السنة الثانية والعشرون – العدد 6419
في هذا العدد:
■ تدحرجتم خلف كرة القدم، عادل سماره
■ وقائع جلسة محاكمتي رقم 37، عادل سمارة
■ الحبشة، حالة حرب مستمرّة، الطاهر المعز
■ مسار بديل أم مجرد مُسَيَّرَة اخرى: عن زنّانَة عزمي بشارة (١)، زياد سمرين
■ عندما ننسى جول جمّال .. بوسيدون البحر الابيض المتوسط، نارام سرجون
✺ ✺ ✺
تدحرجتم خلف كرة القدم
عادل سماره
قطر كشفت ضياعا معيبا. فانشغال شارعنا في الرياضة هو انسجام مع تفاهة ركوع قطر لاستضافة المونديال بأضعاف كلفة غيرها. كل ذلك كي يظهر تميم متحدثا بضع كلمات كلفت الأمة العربية ربع ترليون دولار.
والجمهور جرى خداعه برفع العلم الفلسطيني بينما قطر حاولت ذبح سوريا لتلحق بفلسطين تلبية لأمنية بن غوريون بدل ان ينشد ويشتد الجمهور ضد العدوان التقويضي على إيران متمسمرا أمام الشاشات يصلي صلاة جوفاء. اي استبدل َمصير أمة بكرة القدم. إن العدوان ضد إيران هو تكريس لتصفية الأمة العربية وتأبيد ذلك.
حتى الاهتمام بالرياضة وخاصة كر ة القدم هو مرض غربي وتقليد للغرب الذي كانت معاناته ضربا من البطر حتى قبل عام اي قبل التبريد الروسي للصوص الغرب.
اولوياتنا مختلفة لكن المتخلف يقلد مسلكيات سيده تشبها به.
تخيلوا لو ان هناك حركة تحرر وطني عربية حركت تظاهرات تضامنا مع إيران واحتقارا لوضاعة حكام قطر فهل يبقى للكؤوس والميداليات الغربية نكهة.
أليست قطر هي التي تاجرت مع الكيان منذ ٣٠ سنة وحاورت جزيرتها بيرس وليفني أكثر مما حاورت تميم. أليست قطر هي التي بنت مدنا بأشكال بغداد وطرابلس الغرب لتسهيل قصفها من الناتو. وأعلنت سقوط بغداد قبل وصول العدو اليها.
والضحك ان عربا غاضبون لان لاعبينا لا يحققون نتائجا كما يجب. هؤلاء ينسون ان أنظمة تقمع الحريات والبطن لا تبني رياضيين. وان اساس فقرنا وتخلفنا هو النهب الغربي الذي يحوز على الميداليات.
لا قيمة لشكلانية رفع العلم الفلسطيني. ولا للهتافات ولا للميداليات حيث غدت الرياضة أفيون الشعوب المتخلفة والتي وصل حكامها حالة التطبيع بافتخار وعلى رؤوس الاشهاد. بل ان حكامنا يمارسون سياسة النهب لصالح الامبريالي دون اضطراره لإرسال جندي واحد ليقتل هنا. لا َمعنى لتفريغ ما في النفس من وجع وكبت وضياع في اللهاث وراء قطعة جلد من جلد الخنزير او جلد امبريالي متوحش.
✺ ✺ ✺
وقائع جلسة محاكمتي رقم 37
عادل سماره
تحية لكل مهتم/ة،
وبعد،
عُقدت جلسة رقم (37) للقضية 2518 /2016 في محكمة رم الله صباح هذا اليوم 20 تشرين الأول 2022 برئاسة الأستاذ القاضي آسي حمدان وممثلة النيابة وحضر عن الدفاع الأستاذ المحامي ظافر صعايده، بينما تغيب الأستاذ مهند كراجة بسبب وعكة صحية. لم يحضر الطرف المدعي كما تغيب محامي الإدعاء الأستاذ فريد جيوسي.
سأل القاضي ممثلة النيابة: ماذا لديك؟
قالت: أكرر البينات التي قدمت.
وسأل الأستاذ القاضي محامي الدفاع: فأجاب ايضا أكرر المرافعة التي قمت بها.
ثم سألني،
الأستاذ القاضي: هل اصطلحتما؟
قلت: “من جانبي لا توجد قضية لم أرفع قضية ولا توجد لدي قضية. أما القضية فهي تطبيع ضد الشعب الفلسطيني وعلى الشعب الدفاع عن نفسه، وأنا قدمت تفاصيل القضية للمحكمة الموقرة في قرابة 100 صفحة”.
وعليه قرر السيد القاضي تأجيل القضية إلى يوم 30 تشرين الأول الجاري من أجل القرار.
وقد حضر الجلسة مشكورين: الرفاق إحسان سالم ابو عرب ومحمود فنون ود. حسن خريشة وكامل جبيل وجواد إبراهيم و د. عبد العزيز بني عوده.
