السنة الثالثة والعشرون – العدد 6469
في هذا العدد:
■ لا تكرروا مذبحة العراق، عادل سماره
■ التطورات في الجولان المحتل (الجزء الأول): توسع الاستيطان ومشاريع استخراج الطاقة، مختار السكرة
- هل تموّل مدخرات أهل الجولان مشاريع الطاقة للكيان الصهيوني؟
■ حكومة الفاشية الدينية وعسكرة التجمع الاستعماري، محمد العبد الله
■ لماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة؟ محمد سيف الدولة
✺ ✺ ✺
لا تكرروا مذبحة العراق
عادل سماره
كانت مذبحة العراق مزدوجة تجويعية وتدميرية. شاركت فيها معظم الانظمة العربية وخاصة الحصار الذي التزمت به إيران كذلك. ربما كان العراق الحالة الوحيدة في التاريخ التي التزم الجميع بحصاره. وكل ذلك تحت ذريعة الموقف من صدام. كما شاركت أنظمة عربية في العدوان ضد العراق عام ١٩٩١ بحجة حماية الكويت شاركت لإثبات حسن النية تجاه أمريكا ونيل الغفران الذي لن تنله. شاركت إيران في تحريض الجنوب ضد بغداد. لكن الجريمة الأكبر من الحكام العرب الذين من جهة خدموا الغرب والكيان ومن جهة ثانية خدموا عر وشهم لان مشاركتهم لو بدبابة واحدة قد أسسوا لاجتثاث القومية العربية لصالح الانظمة القطرية. لذا تبعت ذلك سلسلة حروب من نظام عربي ضد آخر في خدمة الصهيومريكي . ومر هذا بشكل عادي وصار الحديث اليوم عن التسامح وهذا استكمال للجريمة.
ولننظر اليوم نتائجه على فلسطين حيث تقف مختلف الانظمة العربية ضد عملية القدس شجبا واضحا وبعد يوم واحد من عدم اكتراثها بمذبحة جنين.
هذا الشجب هو تخندق ضد فلسطين وامتداد لاجتثاث البعد القومي العربي وتتويج الكيان كمندمج مهيمن على الوطن العربي.
صحيح ان العدوان الاقتصادي ضد إيران لم ينجح كما يهدف ربما لان بعض الدول لم تلتزم به. ولكن المخيف ان تلتزم الانظمة العربية بالعدوان الحربي ضد إيران سوا ء بالتقسيط او بالجملة. وهو عدوان إذا ما نجح ولو نسبيا سيقود إلى تصفية سور يا وفلسطين بلا شك ويضع الأمة العربية في تبعية تامة يحرسها حكامها وإلى عقود! أي تصبح السلطات المحلية استعمارا أو إمبريالية على أمتها ولكن في خدمة الغرب والكيان.
قد يغتبط بعض العرب في او لصالح العدوان ضد إيران. هذا استخدام غبي للتاريخ وحتى الزمن القريب والجاري من زمن التاريخ المديد. فالأمم الحية لا تقف عند الثأر خاصة أن العرب والايرانيين وقعوا في صراع متبادل. لكن إلى متى. فالثأر على المستوى القومي هو استبدال الأمة بالقبيلة وعودة لعقلية وثقافة الاقطاع.
إذا سقط الحكام العرب في هذه الجريمة الخطيرة فإنهم سيضعون الأمة تحت أقدام الكيان لعقود.
وأما بيت القصيد فإن هذه الانظمة التي فعلتها ضد العراق غالبا ستفعلها ضد إيران لأنها ترى في أمريكا والكيان ضمان وجودها في السلطة وتقلق على أمريكا في الصراع الدولي خشية تعدد القطبية وتراجع أمريكا.
وهنا يصبح الشعب العربي أمام امتحان تاريخي. فاذا صمت عن خيانة وغدر الانظمة سيكون الشريك الاكبر فيها وهي طبعا ضد نفسه. وان حصل تكون القلعة الاخيرة ضد الكيان اي قلعة الطبقات الشعبية قد قتلت نفسها.
✺ ✺ ✺
التطورات في الجولان المحتل: توسع الاستيطان ومشاريع استخراج الطاقة
- هل تموّل مدخرات أهل الجولان مشاريع الطاقة للكيان الصهيوني؟
مختار السكرة
مقدمة
منذ الحرب الكونية على سوريا والصمود السوري في مواجهتها، ومشاريع الاحتلال في الجولان السوري تتسارع على نحوٍ غير مسبوق. فقد بدأت مشاريع استخراج الطاقة (النفط والغاز والطاقة النظيفة – الرياح) في الجولان المحتل مع العدوان على سوريا وبعضها قبل العدوان. واليوم يشهد الجولان خطراً داهماً يتمثل في تكثيف نشاطات الاحتلال الذي استغل الأزمة في سوريا بنشر الجنسيات “الإسرائيلية” وتكريس سلطته المدنية بما فيها أجهزة الشرطة.
