمدن، والمواقع…
هذه الإجراءات الثورية وغيرها ستسهم في حمايتكم من كشفكم، ومتابعتكم، وتحديد أماكنكم، ومعرفة هوياتكم الشخصية، فأنتم فلسطينيون عاديون، تمارسون حياتكم اليومية العادية أسوة بأبناء شعبكم.
لن تستطيع مُسيرات العدو أن ترصدكم، لأنكم أفراد عاديون، ولن يستطيع جيش الاحتلال أن يوقع في صفوفكم خسائر فادحة، لأنكم لستم تجمعات يمكن رصدها والتعامل معها كأهداف محددة.
أنتم هكذا تفاقمون شعور العدو وأجهزته بالعجز، لأنه يتلقى الضربات من أفراد، لا يعرف من هم، ومن يقف خلفهم، ومن يحركهم، ومن يوجههم…
وأنتم هكذا ستحظون بإعجاب شعبكم وفخره بكم..بفعلكم، وأنتم كأفراد مجهولون..وبفعلكم معروفون، ولستم تسعون للشهرة الشخصية، ولكنكم تنصرون شعبكم، وقضيتكم، وتضربون عدوكم، وتذلونه..وهل تريدون أكثر من هذه المنجزات؟!
سأصارحكم: شعبنا ينفر من المظاهر المسلحة الاستعراضيّة، وأنا سمعت كثيرا تعليقات كهذه، عندما يرون عشرات البنادق يحملها مُقنعون في المسيرات، والجنازات: ما دامت لديهم كل هذه البنادق فلماذا لا يظهرون في وجه قوات الاحتلال وهي تقتحم المخيمات، والأحياء، وتطارد المقاومين؟!
لا تكفي الحماسة وحدها في العمل الثوري، فلا بد أن تعرفوا ما يحيط بكم، فهناك من لا يحبذون المقاومة المسلحة، وهؤلاء قد يرون في تقويض عملكم خدمة لأهداف وطنية، وبناء على هذا سيعملون على اختراقكم، ومحاصرتكم، وتيئيسكم، وسيغطون ما يفعلون بشعارات وطنية، وبحكمة مدعاة، وبحرص على دمكم..ولهم أساليبهم، ووسائلهم، ومآربهم…
لا بد من أن تتحصنوا مع السريّة والكتمان بالوعي، وبنكران الذات، وبالحرص على الذات..أي على أمن الذات، وأمن أخوة السلاح، والحذر الحذر من المزاودين والاستعراضيين…
أنتم تتحركون في أمكنة ضيقة، تستطيعون توسيعها حولكم بعدم كشف أنفسكم..حتى يأتي الوقت الذي تعم الثورة المسلحة كل فلسطين بمدنها، وقراها، ومخيماتها..ومع ذلك تبقى السريّة سلاحنا الذي يعمي عيون العدو عن رؤية حركتنا، ويحرم أذنيه من سماعنا.
✺ ✺ ✺
جنوب إفريقيا، بعد عشر سنوات
الطاهر المعز
\
هل يمكن الإكتفاء بتغيير حاكم مُسْتَعْمِر أوروبي أبيض بحاكم مَحَلِّي أسود أو أصفر أو قَمْحِي، لتغيير الوضع الإقتصادي والإجتماعي؟ هل يمكن الحديث عن وضع حدّ للميز القومي والعنصري في فلسطين المحتلة لتحقيق “المُساواة” (الوَهْمِيّة) بين الغازي المُستعمِر وصاحب الوطن والأرض؟
لما تَمّت المفاوضات بين بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ونظام حُكم المُستعمرين “البيض”، من أصل أوروبي، لم تكن استراتيجية المؤتمر الوطني الإفريقي تُركّز على تصفية الإستعمار الإستيطاني، بل على المُساواة القانونية، ولم يتم التّركيز على استعادة الممتلكات التي استولى عليها المُسْتعمِرُون، لذلك بقي النفوذ الإقتصادي والمالي بأيدي المُستعمِرِين، وأصبحت الحكومة والبرلمان (أغلبية من المواطنين السّود) يسْهَرُ على حماية ممتلكات المُستَعْمِرِين البيض، مع ارتقاء جزء صغير من السود في درجات السُّلّم الطبقي، بدءًا بقيادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي
في الذّكرى العاشرة للمجزرة التي ارتكبتها الشرطة “السّوداء” بقيادة ضابط أبيض، والتي استهدفت العُمّال المُضربين بمنجم “ماريكانا” للبلاتين، نُذَكِّرُ بما يُمكن أن يحدث عندما لا يرتبط النضال من أجل الحقوق المدنية بالنضال من أجل الحقوق السياسية والإقتصادية.