ملاحظة1: القضية هي أنني وقَّعت على بيان يشجب ما قام به ما يسمى “التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة/غيَّر اسمه ل التجمع الدولي، والذي يراسه اللبناني د. يحيى غدار والذي -أي التجمع ورئيسه وأعضائه- ينادون بدولة مع المستوطنين!! وبالمناسبة آخر جرائم المستوطنين تدفق أمس عشرون ألفاً من المستوطنين على المدنيين العزل في مدينة الخليل حيث عاثوا فساداً في السوق وشارع الشلالة في المدينة.
ملاحظة 2: ما فهمته من محامِيَيْ الدفاع الأستاذ ظافر صعايده والأستاذ مهند كراجه أنه طالما الطرف المدعي لم يُقدِّم بيِّنات إضافية على ما قدمه سابقاً، فإن المحكمة تقضي بعدم فتح الملف مجدداً ولذا تُرفع الجلسة على أن يؤخذ القرار بالحكم في جلسة أخرى.
✺ ✺ ✺
الحبشة، حالة حرب مستمرّة
الطاهر المعز
تقديم
تُعتبر الحبشة من أجوار العرب في إفريقيا وهي منبع نهر النيل الذي يصب في السودان ومصر ولها خلافات معهما بشأن حصة كل بلد من مياهه، وهي مهد حضارة عريقة، ومهد المسيحيين الأقباط، منذ القرن الثاني عشر، وهي كذلك من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية، أو الإتحاد الإفريقي الذي يقع مقرّه في العاصمة أديس أبابا، كما احتلت الحبشة أراضي أريتريا، سنة 1962، لتتمكن من الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، وتمكنت الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا من افتكاك الإستقلال سنة 1991، ثم تحالفت مع النظام القائم في الحبشة بعد ذلك، لأسباب جيو- استراتيجية… كما تُعدّ الحبشة ثاني أكثر الدّول الإفريقية سكّانًا (بعد نيجيريا) بحوالي 120 مليون نسمة، غير أن الناتج المحلي الإجمالي ضعيف، ويبلغ حوالي 111 مليار دولارا، سنة 2021، وفق بيانات البنك العالمي.
يُعتبر نظام الحبشة وكذلك نظام أريتريا من أصدقاء الكيان الصهيوني (مثل بعض الأنظمة العربية)، رغم الدّعم الذي قدّمه التقدميون العرب للجبهة الشعبية لتحرير أريتريا وزعيمها “إيساياس أفوِرْكِي” الذي يترأس دولة أريتريا منذ الإستقلال، سنوات كفاحها المسلّح ضد الإحتلال الحبشي.
تَنوّع سكّان الحبشة الذين ينتمون إلى قَوْميات وأديان ولغات عديدة، منها الأورومو والأمْهَرَا والتيغراي وغيرها، ويُشكل هذا التنوع ثروة ثقافية، ولكنه يُسبّب كذلك بعض المشاكل، وصلت إلى النزاعات المُسلحة، ومنها نزاعان قائمان حاليا، تتناول هذه الفقرات أحدهما، بين الحكومة المركزية والجبهة الشعبية لتحرير تِغْرَايْ…
خلفيات حرب إقليم تيغراي
انطلقت المعارضة المسلحة لنظام حكم “منغستو هايلي ماريام” عند انتشار مجاعات متعددة، سنة 1988، أدّت إلى هلاك حوالي ثمانية ملايين نسمة، وكانت الجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيغراي إحدى أكبر الفصائل المسلحة، وتنسّق عملها مع الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا، التي كانت تحتلها الحبشة حتى انهيار الإتحاد السوفييتي ونظام “الدّيرغ” الذي يترأسه “منغستو هايلي ماريام”، بعد تحالف العديد من التنظيمات الإثيوبية المُسلحة، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، في مؤتمر السودان سنة 1988، لأنها كانت الأقوى عسكريا وتنظيميا، ثم تأكّدت رعاية الولايات المتحدة وبريطانيا لهذا التحالف الذي استولى على الحكم ونَصّبَ “تاميرت لاينه” رئيسًا للحكومة يوم 28 أيار/مايو 1991، وهو من قومية تيغراي، قبل أن يخلفه ميليس زيناوي ( من قومية تيغراي كذلك) من سنة 1995 إلى وفاته سنة 2012، وبذلك سيطر التحالف الذي تقوده الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على نظام الحكم بالحبشة طيلة عِقْدَيْن، قبل بروز الخلافات بين مصالح متناقضة، برزت في شكل صراع بين القوميات، أهمها التيغراي بحوالي 7% من العدد الإجمالي لسكان الحبشة، و”الأورومو” ( ينتمي ضابط المُخابرات، رئيس الحكومة الحالي “آبي أحمد” إلى الأورومو، لكنْ له مُخَطّطاتُهُ ومَصَالِحُه الخاصة) الذين قد تصل نسبتهم إلى نحو 40% من العدد الإجمالي لسكان البلاد، والذين احتدّت خلافاتهم مع الحكومة المركزية، سنة 2015، عندما منحت حكومة “ديسالين” أراضيهم لشركات رأسمالية أجنبية لإقامة منطقة صناعية ضخمة جنوب العاصمة أديس أبابا، فتحالفت جبهة تحرير أورومو مع قومية “الأمْهَرا” التي لها خلافات مع زعماء الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي…
