نشرة “كنعان”، 28 يناير 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6466

في هذا العدد:

عشر كواكب وقمر، عادل سماره

  • د. كمال عبد الفتاح … أنا مدينٌ لك

السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية وجيو – سياسية (الجزء الثامن)، مسعد عربيد  

  • تقسيم فلسطين في لعبة القوى العظمى

ملف حول التطورات العسكرية في حرب روسيا الدفاعية (الجزء الخامس)، تعريب وإعداد د. زياد الزبيدي

  • المواجهة تحتدم مع الغرب
  • الضربات الموجهة ضرورية لطرق النقل الرئيسية في أوكرانيا
  • “سراويل الدانتيل لروسيا“: في الولايات المتحدة اقترحوا إغواء الروس بوعد العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو

✺ ✺ ✺

عشر كواكب وقمر

د. كمال عبد الفتاح…أنا مدينٌ لك

عادل سماره

بين حدث اليوم وبعضاً من مذكراتي (حملة/حفل صيد طراد مقدس):

يوم 26 كانون ثانٍ 2023 أضاءت سماء جنين عشرة كواكب وقمر هو كمال عبد الفتاح، فالمجد للسيف وكذا المجدُ للقلمِ والعلم.

وتزامن الترجُّل ذكَرني بقول شوقي:

“إخترت يوم الحشر يوم وداعِ…ونعاك في عصف الرياح الناعي”

ش/ه/د/ا/ء يترجلون وأقمار تنتقم لهم وتفدي الوطن وبين زحمة الكفاح واعتلاء ا/ل/ش/ه/د/ا/ء رحل د. كمال عبد الفتاح وفي جنين نفسها.

كُتب ويُكتب عنهم الغزير والكثير، لكنني هنا سأكتب عن كمال عبد الفتاح ففي ذلك عبرة كي تنسب الناس المجد لمن يستحقه ولتعرف الناس أن من يُعيق النهوض ليس العدو وحده. كما ان مفعول محمول الكلمة يشترط الوقت الأنسب حيث شبق النضال هو في اعاليه.

كما أن مصداقية وإشكالية كتابة المذكرات مرتبطة ببعدين نقيضين لبعضهما:

• فالكتابة مع وجود شهود أحياء أمر هام

• والكتابة دون شهود أحياء تُفقدها بعض حقيقتها

د. كمال عبد الفتاح عالم حقيقي في مجاله وعالم حقيقي تطبيقيا ووطنياً كما كتب عنه د. حمدان طه أمس وبين تخصص كمال الجغرافيا وحمدان الآثار/ الأركيولوجيا تقاطعات أكيدة.

وكمال رجل مؤمن إيماناً وطنياً علمياً وعلمانياً، وهذا حالة نادرة، أذكر مثيلاً له الراحل د. احمد كمال جبر الذي علمني في التوجيهية.

أذكر ربما عام 2000 اتصل بي د. كمال عبد الفتاح على مكتب مجلة كنعان، وكنت اعرفه من خلال الصديق د. عثمان شركس أحد تلامذته الأوفياء الذي أوَّل من نعاه.

قال: مرحبا د. عادل، لدينا في جامعة بير زيت برنامج هذا الصيف للماجستير عن التنمية في الوطن العربي، وأعتقد أنك أفضل من يُحاضر في هذا المجال. اليوم الأربعاء وسأتصل بك الأربعاء القادم.

قلت: أهلاً د. كمال، شكراً على التزكية، ربما لست أنا الأفضل، ولكنني أستطيع ذلك بكل سرور، ولكن: هل “تَموْن أنت” على تشغيلي في جامعة بير زيت؟

طبعاً كانت لي تجارباً وتلتها تجارب اخريات مع جامعة بير زيت خاصة أقصد الإدارة والمالكين وأدواتهم من الإداريين والمحاضِرين وكذلك، ولكن بشكل اقل، مع الجامعات المحلية الأخرى وملخصها: فيتو في “مجلس امن الأكاديميا المحلية” أن لا يدخل الجامعات هذا العروبي الشيوعي.

رغم تأكُدي أن كمال على إخلاصه العلمي لن يتمكن من إدخال هذا اللغم “أنا” إلى جامعة بير زيت التي تحكمها توازنات سلبية والتي اكتسبت سمعتها من الطلبة وليس من الإدارة وليس ايضاً من قيادات الفصائل التي ينتمي لها بعض الطلبة، بل إن أفضل مجالس الطلبة كانت قبل تحول الحركة الطلابية إلى حركات للفصائل. ومن يذكر فترة1974-1979 وإضراب التعريب واحتلال المقصف حين كان المجلس بأيدي مجموعة من الماركسيين الذين كنت على علاقة بهم ورئيسته فتاة ومسؤول شؤون الطلبة الراحل العالم في التاريخ د. سليمان بشير الذي فُصل بعد هذه الانتفاضة الطلابية.

قال: طبعاً “بمون”، فأنا رئيس القسم وهذه صلاحيتي وسأتصل بك الأربعاء القادم.