أما الخطر الأكبر فيكمن في خطف سياق المقاومة عن طريق منظمات غير ربحية ممولة أوروبياً (تحديدا المرصد لحقوق الانسان والجولان للتنمية)، والتي تدعم ما يسمى ب “الثورة” السورية منذ 2011، وتعمّم سياق الحقوق الفردية (حقوق الإنسان وما ذلك) الذي يُظهر الدولة السورية كمجرم ويتناسب تماما مع سردية الغرب ضد كل دولة تقاوم للحفاظ على استقلالها مثل سوريا وكوبا وغيرهما.
ترتبط هذه المنظمات، الممولة من مصادر عدة منها قطر وتركيا وبمنظمات أخرى في الداخل الفلسطيني تتبنى نفس السرديات وتتلقى أموالا غربية طائلة. وقد نجحت هذه المنظمات في استقطاب الجيل الشاب عن طريق النشاطات الثقافية، وخطفت المقاومة من القوى التقليدية التي كانت ولا زالت تقاوم الاحتلال في الجولان، وفقد السكان الذين لا يرون في العدوان على سوريا إلا مشروع جديد للاحتلال، فقدوا قدرتهم على التنظيم والمقاومة الجماعية. فبين جهود الاحتلال المكثفة، والمنظمات التي تقاوم سوريا (بحجة دعم الثورة) ضاعت وتشتتت جهود المقاومة التقليدية وأصبحت ببساطة بدون صوت تقتصر على الأقلية من السكان.
نأمل أن تضيء المقالات التالية على التطورات الهامة التي تجري على أرض الجولان السوري المحتل وتوسع الاستيطان ومشاريع استخراج الطاقة.
“كنعان”
✺ ✺ ✺
هل تموّل مدخرات أهل الجولان مشاريع الطاقة للكيان الصهيوني؟
مختار السكرة
منذ السنوات التي سبقت الحرب على سوريا يهرول الكيان الصهيوني لخلق واقع على الأرض يضع العصي في دواليب أي محاولة لإرجاع الجولان السوري المحتل التي قد تأتي لاحقا، وذلك عبر تكثيف الاستيطان والاستثمار في مشاريع اقتصادية. هذا الاندفاع غير المسبق للعدو تزايد خلال الحرب على سوريا، مع حصول حكومة “نتانياهو” (أو “ميليكاوسكي” كما هو اسم عائلته الأصلي) على اعتراف باطل من حكومة ترامب بسيادة الكيان على الأرض المحتلة وفتح باب الاستثمارات الخارجية، وها هو آخذ في الازدياد في ظل حكومة “نفتالي بينيت” والتي أعلنت في تشرين الأول من العام الجاري عزمها على مضاعفة عدد المستوطنين في الجولان خلال خمس سنوات، وتأسيس بلدتين جدد وتكثيف الاستثمار بالمشاريع الاقتصادية. افتتاحية جريدة ما يسمى باليسار في الكيان الصهيوني “هآرتس” في الثالث عشر من الشهر الجاري التي أدانت خطة حكومة بينيت على أراضي محتلة عام 1967 (طبعا لا ضير لديهم في احتلال فلسطين)، أعربت عن قلقها بأن اللجنة الخاصة التي قررت انشائها الحكومة للإشراف على مشاريع الاستيطان القادمة معفاة أيضا من الكثير من الإجراءات البيروقراطية التي قد تبطئ عملها.[i] كما وذكرت الافتتاحية أمرا هاما يثير القلق، ألا وهو أن المعارضة للمشاريع تنبثق قي أغلبيتها من منظمات تعني في حماية الطبيعة والتخطيط المدني وما ذلك. إن أحد أهم نقاط الضعف الحالية للمقاومة في الجولان تكمن في خطف خطابها عن طريق أقله تعاضدت مع منظمات كهذه، بحيث أن مقاومتها تحاكي “اليسار” في الكيان الصهيوني تحت شعارات ليبرالية فضفاضة مثل حقوق الانسان والطبيعة والديمقراطية التي طالما مثلت تيار عزمي بشارة في الداخل الفلسطيني، والتي تضعف علاقة أهل الجولان بوطنهم عن طريق قطع علاقتهم بدولتهم من خلال دعم الثورة المزعومة في سوريا وتربطهم بالكيان ولو من باب “اليسار”. والنتيجة هي تطبيع غير مباشر ومقاومة مشتتة (وهذا ما يريده العدو تماما)، تغيب عنها تشابك المشاريع الاستثمارية بالمشروع الغربي في المنطقة وبالحرب على سوريا تحديدا.