تصاعد الخلاف تدريجيًا، بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ورئيس الحكومة “آبي أحمد” الذي أقال في السابع من حزيران يونيو 2020، عددًا من الضّبّاط السّامين التّغراي من مناصبهم (رُؤساء الأركان وجهاز الأمن والمخابرات…)، ما اعتبرته الجبهة استهدافًا مُباشرًا لها وللتوازن في توزيع المناصب الحكومية الإتحادية الساري منذ 1991، وبالمقابل عقد رئيس الحكومة اتفاقيات صلح مع حركات المُعارضة الأقل حجما وتأثيرًا، ومع حكومة أريتريا، وتمكّن من تأجيل الإنتخابات العامة، وقطعت الحكومة المركزية التحويلات المالية عن إقليم تغراي الذي عارض القرار ونظّم انتخابات شارك بها 2,7 مليون ناخب، وتعددت الخلافات التي أَفْضَتْ إلى اشتباكات مسلحة بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2020، وتجاوزت المعارك ونزوح السكان حدود الحبشة إلى السّودان وإلى أريتريا التي يُقاتل جيشها إلى جانب القوات الحكومية الحبشية المدعومة من مليشيات صومالية ومن دُوَيْلَة الإمارات، بالسلاح والعتاد والمال، ما يُهدّد “منطقة القرن الإفريقي بالكامل”، وفق تصريح الأمين العام للأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، عند عودة الحرب إلى إقليم تيغراي الذي يعدّ حوالي ستة ملايين نسمة، كان ما لا يقل عن 10% منهم يعتمدون على المساعدات الغذائية، حين انطلاق الجولة الأخيرة من الحرب، بينما يواجه نحو سبعة ملايين شخص في مختلف أنحاء البلاد نقصاً في الغذاء، بحسب الأمم المتحدة، كما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، منتصف تشرين الأول/اكتوبر 2022، من “خروج الوضع عن السيطرة بعد بلوغ العنف والدمار مستويات مقلقة”، بينما لجأ عشرات الآلاف من الأشخاص إلى السودان وأريتريا التي تدعم حكومتها وجيشها الحكومة الإتحادية الحبشية، بسبب العداء التاريخي مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي…
استغلت الحكومة المركزية الحرب لتُسَرّع خطوات برنامجها الليبرالي، بدعم من الولايات المتحدة، ومنها خصخصة القطاع العام والتحرير الجُزْئِي لقطاع صرف العملات الأجنبية بهدف إغراء الشركات الأجنبية…
أصول الأزمة الحالية
اندلعت حرب أهلية بين الجيش الفيدرالي ومقاتلي منطقة تيغراي، من سنة 1974 (أثناء سقوط الإمبراطور هايلي سي لاسي) إلى العام 1991، تاريخ انهيار الاتحاد السوفيتي والنظام العسكري “التقدمي” بقيادة هايلي ميريام، ثم حكمت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية (EPRDF) الحبشة منذ 1991، وهي ائتلاف من الأحزاب المتجمعة حول جبهة تحرير شعب تيغراي، التي خرجت منتصرة من الحرب الأهلية ضد النظام العسكري المعروف ب “الدِّرْغ”، الذي سقط في أعقاب سقوط الاتحاد السوفياتي، داعمه الرئيسي، وأسس النظام الجديد “فيدرالية عِرقية” (أو أثنية، أو متعددة القوميات) واندمجت أجهزة الدولة في تحالف الأحزاب الحاكمة التي أحكمتْ مراقبة السكان، واستمر هذا النظام بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي (TPLF) سبعة وعشرين عامًا واجتذب المستثمرين المحليين والأجانب، وظهرت فئة من الأثرياء من قومية تيغراي، فسيطرت على دوائر الأعمال وسهلت الاستثمار الأجنبي، بالتعاون مع أجهزة الدولة الفيدرالية التي انتهجت سياسة اقتصادية “كينزية”، مشوبة بخطاب وعبارات مستعارة من الماركسية، وتمكنت الدّولة من خلق بعض الصناعات وحافظت على النمو من خلال الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، ولكنها اتخذته ذريعةً لتبرير القمع والاعتداء على الحريات بـ “الأولويات والحاجة لتعبئة الناس من أجل التنمية”.
