تقويل وتقزيم الحكيم وأسطرة المطبعين: جزء من مشروع ضد العروبة، عادل سماره

مجدداً تثير جريدة الأخبار/بيروت مشكلة مذكرات الحكيم، ناهيك عن ما أثير من حديث بين همس ونميمة وتشفي …الخ.

ومجدداً تُجانب الأخبار التعاطي مع المشكلة الحقيقية أي “كوفيد قطر للتطبيع”، كما تفعل كثيراً، لتكون كما قال لينين عن سلوكيات كهذه: “يدور كما يدور القط حول صحن من المرق الساخن”.

لذا تركز الأخبار كما غيرها على شخص عزمي بشارة مما يوحي، وأخشى أنه بقصد، بأن الرجل اسطورة. وهذه الأسطرة في حد ذاتها تماهٍ معه وخدمة له بوعي، وهو أقل من ذلك بكثير. وكثير جداً.

فلا الأخبار ولا عديد ممن لهم علاقة بالموضوع يجرؤون على قول الحقيقة بأن الرجل أداة جهاز معولم بدأ من الكيان ووصل الخليج وهناك تم تعميد الدور كأداة للثورة المضادة ضد العروبة كما قاعدة العيديد وقناة الجزيرة بل كل قطر والإمارات وغيرهن. ترى: هل العلة في فقدان الجرأة أم استدخال الهزيمة!  أم هزيمة منذ الأجنَّةِ فالولادة والرضاعة والفُطام؟

وهنا، أتحدى كل من كانت له علاقة بهذا الرجل: لماذا لم تتكلم! وخاصة سابقاً، وحتى اليوم.

هناك من يتمنطق بالكبرياء السياسية او الحزبية أو الأكاديمية أو النرجسية…الخ وبالتالي يعلو بنفسه عن المس “بالأعراض” السياسية فيقع في الطبطبة على حساب القضية.

وهناك من يلازمه الخجل والحرج كيف استخدمه بشارة وبذا وصل به الأمر أن لا يجرؤ على نقد ذاته، فأعلى ذاته على حق الأمة عليه فتعمد أن لا يقول ويكشف ما وقع فيه.

وهنا لا اشمل من يعبدونه مهما حصل وفعل لأن هؤلاء بلا عامود فقري ينطوون إلى الخلف كما للأمام أحد الأمثلة أن أكاديمي من ال 48 يُجاهر أنه مع التطبيع والاعتراف بالكيان قال لي ذات يوم:

“عزمي خرج لأنه يعاني الكلى ولذلك لا يتحمَّل السجن”! وبعيداً عن أن هذا القول يعني أن السجن للفقراء الذين لا تسجيل لتضحياتهم ولا لموتهم، ولكن، هل يُعقل أن بوسع عصفور أن يخرج من الكيان دون علم ورغبة الكيان، وعزمي ليس عصفورا يمكن أن يضعه رجل دين ضخم في ثنايا جلبابه ويُهرِّبه وهو ذاهب للتبطُّح على قنوات الشام! ومؤخرا برز مع جماعة ال 14 مليون و/أو وثيقة فلسطين …الخ المدعو والدَّعِيْ ع.أ.ص الذي يعدو بين امريكا وقطر ورام الله بدل “الصفا والمروة” داعياً للسلطان القطري بالنصر.

مذكرات الحكيم ليست المسألة:

ليس لي في مذكرات الحكيم شأناً ولا دراية ولا كلاماً، كما ان آخر عهدي به كان قبل حرب حزيران بيومين حيث قطعت الجامعة وعُدت إلى الوطن من بيروت بانتظار الحرب وما علينا القيام به وبقيت قيمته في نظري كما هي نظيفة عالية. ولم يتم أي تواصل سوى عام 1996 حين عرض عليَّ استلام مركز دراسات الغد وقلت له موافق بلا راتب ، ولكن سرقه البعض!

 وحين يتم تقزيم تاريخ الرجل إلى مسألة مالية وتعاقدات نشر وخلافاً بين البعض على بعض المال …الخ فهذه ثالثة الأثافي. فبوسع ورَّاق شبه أمِّيٍّ أن يطبع اي كتاب ويوزعه من المحيط إلى الخليج حتى ورقياً فما بالك إلكترونياً.