في عام 2010، نجحت شركة “جيني إينيرجي” (Genie Energy) الأمريكية في اقناع مستثمرين عمالقة بالانضمام لمشروعهم لاستخراج النفط في الجولان، مثل “روبرت موردوك” (مالك الإمبراطورية الإعلامية العالمية) واللورد “جاكوب روتشيلد” (عملاق المصارف العالمي). كما ويضم مجلس إدارة الشركة نائب الرئيس الأمريكي السابق لبوش الإبن، “ديك تشيني”، والذي شغر مناصب إدارية سابقا في شركة “هاليبورتون” (Halliburton Company) والتي تورطت مباشرة في الحرب على العراق. ومنذ العام 2013، بدأت الشركة بالتنقيب فعليا عن طريق ذراعها في الكيان، شركة “أفيك للنفط والغاز” (Afek Oil and Gas). تسارعت الشركات منذ ذلك الحين للاستثمار في الطاقة في الجولان، بما يشمل ذلك النفط والغاز (كشركة “صهيون للغاز والبترول” الأمريكية – Zion Gas and Oil) وطاقة الرياح، وذلك برأس مال غربي-صهيوني. فتقوم شركة “إنيرجيكس” في الكيان، والتي تملك عدة مشاريع بالضفة أيضا مما جلب لها الإدانة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ببناء توربينات ضخمة على الأرض المحتلة وذلك بشراكات عدة: منها الاستراتيجية مع عمالقة في سوق الطاقة كشركة “شيل” (Shell) الأمريكية وفي السوق المالية العالمية مثل “مورغان ستانلي” (Morgan Stanley)، ومنها الإنتاجية مع شركات عالمية منها “جينيرال إليكتريك” (General Electric) الأمريكية و “سيمينز-جاميسا” الألمانية-إسبانية (Siemens-Gamesa). كما وتدير شركة “إينلايت” (Enlight Renewable Energy Ltd.) مشروعا مماثلا في نفس القطاع يفوق حجمه مشروع “إنيرجيكس” بعدة مرات.
وبالرغم من أن الحكومة السورية والسوريين في الجولان عارضوا هذه المشاريع، لم تنجح المقاومة حتى الآن ولو بإبطائها. الحملة التي تم تنظيمها في الجولان ركزت على شركة “إينيرجيكس” تحديدا بالرغم من أن مشروع “إينلايت” أكبر بكثير. كما أن الحملة كانت بقيادة منظمات مدنية مشبوهة مثل “المرصد العربي لحقوق الانسان” الممولة غربيا والتي تفتقر لحاضنة شعبية نظرا لمناصرتها للعدوان على سوريا منذ 2011 وتكاتفها مع ناشطين مدافعين عن الطبيعة في الكيان. مثلا، عندما احتج أهل الجولان على مساعدة الكيان للمسلحين في سوريا عن طريق مهاجمة سيارات الإسعاف التي تقلهم، أحتج “المرصد” على عنف أهل الجولان ضد “المحاربين السوريين” على حد تعبيرهم.[ii] إن إعادة تنظيم المقاومة يقتضي أولا تنظيم الصف ضد الاحتلال، أي انتزاع سياق المقاومة من أيدي هذه المنظمات المشبوهة التي تخدم أجندات غربية علما أو عن سذاجة وتفرق الصف، ومن ثم التركيز على رأس الحربة بدلا من هذا المشروع أو ذاك فتتضح الصورة. ورأس الحربة هنا يكمن في مصادر التمويل والقوة العسكرية التي تحمي الاستثمارات في الاستيطان والاقتصاد.