أدّى هذا النظام إلى إلحاق الضّرر بالعديد من الفئات، وبسكان منطقة أوروميا (أكبر أقلية قومية في إثيوبيا، وهي ضعيفة التمثيل في السلطة) الذين احتجوا بشكل كبير، منذ سنة 2014، على مصادرة أراضيهم لبناء منطقة صناعية تشكل جزءًا من الامتداد للعاصمة الاتحادية أديس أبابا، وتوسّعت مطالب الأورومو لتتضمّن المطالبة بالعدالة الاجتماعية واحترام الحريات ووضع حد للقمع، وتسبب احتجاج الأورومو المستمر في أزمة سياسية مفتوحة داخل الحكومة، منذ سنة 2016، وفي نيسان/أبريل 2018، أدت المفاوضات الحزبية داخل الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية (الجبهة الحاكمة) إلى تعيين ضابط المخابرات العسكرية “أبي أحمد” في منصب رئيس الوزراء، فوَقَّع اتفاقية السلام مع إريتريا وأطلق سراح الآلاف من السجناء السياسيين وأذن بعودة المنفيين … وعلى الصعيد الاقتصادي عجل بـ “التحرير” وشجع الاستثمار الأجنبي وطبّق وصفات اقتصادية ليبرالية لتحقيق النمو، وأعلن أن اندماج الإقتصاد المحلي في الأسواق الدولية من أولويات حكومته، وللتذكير فإنها ليست الحكومة الأولى التي تمجد الليبرالية الاقتصادية و”فوائد الاستثمار الدولي وتصدير السلع الزراعية”، فقد شرعت الحكومة التي تسيطر عليها الجبهة الشعبية لتحرير تيغري (عدو أبي أحمد الآن)، منذ بداية القرن الحادي والعشرين، في مصادرة الأراضي الخصبة لبيعها أو تأجيرها على المدى الطويل (من 25 إلى 99 عامًا) للمستثمرين المحليين أو الأجانب الذين يصدرون المحاصيل.
على الصعيد السياسي، أثارت محاولات زعزعة التوازن بين القوميات المختلفة والمصالح الاقتصادية والتجارية المتنوعة، مقاومةً وانقساماتٍ داخل السلطة الفيدرالية المتهمة بفرض السياسات المركزية المختلف عليها منذ ستينيات القرن العشرين، وكانت هذه الخلافات السياسية من أسباب سقوط الإمبراطورية بعد ثورة 1974 …
كان وباء Covid-19 ذريعة جيدة لتأجيل الانتخابات العامة مرة أخرى، لكن الجبهة الشعبية لتحرير تغراي – TPLF – نظمت انتخاباتها الخاصة في سبتمبر 2020 في إقليم تيغراي، والتي فسرتها السلطة المركزية على أنها استعراض للقوة ومحاولة انفصالية تهدد وحدة البلاد.
الحرب الأهلية وعواقبها
في ظل هذه البيئة السياسية والاقتصادية، اندلع القتال مرة أخرى بين الجيش الاتحادي الإثيوبي وقوات تيغراي الخاصة ليلة 3/4 تشرين الثاني/نوفمبر 2020. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2021، دخلت القوات التيغراية مدينة ديسيه، في منطقة أمهرة على بعد 400 كيلومتر من أديس أبابا، ثم بلدة كومبولتشا الكبيرة المجاورة، فيما دعت الحكومة الفيدرالية إلى التعبئة العامة لتشكيل ميليشيات موالية لها، بدعم من جيش أريتريا الذي يُقاتل إلى جانب جيش الحكومة الإثيوبية ويقصف مواقع “قوات دفاع تيغراي” بطائرات بدون طيار تُرْكيّة مما تسبب في الكثير من الأضرار، فاضطر جيش تيغراي إلى تغيير تكتيكاته، باستخدام تقنيات حرب العصابات التي مكّنته، في حزيران/يونيو 2021، من شن هجوم مضاد واستعادة معدات المدفعية الثقيلة، لكن الحصار الذي فرضته الحكومة الفيدرالية تسبب في مجاعة لم يعد بمقدور سكان تيغراي تحملها…
تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية بإقليم تيغراي، وفي مقتل عشرات الآلاف وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص، وقدرت المنظمات الإنسانية عدد الأشخاص المحتاجين للمساعدات الغذائية الطارئة، في بداية سنة 2021، بخمسة ملايين شخص، وتُهدّد المجاعة 400 ألف شخص وفقًا للأمم المتحدة، بينما يدعو إعلام الحكومة الإتحادية إلى إبادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ومعاقبة شعب تيغراي ككل، ومنعت حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد الصحفيين والمنظمات الإنسانية من الوصول إلى أراضي تيغري الواقعة تحت الحصار الكامل، وارتكبت القوات المسلحة والميليشيات الموالية للحكومة مجازر بحق المدنيين، وقَدّرت دراسةٌ نشرتها جامعة غانت (بلجيكا) أن الحرب قد تسببت في وفاة ما بين 384000 و 600000 شخص، كما تسببت هذه الحرب في أزمة اقتصادية خطيرة، لكن الحكومة الإثيوبية تستفيد من دعم إيطاليا وتركيا وأوغندا وروسيا وإيران والإمارات، وغيرها، لأسباب تختلف من داعم إلى آخر.