في عام 2008 ، بدأت شركة Lonmin البريطانية متعددة الجنسيات في استغلال مناجم البلاتين في موقع “ماريكانا”، سنة 2008، سنة الأزمة المالية والإقتصادية، وفي 16 آب/أغسطس 2012، قتلت شرطة جنوب إفريقيا 34 من المضربين بالمنجم، لتعكس هذه المجزرة حِدّةَ “الصراعات الاجتماعية” (تلطيف لعبارة الصراع الطّبقي) في البلاد التي اعتقد سُكّانها خَطَأً أن خلاصهم من نظام المَيْز العنصري سوف يُؤَدِّي إلى تحسين أوضاعهم، وتُسَبِّبُ مناجم البلاتين المُندمجة في سلاسل الإنتاج العالمية، أضرارًا بيئية كبيرة، بالإضافة إلى العنف متعدد الأوجه ضد العمّال والسكان… بعد عشر سنوات لم يتغير شيء تقريبًا في “ماريكانا”، لا بالنسبة لعمال المناجم الذين يخاطرون بحياتهم مقابل أجور منخفضة، ولا بالنسبة للسكان الذين يعيشون في أكواخ من الصفيح بالقرب من المناجم ، في بيئة ملوثة.
يُعدّ البلاتين من أَثْمَن المعادن، وضروري في تصنيع محفزات السيارات (للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون)، وفي تصنيع أشباه الموصلات والسبائك المغناطيسية للأقراص الصلبة للكمبيوتر، وله استخدامات عديدة في التكنولوجيا الدّقيقة. أما بالنسبة لسكان منطقة ماريكانا فإن المنجم يُشِير إلى جانب آخر من الواقع، فقد ازداد عدد النساء اللاتي عانين من الإجهاض القَسْرِي بسبب المياه الملوثة جراء أنشطة التعدين والمواد الكيميائية التي تتطلبها عمليات استخراج المعادن وتكريرها، والنفايات السّامة التي تُلقي بها الشركات على مسافة صغيرة من أحياء الصّفيح التي يسكنها العُمّال وأهالي المنطقة، ما يجعل من نشاط المناجم وعملية التعدين خَطَرًا على الصحة.
يتقاضى العُمّال رواتب منخفضة ويعملون في ظروف سيئة، بمعدّات مُتهالكة، بدون رعاية صحية، ولذلك احتجّوا صيف سنة 2012، بدعم من السّكّان الذين أرهقتهم ظروف العمل وظروف المعيشة السيئة، وفي السادس عشر من آب/أغسطس نقلت وكالات الأخبار أنباء وَصُوَر المجزرة التي راح ضحيتها 34 عاملاً مضربًا من منجم “ماريكان”، ليصبح هذا الإضراب رمزا للنضالات الاجتماعية والبيئية في قطاع التعدين، في مرحلة حُكْم المؤتمر الوطني الإفريقي، بعد وضع حدّ (شَكْلِي) لنظام المَيْز العنصري، الذي تم استبدالُهُ بنظام المَيْز الطّبقي.