مشروع “إينلايت” على سبيل المثال يتم تمويله من قبل مجموعة مالية بقيادة “بنك هبوعليم”، أكبر بنك في الكيان الصهيوني، عن طريق قروض مريحة بقيمة 160 مليون دولار.[iii] عدا عن جريمة الاحتلال الواضحة واغتصاب الأرض، وإدارة أموال المستثمرين الأمريكيين بالكيان الصهيوني بطرق غير مشروعة (“هبوعليم” و “ليؤومي”، أكبر بنكين في الكيان قد لوحقوا عدة مرات في أميركا بتهمة المساعدة في التهرب من الضرائب)،[iv] يشكل “هبوعليم” المؤسسة المالية الرئيسية التي يتعامل معها السوريين في الجولان. الغالبية العظمى من السكان يضعون مدخراتهم في البنك نفسه ويأخذون القروض التي سُهلت مؤخرا ونمت بتضاعف، ليس بمحض الصدفة. وهنا تكمن فرصة تضيعها المقاومة المشتتة والمخطوفة من قبل المنظمات التي ترتل ديباجة الحقوق المدنية وتغيب مشروع الهيمنة الغربية على بلادنا اقتصاديا وسياسيا عن خط الصراع. إن ضرب المستثمرين هي الوسيلة الناجعة في ضرب مشاريع الشركات القائمة. فحتى لو لم تكن تمول البنوك التجارية المشاريع من المدخرات مباشرة، فإنها تجمع الاستثمارات بناء على مقدراتها من المدخرات والسيولة، وبذلك تستطيع المقاومة في الجولان أن تضرب مشروع “إينلايت” عن طريق تهديد “بنك هبوعليم”. ولربما تسهيل القروض للسوريين في الجولان الذين امتنعوا عن أخذ القروض حتى مؤخرا جاء كاستراتيجية لتنويمهم. كما وينطبق المنطق نفسه على المشاريع الأخرى، حيث إن عملاق الاستثمار العالمي “مجموعة فانجارد” (The Vanguard Group) هو ممول رئيسي لجميع مشاريع الطاقة في الجولان، وتشترك مجموعة “فينيكس” (The Phoenix Holdings Ltd) و”بلاك روك” (Black Rock Advisors UK) مع “بنك هبوعليم” في تمويل “إينلايت”. فضح المستثمرين هو جزء من المقاومة لمشاريعهم، خاصة في زمن تعتمد الشركات على سمعة أسهمها وأمنها كاستثمار، وفي مكان تصعب فيه المقاومة العسكرية لإضعاف المنظومة الأمنية والعسكرية الغربية التي تحمي هذه الاستثمارات الضخمة على الأراضي المحتلة وتضمن إيراداتها.
✺ ✺ ✺
حكومة الفاشية الدينية وعسكرة التجمع الاستعماري
محمد العبد الله*
– “إن هذه الأرض لنا، ولن يكون توقيع هزيل مسوغا أو فرمانا لتغيير حقائق التاريخ الثابتة “.
الشهيد فتحي الشقاقي
– “وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيًا مقتنعًا وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد”.
الشهيد باسل الأعرج
عام قديم مضى…
في الوطن الفلسطيني المنكوب باحتلالي عام 1948 وعام 1967، كان حصاد العام المنتهي، دمويا بامتياز. لكن جرعات الألم المستمرة منذ قرن ونيف، كانت في أيام العام المنصرم، مؤلمة ودامية على الغزاة المستعمرين أيضا، كما جاء في تصريحات صادرة عن جيش الاحتلال الصهيوني كما نقلها موقع ” والا ” يوم الخميس 29 كانون أول / ديسمبر 2022.
” شهدت منطقة الضفة الغربية 285 عملية إطلاق نار من قبل مقاومين فلسطينيين خلال 2022، مقابل 61 خلال 2021، و31 خلال 2020 و19 فقط خلال 2019. وقد قفز عدد قتلى العمليات في عام 2022 إلى مستوى لم تعرفه السنوات الأخيرة، حيث قُتل 31 مستعمرا في عدة عمليات مسلحة، مقارنة بـ 4 في عام 2021، 3 في عام 2020 و5 في عام 2019.
في عام 2022 كان هناك 7589 عملية رشق حجارة، مقارنة بـ 3805 في عام 2021، كما حدثت زيادة في عمليات إلقاء الزجاجات الحارقة، والتي بلغت 1,268 خلال 2022، مقارنة بـ 1022 في عام “2021.
وتحدثت عدة مصادر موثوقة عن أبرز ما شهدته الأراضي المحتلة من تغول الإجراءات والممارسات الوحشية الصهيونية ضد أصحاب الأرض، فقد أكدت وزارة الصحة الفلسطينية على ارتقاء 230 شهيدا وشهيدة، وجرح أكثر من 9300 مواطن ومواطنة، كما تم رصد أكثر من 1525هجوما لميليشيات المستعمرين التي استهدفت السكان والممتلكات والمزروعات والحيوانات، وتعرض ما يقارب 900 مرفقا / ممتلكات للمواطنين للهدم، من ضمنها 302 منزلا في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، كما تم اقتلاع وقطع أكثر من 12000شجرة – المصدر ” أريج “. أما التوسع الاستعماري/ الاستيطاني في البناء، فقد تم وضع 116 خطة استيطان لبناء 13000 وحدة سكنية حتى شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام 2022. كما شهدت حملات المداهمة والمطاردة والاعتقال ازديادا ملحوظا في العام الفائت. في إحصائيات منشورة لنادي الأسير الفلسطيني نقرأ عن “اعتقال أكثر من 6500 مواطن ومواطنة، 153 امرأة و811 طفل، كما يخضع 600 طفل للحبس المنزلي، بالإضافة لتعرض أكثر من 2135 مواطن ومواطنة للاعتقال الإداري” في عام 2022.