مضى الأسبوع الأول والثاني ولم يتصل كمال مع أنني جهزت المراجع من مكتبتي “القرمطية “وغيرها وجهزت الإطار النظري …الخ. وبعدها اتصلت مع د. كمال:

قلت: تحياتي، كيف أنت، لم تتصل بي بعد.

قال: بالتأكيد سأتصل الأسبوع القادم.

مضى الأسبوع وأكثر، وجاء ذات يوم إلى مكتب مجلة كنعان د. عبد السلام عبد الغني المحاضر في قسم الأحياء في جامعة بير زيت حينها وعبد السلام هو المحرر المسؤول لمجلة كنعان التي اسسها الراحل صالح برانسي والراحل أحمد حسين ورفاق آخرين وانا آخر رئيس تحرير لها. عبد السلام انتقل إلى جامعة القدس، وتقاعد ويجهز مذكراته كما اعلم.

قال: شو صار مع د. كمال؟

قلت: أنتظر رد نهائي منه.

قال: شو رأيك نتصل الآن؟

قلت: ماشي.

اتصلت مع د. كمال.

قلت: تحياتي د. كما، هل من تطورات في البرنامج؟

قال: يا عادل، طلعت أنت عارف هذه الجامعة أكثر مني، أنت مستحيل تدخلها.

ضحكت

وقلت: يا صديقي أولاً اشكر إخلاصك العلمي والوطني وهذا دينٌ لك عندي، ولكن ألم أقل لكَ أن ذلك مستحيل.

وحيث أُعنون مذكراتي ب “حملة/حفل صيد طراد مقدس” فمقصود به عدوانية وغدر وحقد الكثير ممن يُمسكون بمفاصل البلد لخنقه لا لإنقاذه. أما الاحتلال، فأنا واحد من ملايين الفلسطينيين الذين يستهدفهم.

قد يستغرب القارئ أنني اُقرُّ ب دَيْنٍ لم يحصل. لكن الدين الأخلاقي والمعنوي والوطني هو الأغلى وخاصة حين يكون مقابل هذا الرجل العديد ممن يُخربون علمية التعليم ووطنية التعليم. ويُحيلون العمل لعديمي الكفاءة حتى العلمية.

أقمار فلسطين لن تنطفئ رغم المحاقات.

ملاحظة1: لن أتحدث عن من أُحيل له تدريس المساق!

ملاحظة 2: كثير ممن كان لهم القرار ضد موقف د. كمال هم اليوم يرتزقون في قطر فصلاً وآخر في جامعة بير زيت وغيرها فصلاً آخر، فأي “صوائف وشواتي” وفي معيتهم كائنات ضغيرة دسَّها عزمي بشارة في كنعان عام 2010، وانتهت في دوحة قطر.

ملاحظة 3: هذا الفيديو يوم 28 كانون ثانٍ 2023 عن الكواكب العشرة وشمسهم علقم

On 26 January 2023

✺ ✺ ✺

السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية وجيو – سياسية (الجزء الثامن)

مسعد عربيد

  • تقسيم فلسطين في لعبة القوى العظمى

انتقال الصهيونية إلى أحضان الإمبريالية الأميركية

دخلت الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها المسرح الدولي الذي كان يشهد ملامح تكوّن نظام عالمي جديد تبلور في أعقاب تلك الحرب. وقد أعطى هذا التطور المشروع الاستيطاني الصهيوني والمسألة الفلسطينية أبعاداً جديدة، إذ توافق مع تغيّر في سياسة الولايات المتحدة التي أخذت تولى اهتماماً كبيراً لمنطقة المشرق العربي (التي تُسمى في الخطاب الغربي “الشرق الأوسط” و”شرق البحر الأبيض المتوسط”)، بعد أن كانت تعتبرها من مسؤولية بريطانيا.

من العوامل والمتغيرات الهامة التي شهدتها تلك الفترة والتي أسهمت في صياغة الموقف الأميركي في دعم المشروع الاستيطاني الصهيوني من ناحية، وانتقال الحركة الصهيونية وأنشطتها إلى الولايات المتحدة من ناحية ثانية، كان العاملان التاليان:

1) برنامج بـِلتمور

2) تعاظم دور الصهيونية والجالية اليهودية في الولايات المتحدة.

(1)

مؤتمر بـِلتمور

‏عقدت الحركة الصهيونية مؤتمراً في فندق بـِلتمور في نيويورك في مايو 1942 (يطلق عيه اسم مؤتمر أو برنامج بـِلتمور). وتكمن أهميته هذا البرنامج في أنه بلّور بوضوح معلن هدف الصهيونية بإقامة دولة يهودية في فلسطين، وحسم انتقال الحركة الصهيونية من الاعتماد على الإمبريالية البريطانية إلى الإمبريالية الأمريكية. كما أسهم هذا المؤتمر وبرنامجه في تحديد الموقف الأميركي من قرار التقسيم وفي تعاظم تأثير ودور الحركة الصهيونية والجالية اليهودية في سياسة الولايات المتحدة حيال الأهداف الصهيونية.