دفعت الهزائم العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وحالة الطوارئ الإنسانية في تيغراي والصعوبات المالية للحكومة الفيدرالية الطرفين إلى التفاوض في جنوب إفريقيا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، بعد عامَيْنِ من الحرب، ووقَّعَ الطرفان (الجبهة الشعبية لتحرير تيغري والحكومة الفيدرالية) في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2022، في بريتوريا، اتفاقية وقف الأعمال العدائية التي من شأنها أن تفرج عن المساعدات الإنسانية وتريح السكان الذين يعانون من الحصار والمجاعة، ولكن لا يزال القتال مستمراً (يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2022) وتسبب في وقوع إصابات بين المدنيين في العديد من المناطق، حيث ترى الحكومة أنه يجب نزع سلاح ميليشيات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي أولاً.
أضعفت المجاعة الدعم الشعبي لقوات تيغراي التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي خسرت عدة مدن مهمة في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2022، مما أجبر قادتها على قبول شروط المفاوضات، من موقع ضُعْف، وتأمل الحكومة الفيدرالية الإثيوبية أن تجذب الاتفاقية الاستثمارات والقروض الدولية، لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ليست القوة الوحيدة للمعارضة المسلحة، فقد احتلت جبهة تحرير أورومو (OLF) عدة بلدات في أواخر تشرين الأول/أكتوبر وأوائل تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
استفادت الحكومة الفيدرالية من الدعم الهائل للجيش الإريتري الذي أصبح عنصرا أساسيا في هذه الحرب، وهي متهمة بارتكاب العديد من جرائم الحرب ولم يرد ذكر انسحابها صراحة في الاتفاقية، ومن المحتمل أن تشكل هذه المفاوضات خطوة أولى نحو تحالف مستقبلي بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والحكومة الفيدرالية ضد قومية الأمهرة وإريتريا.
✺ ✺ ✺
مسار بديل أم مجرد مُسَيَّرَة اخرى: عن زنّانَة عزمي بشارة (١)
زياد سمرين
هل تعرفون ما هي الزَنّانَة؟ الزَنّانَة هو الاسم الذي أطلقه أهل غزة بحكم التجربة على المُسَيَرات الصهيونية، أو ما يعرف بالطائرات بدون طيار، التي يرسلها العدو الصهيوني للمراقبة، أو لاغتيال المقاومين، أو حتى للقصف أثناء الحروب. السبب في التسمية مصدره الصوت العالي المزعج لبعض محركات المُسَيَرات، او، بالفلسطيني، زَنَّتُها المسموعة. والزنانة، أو الطائرة بدون طيار، مثل كل المُسيرات الاخرى، يتم قيادتها والتحكم بها وبما تفعله أو ستفعله عن بعد من غرفة عمليات من قبل ضباط وجنود يجلسون عادة في قاعدة عسكرية صهيونية تكون بعيدة عن الهدف. بعض المُسيرات الأميركية، مثلا، يتم قيادتها وتوجيهها من قاعدة بعيدة جدا تكون أحيانا في بلد آخر أو حتى في قارة اخرى.
مناسبة الحديث عن الزنانة هو تشابه طريقة عملها مع ما يسمى المنظمات غير الحكومية التي تنبت منذ فترة كالفطر في بلادنا. فهذه المنظمات تعمل في بلادنا فعلا، ولها مكاتبها وموظفوها المدفوعي الأجر، ولها أيضا برامجها وأفكارها ونشاطاتها. لكن يتم قيادتها وتوجيهها مباشرة من غرفة عمليات الممول في الخارج لتنفيذ مهمات محددة. وهذه المنظمات هي في الحقيقة منظمات غير حكومية بالاسم فقط، فتمويلها حكومي غربي، ويأتي من الإتحاد الأوروبي مباشرة ووزارات الخارجية الغربية، أو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو اس ايد)، وهي مؤسسة حكومية وفرع لوزارة الخارجية الأميركية، تديرها الآن سامانثا باور (التي كانت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة وقريبة جدا من باراك أوباما وكانت من اشرس الداعين للتدخل العسكري في بلادنا بحجة حقوق الانسان والمرأة والمثليين، وكانت من أشرس الداعين للعدوان على سوريا)، بالإضافة الى مؤسسات أخرى كمؤسسة المجتمع المفتوح لصاحبها جورج سورس، أو من دول وحكومات عربية تقوم بالتمويل نيابة عن المنظومة الغربية الاستعمارية لأنها جزء منها ولها مصلحة في استمرارها، كقطر او السعودية او الامارات.