تنطق لغة الأرقام التي وردت في التقارير السابقة، بعدد من الوقائع التي تظهرها في ميادين الاشتباك، أبرزها:
– التطور الكمي والنوعي في أساليب المقاومة – خاصة المسلحة – بدأت ملامحه تتضح بعد عمليات ” سيف القدس – مايو / أيار 2021″.
– العملية البطولية النوعية ” كسر القيد ” في التحرر من “سجن جلبوع ” والتي كانت من أهم نتائجها الإعلان عن تشكيل ” كتيبة جنين ” المقاتلة.
– كشفت العمليات الهجومية، الواسعة والنوعية، في معركة “وحدة الساحات ” بُعدا جديدا في المدايات الصاروخية، وشمولية الضربات في توقيت واحد لعدد من الأهداف، في تأكيد جديد على الإنجازات التصنيعية والتسليحية للكتائب والسرايا.
– أشارت العمليات البطولية الفردية، الممتدة من الشمال ” مستعمرة تل أبيب / يافا ” وحتى ” النقب / بئر السبع ” ومن ” الأغوار” شرقا إلى ” الساحل ” غربا، مرورا بمدن وبلدات الوسط، أن الجيل الجديد الذي حمل السلاح وقاتل المحتلين، بإرادة فولاذية وثبات، قل نظيره في مقاومة الشعوب، يرسم بدمائه وتضحياته، طريق الخلاص من الاستعمار الاستيطاني، في تأكيد جديد على أن إرادة التحرر وديمومة الاشتباك، كما جسدتها الأشكال الجماعية من أدوات المقاومة في الكتائب والعرين، هي خطوة تراكمية على نقل المجتمع الفلسطيني الحاضن والحامي للفدائيين، كما ظهر الالتفاف حول الشهداء وعائلاتهم، إلى وضع متقدم للوصول إلى ” المجتمع المشتبك “.
عام جديد مع حكومة الفاشيين القتلة
خلال الشهر الأول من عام 2023، أصبح عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة المجازر التي قام بها جيش الكيان الصهيوني، وميليشيات المستعمرين في الضفة الفلسطينية ” 35 شهيدا، بينهم 8 أطفال وسيدة مسنة – بيان وزارة الصحة الفلسطينية”، في مناطق عديدة من الضفة المحتلة، خاصة، في محافظة جنين؛ المخيم والمدينة والبلدات “20 شهيدا “، وأيضا، الشهداء الأبطال الذين نفذوا العمليات الفدائية في القدس ” مستعمرة النبي يعقوب “، و حي سلوان، وكذلك التي تمت تصفيتهم في أكثر من مكان، تحت دعاوى “محاولة ” طعن أو دهس.
على الجانب الآخر، نشرت صحيفة ” يديعوت أحرنوت ” إحصائية الخسائر لذات الشهر، يناير / كانون الثاني، نقرأ فيها ” الأوضاع منذ مطلع العام الحالي تشير إلى سنة دامية، فقد حصلت 32 عملية أدت لـ 7 قتلى، 3 جرحى في حالة الخطر، 2 جرحى بجروح متوسطة”. هذه التطورات الميدانية ماهي إلا ّ انعكاس لانفلات التوحش والقتل كتعبير عن نهج قديم مارسته حكومات الكيان منذ تأسيسه على جماجم ودماء أصحاب الأرض الأصليين. اللافت في الحكومة الجديدة، ارتفاع عدد الممثلين لتيار الصهيونية الدينية الفاشية من خلال الحزبيّن؛ “القوة / العَظَمَة اليهودية” بزعامة إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي، وحزب ” الصهيونية الدينية ” بقيادة بتسلائيل سموتريتش، وزير المالية. الوزير الأول، المجرم ” بن غفير، توعَّدَ منفذي الهجمات الفلسطينيين بـ”الإعدام على كرسيٍّ كهربائي”، وذلك خلال اجتماع لحزبه. أما الوزير الثاني، الإرهابي ” سموتريتش ” فقد دعا ليلة الأحد 29 /1حسب موقع صحيفة هآرتس العبرية، “إلى ترحيل عائلة منفذ عملية حي سلوان، إلى قطاع غزة، ومصادرة ممتلكاتهم من أجل نقلها إلى عوائل قتلى الهجمات”، مضيفا ” سأعمل على نقل الممتلكات الخاصة بمنازل منفذي العمليات التي سيتم إغلاقها وهدمها لاحقًا، إلى عوائل القتلى “الإسرائيليين””.