في نوفمبر 1942، صادق المجلس الصهيوني الضيق على برنامج بـِلتمور، كما أقرته الوكالة اليهودية وأكثرية الأحزاب في فلسطين. وكان من نتائج المصادقة على برنامج بـِلتمور على مستوى قيادة الحركة الصهيونية أن وضَعَ بن غوريون في مكان القيادة بدل ڤايتسمان وعمّق الشقة بين الوكالة اليهودية وبريطانيا.[1]

(2)

تعاظم دور الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة

ازداد نشاط الحركة الصهيونية ونفوذ الجالية اليهودية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها، كونها أكبر وأغنى طائفة يهودية في إطار الحركة الصهيونية، خاصة وأن أوضاع الطوائف اليهودية في أوروبا تدهورت نتيجة المحرقة النازية. وكان هذا من العوامل الهامة التي أثرت في صياغة الموقف الأميركي من قرار تقسيم فلسطين وإقامة الدولة اليهودية فيها.

وقد تجلى النفوذ الصهيوني في أربعينيات القرن العشرين بازدياد التأييد الأميركي للحركة الصهيونية ومشروعها الاستيطاني في فلسطين، وشهدت تلك الفترة العديد من أنشطة الشيوخ والنواب في الكونجرس الأمريكي في دعم المطالب الصهيونية. ففي عام 1944 تقدم عدد كبير من الشيوخ والنواب في الكونجرس الأمريكي بمشروع قرار يدعو إلى إقامة الدولة اليهودية وهجرة يهودية غير محدودة إلى فلسطين. وفي معركة انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة في خريف 1944، نشر الشيخ (سيناتور) واغنر نص رسالة كتبها الرئيس الأمريكي روزفلت وأعلن فيها “تأييد فتح أبواب فلسطين لهجرة يهودية غير محدودة واستيطان كولونيالي يؤدي إلى إقامة دولة يهودية ديمقراطية وحرة في فلسطين”.[2]

النفاق الأميركي: دولة يهودية … وسيطرة على منابع النفط

مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية، جمع مؤتمر يالطا (4-11 فبراير 1945) الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت مع زعيمي الاتحاد السوفييتي وبريطانيا: جوزيف ستالين وونستن تشرشل. وبعد اختتام هذا المؤتمر وفي طريق عودته إلى الولايات المتحدة، التقى الرئيس الأميركي روزفلت في 14 فبراير 1945 بالملك بن سعود على متن سفينة يو إس كوينسي USS Quincy التي كانت راسية في قناة السويس، وأبرما اتفاقية سرية توفر بموجبها الولايات المتحدة الأمن العسكري للمملكة العربية السعودية (مساعدات عسكرية وتدريب وقاعدة عسكرية في الظهران) مقابل تأمين الوصول إلى مواقع النفط وإمداداته والسيطرة عليها. وقد كانت فلسطين ومستقبلها حاضرة في هذا اللقاء حيث أعرب الملك السعودي عن تعاطفه مع محنة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية والمحرقة النازية، ولكنه قال إن إقامة وطن لليهود في فلسطين سيكون غير عادل للفلسطينيين. وفي الرد قال روزفلت في رسالة لاحقة إنه “لن أتخذ أي إجراء قد يكون معادياً للشعب العربي”. وقد تجلت ازدواجية السياسة الإمبريالية الأميركية ونفاقها في لقاءات الرئيس روزفلت مع القادة الصهاينة في الولايات المتحدة حيث كان يؤكد لهم أنه يشاركهم في هدفهم إقامة الدولة اليهودية، وفي الوقت ذاته كان يعد ابن سعود ملك السعودية بأن لن يقوم بأي إجراء يضر بالقضية العربية.[3] وجدير بالذكر هنا، أن الهجرة اليهودية غير المقيدة إلى فلسطين شكّلت العمود الفقري لمقومات الدولة اليهودية، وهو ما ركزت عليه السياسية الصهيونية جلّ جهودها في تلك المرحلة.

في هذا الصدد تجدر بنا العودة إلى عام 1942 خلال أتون الحرب العالمية الثانية وإلى ما رواه حاييم ڤايتسمان في كتابه “التجربة والخطأ”، والذي يؤكد المخططات الإمبريالية في فلسطين وتواطؤ الأنظمة العربية العميلة معها، حيث قال إن تشرتشل استدعاه في 11 مارس 1942 وقال له “أريد أن تعرف أن لدي خطة يمكن أن توضع موضع التنفيذ بعد الحرب. أود أن أرى ابن سعود سيد الشرق الاوسط أي سيد الأسياد على شرط أن يتفق معكم، ويعتمد عليكم أن تحصلوا على أفضل الشروط بالاتفاق معه … وسنساعدكم طبعاً. احتفظ بهذا سراً ولكنك تستطيع أن تتحدث مع روزفلت حين تذهب إلى أمريكا. لا شيء لا نستطيع تحقيقه إذا صممنا أنا وهو سوياً عليه”.[4]

