الفصل الثالث
لبراليون ووسطيون
كيف نجحت الصين
مستقبل اقتصاد الصين إلى الرأسمالية[1]
جوزيف ستيجلتز
How Did China Succeed?
Joseph E. Stiglitz | BI Norwegian Business School
بدأ ستيجلتز ب نقد مقال فوكوياما عن نهاية التاريخ وانتصار اللبرالية الديمقراطية على الشيوعية.
فهو يرى:
“… إن بي بي بي (القوة الشرائية للفرد Purchasing Power Parity ) ليس مقياساً مناسباً للنجاح، وإن معظم الأمريكيين لم يساهموا في ثروتنا.
متوسط دخل الفرد اليوم في الولايات المتحدة أقل مما كان عليه قبل 60 سنة، كما أن توقعات العمر تتراجع لأسباب منها: اليأس، الانتحار الإدمان، الكحول، الناس تستسلم، وخاصة الرجال البيض.
هناك فشل في بديلنا أي اقتصاد السوق، وأحد أسباب ذلك ظهور ترامب، الذي دعمته مجموعة رجال الأعمال ومحافظون آخرون، وهذه المجموعات هي نفسها التي دعمت هتلر.
لقد تم في الولايات المتحدة تخفيف العبء الضريبي عن الأغنياء.
كان الانتاج الأهلي الإجمالي للصين عام 1978 هو 244,985 بليون دولار وأصبح عام 2016 ما مقداره 9.504 ترليون دولار. وكان دخل الفرد: 263.231 دولار 1978 وصل عام 2016 الى 6.893 دولار.
واصبحت الصين الدولة الأولى في العالم في القوة الشرائية الخاصة (اي للفرد) Private purchasing power ppp
ووصلت الصين إلى أعلى مستوى مُدخلات في العالم حيث وصل 32.4% من الناتج الأهلي الإجمالي، بينما متوسط العالم هو 23.8% ووصل الناتج الأهلي الإجمالي في الصين إلى 45.4 % بينما العالم 25.8% عام 1978
ووصلت حصة الصين من التصنيع العالمي عام 2017 إلى 27%، اندونيسيا 22% اليايان 19% الهند 16% وأخرجت من الفقر 770 مليون شخصاً.
إن الادخار الفردي في امريكا قريب الصفر مع ان دخل الفرد في الصين سدس دخل الفرد الأمريكي”
ولكن:
“… تحتاج الصين لتطوير مؤسساتي، فهي تعاني مشاكل بيئة، وصحة، رغم ان هناك تحسنا. وهناك لا مساواة، ومنها الوصول للتعليم وخاصة للمهاجرين، وبعض الملامح المزعجة للبنية الاقتصادية، واعتماد هائل على الديون وعدم وجود اساس دعم دائم للحكومات المحلية.
نحن نعاني من نقص الادخار بينما تحاول الصين تقليص الادخار.
إن الهند أكثر بلدان التلوث عالميا.
من مؤشرات نجاح الصين: تغيير نظام تنظيم الإنتاج عبر السوق والتحول من الريف للمدينة، ومن زراعة للصناعة، وانتقال من بلد نامي إلى اقتصاد بازغ ومجتمع اقتصاد الاختراع والتعلُّم.
مقارنة مع روسيا التي فيها مجتمع متعلم اكثر، وموارد اكثر، تصنيع أعلى، ناتج اهلي اعلى
ومع ذلك واجهت روسيا تدهور صحي، ففي تحولها للسوق واجهت تدهور في الإنتاج الأهلي الإجمالي، ومستوى المعيشة ب 25-30%. كان الحديث بأن الانتقال للسوق سوف يحسن الوضع والنمو لكن حصل تدهور في الصناعة وصارت صادراتها مواد خام واولية بعد ان كانت مجتمع صناعي متطور.
بينما نجحت الصين لأنها:
اعتمدت البراجماتية وليس الإيديولجيا، واقرت ان الانتقال هو مشكلة جديدة لم يتم حلها
وهناك دروسا يجب تعلمها من الآخرين أي إن “قطع النهر لا ينفي وجود حجارة” واعتمدت التدريجية وليس العلاج بالصدمة.
يرى الصينيون بأنه لا تزال هناك عتبة تتطلب الحد الأدنى من الجهود الحاسمة لتجاوزها.
لقد دمجت الصين السرعة مع التدريجية، واعتمدت الاعتراف بأن كل مرحلة تشترط ترتيبات ومؤسسات وسياسة جديدة وعلم، بينماالصدمة في روسيا كانت صدمة بلا علاج.