بعد عشر سنوات، لم يتغير شيء، وفقًا للسكان المحليين (رويترز 16 أغسطس 2022)، وتجدر الإشارة أن الرئيس الحالي لجنوب إفريقيا “سيريل رامافوسا” هو رجل أعمال ثري من القيادات المُؤَثِّرة والوازنة في المؤتمر الوطني الإفريقي، ومن أصحاب الأسهم في شركة Lonmin متعددة الجنسيات التي تستغل منجم “ماريكانا”، وكان خلال الإضراب زعيمًا مؤثرًا للغاية في المؤتمر الوطني الأفريقي، ووَصَف المُضربين بالمُجْرِمِين وأعلن أنه طلب آنذاك من وزارة الداخلية قمعهم بلا رحمة وعدم تلْبِيَة مطالبهم…
يتولّى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي السلطة منذ سنة 1994، وأَقَرَّ نوابه الذين يشكلون الأغلبية المُطلقة بالبرلمان، تشريعات تخفيف القيود على رأس المال والبورصات، والسماح للشركات متعددة الجنسيات باستثمار أرباحها في البورصات أو في المصارف الأجنبية، خارج البلاد، ما مَكّنَ الشركات العابرة للقارات وأصحاب الأسهم بمناجم البلاتين، مثل Lonmin أو Anglo-American أو Impala يُحقّقُون الكثير من الأرباح دون الاستثمار في البنية التحتية للتعدين أو التكرير، ولذلك تهالكت البنية التحتية لمنجم ماريكانا وانخفض حجم الإستخراج، وللمحافظة على حجم الأرباح سَرّحت الشركات متعددة الجنسيات آلاف العُمّال منذ أزمة 2008/2009، بهدف تقليل حصة العمالة ومواصلة توزيع الأرباح على المساهمين…
في هذا السياق تضاعفت الصراعات الاجتماعية والإضرابات، وانسلخ عمال المناجم عن اتحاد النقابات “كوساتو”، الحليف التاريخي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، بسبب رفض قادة كوساتو دعم العُمّال المُضربين بشركة التعدين “لونمين”، وأسَّسَ العمال نقابة جديدة سموها اتحاد عُمال المناجم والبناء (AMCU) والتي أصبحت النقابة ذات الأغلبية في مناطق التعدين.
اضطرت شركة Lonmin للتنازل وحصل العُمّال على زيادات في الأجور، في أعقاب مذبحة 16 آب/أغسطس 2012، وسرعان ما التهم التضخم تلك الزيادة، ثم تم بيع فرع شركة “لونمين” سنة 2018، لشركة تُعلن مقرّها بجنوب إفريقيا، وتدهور ميزان القوى بسرعة وأصبح حاليًا غير مواتٍ لعمال المناجم وعمال الصّهر والتكرير الذين لا زالوا يعيشون مع عائلاتهم في مخيمات غير رسمية مكونة من أكواخ حديدية مموجة (قصديرية)، يحيط بها غُبار المناجم والشاحنات التي تحمل النفايات السامة والضارة جدا بالصحة لإلقائها قريبًا من مساكن العمال التي تفتقر للمياه الجارية، وتعبُرُها أبراج وخيوط الكهرباء ذات الضّغط العالي التي تغذي المنجم، وفي حزيران/يونيو 2022، قتلت أجهزة أمن المناجم مناضلة محليًا ونقابيًا كانا يُنَظِّمَانِ حملة لدعم عمال المناجم المُضربين بمنجم بلدة “روستنبرغ” القريبة.