خلاصة القول، إذن، أن الإمبريالية الأميركية أدركت أهمية قيام الدولة الصهيونية في فلسطين في خدمة مشاريعها ومصالحها، ولهذا رمت بثقلها في جهود توسيع الاستيطان الصهيوني وقيام تلك الدولة. ومن هنا كان تصويتها لصالح قرار التقسيم كمقدمة لبناء الدولة اليهودية. ولكنها حرصت، في الآن ذاته، على إرساء علاقتها مع المملكة السعودية على أساس ضمان السيطرة على منابع النفط، من ناحية، وارتباط هذا النظام بالتبعية للولايات المتحدة التي توفر له الحماية وتحافظ على أمنه وبقائه. وهكذا اخذ الصراع مع الصهيونية بعداً جديداً، إذ لم تستطع الحركة الوطنية الفلسطينية المتخلفة آنذاك، ولا الأنظمة العميلة والتابعة والعاجزة أن تدركه او تعطيه أهمية.[5]

الموقف السوفييتي من المنظور الأميركي

قبل خطاب أندريه غروميكو في الأمم المتحدة (مايو 1947)، واتضاح الموقف السوفييتي من تقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية على أرضها، كان موقف الإمبريالية الأميركية (مؤسسات صنع القرار فيها: مثل وزارة الخارجية الأميركية، مجلس الأمن القومي، وزارة الدفاع (، يتمحور، كما تشير بعض التحليلات، حول الاحتمالات والتوقعات التالية:

أ) كانت الولايات المتحدة تراهن على أن الاتحاد السوفييتي سوف يعارض تشكيل دولة يهودية في فلسطين أو جزء منها، لأن السوفييت يعتبرون الصهيونية أداة للغرب وستكون هذه الدولة معادية للاتحاد السوفيتي؛ ولأن السوفييت، كما قدّر الأميركيون يفضلون استقلال فلسطين بأغلبية سكانها العرب الحاليين. وفي هذه الحالة ستصوت الولايات المتحدة لصالح قرار التقسيم.

ب) أمّا إذا أيد الاتحاد السوفييتي قرار التقسيم، فسيكون غرضه من ذلك، وفق التوقعات الأميركية، خلق حالة من الاضطراب والفوضى قد تؤدي إلى حرب يستغلها السوفييت لصالحهم، لأن زرع الفتنة والخلاف في البلدان غير الشيوعية، كما رأى الأميركيون، يلائم الأهداف السوفيتية ويسهل استغلال الأوضاع الناتجة عن ذلك في خدمة المصالح السوفييتية وتوسيع نفوذها.

من ناحية أخرى، يرى بعض المحللين أن تأييد الاتحاد السوفييتي لقرار التقسيم والاعتراف بالكيان الصهيوني، من منظور الحسابات السوفييتية، كان يهدف إلى إحداث شرخ في العلاقات الأميركية – العربية في فلسطين: فمن الجانب السوفييتي لم هناك ما يخسروه لأنهم لا يملكون شيئاً، على عكس الولايات المتحدة التي ستخسر الكثير مع حلفائها العرب من جرّاء دعمها للكيان الصهيوني.[6]

وهناك أيضاً بعض التحليلات التي تعمل على إثارة الشكوك حول طبيعة وحقيقة الموقف الأميركي من الكيان الصهيوني والاعتراف به، والترويج لمقولة إن الاعتراف الأميركي بهذا الكيان كان مدفوعاً بالمخاوف من أن الاتحاد السوفيتي قد يفعل ذلك أولاً. وليس هناك من شك بأن الإمبريالية الأميركية كانت ترصد بحذر وخشية مواقف وتحركات الاتحاد السوفييتي ودوره في المشرق العربي والمسرح العالمي بأسره، ولكن الحقيقة، التي لا يرقَ إليها الشك، أن موقف الإمبريالية الأميركية كان دائماً وتاريخياً داعماً للمشروع الصهيوني كقاعدة إمبريالية متقدمة في المشرق العربي وكمدخل للهيمنة على الوطن العربي وثرواته. ولتعزيز هذه المقولة (أي أن الموقف الأميركي جاء رداً استباقياً على الموقف السوفييتي المتوقع) يشير أصحابها إلى إنه خلال الاجتماع الذي قرر فيه الرئيس الأميركي ترومان الاعتراف بالكيان الصهيوني، قدم مستشار البيت الأبيض كلارك كليفورد حجة مفادها أنه من خلال الاعتراف بإسرائيل يمكن للولايات المتحدة أن تسبق الاتحاد السوفييتي.[7]

