السنة الثالثة والعشرون – العدد 6473
في هذا العدد:
■ في الذكرى الثمانين لانتصار القوات السوفياتية في ستالينجراد، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي
- خطاب بوتين في ستالينغراد
- درس ستالينجراد للغزاة في كل زمان ومكان
- سر النصر الروسي: لن تمر الدبابات الألمانية على حجارة الرصيف في موسكو
■ السودان فى الوثائق الصهيونية، محمد سيف الدولة
✺ ✺ ✺
في الذكرى الثمانين لانتصار القوات السوفياتية في ستالينجراد، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي
- خطاب بوتين في ستالينغراد
- درس ستالينجراد للغزاة في كل زمان ومكان
- سر النصر الروسي: لن تمر الدبابات الألمانية على حجارة الرصيف في موسكو
✺ ✺ ✺
(1)
خطاب بوتين في ستالينغراد
تعريب د. زياد الزبيدي
3/2/2023
نحتفل اليوم بواحد من أهم الأحداث المصيرية في تاريخ بلدنا والعالم بأسره. قبل 80 عامًا بالضبط هنا، على أرض ستالينجراد، على ضفاف نهر الفولجا الروسي العظيم، تم إيقاف العدو القاسي المكروه وكسر هجومه نهائيًا، وانتهت معركة ستالينجراد الطويلة والصعبة والشرسة.
لم تكن هذه المعركة مجرد معركة من أجل المدينة – كان على المحك مصير بلد معذب، ولكن لم يستسلم، حيث تقرر مصير الحرب الوطنية العظمى، بل والحرب العالمية الثانية بأكملها، وقد شعر الجميع بذلك، سواء في الخنادق او في الجبهة الداخلية. لقد حشدنا قوانا، كما حدث أكثر من مرة في تاريخنا، في المعركة الحاسمة وانتصرنا فيها.
دخلت معركة ستالينجراد بحق في التاريخ كنقطة تحول في الحرب الوطنية العظمى. إلى جانب هزيمة أكبر تجمع للفيرماخت (الجيش الألماني-المترجم) وتوابعه، هُزمت إرادة التحالف الهتلري بأكمله – التابعون الأوروبيون وحلفاء ألمانيا النازية – وقاتل الكثير منهم بالقرب من ستالينجراد، وكان بينهم جنود من جميع الدول الأوروبية المحتلة.
أوروبا – بدأت تبحث بحماسة عن طرق للهروب، وكأنها تتهرب من المسؤولية، وتلقي كل اللوم على الألمان النازيين. أصبح واضحًا للجميع ما عرفه الشعب السوفيتي منذ البداية: الخطط النازية لتدمير بلدنا، وكل أفكارهم حول الهيمنة على العالم محكوم عليها بالفشل.
لمدة 200 يوم، بالقرب من ستالينجراد، في شوارع المدينة الأسطورية المدمرة، قاتل جيشان حتى الموت، وانتصر الجيش الذي اتضح أنه يتمتع بروح معنوية أقوى. لا يمكن فهم وتفسير المقاومة الشرسة، التي تتجاوز القدرات البشرية أحيانًا، لمقاتلينا وقادتنا إلا من خلال إخلاصهم للوطن الأم، وهو اعتقاد راسخ ومطلق بأن الحقيقة بجانبنا. الاستعداد من أجل الوطن، من أجل الحقيقة، للذهاب حتى النهاية، لفعل المستحيل كان ولا يزال في دمنا، في شخصية شعبنا متعدد الجنسيات – كانت هي التي أطاحت بالنازية.
أصبحت ستالينجراد إلى الأبد رمزا لمناعة شعبنا وقوة الحياة ذاتها لديه. تمت إعادة بناء هذه المدينة وضواحيها والقرى في جميع أنحاء البلاد حرفيا من الصفر، لأنه بحلول فبراير 1943 لم يكن هناك تقريبا شجرة واحدة، ولم يبق هنا مبنى واحد.
إن الصمود الاستثنائي وتضحيات المدافعين عن ستالينجراد وسكانها، في الماضي والحاضر، يدهشون حتى النخاع، ويثيرون شعورًا بالامتنان والاحترام الصادقين.