ميادين الاشتباك ما بين جنين والقدس
ساعات قليلة هي الفارق الزمني بين الهجوم الواسع الذي شنه جيش الاحتلال على مخيم جنين فجر يوم الخميس 26 / 1، والعمليتين الفدائيتين في مدينة القدس ومحيطها. في مخيم جنين وحارة / جورة الذهب، ارتقى عشرة شهداء بين زخات الرصاص، وطلقات القناصة – إحداها استهدفت إحدى السيدات وهي داخل منزلها -، وانفجار الصاروخ بالشقة التي حوصر فيها بعض الفدائيين.
فاجأت العمليتان في مدينة القدس وضواحيها، العدو وأصابته في مقتل، خلال 15 ساعة. وقد فتح مسدس الفدائي الشهيد “خيري علقم” إبن 21 عاما مساء يوم الجمعة 27 / 1 باب جهنم في مستعمرة النبي يعقوب، ليدخل إليها 7 قتلى، مضافا لهم عدد من الجرحى. أما الفتى/ الشبل ” محمد عليوات ” الذي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما، فقد أصابت طلقات مسدسه إثنين من المستعمرين / المستوطنين / الميليشيات المسلحة، إصابة أحدهما خطيرة جدا. راهنا، تفرض وقائع الميدان في كلٍ من جنين والقدس، قراءة الحدثين بكل أبعادهما، من أجل التوصل للدروس المستفادة مما حصل، منها على سبيل المثال لا الحصر:
– أظهر العدوان الجديد على مخيم جنين، امتلاك المؤسسة العسكرية / الأمنية التي يمتلكها المحتل، معلومات واسعة ودقيقة عن المقاتلين عددا وعدة، من خلال الاستعراضات والمهرجانات وكاميرات التصوير والمقابلات التي كشفت الوجوه ونوعية السلاح، أو مراكز تجمعهم، ودروب تحركهم، حصلوا عليها من خلال التفوق التكنولوجي/ التقني، والمستعربين، والجواسيس المحليين، إضافة لما يوفره الولاء ” التنسيق ” الأمني من رصد ومتابعة للمقاتلين وأماكنهم، يتم تقديمها للعدو. كل هذا وأكثر، جعل المخيم، و ” البلدة القديمة ” في نابلس، مناطق مكشوفة، ضعيفة، يتم بين فترة أخرى، اقتحامها، وقتل واعتقال بعض المقاتلين، بدون أن يتكبد جيش العدو أية خسائر بالأرواح!
– استطاع مسدس ” خيري علقم ” أن يردي عددا كبيرا من الغزاة المستعمرين مابين قتيل وجريح في حوالي عشرين دقيقة، ليس بسبب امتلاكه الشجاعة والبطولة – التي يمتلكها أيضا أبطال الكتائب والعرين – بل لأنه استطاع تنفيذ العملية بسرية وحرفية واقتدار عاليين، والأهم، لأنه ضرب في مركز تواجد واستقرار الغزاة المحتلين، أي في قلب ما يعتبره العدو ” المنطقة الأكثر أمنا “، كما فعل الأبطال الشهداء ” محمد أبو القيعان ” في بئر السبع، و” ضياء حمارشة ” في بني براك، و ” رعد خازم ” في شارع دوزينكوف، و” رعد التميمي ” على حاجز شعفاط ومدخل مستعمرة معالية أدوميم.
خاتمة
يمضي الشهر الأول من هذا العام، وكيان العدو، كأحد تجليات المشروع الاستعماري في المنطقة، يعيش أزمة داخلية حادة لم يمر بها منذ اغتيال “رابين” في شهر تشرين ثاني / نوفمبر 1995، وما المظاهرات الأسبوعية المتكررة كل يوم سبت من كل أسبوع، التي تشهدها مدينة تل أبيب “ما بين 100 و130 ألف متظاهر”، وداخل عدد آخر من المدن، منذ تأليف الحكومة الجديدة بقيادة بنيامين نتيناهو، إلا لدليل واضح على الانقسام الحاد حول قضايا داخلية تتركز حول ” مؤسسة القضاء، وتأثير الصهيونية الدينية التوراتية في التوجهات العامة للحكومة وبرنامجها”.