وفيما يخص الراحل د. خير الدين حسيب، فهو الذي طرد عزمي بشارة بعد أن كاد يُخدع به، وليس كما تقول الأخبار أن عزمي “بعد ما إصطدم بخير الدين حسيب” توقف عن محاولة اغتصاب مركز دراسات الوحدة العربية.

 عزمي يتسلل ولا يصطدم، بل حسيب هو الذي طرده. وكلمة يصطدم هي تضخيم له ربما بهدف الإبقاء على حبل ُسّرّي بين الأخبار وعزمي تماما كما تسمح البرجوازية بنقنقة النقابات الصفراء طالما لا تمس خط الإنتاج بالإضرابات. وإلا، لماذا لم تنشر الأخبار تشريحاً له كعضو كنيست على مدار ثلاثة عقود، وهي تزعم انها شديدة القومية! وبعد أن رفع السيف على عنق سوريا وفلسطين ووصل إلى استلام مشروع تخريب الثقافة العربية وأحاط نفسه بمآت مثقفي الطابور السادس كما احاط سلاطين آل عثمان أنفسهم بدرجات من الجواري: “جارية، قادين، إقبال، قيان …الخ”! وصار دور هؤلاء تخريب الأكاديميا في كل قطر عربي.

ويبدو أن ضغطا كبيرا ما حصل على الأخبار حتى اضطرت لنشر هذا المقال المؤدب والململَم فوجدت نفسها في وضع حرج فنشرت دفاعاً عن سمعتها! بينما فتحت …. لبُغاث يروجون عبارات ضد سوريا “كالاستبداد والبراميل المتفجرة…الخ” ويرفضون محور ا/ل/م/ق/و/م/ة ويرضعون في مدريد.

بعيداً عن دور عزمي السري والذي يمكن حتى لغبي او تافه أن يشكك فيه طالما لا توفر وثائقاً. أمَّا دوره العلني فبدأ منذ 1993 حينما اسس حزباً صهيونياً تم تسجيله بشكل رسمي. ومن حينها فإن كل من:

·       يعرفه،

·        وله في القومية وفلسطين

·        ومن عمل معه

وبقي على موقفه ولم يقل للناس ما حقيقة هذا الرجل فإن هؤلاء جميعاً قد خدموا المشروع المناط به سواء بوعي ورغبة أو نتيجة خبث وجبن وحفاظاً على سيرة تقطع راس الثقافة العربية كما تقطع داعش أعناق كل من ليس من طبيعتها.

هؤلاء تحديداً هم الذين أعطوا مشروعا ليس من صنعه غطاءً حتى استفحل. ولما استفحل تعمَّق مأزقهم فتلافَوْ التصدي له أو على الأقل نشر شهادات! يذكرني هذا بمن استأسدوا على عرفات بعد رحيله! هؤلاء ليسوا أمناء على التاريخ.

هناك قياديين من الشعبية حملوا عزمي ليخترق حركة أبناء البلد فيشقها ويجرها للسماح لأعضائها بالتصويت لبرلمان الكيان وكان ذلك لمرة واحدة، لكن هي التي أوصلت عزمي إلى الكنيست.

وهنا أذكر للراحل أحمد حسين رؤيته الواضحة لعزمي من تلافيف دماغه حتى تلافيف أمعائه. (سأورد هذا في كتاب إعداد عن معارك أحمد حسين الفكرية العروبية) .

كانت نتيجة دور هؤلاء القياديين وصوله للكنيست! عجيب. كيف لحركة ماركسية عروبية لم ترمي شخصا كهذا بمزيد من الأحذية والقطط الميتة وتسمح لبعضها بتقديسه! هنا التناقض الذي ينمُّ عن تخلف وهزيمة من الداخل.

ما الفرق بين هؤلاء وبين إدوارد سعيد الذي جاء إلى الناصرة ليلقي محاضرة عصماء لدعمه في انتخابات الكنيست؟ والمضحك أن سعيداً هاجم صادق جلال العظم حينها دون ذكر إسمه حيث كان العظم يُزايد على سعيد، هذا إلى أن تردى العظم إلى ما هو أدنى من سعيد في سباقهما إلى القاع! اللهم لا شماتة. ولست أدري هل جاء سعيداً إلى الناصرة من قرار رأسه أم جاء برسالة كالتي جاء بها لعرفات منذ 1969 كما ورد في كتابه بالإنجليزية “غزة أريحا أولا”.

