لا توجه شرقاً لمن قِبْلته غرباً، عادل سماره

  • الشرق يحتاج ناصراً

في حين أن الأدبيات والأكاديميا في الغرب وحتى في بلدان المحيط راكمت ما لا يُعد من الكتب عن حرية التجارة بين الدول، ولكن ليس جديداً أن كافة الدول المستقلة ذات السيادة مارست العكس تماماً اي الحمائية لاقتصاداتها وفتحها فقط لتوابعها الذين في اي تبادل معها يخسرون اكيد بمعنى ميل ورجحان الميزان التجاري للدول المستقلة وخاصة القومية.

ومع أن هذا أصبح حقيقة واضحة بل ويتم استخدامها للتندُّر من أساتذة الاقتصاد التقدميين، إلا أن مختلف الأنظمة العربية مرتبطة بالغرب حكومات وصندوق النقد والبنك الدولي بشكل صادم أو كما قال أمرئ القيس (طبعا في معرض الحب وليس النهب)

“كأن الثريا عُلِّقت في مصممها…بأمراس كتان إلى صُمِّ جندلِ”

أي مربوطة بشكل لا يُحل.

لقد غدت من حقائق الاقتصاد العالمي التي تحظى بإجماع بأن أكثر من مئة دولة في العالم طبقت وصفات وشروط صندوق النقد الدولي فزاد وضعها سوءاً، ومن بينها الدول العربية.

ومع أن الصين تقدم شروطاً واضحة بأنها:

·        تستثمر في القاعدة الإنتاجية

·       لا تتدخل في سياسة الدول المقترضة منها ولا في نظامها السياسي

·       وتقدم شروطاً أفضل وسعر فوائد أدنى.

·       وتقدم مقادير قروض ضخمة وهذا ما يوضحه فارق استثمارا الصين بالترليونات بينما أمريكا بالمليارات.

إلا أن الأنظمة العربية تواصل الارتباط بالغرب!

فالنظام المصري يخضع لدرجة اشد من شروط صندوق النقد الدولي وخاصة منذ 2014 والحال يسوء. هل سبب عزوف مصر عن الصين هو أن الصين ترفض الإنفاق على تسمى النهضة العمرانية اي بناء مدن جديدة مكلفة لا يستطيع حتى متوسطي الحال شرائ الشقق فيها أو استئجارها. فالعقارات هي لجوء وليست إنتاج وفي أفضل حالاتها تشغيل مؤقت لعدد كبير ينتهي لتشغيل عدد ضئيل من الحراس!

شروط بل أوامر أمريكا هي التي حالت دون إكمال النظام المصري شراء صفقة طائرات سوخوي من روسيا المتوقفة منذ 2019 وثمنها مدفوع.

فهل هذه دولة ذات سيادة أم هي أنظمة سيادتها على الطبقات الشعبية ويخدم الكمبرادور؟

قبل أكثر من عام سمعنا سلسلة خطابات للرئيس التونسي توحي بأن الرجل، طالما هو فرد بلا حزب ولا تحالف أحزاب، سوف يتخذ قرارات جريئة كما كان أو بدأ عبد الناصر بعد ثورة يوليو.

لماذا؟

لأن الرجل خلع المتورطين في الفساد والمديونية والارتباط بالخليج والغرب…الخ.

لذا، يكون التفكير المنطقي أن الرجل سوف يذهب شرقاً وخاصة لأنه ورث اقتصادا مشلولا ومنهوباً.

وإذا به يواصل الاستجداء من الطرف الذي تنتهي إليه الفلوس المنهوبة بعد أن يأخذ الناهبون حصتهم.

والسؤال: طالما أن الرجل ليس باتجاه التوجه شرقا، فكيف غامر لاستلام السلطة طالما سوف يولي وجهه “شطر البيت الأبيض وكل الغرب”.

والمثال الآخر، ديكتاتورية فدرالية الطوائفيين في لبنان، التي عرضت عليها روسيا والصين علاقات اقتصادية مرنة وعملية ومتجهة إلى الإنتاج، ولم يحصل شيئا.

لو قلنا إن إيران “اقتصاد رافضي وفارسي …الخ” ولذا تم رفض حتى منحاً منها!!!!  فهل الصين كذلك؟ أم هي حمراء؟

حينما قام عبد الناصر بكسر احتكار السلاح وتوجه شرقاً، كان الغرب في أعتى قوته رغم وجود السوفييت. لكن الإرادة الوطنية كانت اقوى. ولو جذَّر النظام المصري اقتصاده أكثر باتجاه اشتراكي لربما كان صعباً على التوابع اقتلاع السمات الاشتراكية والتنموية للاقتصاد المصري.

بالمقابل، كانت فترة يلتسين في روسيا اشبه بحكام مصر منذ السادات وحتى السيسي، ولكن بنية الاقتصاد الروسي وفرت ل بوتين ما يبني عليه ويُنهضه.

ومع ذلك، لا نتوقع من هذه الأنظمة أن تكون بقامة عبد الناصر، ولكن على الأقل أن تجرؤ على الاختيار.

ولكي لا يكون التحليل طوباويا، فإن العلاقة مع الغرب هي تقاسم ثروة البلد على اساس اقتصاد التساقط (اي المائدة للجالسين على الكراسي اي الغرب، والفتات للذين على الأرض اي التوابع) ويبدو أن الشرط الصيني لا ينسجم مع هكذا توجه، فالفارق بين:

·       قروض من أجل الإنتاج وبين

·       قروض من أجل العقارات

هو فارق واسع لأن الأول لا يعطي فرصا كبيرة للسرقات والفساد ويخلق ظروف القدرة على السداد بالإنتاج بينما القروض الموجهة لسد العجز أو البناء الترفي تتحول إلى ديون وتفرض لتسديد أقساطها وفوائدها تسديد الديون بديون جديدة في حلقة مفرغة لا تنتهي. . وهذا يعني أن هؤلاء الحكام في الدول القطرية يخونوا الوطن وليس مصالحهم.

وهذا يشترط طالما لا توجد قيادة بحجم المرحلة فليكن، بل الأفضل حركة عربية شاملة وحدوية التوجه تناقض هؤلاء تناحريا.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/