لم يؤد تفكيك شركة Lonmin واستيلاء الشركة الجنوب إفريقية ( Sibanye-Stillwater )عليها، سنة 2018، إلى تحسين ظروف العمل والمعيشة للسكان، فلم ترتفع الرواتب منذ سنة 2013، رغم ارتفاع المُعدّل الرسمي للتّضخم إلى حوالي 50% وازداد تَدَهْوُرُ الأوضاع الصحية، مع انعدام المراقبة الطبية للعاملين في قطاع التعدين، وسكان المنطقة التي تُعاني من النفايات، ليصبح معدل وفيات عمال المناجم السابقين أعلى بنسبة 20% من معدل الوفيات العام بالبلاد، وفقًا لدراسة أجريت بين سنتَيْ 2001 و 2013، وتراكمت النفايات لتصبح المنطقة المُحاذية لمدرسة ابتدائية مكبًّا للنفايات السامة، وأصبح الهواء مُحَمّلاً بثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد النيتروجين والغبار مما يتسبب في إصابة السكان بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن وأمراض الجهاز التنفسي، وفقًا لتقرير مؤسسة برنش مارك (Bench Mark Foundation ) الذي يدرس المخاطر الناجمة عن أنشطة استخراج المعادن الضرورية للصناعات الأوروبية والاسترالية والأمريكية …
✺ ✺ ✺
تقييم جاهزية القوات الأميركية..
فرصة لمزيد من الإنفاق العسكري
د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
لا يحتاج المرء، سواء من ذوي الاختصاص أو الاهتمام العام، إلى الغوص عميقاً في وثيقة رسمية أميركية بشأن “استراتيجية الأمن القومي” لسبر أغوار جاهزية القوات العسكرية الأميركية، وخصوصاً لما جاء في معرض استنتاجاتها بأن وضع القوات العسكرية الراهن لا يمكّنها من مجاراة الصين وروسيا ومواجهتهما والانتصار عليهما، ممهّدة بذلك المسوّغات السياسية لتخصيص مزيد من الأموال للبنتاغون، الذي أضحت ميزانياته التراكمية الهائلة من دون سقف محدد. وكذلك استعادة لأجواء الحرب الباردة بصورة أكثر وحشية واصطفافات متقابلة يفصل بينها الضغط على الزناد.
تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن المتكررة بشأن أولويات الاستراتيجية الكونية لبلاده تلامس جوهر أولويات المسألة بدقة، وتخفّف عبء التيقّن بصدقية الدراسة من عدمها، إذ يحرص الرئيس على حصر الأولويات وفق معادلة ثنائية للصراع في قطبين: أنصار “الديموقراطية والاستبداد”، واستنساخ المواجهات القديمة، وما يواكبها من تبسيط مخلّ بالظروف الدولية ومتغيراتها في إرساء أفق سياسي أكثر عدالة للقوى الأخرى الصاعدة.
الوثيقة استجابت لمطالب صقور الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، لما يرونه من إجراءات ضرورية وعاجلة لاستعادة “القيم والاستثنائية” الأميركية، تتحقق عبر “الردع المتكامل” للقدرات الأميركية العسكرية والاقتصادية، وتعزيز مبدأ “منافسة استراتيجية لتشكيل مستقبل النظام الدولي” في مواجهة ما يفرضه ظهور الصين وروسيا من تحديات لواشنطن، أوضحها مستشار الأمن القومي جيك سوليفان للصحافيين قائلاً: “من الأهمية بمكان تحديد التحديات التي تفرضها الصين قبل فوات الأوان، وإذا فقدنا الفرصة في هذا العقد الزمني فلن نكون قادرين على مواكبة ذلك”.
مفهوم “الردع المتكامل” يستند إلى تسخير مجموعة كبيرة من القدرات والإمكانيات، ليس للولايات المتحدة فحسب، بل بانضمام حلفائها وشركائها إلى جهودها في مروحة واسعة من المجالات: العسكرية، بما فيها الفضائية، والاقتصادية، التقنية والمعلوماتية، الاستخبارية والأمنية، وكذلك الحضور الديبلوماسي.