كان موقفاً طريفاً حيث زار سعيدا جامعة بير زيت في مؤتمر لا اذكر عنوانه، وفي استراحة رأى بيدي عدداً من مجلة New Left Review وفيه مقال له عن الإرهاب، فطلب أخذ العدد، فقلت له، لو أنك لم تنادي بدعم عضو كنيست لقدمته لك دون أن تطلبه.

والأنكى من ذلك، أن من أدخلوا عزمي إلى الكنيست واصلوا انبهارهم به، فاي غطاء!

ولا أجد حرجاً في القول بأن ذلك الانبهار لا يُردُّ إلى تمُّيزٍ فيه ولكن إلى تخلِّف فيهم، الأمر الذي سهَّل مهمته وطغى على تحذيراتنا منه خطياً في مجلة كنعان الورقية منذ 1993 وحتى اليوم، أحمد حسين وأنا دون تنسيق بيننا. (أنظر كتابي: تحت خط 48: عزمي بشاره: وتخريب النخبة الثقافية)

ليس المهم من الذي حمله إلى دمشق وبيروت، هل هو هيكل، هل هم هؤلاء القياديين، بل المهم أنه دخل إلى هناك وإلى هناك وهو عضو كنيست!!! كيف قُبل؟ وماذا كان لنا أن نقول نحن من حينها وحتى اليوم؟ وقلنا وكتبنا ولا من يسمع!

أذكر أنني كتبت منذ أكثر من عشرين عاماً نقداً على استقباله في مركز دراسات الوحدة العربية بعدما قرأت خبراً في القدس العربي قبل أن تحتلها قطر بأنه دُعي من المركز لإلقاء إحدى قذائفه هناك. فرد على ذلك شخص أذكر اسمه ربيع، وربما ربيع ربيع بأن المركز دعاه كفيلسوف وليس كعضو كنيست! هنا يحضر المثل الشعبي: “كمن يضاجع الكلبة ويرفع ذنبها بعود”. لاحقاً فسَّر لي الراحل خيرالدين حسيب ملابسات تلك العلاقة وكيف أنه أنقذ الموقف قبيل حافة الاختراق. انتهى حسيب إلى موقف: “إذا لم نعد قادرين على تمويل ذاتنا فإغلاق المركز أشرف ليبقى تراثه نبراساً للأجيال وأحفظ قومياً من توريثه لأعداء الأمة”.

لا شك أن د. حسيب كاقتصادي يعرف قانون جريشام بأن: “العملة الرديئة تطرد الجيدة من السوق” أي المقصود أن ما سيبقى ويُرّوج له هو فقط ما يكتبه رقيق قطر وما أكثرهم/ن وأوسع إمكانيات “كوفيد قطر”!

مُضحك وكاريكاتوري أن تقرأ بين الفينة والأخرى مقالاً لكاتب ووزير لبناني سابق متأنق حيث يكتب في مقدمة المقال: “نُشر في جريدة القدس العربي”!!! يا للفخر.

واللافت وما يدعو للسخرية المُرَّة أن ارتفع “مقام” عزمي بعد عضوية الكنيست!

أمر مضحك وربُّ اللات والعُزَّى!

صار الرجل مؤهلاً ليفرض ما يرى بدل أن يُطرد على الأقل.

وبهذا يجدر السؤال: هل اخترق العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب أم هم/نَّ على جاهزية منذ الطفولة للاختراق فكانت مهمتهم حمل فايروس “كوفيد قطر” إلى الأمة! وتكون النتائج لمشغليه، وله الانتفاخ والتقعُّر بالكلام ليبدو فيلسوفاً مما سهَّل عليه تغطية دوره كحامل مشروع مخابراتي تطبيعي، ولهم المال. أمام المال هناك من به شبق فلا يشبع، تماما كالشبق الجنسي السالب.

لم يكن الرجل غبياً ولا مشغليه، ولذا، صار لا بد أن يخرج من الوطن المحتل الصغير إلى الفضاء العربي الأعمى فيبدو كمن أشعل شمعة في الظلام.

ولكي يُفرض مشروع مشغليه لا يحتاج سوى إلى عاملين:

·       خطاب قومي عالٍ، ولكن بنكهة الدين السياسي والنفط.

·       وشلال مالٍ لا ينضب من قطر.