الموقف الأميركي بعد صدور على قرار التقسيم

في حين ظلّ الاتحاد السوفييتي على دعمه لقرار التقسيم، أخذت الولايات المتحدة (التي صوتت لصالح هذا القرار) تتراجع عن فكرة التقسيم وأعلنت استحالة تنفيذه واقترحت وصاية دولية “مؤقتة” (بإشراف الأمم المتحدة) على فلسطين بدلاً من تقسيمها. ففي 19 مارس 1948، أعلن ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة وارن أوستن أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن موقف الولايات المتحدة هو أن تقسيم فلسطين لم يعد خياراً قابلاً للتطبيق. وفي اليوم التالي (20 مارس 1948) أعلن وزير الخارجية الأميركية جورج مارشال أن الولايات المتحدة ستسعى للعمل داخل الأمم المتحدة لتحقيق تسوية سلمية لفلسطين، وأن اقتراح وصاية الأمم المتحدة المؤقتة على فلسطين هو الفكرة الوحيدة التي يتم النظر فيها حالياً. وقد جاء الرد السوفييتي، الذي أكد دعمه لقرار التقسيم، على لسان غروميكو الذي هاجم بتاريخ 20 أبريل 1948، الاقتراح الأمريكي البديل الذي يدعو إلى وصاية الأمم المتحدة على فلسطين باعتبارها فكرة من شأنها أن تضع فلسطين “في حالة من العبودية الاستعمارية الفعلية”، وكرر (غروميكو) أنه فقط تقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين، عربية ويهودية، من شأنه أن “يرضي التطلعات المشروعة للشعب اليهودي، الذي عانى الكثير في ظل نظام هتلر”، محذراً من مغبة التصويت على الوصاية الدولية على فلسطين، وأنه إذا ما تم التصويت لصالحها، فإن الاتحاد السوفيتي سيصوت بـ “لا” [8] وسيعارض موقف الولايات المتحدة التي اعتبرت الإشراف الدولي على فلسطين الطريقة الوحيدة للحل.[9]

“إسرائيل تنزلق” نحو أميركا!

أكد حاييم ڤايتسمان، بعد تنصيبه كرئيس للكيان الصهيوني (من فبراير 1949 حتى وفاته عام 1952)، لجيمس ماكدونالد، أول سفير للولايات المتحدة، أن “شعبنا ديمقراطي ويدرك أنه فقط من خلال تعاون ودعم الولايات المتحدة يمكن أن يصبحوا أقوياء ويبقون أحراراً”. أمّا بن غوريون، فأكد في كلمة ترحيبه بهذا السفير، على موقف الكيان الصهيوني من الاتحاد السوفييتي قائلاً إن “إسرائيل” ترحب بالدعم الروسي، لكنها لن تقبل هيمنة سوفيتية. إسرائيل ليست غربية في توجهها فقط، بل شعبنا ديمقراطي ويدرك أنه لا يمكن أن يصبح قوياً وأن يبقى حراً إلا من خلال التعاون مع الولايات المتحدة”.[10] وفي تأكيده على الموقف الصهيوني، كتب ماكدونالد أنه: “عندما اضطرت إسرائيل إلى اتخاذ خيارها، كان هذا الخيار دائماً تقريباً مؤيداً للغرب”.

أمّا ما يستدعي الاستغراب حقاً، فكان ما قاله بافيل يرشوف، السفير الأول للاتحاد السوفييتي لدى للكيان الصهيوني، الذي وافق على هذا الرأي معرباً عن أسفه لأن “إسرائيل” أخذت “تنزلق أكثر فأكثر نحو الموقف الأمريكي” و “قد تستسلم تمامًا للأمريكيين، لتصبح أداة لتحقيق خططهم التوسعية”.[11] يبدو وكأن هذا السفير، الذي كان الممثل الأول للاتحاد السوفييتي لدى الكيان الصهيونية بعد قيامه عام 1948، قد استفاق فجأة ليرى في هذا “الانزلاق” الصهيوني كان أمراً غير متوقع، وهو ما يشير إلى خلل في فهم الصهيونية ومشروعها في فلسطين، من ناحية، والارتباط العضوي للكيان الصهيوني بالإمبريالية وكونه أداةً لخدمة مصالحها في الوطن العربي.

✺ ✺ ✺

ملف حول التطورات العسكرية في حرب روسيا الدفاعية (الجزء الخامس)، تعريب وإعداد د. زياد الزبيدي

المواجهة تحتدم مع الغرب

الضربات الموجهة ضرورية لطرق النقل الرئيسية في أوكرانيا

“سراويل الدانتيل لروسيا“: في الولايات المتحدة اقترحوا إغواء الروس بوعد العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو

✺ ✺ ✺

(1)

المواجهة تحتدم مع الغرب

جورجي فيليمونوف، دكتوراه في العلوم السياسية، أستاذ، نائب رئيس حكومة منطقة موسكو

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

19/1/2023

“تحت ضغط قوي من واشنطن، ستستمر المساعدة المالية للطغمة الحاكمة في كييف وتزويدها بمختلف الأسلحة (بما في ذلك الأسلحة الثقيلة).  إن الانتهاك الفعلي من قبل الغرب لـ “المحرمات” بشأن نقل الدبابات إلى كييف – هو علامة على تفاقم الهستيريا بسبب نجاحات روسيا في ساحة المعركة.  كان عرض دافوس الجماعي “لدعم أوكرانيا” له دلالة أيضًا هنا.  تمثل روسيا بالنسبة لهم تهديدًا وجوديًا وعدوًا وجوديًا، ورمزًا حيًا لمقاومة ديكتاتورية مصالحهم وقيمهم ونماذجهم للمستقبل.

وفي الوقت نفسه، فإن النتيجة الطبيعية بالنسبة لنا هي الاعتراف بضرورة الاستعداد لمواجهة طويلة ومتعددة المستويات.  للقيام بذلك، يجب أن تعمل الماكينة الحكومية بأكملها كآلية واحدة جيدة التنسيق.  من المهم تغيير النهج في المجال الاقتصادي، لاستخدام السقوف الائتمانية المستهدفة مقابل التزامات الشركات والبنوك المملوكة للدولة، والتخلي عن “قاعدة الميزانية”، لتحفيز الانفصال عن الدولار واليورو.