ادركت السلطات الصينية ان الفجوات داخل البلاد أوسع من الفجوات بين الدول،
فاستثمرت في التعليم، والانفتاح على الاخرين، والاندماج في التجارة الدولية، وأن نجاح شرق الصين يجب نقله ألى بقية الصين وقررت التركيز على الابتكار الاقتصادي، والتأكد ان الشخص يجب ان لا يعتمد على الاستدانة من الآخرين.
نقلوا الزراعة للمسؤولية الشخصية، واعتمدوا تقديم حوافز قوية، وعدم الدخول في جدل سياسي عن خصخصة كاملة. إن أخذ 95% من المنافع بدون كلفة ازعاج كبير كانت ستقود إليه الخصخصة.
لم تتوصل الصين بعد إلى أن تفاقم عدم المساواة مرتبط بالملكية لم يقروا ملكية خاصة للارض بل استخدامها واتبعوا نظام سعر مزدوج 80% السعر القديم، 20% سعر رأسمالي
وفي نقاش هل الأولوية للملكية أم للخوافز فقد اخذ الصينيون الحوافز.
بالمقابل وزعوا في روسيا شهادات ملكية (فاوشرز) إنتهت لسرقة شاملة أي اكبر سرقة في التاريخ. كان انفتاح روسيا سرقة تحت حكم القانون وتهريب المال للغرب تحت حكم القانون في الغرب.
من الفوارق بين الصين وروسيا:
في الصين تم إتباع عدم مركزية المنافسة مع تركيز على المنافسة، بينما ركزت روسيا على الخصخصة، كما أن اقتصادها يتصف بانه معتمد على مصادر طبيعية ولذا حصلت عدم مساواة عالية واحتكار وفساد.
الصين:
ذهبت الصين للإنتاج في فترة كان العالم اقل توجها للإنتاج، اي ذهبت الصين لإنتاج السلع الصناعية وبالطبع اتبعت سياسة الانفتاح. بالمقابل، فإن امريكا لم تنتبه/تهتم بالعمال كمافي الصين، بينما انتبه بعض اوروبا فحولوا العمال من صناعات ميتة الى جديدة.
اجندة اليمين عندنا هي زيادة عدم المساواة، وزيادة البطالة، والمعاناة، لإضعاف قدرة العمال على المساومة وبالتالي تخفيض الأجور وإن حاول العمال الاعتراض تهددهم الشركة بالرحيل لمكان آخر.
الصين:
ترى الصين بأن عملية الإصلاح لا نهائية، وبأن التكنولوجيا تتغير ويتغير الحجم والمعايير.
طبعا الصين لديها مشاكل صحة، بيئة والمدن القابلة للسكن.
عموماً فإن نظام السوق لا يحل هذه المشاكل، هناك أسئلة يفرضها تحول العولمة.
هناك إفراط صيني في المولنة.
إن ما لم ينجح هوانسنة اسواق المال، وهناك مشكلة سياسية هي إفراط تأثير اسواق المال.
إن ترامب مع ربط/ تضبيط اسواق المال.
كنت كلما التقي وزير مالية الصين اقول له قللوا الدين وزيدوا الضرائب كان يقول فكرة جديدة، ولكن لم يعملوا بها. كان يقول لدينا بعض المشاكل السياسية”.
ملاحظات:
يهتم ستيجلتز بمعدل النمو والكم الإنتاجي في الصين، بعكس مدرسة مونثلي ريفيو وخاصة هاري ماجدوف الذي يهتم بمدى المساواة في الصين حيث يقارن بين فترة ماو وفترة دينغ. ربما يرد ستيجلتز بأن الصين الدينجية ومن بعده اخرجت 770 مليون شخص من الفقر. ولكن الماوية خلقت الصين الجديدة واسست لما استفادت منه القيادات اللاحقة المخالفة لنهجه بينما تقول بانها استمرار لنفس النهج لكن بطريقة أخرى. كما يبقى السؤال: ما هي حدود تجاوز الفقر؟ وكيف حصلت بمعنى، هل مثلاً اكثر من 3 دولار يوميا هي تجاوز للفقر، وهل تم التجاوز عبر الاستغلال أم المساواة!
يمتدح ستيجلتز اعتماد الصين الحالية البراجماتية بدل الإيديولوجيا. والحقيقة أن هذا التواء لبرالي كهجوم على الشيوعية ناسباً لها الوصف السيء للإيديولوجيا مع أن ستيجلتز يعتمد الإيديولوجيا الأسوأ اي السوق. وبالطبع، فإن البرجماتية هي أبعد ما يكون عن المساواة التي أنجزتها الماوية.