أشارت الوثيقة إلى إيران، في سياق فقرة تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، كـ “قوة استبدادية أصغر، تطور برنامجاً نووياً يتجاوز أي حاجة مدنية ذات مصداقية”. وحافظت كوريا الشمالية على مكانتها في عداء الولايات المتحدة لها، نظراً إلى “برامج الأسلحة الصاروخية والنووية غير المشروعة”.
في التفاصيل استندت الإدارة الأميركية إلى دراسة بحثية صادرة عن أحد أبرز مراكز الأبحاث ذات التوجه المتشدد في القضايا الدولية، مؤسسة “هاريتاج”، سارعت وسائل الإعلام المختلفة إلى التركير على أبرز نتائجها بأن أوضاع “القوات العسكرية الأميركية تواجه مخاطر متزايدة لناحية عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها للدفاع عن المصالح الحيوية الأميركية”.
واستطردت في انتقاد سلاح الجو الأميركي الذي “تميّز” بقدراته وعقيدته سابقا، والآن يصنّف بأنه “بالغ الضعف”. كما تعرّض سلاح البحرية للتصنيف الضعيف بعدما شهد أوجه في مراحل سابقة، وبسط سيطرته العالمية إذ “أضحت المحيطات والبحار بحيرات تجوبها القوات الأميركية”.
واستثنت الدراسة المطوّلة “سلاح مشاة البحرية – المارينز” من الانتقاد والتشديد على سلامته كقوة معتبرة لتحقيق مهمات الاستراتيجية الأميركية المطلوبة.
كما قفزت الدراسة، في صيغتها المعلنة، عن خطر داهم يهدد الأمن الوطني والسلم الأهلي يمثله “الإرهاب الداخلي”، وتزايد مضطرد أيضاً في حوادث إطلاق النار على مدنيين عزّل، وخصوصاً طلبة المدارس العمومية.
بالمقابل، استرشدت الدراسة بتصريحات صقور الحزبين اعتبار “داعش وتنظيم القاعدة” خطراً يهدد الأمن القومي الأميركي، ما يدلّ على نية لتوسيع رقعة الحضور العسكري الأميركي في “الشرق الأوسط”.
اللافت أيضاً ما دوّنه الرئيس الأميركي في مقدمة الوثيقة بالقفز عن متغيرات الظروف الدولية قائلاً: “في جميع أنحاء العالم، الحاجة إلى قيادة أمريكية كبيرة كما كانت في أي وقت مضى. نحن في خضم منافسة استراتيجية لتشكيل مستقبل النظام الدولي. لا توجد دولة في وضع أفضل لقيادة (العالم) بقوة وهدف من الولايات المتحدة الأمريكية “.
الإضافة الجديدة إلى جوهر وثيقة “استراتيجية الأمن القومي” هي استعادة خطاب “خوض أميركا حروب متزامنة” مع كل من الصين وروسيا، بكل ما تتطلبه من تحشيد للقدرات والإمكانيات والاستمرار في تنفيذ عمليات عسكرية طويلة الأجل. ذلك ما يخدم الصقور بين القيادات العسكرية والسياسية، والذين يعتبرون ما وصلت إليه القوات العسكرية من تراجع جاء نتيجة قرار ات الإدارات المتعاقبة لتخفيض معدلات الإنفاق العسكري، الأمر الذي “حدّ من جهود التحديث للآلة العسكرية” والنووية أيضاً، بحسب أدبياتهم وتصريحاتهم.
من بين “توصيات” الدراسة، التي يتبناها غالبية صناع القرار السياسي والعسكري والأمني، رفع عديد قوات سلاح المشاة إلى “50 لواءً” قتالياً لتنفيذ مهام “خوض حرب متزامنة على جبهتين”. وأشارت أيضاً إلى أن سلاح الجيش لديه “62% من القوات المطلوبة”، وتبلغ جاهزية ألويته نحو 25 لواء من مجموع 31.