 هذه هي الطريقة الوحيدة للتخلص من النفوذ المالي الغربي وضمان سيادة الاقتصاد، وهو أمر ضروري لحل المهام التي حددها الرئيس.  والأهم من ذلك هو رفع الإنتاج المحلي بأكمله إلى مستوى جديد نوعيًا.  وهذا لا يتعلق بأي حال من الأحوال فقط بمنتجات المجمع الصناعي العسكري.

على سبيل المثال، يجب أن يأخذ في الحسبان التطوير الناجح للزراعة في بلدنا الواقع الجيوسياسي الجديد – ويكون ذلك بالاعتماد بشكل شبه كامل على الآلات والمعدات الزراعية المحلية بما فيها التراكتورات.

 ليس من قبيل المصادفة أن مصنع ستالينجراد أصبح أول مصنع للجرارات في روسيا السوفيتية.  تم بنائه عام 1930.  بالتوازي مع إنتاج الجرارات، أطلق المصنع أيضًا إنتاج الدبابات.

تنتج الصناعات الكيماوية البارود والأسمدة الزراعية في وقت واحد – وهذه الروابط لا تنفصم.  لم يتم إقامة زراعة القطن في الاتحاد السوفياتي على الإطلاق لإنتاج القمصان، ولكن لإنتاج النيتروسليلوز – أساس العديد من مخاليط البارود.  ومع ذلك، بالتوازي يمكنك أيضًا إنتاج الأقمشة الخاصة بك.

هناك اقتباس مشهور: “لروسيا حليفان – الجيش والبحرية.”  لكن في الواقع هناك المزيد منهم – الصناعة والطاقة والزراعة والعلوم والثقافة والتعليم كلها حلفاء أبديون لنا.

إن أمن الدولة بهذا المعنى لا يقتصر على عنصر القوة.  في الوقت نفسه يعتمد الأمن الغذائي على الأمن العلمي والتعليمي، وبدون قطاع زراعي متطور سيكون إمداد الجيش ليس كافياً… وهكذا.  كل الأمور مترابطة.

 لنقل الصناعة إلى المسار الحربي في حالة حدوث عدوان خارجي، يجب أن يكون هذا المجمع الإنتاجي متاحًا ومتطورًا.  الخبرة والفهم الذي اكتسبته الأجيال السابقة، أفضل الممارسات في بلدنا الأم و نحتاج إلى توسيع نطاقها اليوم.

 وبعد ذلك لن تنفذ صواريخ كاليبر والسارمات والشاحنات والجرارات والحبوب واللحوم والكهرباء والروح الروسية، على الرغم من كل توقعات جنرالات واشنطن.

 كما أشار فلاديمير بوتين أمس في سان بطرسبرج: “تنتج صناعاتنا الدفاعية من صواريخ الدفاع الجوي ما يعادل تلك التي تنتجها جميع المؤسسات الصناعية العسكرية في العالم.  إنتاجنا رفيع المستوى، لذلك لدينا شيء نعتمد عليه “.

(2)

الضربات الموجهة ضرورية لطرق النقل الرئيسية في أوكرانيا

إيغور كوروتشينكو، رئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

أبريل 2022

 ملاحظة من المترجم:

هذا المقال نشر قبل تسعة أشهر ولكن محتواه لا زال حيويا، وسيبقى ما دامت القيادة الروسية – ولسبب مجهول – لم تتخذ قرارا بتدمير البنية التحتية لطرق النقل عبر أوكرانيا لمنع تسليم الأسلحة من دول الناتو إلى الجبهة في أوكرانيا.

▪️▪️▪️

بعد الاستفزاز في مدينة بوتشا وقرار الدول الغربية بتزويد نظام كييف بالأسلحة الثقيلة، أصبحت مسألة الحاجة إلى تدمير البنية التحتية اللوجستية والنقل في مناطق أوكرانيا المتاخمة لدول الناتو أكثر إلْحَاحًا.

نحن نتحدث عن الوسائط والطرق التي يمكن من خلالها نقل مثل هذه الترسانة إلى خط المواجهة.  يجب أن تكون الطرق السريعة والسكك الحديدية والجسور والمعابر الأخرى ومراكز النقل والتقاطعات الكبيرة تحت سيطرة جيشنا باستمرار.  من الضروري التأكد من عدم إمكانية تسليم أي أسلحة ومعدات من خلالها من حيث المبدأ.  ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال توجيه ضربات صاروخية واسعة النطاق إلى مرافق النقل والإمداد.  لن يسمح تعطيلها لأوكرانيا باستلام مثل هذه البضائع من الغرب.