واجبنا الأخلاقي، قبل كل شيء تجاه الجنود المنتصرين، هو الحفاظ بعناية وبشكل كامل على ذكرى هذا العمل الفذ، ونقله إلى الأجيال القادمة، وعدم السماح لأي شخص بتشويه او بالتقليل من دور معركة ستالينجراد في النصر على النازية، في تحرير العالم كله من هذا الشر الفظيع.
الآن، لسوء الحظ، نرى أن الأيديولوجية النازية – بالفعل في شكلها الحديث، في مظهرها الحديث – تخلق مرة أخرى تهديدا مباشرا لأمن بلدنا، فنحن مضطرون مرارًا وتكرارًا لصد عدوان الغرب الجماعي.
لا يصدق – لا يصدق، لكنه صحيح: نحن مرة أخرى نتعرض للتهديد بدبابات ليوبارد الألمانية، التي ترسم على متنها الصلبان، ومرة أخرى سيحاربون مع روسيا على أرض أوكرانيا بأيدي خلفاء هتلر، أيدي بانديرا.
نعلم أنه رغم جهود الدعاية الرسمية الفاسدة للنخب الغربية المعادية لنا، فلدينا الكثير من الأصدقاء في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك القارة الأمريكية وأوروبا.
لكن أولئك الذين يجرّون الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، إلى حرب جديدة مع روسيا ويعلنون بشكل غير مسؤول أن هذا أمر واقع، وأولئك الذين يتوقعون الفوز على روسيا في ساحة المعركة، لا يفهمون على ما يبدو أن الحرب الحديثة مع روسيا ستكون أمراً مختلفًا تمامًا بالنسبة لهم. نحن لا نرسل دباباتنا إلى حدودهم، لكن لدينا إمكانيات الرد عليهم، ولن يقتصر الأمر على الآليات المدرعة. لا بد ان يعرف الجميع هذا الامر.
بالنسبة لأولئك الذين يهددوننا، على ما يبدو، فإن الحقيقة البسيطة غير مفهومة: كل شعبنا، نشأنا جميعًا واستوعبنا تقاليد شعبنا مع حليب الأم – أجيال من المنتصرين الذين بنوا بلادنا بعملهم وعرقهم ودمهم وتركوها أمانة في اعناقنا.
صمود المدافعين عن ستالينجراد بالنسبة للجيش الروسي، بالنسبة لنا جميعًا، هي أهم منارة أخلاقية، وجنودنا وضباطنا مخلصون لها.
تداول القيم والتقاليد بين الأجيال – كل هذا ما يميز روسيا، يجعلنا أقوياء وواثقين في أنفسنا، في صوابنا وفي انتصارنا.
أهنئ بإخلاص الحاضرين هنا في هذه القاعة، وجميع المدافعين اليوم عن الوطن الأم، وجميع مواطني روسيا، وأبناء وطننا في الخارج، في الذكرى الثمانين للانتصار في معركة ستالينجراد.
عطلة سعيدة لكم، عيد سعيد لانتصار الحياة والعدالة.
(2)
درس ستالينجراد للغزاة في كل زمان ومكان
يوري روبتسوف، صحفي روسي، فنان تشكيلي، ضابط بحري متقاعد
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
2/2/2023
في الذكرى الثمانين لانتصار القوات السوفياتية في ستالينجراد
… بمعنويات عالية، بدأ الجيش الأحمر عام 1943، والذي أصبح نقطة تحول جذرية في مجرى الحرب الوطنية العظمى والحرب العالمية الثانية بأكملها. خططت القيادة العليا لعملية “الطوق”، التي قامت خلالها قوات جبهة الدون، بقيادة الجنرال روكوسوفسكي بتفكيك وتدمير مجموعة العدو الواقعة في “كماشة” في منطقة ستالينجراد. بحلول 10 يناير، تم الانتهاء من جميع الأنشطة التحضيرية.
لتجنب إراقة الدماء التي لا داعي لها، قبل بدء العملية، أعلن ممثل القيادة العليا، جنرال المدفعية فورونوف وقائد جبهة الدون، الجنرال روكوسوفسكي لقيادة الجيش الألماني السادس المحاصر إنذارًا نهائيًا يطالبهم بإلقاء أسلحتهم طواعية.