أيضاً، تفيد الدراسة في الشق العسكري بأن أحد مكامن الضعف في القوات البرية هو انتقال عقيدتها القتالية وتدريباتها من خوض “عمليات صغيرة تكتيكية في الشرق الأوسط إلى عمليات قتالية كبيرة ومستدامة”، كما يجري في أوكرانيا، والخبرة العملياتية المكتسبة في الشرق الأوسط لا ترقى إلى المستوى المطلوب لتنفيذ مهمات متعددة تستدعي العمل الجاد تحت ضغوط الظروف الميدانية والعمل كفريق متناسق.
وضع سلاح البحرية، في نظر معدّي الدراسة، مقلق ويعاني من “ضعف شديد”، وينقصه توفر مزيد من السفن الحربية ما يتطلب فترات أطول في خدمة الطواقم الحالية لتعويض النقص. ما يحتاجه سلاح البحرية، بحسب الدراسة هو الحصول على أسطول مكون من “400 سفينة حربية، عوضاً عن 298 سفينة في ترسانته الحالية”.
وعليه، فإن الكونغرس أمام تحدي تخصيص مزيد من الإمكانيات المالية لبناء سفن جديدة قبل حلول عام 2030 خشية تفاقم قصور الأداء العام. بالنظر إلى تواجد قطع الأسطول السادس في البحر الأبيض المتوسط، وما أفرزته الحقبة الراهنة من مخزون كبير للطاقة تحت سطح البحر يستدعي “إنشاء قوة جديدة من حاملات الطائرات”.
أما سلاح مشاة البحرية، المارينز، فقد حافظ على معدلات “رضى” معدّي الدراسة، ولديه نحو 30كتيبة تقتصر مهماتها على خوض معارك خفيفة للمشاة ولهجمات القوات البرمائية، تغطي معظم نقاط الاشتباك في العالم.
سلاح الجو لم يفلت من سهام الانتقاد، وفق تقييم الدراسة، وخصوصاً لما يعانيه من نقص في الكوادر المهنية لصيانة الطائرات، وكذلك في عدد المنتسبين إلى قيادة الطائرات بنحو 650 طياراً، ما أوجد وضعاً مقلقاً لناحية التجنيد والإبقاء على المهارات المطلوبة.
ربما يستطيع سلاح الجو في وضعه الراهن الانتصار في معركة إقليمية واحدة، بحسب الدراسة، وسيعاني من تحديات أمام أداء نظيريه الصيني أو الروسي. الاستنزاف الراهن في عديد المقاتلات وطواقم قياداتها سيعقّد إمكانية الفوز في مواجهة كبيرة في الإقليم. وتربط الدراسة مدى إنجاز مهمات “المارينز” المطلوبة باعتماده على توفير سلاح البحرية سفناً برمائية جديدة.
إذاً، القاسم المشترك في تقييم الدراسة المعتمدة رسمياً هو إعداد العامة لتقبل تخصيص مزيد من الميزانيات لشؤون فروع القوات المسلحة، وتجاهل مطلبات تحديث البنى التحتية المنهارة، على الرغم من الوعود الانتخابية بمعالجتها وإعادة ترميمها. وبررت ذلك بالقول إن الأوضاع الراهنة مقلقة نتيجة “الاستخدام المستمر للأسلحة، وتقليص الميزانيات المطلوبة، وعدم دقة تحديد الأولويات الدفاعية، والتحولات المتسارعة التي تطرأ على السياسات الأمنية، وغياب الصرامة والجدية في أركان مؤسسة الأمن الوطني”.