ومثل الزَنّانات، أو الطائرات بدون طيار، فإن ما يسمى المنظمات غير الحكومية هي أيضا أنواع. فبرغم أنها كلها تمثل مصالح المموِل، وتعمل على تنفيذها بنشاط لافت لتبرير استمرار دفع الراتب لما يسمى “نشطاء المجتمع المدني” بالدولار، إلا ان بعضها يعمل على مشاريع صغيرة تحت عناوين ويافطات جذابة مثل “تمكين المرأة”، “حقوق المثليين”، “حقوق الطفل”، “ثقافة الديمقراطية”، “حماية البيئة” الخ، وبالتالي فإنها تعمل على تسهيل اختراق الفكر والثقافة الغربية للمجتمعات غير الغربية في مجالات محددة لتسهيل السيطرة عليها ونهبها لاحقا.
وكما أن هناك مسيرات متعددة الوظائف (تراقب، تصور، وتنفذ مهمات عملياتية، الخ) ويقوم منتجيها حتى بإخفائها عبر جسم خفي (ستيلث) مكلف الثمن، فإن هناك منظمات غير حكومية بوظائف متعددة أو وظائف كبيرة لا يمكن للمكاتب الصغيرة إنجازها. هذا النوع هو الأخطر لأنه يأخذ شكل أحزاب وحركات سياسية، لكن برنامجها الأساسي هو نشر أفكار الممول، والأهم نشر طريقة العمل المسموحة من الممول – هل انتبهتم مثلا أن من ينتقد ضعف النشاط الكفاحي لليسار الفلسطيني، كما يفعل المسار، لا يقوم بأي نشاط كفاحي أصلا، وإنما يعمل على تعميم ظاهرة الاحتجاج التي يعتبرها الممول الغربي “حضارية”، كالمسيرات والمظاهرات المرخصة فقط. لكن ارتفاع الصوت ضد من ينشط كفاحيا، حتى ولو بمستوى أقل من المأمول والمطلوب، هدفه تشويه الظاهرة كلها لحساب المسيرات والمظاهرات المرخصة والبيانات.
ما يقوم به المسار البديل منذ إعلان انطلاقته بمظاهرة مرخصة من مدريد (حتى حركة فتح التي ينتقدها المسار أعلنت انطلاقتها بعمل كفاحي وببيان من الوطن العربي) هو لعب دور في تنفيذ توجه سياسي وثقافي يمثل بعض أركان المشروع الغربي والرجعي العربي في المنطقة، أشرف على إدارته منذ البداية عضو الكنيست عزمي بشارة. جوهر هذا المشروع هو اختراق الوعي السياسي والثقافة الكفاحية لمجتمعاتنا والتي تقف حجر عثرة أمامهم وتشكيلها وفق مصالح الممول الخارجي.
كانت المحاولة الأولى هي ما أطلق عليه بشارة حينها “هيئة الدفاع عن الثوابت”، والتي فشلت بعد انكشاف حقيقة فتى الموساد، ودوره في تدمير وخراب العديد من البلدان العربية. اللافت أن هذه الهيئة (ورغم حسن نية العديد من الذين خدعوا بكلام المفكر الصهيوني وانتموا إليها حينها) كانت تشبه لحد كبير صيغة المسار البديل ونهجها – بيانات ومسيرات ومظاهرات ومزايدات وتخوين من لا يقاوم على ذوقهم، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
لكن، يبدو أن بشارة تعلم جيدا من التجربة. فانكشاف حقيقته، قاد لانهيار كل المؤسسات التي أشرف عليها مباشرة، أو كان على علاقة بها (لا يسمع أحد بهيئة الدفاع عن الثوابت). فوجوده في هذه المؤسسات أصلا، وحتى نجاحها كان يعتمد أساسا على الصورة التي رسمتها له الدعاية كمفكر عبقري، وليس اعتمادا على طبيعة المشروع الذي كان يُنَظِر له (كثيرون انتموا لهيئة الدفاع عن الثوابت فقط لأن بشارة كان يقودها). لهذا، تبنى بشارة صيغة جديدة للعمل تناسب المرحلة الجديدة والاسم المحروق والمشبوه، وكانت الزَنّانَة، أو الطائرة بدون طيار هي النموذج الجديد. هو يمول ويشرف ويتحكم عن بعد، وقادة المسار، كما قادة مؤسسات أخرى ومواقع إعلامية عديدة، ينفذون، وحتى ينفون أي علاقة معه، وربما يشتمونه إذا اقتضت الضرورة.
اللافت أن هذه المؤسسات، كالمسار المُسَيَر، تعتمد نفس طريقة عزمي بشارة القديمة، فتقوم بتلميع شخصية ما وتضخيمها بالدعاية حتى ينتسب بعض ذوي النية الحسنة والمخدوعين. هكذا أصبح من يعلن عن مظاهرة مرخصة في اوروبا أكثر حضورا من الفدائي الحقيقي. هذا ليس مفاجئا طبعا. فلقد فعلها عزمي بشارة من قبل حين أقنع الناس، بالكثير من الدعاية الممولة، أن عضو الكنيست الصهيوني الذي اقسم يمين الحفاظ على الدولة اليهودية لن يحرر فلسطين فقط، بل وسيقود الثورة في كل الوطن العربي.