وجاء في الإنذار: “نضمن لجميع الضباط وضباط الصف والجنود الذين توقفوا عن المقاومة الحياة والسلامة، وبعد انتهاء الحرب، العودة إلى ألمانيا أو أي بلد يرغب فيه أسرى الحرب. نحافظ على الزي العسكري والشارات والميداليات والممتلكات الشخصية والأشياء الثمينة لجميع أفراد القوات المستسلمة والأسلحة “الباردة” لكبار الضباط. سيتم على الفور إعطاء جميع الضباط وضباط الصف والجنود المستسلمين طعامًا عاديًا. سيتم تقديم المساعدة الطبية لجميع الجرحى والمرضى الذين يعانون من عضة الصقيع “. كان الجواب متوقعًا في اليوم التالي – 9 يناير 1943.
ومع ذلك، فإن قائد الجيش السادس، الجنرال الألماني باولوس رفض الاستسلام: “إذا ألقى الجيش أسلحته، فسيواجه معظمنا موتًا مؤكدًا إما من رصاصة عدو أو من الجوع والمعاناة في أسر سيبيريا المخيفة. هناك شيء واحد واضح – من يستسلم لن يرى أحبائه مرة أخرى”. تم رفض الانذار النهائي للقيادة السوفياتية، وبذلك كان جميع الضحايا الذين سقطوا من المحاصرين في معارك لاحقة على ضمير باولوس.
في 10 يناير، بدأت تصفية القوات المعادية. وتجدر الإشارة إلى أن المخابرات السوفياتية أخطأت في تحديد عدد أفراد العدو “المحاصر”. كما جاء في مذكرات المارشال فاسيليفسكي، “وفقًا لبيانات استخباراتية من الجبهات التي شاركت في الهجوم المضاد، وكذلك وكالات استخبارات هيئة الأركان العامة، فإن القوة الإجمالية للمجموعة المحاصرة… تم تحديدها في ذلك الوقت عند 85-90 ألف جندي. في الواقع، كما اكتشفنا لاحقًا، كان هناك أكثر من 300 ألف بداخلها”.
ونتيجة لذلك، استمرت عملية “الطوق”، عكس الحسابات الأولية للقيادة العليا. تم التخطيط لتوجيه الضربة الرئيسية من الغرب إلى الشرق من أجل قطع التجمع المحاصر إلى قسمين ثم تدمير أجزائه. ولكن، كانت المجموعة الغربية للجيش السادس الألماني هي المكان الذي توجد فيه أكثر الفرق استعدادًا للقتال، لذلك بدأ قتال عنيف منذ الأيام الأولى.
ومع ذلك، كان الوضع مختلفًا تمامًا عما كان عليه في صيف وخريف عام 1942. على الرغم من أن قوات جبهة الدون لم يكن لديها تفوق على العدو في القوة البشرية والدبابات، إلا أنها كانت تفوقه في عدد المدفعية والطائرات. وقد راكمت قيادتنا قدرًا لا بأس به من الخبرة القتالية. في اتجاه الضربة الرئيسية ركز روكوسوفسكي 33٪ من جميع فرق المشاة، و 50٪ من المدفعية، و 57٪ من مدافع الهاون، و 75٪ من الدبابات.
بحلول نهاية اليوم الأول للهجوم، تم اختراق دفاعات العدو حتى عمق 6-8 كم. بحلول 16 كانون الثاني (يناير)، تقلصت المساحة المحاصرة بمقدار الثلثين. بدأت بقايا المجموعة الألمانية في التراجع إلى حدود مدينة ستالينجراد. وعد هتلر و تاكيد غورينغ -بالمحافظة على الإمداد بالذخيرة والوقود والطعام عن طريق الجو للقوات المحاصرة – فشل بسبب بطولة الطيران السوفياتي وقوات الدفاع الجوي. مع فقدان آخر المطارات المجهزة بشكل أو بآخر للملاحة، لا يمكن تنفيذ الإمدادات إلا عن طريق إسقاط الحاويات بالمظلة، ولكن هذا الأخير غالبًا ما كان يسقط على تشكيلات قواتنا المتقدمة. بالمناسبة، خلال الهجوم السوفياتي المضاد بالقرب من ستالينجراد، تم تقويض قوات طيران النقل الألمانية إلى الأبد، والتي فقدت حوالي 500 طائرة هناك ولم تستعد قوتها حتى نهاية الحرب.