:::::
مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن
الموقع الإلكتروني:
✺ ✺ ✺
عرين الاسود بين النشوة والفجوة
د. وليد عبد الحي
منذ ان تم طرح المشروع الصهيوني في فلسطين مع نهاية القرن التاسع عشر الى يومنا هذه، توالت الثورات والمشروعات الثورية في فلسطين من البراق الى منظمة التحرير وتنظيمات القوميين العرب وصولا لحركات المقاومة المعاصرة التي يغلب عليها الطابع الديني. فطبيعة الكيان الصهيوني تخلق نقيضه في كل فترة. يتغلب عليها لكنه يفاجأ ببروز نقيض متواصل له. قد يختفي الشكل لكن المضمون باق وهو المقاومة. وفي إطار السياق السابق، ظهرت مجموعة “عرين الاسود” التي جذبت الاضواء اليها، وشكلت تحديا جديدا للاحتلال. لكن بروز هذا التنظيم واهدافه وعمله وبرنامجه السياسي ما زال ملتبسا لدى الباحثين بل وربما لدى المحققين الامنيين بمن فيهم اسرائيل وسلطة التنسيق الامني الفلسطينية، ويكفي ان نتوقف عند الملاحظات التالية:
1) المجموعة:
لا يوحي الاسم “عرين الاسود” الى هوية سياسية واضحة من حيث التوجه السياسي او البرنامج الاستراتيجي والمرحلي، فهو تعبير شعري تحيطه النشوة، وقد يبدو لذلك تفسيران:
أ- ان التنظيم تعبير عن تجمع لمناضلين ينتمون لتنظيمات مختلفة، واطلاق اسم عرين الاسود هو محاولة لتجاوز اي تسمية توحي بأن التنظيم امتداد لاحد التنظيمات المقاومة القائمة حاليا، اي ان التسمية “محايدة” أيديولوجيا وتنظيميا وموحية بقدر من الاستقلالية عما هو موجود من تنظيمات، لكن شعار المجموعة يشير الى بعض ما يمكن تلمسه، فالشعار عبارة عن “هلال- يتوسطه المسجد الاقصى ويعلوه رشاشان متقاطعان على شكل اشارة ×” وبتحليل ايحاءات الشعار يتبين انه يغلب عليه الطابع الديني (الهلال والاقصى) وطابع إعلاء مكانة السلاح في توجه المجموعة، بمعنى تبني خيار المقاومة المسلحة. وليس هناك ما يمنع من التحاق عناصر من تنظيمات مقاومة مسلحة اخرى غير دينية، فقوائم قيادات الحركة يشير الى ان البعض منهم كان في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (مثل محمد طبنجة). ولكن ما يستحق التأكيد عليه هو البرنامج السياسي، فهل هم مع دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل ام مع تحرير كل فلسطين؟ ما موقفهم من منظمة التحرير؟ او من حزب الله او ايران او الدول العربية …الخ…؟ كل ذلك يصعب الاجابة عليه.
ب- لكن الاسم بحد ذاته يوحي انه أقرب لتسمية الخلايا الثورية، فالتنظيمات القائمة كانت تصدر بياناتها بطريقة تبدأ بعبارة “قامت مجموعة الشهيد فلان.. او قامت مجموعة سحب الجحيم، او المجموعة رقم كذا.. الخ، فإذا كان الحال كذلك فهذا يعني ان تنظيما يقف وراء هذه المجموعة لكنه لسبب سياسي او عملياتي او تكتيكي لا نعلم خفاياه يمتنع عن ايجاد علاقة بينه وبين العرين. والمعلومات المتاحة حتى الآن ان التنظيم هو تجمع لوحدة تجمع كتائب الاقصى والجهاد وحماس، وكان للشهيدين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح دور مركزي في تشكيل التنظيم:
2) نشاطات التنظيم:
من المؤكد أن عام 2022 شكل حراكا نوعيا في الضفة الغربية لمقاومة الاحتلال، ويبدو ان اسرائيل وسلطة التنسيق الامني استشعرا ذلك مسبقا وقبل اكتمال التنظيم الاعداد للإعلان عن نفسه، إذ ان التنظيم تلقى ضربات مؤلمة خلال الفترة من فبراير 2022 – مرحلة الاعداد للإعلان عن التنظيم- الى اعلانه رسميا بعد الشهور السبعة اللاحقة، فقد تلقى التنظيم هجمات اسرائيلية بالتنسيق السري والعلني مع سلطة التنسيق الامني أدت إلى:
أ- في فبراير 2022 قامت اسرائيل باغتيال ثلاثة ممن وصفوا اعضاء في كتيبة نابلس.