في الوقت نفسه، يجب على المرء أن يفهم أن مثل هذه البنية التحتية يجب أن يتم تعطيلها فقط على أراضي أوكرانيا.  أفادت المخابرات، على سبيل المثال، أن المعدات العسكرية قد تراجعت بالفعل على مسافة 500-600 متر من الحدود الغربية للبلاد – إنه الوقت والمكان المناسب لضربها بصواريخ طويلة المدى عالية الدقة.  لكن لن نهاجمها في لحظة إعادة التحميل، على سبيل المثال، من عربة سكة حديد إلى أخرى على الحدود.  هناك خطر من أن الضربة ستقع على أراضي دول الناتو.  إن إثارة صراع مع الحلف بهذه الطريقة، في رأيي، لا يستحق كل هذا العناء.

من الواضح أن هذا يتطلب مراقبة في الوقت الفعلي لكل ما يحدث في غرب أوكرانيا.  إن مخابراتنا جيدة، لكنها ليست كاملة القدرات.  لذلك، من الضروري الآن تحديد جميع ممرات النقل الممكنة لتسليم الأسلحة والمعدات الغربية للجيش الأوكراني وتعطيلها لإعاقة مثل هذا المرور.

أكرر: من الضروري ضرب محطات السكك الحديدية والمعابر وهياكل الجسور، بما في ذلك الطرق السريعة الأوكرانية.  بالنظر إلى تفوقنا الجوي الكامل، لن يكون من الصعب حل مثل هذه المشكلة.

إن مجرد قصف الطرق لا يكفي، فمن السهل إصلاحها. لكن إصلاح الجسور والمعابر سيعطل الحركة لوقت طويل.

الهجمات على مرافق النقل الرئيسية ستحل مشكلة أخرى.  ليس سراً أنه من أجل إيصال الترسانة الغربية إلى خط المواجهة، يستخدم الأوكرانيون خدعة مكشوفة – فهم يربطون العربات المحملة بالأسلحة والذخيرة بقطارات الركاب.  إنهم يعلمون أن جيشنا لن يهاجم مثل هذه المرافق من أجل تجنب الموت الجماعي لركاب القطار المدنيين.  ولكن عندما يكون هناك جسر مدمر في طريق القطار، فإن القطار، بالطبع، سيقف ولن يذهب أبعد من ذلك.  سيبقى الركاب على قيد الحياة، ولن تصل المعدات العسكرية إلى وجهتها.  لذلك اكتملت المهمة.

ويرتبط هذا بمنع توريد الوقود للجيش الأوكراني.  يمكنك تسليم الدبابات والمركبات المدرعة الأخرى دون حدود. ولكن لا أحد يحتاجها بدون وقود.

مصافي النفط ومستودعات الوقود الكبيرة وقواعد إمداد القوات الأوكرانية بالوقود والزيوت هي أهداف مشروعة ينبغي ان يدمرها الجيش الروسي بشكل منهجي بصواريخ كاليبر وكنجال وإسكندر والباسيون.  كما أنه من الواقعي استخدامها للقضاء على إمدادات الوقود عن طريق السكك الحديدية أو الطرق السريعة، بما في ذلك من الدول الغربية.

بالتأكيد – من الضروري ضرب جسور العاصمة وغيرها من الجسور على نهر الدنيبر.  إذا حاول الجيش الأوكراني المساعدة بوسائله الهندسية، فسنقوم أيضًا بتدمير المعابر المؤقتة.

هذا، بالمناسبة، مهم أيضًا لمنع نقل احتياطيات الجيش الأوكراني من غرب أوكرانيا إلى دونباس.

في بعض الأحيان تثار هناك شكوك: يقولون، هل ستكون صواريخنا عالية الدقة كافية لجميع هذه الأهداف؟

يمكنني طمأنة أولئك الذين لديهم شك: القوات المسلحة الروسية لديها مخزون كاف من هذه الأسلحة.  ويعمل المجمع الصناعي العسكري في البلاد كالساعة.

(3)

“سراويل الدانتيل لروسيا“: في الولايات المتحدة اقترحوا إغواء الروس بوعد العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو

يلينا بانينا

سياسية روسية

عضو البرلمان الإتحادي

مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

23/1/2023

 التقرير الضخم “ماذا بعد؟ تقييم استقرار نظام بوتين والخيارات السياسية للغرب” من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الامريكي –   من بين “تقييمات الخبراء” هناك رسالة نادرة للتحليلات الغربية –

 “يمكن هزيمة روسيا ليس بالدبابات أو العقوبات، ولكن من خلال عرض مصالحتها وإلغاء العزلة والعودة إلى أوروبا “المزدهرة” – حتى العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو”.

 لم يذكر مؤلف التقرير، ماكس بيرغمان، غورباتشوف والبيريسترويكا، لكنه يستشهد بسياسة “اليد الممدودة للغرب” باعتبارها السبب الرئيسي لانهيار الاتحاد السوفياتي.

 يمكن لشيء مشابه، في رأيه، أن ينجح اليوم، بشرط هزيمة الاتحاد الروسي في أوكرانيا – بالطبع، لا يفكر المؤلف حتى في انتصار الروس بسبب “عقمه” التام في مثل هذه السيناريوهات.

 إدراكًا لاستحالة التدخل العسكري للناتو لتغيير السلطة في موسكو والثورة الملونة من خلال جهود السفارة الأمريكية، يتساءل المؤلف عما يمكن أن يؤدي إلى “سقوط نظام بوتين”.