وكلبرالي، فإن ستيجلتز يمتدح تحول الصين من الريف إلى المدينة ومن الزراعة إلى الصناعة. وهذا طبعا ما ترتب عليه إلغاء الكميونات /الجَماعيات واضطرار مئات الملايين من قوة العمل الريفية للهجرة إلى المدن ليكونوا طبقة عاملة في السلَّم الأدنى من حيث الأجور والضمانات والحقوق…الخ.
بينما يرى ستيجلتز أنه لم يتم تحويل الأرض إلى ملكية خاصة بل حُصر الأمر في توفير حق الاستخدام، يرى آخرون أن ما حصل عمليا هو تحويل الأرض إلى ملكية خاصة. المهم ان هذه المسألة خلافية بين معظم من يعرض هذا الكتاب وجهات نظرهم في الصين.
طبعاً يتفق ستيجلتز مع اعتماد الصين الحالية أولوية الحوافز وليس الملكية، وطبعاً يذكرنا هذا بنظرية ليبرمان في الاتحاد السوفييتي في الستينات (أنظر لاحقا) ودورها في تقويض سلطة العمال لصالح المدراء والبيروقراطيين.
يُطري ستيجلتز تحول الصين إلى الإنتاج بعكس بقية العالم، مع أن هذا حول الصين إلى ورشة العالم نظراً لضآلة الأجور أي عمق الاستغلال كما أوصلها إلى الأزمة في جانب العرض وخاصة على ضوء أزمة 2008 في العالم وأزمة كورونا الجارية بعد.
وفي حين ينتقد ستيجلتز دورالشركات في امريكا في تقليص أجور العمال، لم ينتقد هذا في الصين حيث درجة الاستغلال عالية بغض النظر عن علاقة هذا بتضحية جيل لأجل جيل قادم!
يتقاطع ستيجلتز في رفضه لتوجه الممولنة مع ترامب مع أنه يعتبر ترامب تعبير عن تدهور أمريكا. واضح أن له كثير من النقد على السياسات الاقتصادية الأمريكية كالفشل في أنسنة أسواق المال، ولكن طبعا في حدود المدرسة الراسمالية الداعية لبقاء المنافسة وهذا حنين إلى الماضي.
كما يقدم مقارنة جيدة بين نجاح الانفتاح الصيني مقارنة مع الانفتاح الروسي/السوفييتي.
مصير الصين رأسمالية/رجل اعمال
“… إن مصير الصين هو الرأسمالية حيث ثقافة الفوارق هائلة، وهي قارة وليست قطرا،
عندنا، في الغرب، تحصل الأرستقراطية على الوظائف بينما هناك في الصين يتسابق المندرين المريوكراسي/المؤهلين ذوي الجدارة على الوظائف لذا كل من يوفر مالا ينفقه على تعليم اولاده.
وُجدت تقاليد السوق في الصين منذ القرن الخامس عشر لذا، اصبح البزنس/الأعمال من الهوية القومية في الصين.
معظم الإعلام الصيني حكومي، حزب واحد، رقابة، لكن معظمه معتمد على الإعلان.
يراها البعض راسمالية الدولة.
اصحاب الملكية الخاصة يقولون لا نخشى مشاريع الحكومة لأن مشاريعنا في القلب.
حصة الدولة من الاقتصاد تتراجع الى حوالي 40 %.
إن 95 % من المنتجات الصينية متقدمة لكن، كما يقولون عندنا، هذه المنتجات قائمة على قرصنة، لكن القرصنة تخلق لهم انفتاحاً على الثقافة العالمية.
في الصين، تطلب وتحصل على معظم حاجاتك عبر الإنترنت.
الانترنت محتكر من الدولة لكن الفضاء تجاري
الصين أكبر بلد تلوث وأكبر بلد يحاول تجاوز التلوث.
ملاحظات
للأسف فقدت اسم الشخص.
لكن أهمية قوله من باب أنه يحسم موقفه بأن الصين آيلة إلى نظام رأسمالي اي حتى يتجاوز في اعتقاده أنها رأسمالية الدولة وهذا ما توقعته، أو زعمت أنها تتوقعه، دوائر السياسة والاستخبارات والأكاديميا والاقتصاديين المبتذلين في الغرب، ومن هنا أهمية الإشارة إليه.
لكن طرحه يقف في باب الاستنتاج “المنطقي” بمعنى أن تراجع حصة الدولة كما يرى أو يعتقد، ووجود ثقافة السوق في الصين تدفعه للوصول إلى الاستنتاج اللازم المترتب على تحليله بأن النهاية رأسمالية.
طبعاً، رأينا في الفصل الثاني آراء صينيين يقولون بأن ثقافة المجتمع الصيني ضد الرأسمالية!
على اية حال، هذه الإشكالية، اي أين تتجه الصين، هي شاغل هذا الكتاب الذي يقدم مقاربة ولا يزعم حلاُ.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….