ب – في (يوليو 2022) قامت اسرائيل باغتيال 2 من كتائب شهداء الاقصى التي ساهمت في التنظيم.
ت- في الشهر الثامن من نفس العام الحالي تم اغتيال اثنين آخرين من كتيبة نابلس، بعضهم ينتمي لحماس.
ث- في اكتوبر اغتيل قيادي آخر (تامر الكيلاني) وبعدها بيومين اغتيل قيادي آخر (وديع الحوح) ناهيك عن اغتيال القيادي ابراهيم النابلسي.. الخ.
ج- في اكتوبر ايضا وبعد اغتيال الكيلاني بيوم واحد اعلنت اسرائيل عن اعتقال ثلاثة وصفتهم بانهم من عرين الأسود.
ح- وبعدها بأيام قليلة تواترت انباء عن تسليم خمسة من عناصر التنظيم أنفسهم لسلطة التنسيق الامني الفلسطينية.
وتكشف المعطيات السابقة ان التنظيم ليس محكما، وفيه ثقوب تنظيمية تُطِلُ الاجهزة الاسرائيلية وسلطة التنسيق عليه منها، فبعد أن تم الاعلان رسميا عن تشكيل عرين الاسود في سبتمبر 2022 وبعدها بحوالي 3 اسابيع تم اغتيال قيادي آخر من قبل اسرائيل ثم اعتقال آخر من قبل سلطة التنسيق الأمني.
خ- ان نشاطات التنظيم تختلط ببعض العمليات والهجمات على المراكز الاسرائيلية والمستوطنين، فمن العسير الربط بين التنظيم والهجمات في الخليل او قرب الاغوار او حول رام الله او في بعض القرى والبلدات في النبي صالح او ديرجرير او قراوة او سلفيت.. الخ. ويبدو ان التنظيم يقوم ببعض النشاطات لكنه يقتات ايضا على عمليات ليست له ويقوم بها افراد غير مرتبطين بجهة معينة، لكن تصدره المشهد يجعل نسبة العمليات ككل اليه من قبل الشارع الفلسطيني والعربي أسهل.
3- يبدو ان تسمية الكتائب التي شكلت اساس التنظيم تكاد ان تحدد التمدد الجغرافي للتنظيم، فنجد تسميات مثل كتيبة جنين و كتيبة نابلس وكتيبة طولكرم. الخ، لكنها تتركز كلها في شمال الضفة، وهو امر قد تكون فرضته ظروف موضوعية، لكن عدم انتشار التنظيم قد يجعل الحصار عليه من قبل السلطات الاسرائيلية وسلطة التنسيق الامني أكثر يسراً.
4 – يبدو لي أن الخطاب التنظيمي الصادر عن التنظيمات الفلسطينية القديمة، او الكتابات الفلسطينية وبعض العربية التي تساند عرين الاسود بحاجة الى قدر من العقلنة والاتزان، فمع كل تقدير لهذا التنظيم فان البعض من التنظيمات القديمة ومسؤوليها راحوا يتلطون بنشاطات هذا التنظيم لستر قصورهم الفعلي عن تاجيج المقاومة في كل مكان من الارض المحتلة بخاصة 1948 والضفة الغربية.
اخيرا، تشير بعض الكتابات الاسرائيلية (رونيت روزين من جامعة حيفا أو روغل الفير من الكتاب الصحفيين.. الخ) الى ان هناك من ربط بين طبيعة الاحتلال وردات الفعل عليه، وهناك من توقع انتهاء الظاهرة سريعا، وهناك من اوصى بزيادة.
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
https://www.facebook.com/kanaanonline/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org