التطبيع، أحمد حسين (1939 – 2017)

لكي يكون الفلسطيني الذي ما تزال تلاحقه هواجس الالتزام الوطني، على وفاق موضوعي مع التزامه الفائق الصعوبة، ليس لديه خيار سوى أن يقيم مؤسسته الوطنية الخاصة التي تناسب وعيه، أو أن يتوهم واقعا يبرر تمسكه بهذا الوعي، مؤسسا بذلك منفاه الاختياري عن واقع الحال. عليه أن يكون على علم مسبق بأنه لن يجد لوعيه الذي نسيته الحكاية الشعبية والرسمية مكانا شرعيا يعلقه فيه، ولن يجد من القوة الفعلية إلا ما يكفي ليجعل منه دونكيشوت أو فلسطينيا معذبا. فالشعب الفلسطيني المحشور في منافيه الهجرية، تحت حراسة مشددة، لحق التصحر بوعيه الوطني، ووافق على ” تأجيل ” حق العودة الوطني، من أجل حق العودة السياسي لعرفات ومن معه.  أي وافق على إلغاء مبدأ وحق التحرير معا.  وحينما مزق عرفات الميثاق الوطني الفلسطيني بدون اعتراض يذكر من جانب مخيمات الشتات أو غيرهم من الفلسطينيين، بدا للعقل الرافض أن وضع الميثاق الوطني كان بوحي من أوساط خفية، لتقوم ممثلية الشعب الفلسطيني الشرعية بتمزيقه فيما بعد على رؤوس الأشهاد الدولية، ويصبح له من الدلالة الرمزية عند تمزيقه، ما لم يكن له من الدلالة عند وضعه.  وهذا ما حصل لأنه كان من المحتم أن يحصل.  لم يعد هناك قضية وطنية فلسطينية بأي مفهوم من المفاهيم باعتراف وموافقة الفلسطينيين أنفسهم. لقد كان تمزيق الورقة أكثر أهمية من واقع التشريد والاحتلال. كان اعترافا بشرعية التشريد والاحتلال.  فقد أقر الفلسطينيون أخيرا بوجود حق تاريخي لليهود في فلسطين. لم تعد الأولية ولا الأولوية ملكا لهم.  وما دامت إسرائيل هي الأقوى وهي الأكثر وعيا لأهمية المعنى والوجدان في قضايا المصير، فقد خسر الفلسطينيون كل ما كانوا يملكونه وليس بعضه كما يظنون.  فالذي مزق هو كل الحق الوطني الفلسطيني وبأيد فلسطينية. والمسؤول عن تمزيقه هو الشعب الذي صنع ذاته الآخرون، وجردوه من حقيقته الذاتية أو ذاته الحقيقية، وحولوا وجوده إلى إشكال سياسي على هامش وطنه المنهوب.  لقد انهارت قضية المعنى لدى الفلسطيني، وانهارت معها كل أشكال المناعة الذاتية في بنيته التي كانت تعاني من هشاشة الوعي الهجري المتصحر أصلا. 

عندما وضع بناة المشروع الصهيوني مشروعهم، كانوا يعرفون أن إقامة مستوطنة أوروبية في أي بلد عربي لن تكون أمرا ممتنعا أو بالغ الصعوبة من الناحية الإجرائية. ولكن الفكرة من أساسها لم تكن بهذه البساطة. لم تكن مشروعا تكتيكيا عابرا، أو ناجما عن مواريث لمصالح قطيع من المستوطنين القدامى الذين جاءوا مع العسكر وأسسوا إقطاعات زراعية أو مالية أو تجارية أو تعدينية على حساب سكان البلاد الأصليين. كانت الفكرة أعمق وأخس ما يمكن أن يصل إليه عقل المصلحة الإمبريالية من مشاريع في أهم منطقة من مناطق العالم.  كان الهدف هو تغيير التاريخ المتداول   في المنطقة العربية، وغزو كل مكونات البنية فيها بزراعة مكون بنيوي جديد يستأنف على واقع البنية القائمة ويلغيه، وينهي إشكالا   تاريخيا ممتدا، ظل يرعب أوروبا قرونا طويلة، وهو قيام مشروع عربي تنموي مقابل شواطئها. لن ندخل في التفاصيل المطولة الآن. ما يهمنا أن نقول أن تطبيع العلاقة بين البنية القائمة والمكون المزروع يجب أن يكون مثاليا إلى حد الإبداع، ليحدث بمجموعة مزاياه في التفوق الحداثي والقوة، التحول المطلوب نحو تصفية المشروع القومي العربي إلى الأبد، وتحويل المنطقة إلى تجمع قطري شرق أوسطي يكون الجسم المزروع نواته السيادية ووجهه الحداثي الجديد والمعولم.