اللافت أيضا أن هذه المشاريع تتزايد وتنتشر حين يزداد العمل الكفاحي في فلسطين، كما أشار الدكتور عادل سمارة، وكأن الهدف استثمار التضحيات الهائلة للأبطال والمقاومين في مشاريع بأهداف مناقضة لتضحياتهم. فمنذ المخاضات الأولى للانتفاضة الراهنة تزايدت الدعوات لمشاريع جديدة، ليس المسار الا أحدها، هدفها حرف البوصلة وتبديد الزخم المقاوم لصالح مشاريعهم.
يعرف أهل غزة جيدا خطورة الاف ١٦ وغيرها من طائرات العدو التي يقودها طيارون صهاينة تم تدريبهم على القتل، لكنهم يعرفون الزَنّانات أيضا ويعرفون خطرها جيدا ويعرفون أن من يقودها أيضا ضباط صهاينة من غرف عمليات بعيدة، وإن سألت أهل غزة سيقولون لك أن إسقاط الزَنّانات يعادل بأهميته إسقاط الاف ١٦.
عن مشروع عزمي بشارة الحقيقي، وما هو دور المسار البديل، كزَنّانَة لبشارة، فيه قريبا.. يتبع.
:::::
✺ ✺ ✺
عندما ننسى جول جمّال .. بوسيدون البحر الابيض المتوسط
نارام سرجون
ربما رحل جول جمال منذ عقود كثيرة وبقي اسمه على بعض المدارس واللوحات والقصص المثيرة عن شاب عربي سوري مسيحي اندفع مستميتا للدفاع عن الشرق العربي بكل مافيه ومن فيه .. مثله مثل عيسى العوام الذي قرأنا عنه في كتب صلاح الدين الايوبي .. ولكن جول جمّال عندما رحل لم يدرك الكثيرون انه تحول الى بوسيدون البحر الابيض المتوسط .. لأنه باستشهاده الأسطوري من أجل وطنه ومشرقه العربي اختلط دمه بدم البحر الابيض المتوسط .. وفي ذلك اليوم تغير مزاج البحر المتوسط وكأنه حصان جامح رضخ لترويض ابن الشرق .. كما صار بوسيدون اله البحر الاغريقي الذي يقال ان اسمه الاغريقي اشتق من مدينة صيدون أو صيدا المشرقية ..
كي لاننسى جول جمّال وكيلا يتحول الى مجرد قصة عابرة دعونا نسترد تلك اللحظة التي كتبها قلم مصري عن هذا الشاب البهي المشرقي السوري الذي روّض البحر الابيض المتوسط وأنزل فرنسا عن صهوته في يوم 4 تشرين الثاني عام 1956 .. انه مثل كل الرجال الذين يعبرون على جسد المستحيل كيلا تكون لهم قبور عادية .. فيصبح الها للبحار ..
هذه مقالة نشرت في مجلة اليوم السابع المصرية جيدرة بالقراءة والتذكير لمن يريد ان ينسى ماذا جرى في 4 -11- 1956
مقالة جديرة بالقراءة: ذات يوم.. 4 نوفمبر 1956 – بقلم: سعيد الشحات
………………………………………………
استشهاد الرائد جلال دسوقى والسورى جول جمال وآخرين فى معركة «البرلس البحرية».. والمآذن تكبر والكنائس تدق الأجراس فى مدينة حلب
………………………………………
1
كانت زوارق الطوربيد المصرى تقوم بجولة تفتيشية على حدود ساحل البحر الأبيض، حتى لاح لها الطراد الفرنسى الكبير «جان بارت» يوم 4 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1956، وبين الطرفين دارت معركة «البرلس البحرية» الخالدة، فى اليوم السادس من أيام العدوان الثلاثى على مصر، حسبما يذكر محمد عبدالرحمن حسين، فى كتابه «نضال شعب مصر-1798-1956».
2
كان الطراد الفرنسى يحاول إنزال دفعة من الجنود الفرنسيين فى اتجاه بحيرة البرلس، وعلى بعد 10 كيلو مترات منها، فتصدى له ثلاثة زوارق طوربيد مصرية، وكانت الساعة حوالى العاشرة صباحا.. يؤكد حسين: «أطلق الزورق الأول، وكان تحت قيادة الرائد البحرى جلال الدسوقى طوربيدين عليها، ثم أعقبه الزورقان الآخران، فأصيب الطراد إصابة مباشرة، وأرسل استغاثات لاسلكية إلى قيادته يستنجد بها، وعندما قفلت الزوارق الثلاثة عائدة إلى قاعدتها فخورة منتصرة، لاح فى الجو سرب من طائرات العدو جاء على أثر الإغاثة اللاسلكية التى تلقتها، ونشبت بينها وبين الزوارق معركة رهيبة، وتمكنت الطائرات من إغراق زورق واحد، واستشهد الأبطال، جلال الدسوقى، الضابط السورى جول جمال، إسماعيل عبدالرحمن، صبحى نصر، على صالح صالح، عادل مصطفى، محمد ياقوت عطية، جمال رزق الله، محمد البيومى زكى، ومصطفى طبالة».