إن سياسة الإيغال بالدم الفلسطيني التي تقودها مجموعة من المجرمين، ستكون لها نتائج سلبية على الكيان؛ دوليا وإقليميا، باستثناء حكومات السقوط الوطني والقومي والأخلاقي ” دول التطبيع العربية والإقليمية ” التي أدانت عمليتي القدس البطوليتين. لكن الأهم هنا، ما ظهر داخل التجمعات الفلسطينية داخل الوطن وخارجه، من تأييد كاسح للعمليات الفدائية، وفخر بأبطالها، واحتضان كبير لعائلات الشهداء، بما يدلل على أن قطاعات واسعة جدا من الشعب الفلسطيني قد بدأت تدخل ميادين الاشتباك الجمعي بأشكاله المختلفة، مما يوفر للفدائيين الجدد، البيئة الحامية، الحاضنة والآمنة، ويُشجع الشباب على تنفيذ وصايا الشهداء: لا تتركوا البارودة واستمروا بالمقاومة.
* كاتب وسياسي فلسطيني
✺ ✺ ✺
لماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة؟
محمد سيف الدولة
28 يناير 2023
انضمت كل من مصر والأردن والامارات والبحرين الى قائمة الدول التى أدانت العملية البطولية بالقدس المحتلة، ردا على قيام الاحتلال بقتل وتصفية تسعة فلسطينيين اثناء اجتياح قواته لمحافظة جنين. فلماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة وعملياتها؟
***
· لأنها تحرجهم أمام شعوبهم وتطالبهم بمواقف لا يجرؤون ولا يرغبون فى اتخاذها خوفا أو تواطؤا، كما تكشف خوفهم وأكاذيبهم بأنه لا قبل لنا (بإسرائيل)، وبأن القتال والمقاومة لا تجدى، وبأن الاعتراف بها والسلام معها هو الخيار الممكن الوحيد.
· كما أن المقاومة تكشف الوجه الإرهابي العنصري البربرى للكيان الصهيوني، الذى سالمته الانظمة العربية وطبعت معه، فتزيدهم احراجا على احراج.
· لأن المقاومة تهدد عروشهم، فأهم مصدر لشرعياتهم التى منحها لهم “المجتمع الدولي الأمريكي”، هو الحفاظ على وجود (اسرائيل) وأمنها، مما يجعل أمنهم وامنها فى كفة واحدة فى اطار ترتيبات الأمن الإقليمي التى وضعتها أمريكا ووزعت أدوارها، والتى تتناقض على طول الخط مع اعتبارات الامن القومي العربي.
· كما أن الامريكان قد نجحوا على امتداد العقود الماضية فى ترويض النظام العربي الرسمي على قواعد الاستسلام والخضوع للأقوى و”الاعتدال والواقعية”، ولذا دأب الحكام العرب على اتهام المقاومة بالتطرف والطفولة والبعد عن الواقعية والانتحار وإلقاء نفسها وشعبها الى التهلكة.
· بالإضافة الى انهم لا يجرؤون على مخالفة “السادة” الأمريكان الذين يصنفون حركات المقاومة كمنظمات ارهابية.
· كما أنهم حلفاء وشركاء ووكلاء للمصالح الامريكية والاوروبية الاستعمارية فى بلادنا، والوكيل لا يخرج عن تعليمات موكله.
· والتفاف الجماهير العربية حول المقاومة يضعف موقفهم أمام الأمريكان، ويكشف عجزهم عن ردع الشارع العربى، وإبعاده عن القضية الفلسطينية.
· والمقاومة تعيد القضية الفلسطينية الى صدارة المشهد بعد أن حاولوا تصفيتها عدة مرات بعد حرب 1973.
· كما انها تسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية التي تؤيدها وتدعمها كافة الانظمة العربية وتعتبرها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني منذ 1974، لتبرير انسحابها من مواجهة العدو الصهيوني، كما انها السلطة التى ترضى عنها وتعترف بها أمريكا و(اسرائيل) والاتحاد الأوروبي ومجتمعهم الدولي.
· ولأن الأنظمة وحكامها باعت فلسطين منذ زمن بعيد، ولم يعد يعيق اتمام الصفقة وتسويتها، الا المقاومة وصمودها.
· ولأن المقاومة ترفض الاعتراف (بإسرائيل) التي اعترفوا بها جميعا سرا أو علانية.
· ولأن اعترافهم الباطل بها وبحقها فى الحياة آمنة داخل حدود فلسطين 1948، يترتب عليه اعتبار كل ما يهدد أمنها، ارهاب.
· لأنهم وقعوا مع العدو معاهدات، تلزمهم بمطاردة المقاومة الفلسطينية، بنصوص صريحة يخفونها عن شعوبهم.