وهنا انهال الذباب على الطبق، ذكوراً وإناثاً ونسذكوريات ومثليين وعشاق صهيونيات ومتساقطي يسار وحتى ناظمي قصائد رثاء “للشهيد/كيندي” …الخ وأنا أعرف الفلسطينيين/ات منهم واحدا واحدةً. فمنهم من كان يتسلل إلى القنصلية الأمريكية خوفا من المقاومة، ثم صار يُعلن أنه مدعو منها (كما أسرَّت م.ر التي عملت هناك)، ومنهم من كوفؤ بعشق مستوطِنة ليدرس في أمريكا ويعود ليؤسس قسم دراسات إسرائيلية في جامعة بير زيت ويُدخل كوفيد قطر إلى الجولان المحتل، ومنهم من عمل جاسوساً لكوفيد قطر في كنعان ثم لجأ هناك ومنهم من كان قشرة يسارية فصار جوهرا يمينيا ومنهم فيلسوف دمشق…الخ

للتعرُّف: أدخل إلى (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

المؤتمر الخامس للدراسات التاريخية: سبعون عاما على نكبة فلسطين الذاكرة والتاريخ

12-14 مايو/أيار 2018)

ولم يكن لهؤلاء تلك الجرأة على السقوط لولا غياب قوة المثال الثوري وتهالك قيادات الفصائل بمن فيها اليسارية، فغياب الرادع الوطني يُظهر الاغتسال بالنفط كما لو كان وضوءاً.

وفيما يتعلق بفلسطين كان ولا يزال شغله وشغل مشغليه:

·       التقاط متساقطي اليسار وخاصة من الشعبية ليعيشوا في كنفه ويقولوا فيه المديح ويتدربوا على دس السموم في الفكر العربي والثقافة العربية حتى أتقنوها. وهم بهذا يؤكدون كيف جرى تخريب كثير من اليسار بأموال الأنجزة الغربية ومن ثمَ النفطية ولا فرق.

·       وتخليق بديل ل م.ت.ف باسم “هيئة الدفاع عن الثوابت”.

وانضم له في هذا خلق كثير. ولم يكن أمامهم كذاباً كعادته بل صارحهم بوجوب التطبيع!!! وحين تغنجوا اعتكف فذهبوا إليه يطيبون خاطره وأصر على موقفه ثم أعتكف وعادوا يدارونه مجدداً، ثم اعتكف وغادرهم وانفرط العقد وبقي هو كما هو منافح عن “حق” الكيان في أرض كنعان! وبقيت 450 ألف دولار من ليبيا في بطنه. لك الرحمة يا عقيد كيف تفعلها!

ولكنه لم يخرج من المولد بلا حمُّص، بل أنجب لاحقاً من كانوا قياديين في اليسار وفي الشعبية وإذ بهم يكتبون بلهفة وفخار لدولة واحدة تاركين ورائهم ما ادعوه من موقف عروبي والتزام ماركسي. وهذا يأخذنا إلى السؤال: ترى هل كان هؤلاء الذين أُحيطوا بهالة نضالية حقاً هكذا؟

لكن سقوطهم العلني الذي لا يوجد ما يبرره سوى أنهم “أبطال صفقات” ذاتية وحين يأتي موعد نحرهم يُساقون إلى المذبح.  وهكذا، بدل أن تدوس قلعة اليسار هذا المتصهين، اقتحم هو القلعة وأخذ الكثير منها عبيدا وقياناً! ببعض المال.

وحتى بعد الربيع الخريفي:

وحين كان لا بد لعزمي أن يُذبح أُمر بالوقوف العلني ضد سوريا، وهو أمر لا يرفضه ابداً لأن من يقف مع الكيان هو ضد سوريا بالضرورة، ومشروع تدمير سوريا يوجب بلا شك ويستحق ذبح الكثير من الخراف لا سيما وأن الثورة المضادة وخاصة قطيع الدين السياسي كانت على يقين بأن سوريا هالكة فألقت بقضها وقضيضها ضد سوريا. ما قيمة أداة إذا كان إحراقها يخدم تدمير وطن وشعب!

ولم يخذل الرجل مشغليه فعمل ضد سوريا وقال فيها أكثر مما قال مالكٌ في الخمر، وهو الذي كان “يبرطع” ما بين الشام وبيروت!  ويمدحهما متباهياً ويمدحونه بالمقابل، تماما كما كان يفعل يوسف القرضاوي الذي حين طُلب منه الارتداد ضد سوريا قرض اللجام وانطلق لسانه!