لم يكن من الممكن الاعتماد على القوة وحدها في تنفيذ مشروع بهذا الطموح غير المسبوق، حتى ولو كانت عساكر المستوطنين في الكيبوتس والموشاف تنتج القمح والخضار والبطاطا والتفاح، وحتى لو كان هناك مجتمع إسبارطي يتكاثر أسريا وينجب أطفالاً في غاية الجمال يؤدون نشيد الصباح في ساحات المدارس. كان هذا متوفرا للمستوطنين في الجزائر وجنوب أفريقيا ولكنه لم يستطع استبدال مضمون العلاقة مع السكان الأصليين حتى اليوم. وسوف تظل إسرائيل مستوطنة أوروبية، أي جسما غريبا في وضع زراعة تجريبية، حتى يعترف الفلسطينيون بها دولة يهودية بديلة عن دولتهم على كامل فلسطين، ويبحثوا عن مصيرهم خارجها.  بأقل من هذا الخراب الوطني الشامل، يظل وجود إسرائيل   تحت طائلة الشذوذ والاستئناف، ويظل المستوطنون مستوطنين والغرباء غرباء. لن يكون بالإمكان ترسيخ الثقافة القطرية للشرق أوسطية لدى شعوب القطريات العربية، بحيث تستوعب علاقة قطرية عفوية مع المكون الجديد، ويصبح عادل سمارة نهائيا شذوذا عن القاعدة العفوية وهي التطبيع مع الصهيونية التوراتية.

في مثل هذا المناخ الواقعي الموقع (بضم الميم وتشديد القاف) فلسطينيا، كان على د. سمارة ألا يتعرض للمطبعين. لأن موقفهم ليس شخصيا يقوم على رداءة العينة، بمدى ما هو جزء من حيادية أخلاقية ناجمة عن انحلال الوعي الوطني العام.  التطبيع يفرض نفسه الآن، وبعد سقوط فكر الرفض، كعفوية سلوكية لا تنقصها الوطنية.  على العكس من ذلك، كم من النخب الاستشهادية قدمت حياتها من أجل دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل؟   وبعض الفلسطينيين لا تنقصه الوطنية الصادقة، ولكنه يرفض أوسلو ويوافق على السلطة الفلسطينية ويعتبر منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا له، وإنجازا على طريق التسوية العادلة، ويعتبر عرفات رمزا وطنيا خالدا. في هذه الحالة الطريفة من الوعي لم يكن غريبا أن يصبح التوجه الوطني العام، هو التطبيع مع المطبعين وليس محاسبتهم.  لذلك فإن التعرض لهم لا يبدو لي دستوريا.  فما دام الدستور الوطني يحميهم، فإن التعرض لهم يعد دونكيشوتية لا لزوم لها. وفي حالة الموسيقى الرديئة التأليف، لا يمكن معاتبة الآلات الموسيقية أو حتى العازفين. يجب التوجه بذلك إلى المؤلف الموسيقي نفسه.  وهو في هذه الحالة الشعب الفلسطيني. ويمكن فهم احتجاجك على ظواهر التطبيع العينية، بأنه سورة غضب للوجدان الواعي على ما يعتبره محرما وطنيا، ولكن صدقني أن المستفيد هو الظاهرة المحرمة وليس الوعي الواعي، لأن السجال مع الظاهرة يفتح الباب أمام الخطاب الموجه لها   لكي تستفيد من مقاس الوعي العام في التلقي على حساب الوعي الواعي الذي يواجه جمهورا ينسجم وعيه مع وعي المرحلة.  ماذا يمكنك أن تقول على سبيل المثال لشخص يعتبر التطبيع خرقا للحصار الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. ماذا تقول لمن يقول لك أن الحنين لرؤية بيته المهدوم هو الذي دفعه للموافقة   على عقد ندوة شعرية تحت

واقع الاحتلال؟ هل تدخل معه في سجال فلسفي أو وعيوي معقد حول المغالطة والمنطق الشكلي؟  أو الإشكال القائم بين رؤية البيت وتحريره؟  المعركة يا رفيق مع المطبعين العرضيين التغت موضوعيا. فحتى انتصار خطاب الوعي الجزئي لا فائدة منه على ساحة تفصل بين الوعي والالتزام. ساحة لا تعرف حتى الآن أن مصيرها الوطني وحتى وجودها الاجتماعي والإنساني سيتحدد في ساحة الصراع بين التطبيع والرفض.  وأنه في حالتنا لا يوجد تسويات من أي نوع سوى دحر أهداف المشروع الإلغائية القائم على تحويل الشذوذ إلى قاعدة.