· ولأنهم ينسقون مع (اسرائيل) ليلا نهارا من اجل تحقيق الامن العربى الإسرائيلي “المشترك” فى مواجهة المقاومة “الارهابية”.
· كما أن المقاومة ترفض نزع سلاحها، بينما رضخوا هم لشروط (اسرائيل) بنزع اسلحتهم مقابل انسحابها من الأراضي التى احتلتها فى بلادهم.
· فهى تتحدى كل معاهداتهم ومبادراتهم ومشروعاتهم المشتركة مع العدو.
· ولأنها توجه السلاح العربى فى الاتجاه الصحيح، فى وقت يوجهه الحكام الى معارك الاقتتال العربى العربى والمعارك الطائفية وتصفية المعارضة.
· لأنها تفسد وتعوق مشروعات التطبيع الاقتصادى والسياسى مع (اسرائيل) القائمة على قدم وساق.
· لأنها تنشط حركات المقاطعة للبضائع الامريكية والأوروبية التى تهدد مصالحهم الاقتصادية.
· لأنها تكشف استبدادهم حين يقمعون مظاهرات الغضب العربية ضد (اسرائيل).
· وتكشف الفرق بين خوفهم من مواجهة (اسرائيل)، وبين جبروتهم ووحشيتهم فى مواجهة شعوبهم.
· لأنها تكشف زيف ادعاءاتهم وشعاراتهم عن الأمة العربية والعروبة والوحدة ومركزية قضية فلسطين.
· كما تكشف زيف الشعارات الوطنية والأمن القومى التى يطنطنون بها ليلا نهارا لخداع شعوبهم وتضليلها، للتغطية على استبدادهم وفسادهم وتواطؤهم.
· لأنها تفضح اهدارهم وتبديدهم للثروات العربية لشراء اسلحة بالمليارات، لا يستخدمونها، فى وقت يحظرون فيه السلاح عن الفلسطينيين.
· لأنها تفضح انخراطهم تحت القيادة الامريكية فيما سمى بحرب “تحرير” الكويت وفى غزو أفغانستان والعراق وغيرها، وصمتهم تجاه فلسطين.
· لأن خوفهم وصمتهم أو تواطؤهم على الاعتداءات الصهيونية المتكررة، يكشف ويسقط اساطيرهم عن النصر على (اسرائيل)، بعد أن استسلموا لها عقائديا واستراتيجيا فى الكواليس والغرف المغلقة منذ زمن بعيد.
· لأنهم اختاروا نهج الاحتلال والتبعية والاحتماء بالأمريكان والغرب، فكيف ترفض المقاومة ما قبلوه هم؟
· لأنهم لا يزالوا يعيشون بعقدة 1967.
· لأن للمقاومة والصمود والبطولة سحر وتأثير خاص، يخشون من انتقال عدواها الى شعوبهم.
· لأن نموذج حرب التحرير الشعبية الذى تقدمه المقاومة قد أثبت نجاحا وفاعلية فى مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية، وهو النموذج الذى تخشاه الانظمة العربية، خشيتها من تسليح الجماهير المقهورة التى يمكن أن تثور عليهم.
· لأنها تكشف زيف ادعاءاتهم اليومية بوجود مؤامرات عالمية على دولهم، بينما هم يلتزمون الصمت تجاه المؤامرة الكبرى على بلاد العرب المتمثلة فى الكيان الصهيوني.
· لأن المستسلم يكره الصمود، والخائف يكره الشجاعة، والمنسحب يكره الإقدام، والخاضع يكره العزة.
· وقبل ذلك وبعده، لأن الكيانات/الدول العربية التي أنشأها الاستعمار لحماية تقسيم وتجزئة الأمة العربية التي تمت بعد الحرب العالمية الأولى، لا تقاتل أبدا الا دفاعا عن اراضيها وداخل حدودها، ولا شأن لها باحتلال او تهديد أي أقطار عربية أخرى، حتى لو قصفتها اسرائيل بقنبلة نووية.
:::::
مدونة الكاتب
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org
[i] https://www.haaretz.com/opinion/editorial/israel-must-not-forget-that-the-golan-heights-are-occupied-territory-1.10460012
[ii] https://golan-marsad.org/wp-content/uploads/2021/01/Press-release-Ambulance-attack23-6-2015.docx.pdf
[iii] “Enlight secures finance for Golan Heights wind farm.” Globes. July 9، 2018: https://en.globes.co.il/en/article-israeli-wind-turbines-farm-signs-financing-agreement-1001245127
[iv] https://www.timesofisrael.com/israels-largest-bank-pays-870-million-to-settle-us-tax-evasion-probe/
::::::::::::::::::::::::::::::::::