3
يؤكد حسين، «أنه من مفارقات القدر أن الزوارق الثلاثة، عندما خرجت للاستكشاف فى مساء 3 نوفمبر 1956، لم يكن مقدرا للرائد جلال دسوقى أن يذهب مع من ذهب لأداء هذا العمل الكبير، ولكنه عندما رأى الزوارق تتحرك قفز فى أحدها ليشارك زملاءه شرف قتال العدو، وكأنه كان يتعجل حكم القدر، وقاد جلال دسوقى إخوانه فى معركة البرلس واستشهد مع من استشهد من الأبطال».
4
كان لسوريا حضور خاص فى هذه المعركة بمشاركة من الضابطين «جول جمال» و«نخلة اسكاف».. يذكر حسين: «لقى جول وجه ربه، أما نخلة فتلقفه البحر الهائج بعد غرق زورقه، وظل إحدى عشرة ساعة يصارع الأمواج العاتية، ويقاوم قسوة الرياح، وبرودة المياه حتى وصل إلى شاطئ البرلس».
كان جول جمال يدرس فى الكلية البحرية بالإسكندرية ضمن بعثة تضم 11 من أبناء سوريا، حسب برنامج «صدى المواطنة» على الفضائية السورية فى حلقة خاصة عنه، يؤكد البرنامج أنه تخرج فى «البحرية المصرية» فى مايو 1956، وكان الأول على زملائه السوريين، وتأجلت عودته إلى سوريا ليتدرب على معدات بحرية حديثة حصلت عليها مصر، غير أن الأقدار كانت تحمله إلى مصير آخر وهو الاستشهاد فى مياه مصر.
5
يصف «شمس الدين العجلان» فى الموقع الإلكترونى السورى «الأزمنة» حال اللاذقية حين تلقت خبر استشهاده قائلا: «قامت المدينة عن بكرة أبيها لتقيم احتفالا غير عادى، فالناس فى هياج وفرح وحزن وغبطة، أصوات التكبير من المآذن والجوامع تدعو للصلاة على روحه الطاهرة، أطفال ونساء وشيوخ، مسلمون ومسيحيون يدعون للصلاة على روح الشهيد »، وأرسل الرئيس جمال عبدالناصر، قنصل مصر العام فى حلب جمال بركات إلى والده يوسف جمال، وكان من المقاومين ضد الاحتلال الفرنسى لسوريا، ومنحه براءة النجمة العسكرية، ووجه عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية رسالة إلى نظيره السورى اللواء توفيق نظام الدين، قال فيها: «إن مصر التى دافعت عن حريتها واستقلالها تسعى إليك اليوم فأنت فى دوح أمين فى رحاب كريم، لكى تقول إن الفكرة التى عشت من أجلها تزهو والدعوة التى استشهدت فى سبيلها تزدهر وتنتصر».
6
وفى احتفال تأبين له يوم 9 نوفمبر 1956 بالكنيسة المريمية بدمشق، وبحضور الرئيس السورى شكرى القوتلى وكبار المسؤولين السوريين.. قال القوتلى: «بين شاطئ اللاذقية وشاطئ بورسعيد أيها الإخوة الأعزاء، استطاع جندى سورى ثاقب بصره وعميق إيمانه وعظيم حبه لوطنه وعروبته أن يرى حقيقة لا تخفى ويجب أن لا تخفى على أحد، وهى أن البارجة الفرنسية المعتدية الغادرة لو أتيح لها أن تقهر بالأمس بورسعيد، فإنها غدا ستقهر اللاذقية. إن العدو واحد وإن الوطن العربى واحد أيضا، وعندما وجد هذا الجندى المغوار نفسه إلى أحضان الخط، كان على يقين كبير بأنه لا يدافع عن مصر وسوريا وحدهما، بل عن العروبة وسلامتها وسيادتها».
7
يضيف القوتلي :”ليس جول جمال وحيدا فى تاريخ نضالنا المشترك مسيحيين ومسلمين فى سبيل الدفاع عن أرض هذا الوطن، وفى سبيل الدفاع عن القومية العربية، فتاريخنا البعيد والقريب حافل بذكريات مشتركة سطر فيها السوريون والعرب فى جميع ديارهم مواقع غراء فى محاربة المغيرين الطامعين، والدفاع عن حرية هى للجميع، وعن أرض ورزق هما للجميع، وعن سيادة وعزة وكرامة هى للجميع”.
…………………………………….
ذاتيومسعيدالشحاتاليوم_السابع
:::::
المصدر: مدونة نارام سرجون
كي لاننسى بوسيدون البحر الابيض المتوسط .. جول جمّال | نارام سرجون (serjoonn.com)
بتاريخ 8 نوفمبر 2022
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org