أنت يا د. عادل في نظري، وربما في نظر الكثيرين نخبة وعي مميزة، ولكنها لا تملك من آليات الفعل سوى المخاطرة بالذات وتجاوز حس المصلحة الأنوية. وهذا من المؤكد أنه لا يكفي في مثل حالتنا الفلسطينية المعقدة.  هناك شعب تعرض لجريمة العصر الأكثر حداثية في تاريخ العالم، وهو يسمع ولا يصدق. لم يكن ينقصه الالتزام العفوي بالدفاع عن وطنه مثل أي شعب آخر. ما كان ينقصه هو كل شيء آخر عدا بديهية الالتزام.  لم يكن مهيئا للمقاومة أو حتى الاعتراض المؤثر على جريمة دولية وضعت كل تفاصيلها، حتى المستقبلية منها مسبقا. وكان أسهل سياقاتها هو احتلال الأرض وتشريد شعبها، أما سياقها الممتد والأهم فهو تطبيع الواقعة وإجبار الفلسطينيين على التسليم الذاتي بعودة أبناء إسرائيل إلى أرض إسرائيل. أي الاعتراف بأن ما حصل كان حركة تصحيح تاريخية لا بد أن تحصل ولا بد من التسليم بذلك.  وكان كل شيء معدا كما يجب أمام مدرسة التطبيع التي بدأت بالإعلان عن نفسها على مشارف النكبة بقيادة الأحزاب الشيوعية التي تم إنشاؤها منذ بدايات القرن كآليات تطبيع محلية وقطرية. ولا بد أن الصورة مكتملة لديك بما يخص الحزب الشيوعي الإسرائيلي. ويكفي أن أذكر بالمعادلة التطبيعية التي اعتمدها ذلك الحزب من حيث رابط المصلحة التحرري بين شعبي البلاد، والذي يحتم عليهما التوحد في مواجهة الرجعية في الجانبين. فالحرب هي مصلحة متبادلة بين الرجعية الفلسطينية بقيادة الحاج أمين الحسيني، والصهيونية المتطرفة بقيادة الفصائل المعارضة للهاغاناة. ولعلك تعرف عن دعوة الشيوعيين الفلسطينيين إلى الوحدة بين العمال في الجانبين اليهودي والفلسطيني تحت مظلة الهستدروت…. الحكومة اليهودية المؤقتة في فلسطين قبل قيام إسرائيل. والتفصيل الأهم هو تلك الزيارات والندوات التي كان يعقدها طاقم التطبيع الشيوعي مع المثقفين الفلسطينيين والعرب على هوامش المؤتمرات الدولية، ثم اختراقه المباشر بعد أوسلو لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستغلاله لبؤس الثقافة والمثقفين الفلسطينيين “اليساريين” في الترويج للتطبيع الذي لم يعد أمرا محرما.

إن المطبعين الذين تتعرض لهم يا رفيق، هم مساكين الثقافة اليسارية الذين كان المرحوم أميل حبيبي ومساعدوه يستغلون فقر الموهبة والوعي لديهم، ويعرفون أيضا أن دوافع التطبيع متوفرة لديهم بإلحاح ممض، سببها ما عرف عن قدرة الحزب وصحفه على توفير الشهرة المجانية لمن شاء.  واسمح لي أن أروي لك هذه القصة الطريفة، كنموذج واحد من نماذج ثقافية كثيرة تغص بها الساحة الثقافية الفلسطينية، ليس لأعرفك بما لا تعرف ولكن لمساجلتك في الرأي حول قضية التطبيع:

حدثني شيوعي بارز مستقيل من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، على سبيل النكتة، أن أديبا ناشئا خفيف العقل كتب قصتين أو ثلاثا لا بأس بفجاجتهما، فأقنعه صديق خبيث له أن كثيرا ممن حصلوا على جائزة نوبل لم يكونوا في مثل موهبته، وأن عليه أن ينضم إلى الحزب الشيوعي ليعجل الترويج الإعلامي له بحصوله على الجائزة.  كان الصديق مقنعا – قال الشيوعي البارز الذي سمع التفاصيل من الصديق الخبيث –   لأن اليسار الغربي في ذلك الوقت كان على علاقة بنيوية بحركة التحرر اليهودي (الصهيونية)، وبناء على ذلك منحت الجائزة لعدد من المبدعين اليساريين في بعض دول العالم الثالث. وأكمل الشيوعي البارز قائلا: جاءني وطلب الانتساب إلى الحزب. ورحبت به وأخبرته أن هناك فترة تجربة تمتد عاما قبل قبول انتسابه الفعلي، تبدأ بتوزيع عدد محدد من صحف الحزب على غير المشتركين، ومحاولة الحصول على اشتراكاتهم.  أصيب بالذهول وسارع بالرفض قائلا: لم آت لأوزع الجريدة. جئت لأحصل على فرصتي من خلال الحزب في الوصول إلى جائزة نوبل.  قلت له ألا تعرف أن خمسة من أربعة ممن حصلوا على الجائزة في مجال الأدب كانوا يوزعون صحف الحزب الشيوعي في بلادهم؟ فاقتنع حالا واعطيته عشرة أعداد من مجلة الغد ليقوم بتوزيعها. 