كنت بين الضحك والبكاء أن تستضيف قناة المنار عام 2013 هيثم مناع  أحد أبطال ثورة البروليتاريا/ضد الشام، كما أسماها سلامه كيله في زمن حياته الذي كان ضرراً مطلقاً للعروبة، ومما قاله مناع “كنا نذهب عند عزمي بشاره في قطر ” يقصد ليخطط لهم! فلا هو خجل ولا ضربته المذيعة بحذائها!

ومع ذلك، لم يلتقط من زكَّوا بشارة لسنين، فرصة تعريته وجاهزيته للحريق طالما انتقل من الوطن إلى قبيلة حمد وحمد حتى صار يقطر منه النفط! فلماذا؟

لقد كانت فرصة لهؤلاء للاستغفار من الأمة، حيث توفر كرسي اعتراف مريح. ومع ذلك لم يفعلوا! وهذا متروك لهم للإجابة وللناس كي تحكم. ولذا، حين نكتب اليوم فذلك كي لا يشعر هؤلاء بأن الأمة لا تنسى من خذلها وخاصة من كان في الصف! ولكي تعرف الأجيال الشابة أن هؤلاء كانوا ضد العروبة مهما تزركشوا ب:”مثقف، دكتور، مفكر، كاتب…الخ” وحبذا لو يتعظ بعضهم فينطق ولو متأخراً.

إرث الحكيم:

ما من قيمة قط في محاولة تشويه إرث الحكيم طباعة وورقاً ومالاً، فأي تقييم تافه للرجل؟ بل إن الانشغال في هذا الأمر هو نفسه طعن للحكيم.

إن الخطر على تراث الحكيم هم أولئك الذي يُعيدون قراءة تاريخ ومواقف وأقوال الحكيم فيحولونه إلى راهب متواضع وإلى مبتدئ سياسة ونضال وإلى حالة سائلة لا رافضة.

وللمفارقة أن من يقوم بهذا ليس عزمي بشارة، بل بعض من كانوا محسوبين على دائرة أقرب للحكيم.

الخطر هو ما كتب البعض بأن الحكيم لم يقصد الإصرار على حق العودة، وبأنه كان مستعداً لمنح بيته في اللد ليهودي!

والحديث عن بيته هو أمر مجازي لأن قصد هؤلاء أن الحكيم مع الاعتراف بالكيان وحتى منح فلسطين للكيان! لكن مناضل وقائد بحجم الحكيم بيته وطنه فكيف يتم التطاول عليه إلى هذا الحد!!!

ولكن في زمن السقوط والسباق إلى القاع وخُلو الساحة من قوة مثال أو سيف خالد المسلول، يغدو من الطبيعي أن يلجأ من تساقط إلى المخاتلة والخداع. وفي الحقيقة فإن طعنات هؤلاء تغور حتى ما وراء القلب.

لقد قصقصوا، وركَّبوا وأوَّلوا بأن الحكيم كان مع “دولة مع المستوطنين”.

وإذا قلنا إن هؤلاء هم هكذا، فلماذا كان ولا يزال الطير على رؤوس من يصمتوا اليوم عن هؤلاء وعن تفريخات أمثالهم الداعين لبدائل ل م.ت.ف أقل منها بفراسخ!!! إن فراغ الساحة من قوة مثال هي التي سمحت بالإيغال في دم القضية والأمة فلم يعودوا يردّوا ُ ألسنتهم إلى حلوقهم.

هذه الهجمة لن تتوقف، والهجوم ضد الحكيم هو فصل اساسي من مشروع تقويض الثقافة والرفض العربيين. إن الباب مفتوح على مصراعيه للصراع بيننا وبينهم. فطوبى لمن يتصدى لمشروعهم هذا. طوبى لجيوب ا/ل/م/ق/ا/و/م/ة لأنها تؤسس للانطلاق من جديد.

أخيراً، حينما رحل الحكيم طُلب من خمسة اشخاص كتابة شهادات عن الحكيم كي تُنشر في كتاب، وكنت واحداً منهم. لكن لم يتم اي نشر، فنشرت ورقتي في كتابي “ثورة مضادة، إرهاصات أم ثورة/ الفصل السابع”.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….