 يستخدم المحلل سيناريوهات مبتذلة: من انقلاب يقوم به بعض “المتنفذين” في الكرملين إلى “شغب في الشارع بعد انتحار بائع فاكهة بحرق نفسه، كما هو الحال في تونس”.

 لا، كل هذا لن يؤدي لنتيجة، يتنهد السيد بيرجمان بين السطور.  وهو يطفو على قمم ثلاثة أشجار صنوبر: من “النظام شدد الخناق، فغادر روسيا الأفضل” إلى “نخب الكرملين تعتمد على بوتين”، حتى توصل فجأة إلى فكرة “اليد الممدودة من الغرب”.

 هذا ما سيصيب رواية الكرملين في مقتل!  بعد كل شيء، يقدم دعاة بوتين الصراع في أوكرانيا على أنه حرب مع الغرب الجماعي – عديم الروح، المجتمع المثلي ويكره كل شيء روسي.  والغرب يتلاعب بهم فقط، ويخيف روسيا بالمحكمة وفرض التعويضات.

 وقال بيرجمان: “قد تكون مثل هذه الدعوات مبررة أخلاقيا وقانونيا، لكنها تدعم بوتين أيضا من خلال إضعاف موقف أولئك المعارضين للنظام”.

 فماذا يمكن أن يقدم الغرب للروس بعد أن يعض الذين يتحدثون عن التعويضات ألسنتهم؟  وهنا يبدأ مهرجان الكرم غير المسبوق.

 أولاً، سيتمكن مواطنو الاتحاد الروسي مرة أخرى من السفر كسائحين إلى الغرب.

ثانيًا، سيرفع الحظر الرياضي عن روسيا لتعود إلى الملاعب.

ثالثًا، ستعود الدولة نفسها إلى مجموعة السبع – بل وستكون قادرة على استئناف “الحوار الأمني ​​الأمريكي الروسي الهادف إلى بناء الثقة والحد من الأسلحة التقليدية والنووية”.

رابعا و أخيرًا، “يمكن لبايدن والقادة الأوروبيين طرح إمكانية طويلة الأمد لانضمام روسيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.”

ولجعل الأمر يبدو أكثر أهمية، يجب على رؤساء الولايات المتحدة وأوروبا إلقاء خطابات ومقابلات صاخبة في صحافة ووسائل الإعلام الروسية في المهجر مثل Meduza و TV Rain و Moscow Times و iStories، كما يقترح محلل CSIS.

 في الواقع، هذا كل شيء.  هذه هي “سراويل الدانتيل”.  حسنًا، لقد فعلت فعلها مع الأوكرانيين!

 ▪️ ومع ذلك، لن تذهب العقوبات ولا ضخ الأسلحة في أوكرانيا (لحرب جديدة) ولا “معاقبة مجرمي الحرب” إلى أي مكان، يتحفظ صاحب المقال.  لكنهم يقولون إن الأمر أفضل بالنسبة لروسيا من “الصعود الإمبراطوري”.

… ربما منذ زمن حساء عدس عيسو، لم يعرف العالم مثل هذا العرض السخي لبيع البكورية.

(عيسو أخ توأم ليعقوب وهو الأكبر (أو من ولد أولاً) كما أن يعقوب سرق منه البكورية بمساعدة أمه وعاد من الغربة التي هرب إليها بعد ما فعل ذلك واعتذر لأخيه، وفقا للرواية الثوراتية – المترجم).

 لا يمكن إلا لمنظّر المؤامرة أن يأخذ هذا الوقاحة الفكرية من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية على محمل الجد: أمريكا كانت بحاجة ماسة إلى راعٍ جديد لأوروبا، التي ما زالت سرقتها مؤجلة – وكذلك “تعويضات من روسيا”.  لهذا السبب، كما يقولون، حان الوقت لتطبيق “الخطة ب” على الروس.

لمن يرغب قراءة مقال Max Bergmannعلى موقع

CSIS

https://www.csis.org/analysis/what-could-come-next-assessing-putin-regimes-stability-and-western-policy-options

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:

https://kanaanonline.org/

  • توتير:
  • فيس بوك:
  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org

[1] إميل توما، “جذور القضية الفلسطينية”، ص 288-289.

[2] إميل توما، المرجع السابق، ص 288.

[3] إميل توما، المرجع السابق، ص 289.

[4] إميل توما، المرجع السابق، ص 301.

[5] ناجي علوش، “الحركة الوطنية الفلسطينية أمام اليهود والصهيونية 1882- 1848″، ص 291.

[6] عبد الوهاب المسيري، “موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية”، المجلد (3)، ص 173.

[7] مقال Martin Kramer: “Who Saved Israel in 1947?

[8] مقال Martin Kramer في المرجع السابق.

[9] مقال “ستالين: بين دعم إسرائيل وقمع اليهود” لدومينيك فيدال.

[10]مقال Martin Kramer في المرجع السابق.

[11] للاستفاضة راجع:

1) U.S. Administration on the Partition of Palestine: Timeline of Events, 9 September 2013

2) The Question of Palestine, UN website, https://www.un.org/unispal/history/