ولعلك توافقني على أن القضية ليست مع هذا المسكين وأمثاله من المثقفين، وأنها قضية منزلق وطني عام، قادت إليه آليات الفعل التخريبي للمشروع المعادي، عبر جسد رخو المناعة لشعب لم يتم إعداده وطنيا ووعيويا.  وعلى العكس من ذلك، لم تتح له الفرصة، بعد ذلك، لتكوين وعيه المكافئ لوعي المشروع المعادي، لأن إرهاصات وعي التجربة كانت تتابع وتتم تصفيتها أولا بأول من جانب وكلاء المشروع داخل الجسد الفلسطيني.  ألم تتم تصفية كل شعراء وأدباء الرفض الفلسطينيين؟ ألم تتم تصفية ناجي العلي. هل حظي هؤلاء من شعبهم بشيء غير النسيان، مقابل هالات المجد والشهرة التي أسبغها هذا الشعب على أعدائه الثقافيين؟   أذكر بهذا، فقط للفت النظر إلى أن أهم بنود الصراع كان وما زال صهيونيا هو التطبيع وفلسطينيا هو الرفض.  لذلك مات الرافضون وعاش المطبعون، وأصبح التطبيع الآن شرطا دوليا مسبقا على الفلسطينيين.

سلامة وعيك يا دكتور.  كيف أوقعت نفسك في هذه الورطة؟  هل تريد أن تحارب الخط الوطني الرسمي والشعبي الذي يعتبر أن التطبيع يساهم في تخفيف الحصار عن الفلسطينيين؟ أم لعلك تعتقد، كما يردد التخريبيون من امثالنا، أن الحصار على الفلسطينيين يهدف إلى إرغامهم على التطبيع مع إسرائيل؟  القضية قضية وعي مفقود أو مرفوض يا رفيق. والتطبيع مع إسرائيل هو روح المشروع الصهيوني، ورهانه المصيري.  والإمكان الموضوعي لمقاومته من قبلك أو من قبل أي فرد آخر معدوم.  القضية الوطنية بحاجة إلى عملية إحياء وعي ميداني، تجعل من التطبيع خط المصير الأحمر والأخير لدى السواد الفلسطيني.  فبعد التطبيع سيغير المصير اتجاهه نحو عالم جديد ليس فيه فلسطين ولا فلسطينيون.  ولكن في ظل الإجماع العالمي على وجوب موت الشعب الفلسطيني موتا ذاتيا بالتطبيع، ليكون موته مقنعا، فإن انتفاضة الوعي يجب أن يكون المعجزة الذاتية للشعب الفلسطيني، على شكل هبة للرفض تقودها نخب الشتات التي لا بد من وجودها على الهوامش الصامتة أو المقموعة. هبة ترفض كل ما كان وتحاسب على كل ما سيكون، وتبصق على الماضي ورموزه من مؤسسات وأشخاص.  تحرق جيفة منظمة التحرير وانبعاثاتها الكريهة، وتنزل صورة عرفات جيفة عندها أين هو المطبع اليساري أو اليميني الذي سيمشي على قدميه، أو حتى على رؤوس أصابعه؟  سوف يتلاشون بدون فعل فاعل لأنهم أشباح لواقع رديء إذا غاب لم تعد تراهم.

أما الآن فستضطر إلى التراجع أو التطامن كما فعلت في أحد ردودك القصيرة.  لا تشتم العاهرة حتى لا تضطر إلى الاعتذار لها بعد ذلك! كل مطبع ثقافي، وهم بالذات أخطر وأحقر وأعرق المطبعين، يستطيع أن يصرخ في وجهك بأنه يساري أكثر منك ووطني أكثر منك وسوف يكون كلا الأمرين صحيحا قياسا على التسعيرة المرحلية. هؤلاء، إذا استوعب الشتات التجربة وفداحة التحدي قبل فوات الأوان، فلن ترى أحدا منهم لتدوسه بقدميك. أما الآن فهم محرمون على الوعي الواعي، محللون للبصق والركل.  إنهم نباح الكلب ونهيق الحمار.  ثقافة مستوجبة بواقع المرحلة.  فدعك منهم أو ابصق عليهم ولا تعتذر لهم.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/