تم حصار قوات العدو في المنطقة، التي كان طولها من الشمال إلى الجنوب 20 كم، ومن الغرب إلى الشرق – 3-4 كم.
في 25 يناير 1943، اقتحمت قوات جبهة الدون ستالينجراد. وبحلول نهاية اليوم التالي، قام الجيش21 بقيادة الجنرال تشستاكوف بالهجوم لملاقاة الجيش 62 بقيادة جنرال تشيكوف، الذي بقى للدفاع داخل حدود المدينة طوال الأشهر الماضية. وبهذه الضربة انقسم تجمع العدو إلى قسمين: الجزء الجنوبي في وسط المدينة، والجزء الشمالي الذي تبين أنه محاصر في منطقة مصنع الجرارات ومصنع “باريكادي”.
في 30 يناير، تلقى الجنرال باولوس آخر برقية من هتلر. نصها: “تهانينا على ترقيتك إلى رتبة مارشال (مشير)”. لقد كانت تحتوي، كما يعتقد بعض المؤرخين، على أمر مستتر بالانتحار (قبل ذلك، لم يستسلم أي قائد ميداني ألماني برتبة مارشال)، ولكن اختار قائد الجيش المهزوم عدم ملاحظة التلميح.
في نفس اليوم، أمر رئيس أركانه، الجنرال شميدت، المترجم بالخروج بعلم أبيض إلى الساحة أمام المتجر، حيث كان في الطابق السفلي المقر الذي يختبئ فيه، من اجل العثور على قائد برتبة مناسبة، يمكن للمارشال أن يستسلم له دون أن يفقد كرامته.
في صباح يوم 31 كانون الثاني (يناير)، وصل ضباط إدارة الجيش 64 بقيادة رئيس أركانه الجنرال لاسكين إلى موقع المقر. تلقى باولوس إنذارًا نهائيًا يطالب فيه المجموعة المحاصرة بوقف المقاومة والاستسلام تمامًا. فصعدوا من أعماق القبو، وألقوا أسلحتهم، المحاربين الألمان الجائعين…
استمر القتال حتى 2 فبراير 1943، وتم القضاء على آخر جيوب مقاومة العدو، وكان هناك استسلام جماعي للألمان والرومانيين. في المجموع، أسرت قواتنا خلال عملية “الطوق” حوالي 113 ألف عسكري، بينهم 2.5 ألف ضابط، من ضمنهم 22 جنرالا. تم تدمير 22 فرقة معادية بالكامل.
أدت هزيمة أكبر تجمع للفيرماخت في ستالينجراد وما تلاها من عمليات ناجحة للجيش الأحمر في كورسك إلى نقطة تحول جذرية في مسار الحرب.
ربما كان تقييم باولوس هو الأكثر كفاءة لتصرفات القادة السوفيات. في فبراير 1946، تحدث في محاكمات نورمبرغ لمجرمي الحرب الرئيسيين كشاهد للمحاكمة من الجانب السوفياتي. بالنسبة لسؤال ساخر لأحد المحامين، هل صحيح أنه أثناء وجوده في الأسر، ألقى محاضرات حول الإستراتيجية في أكاديمية موسكو العسكرية، أجاب المارشال الميداني المهزوم: “لقد ثبت ان الإستراتيجية الروسية كانت متقدمة على الألمانية وبالكاد احتاجوني حتى للتدريس في مدرسة ضباط الصف. وخير دليل على ذلك هو نتيجة المعركة على نهر الفولغا، والتي أسفرت عن أسري، فضلاً عن حقيقة أن كل هؤلاء السادة يجلسون الآن هنا في قفص الاتهام”.
في اليوم التالي لاستسلام الجيش السادس الألماني، دقت الأجراس في جميع أنحاء ألمانيا معلنة الحداد، وبثت موسيقى حزينة على الراديو. وذكرت المخابرات أن العديد من الألمان اعتبروا الهزيمة المأساوية للجيش السادس بمثابة “نقطة تحول في الحرب”. حاول جهاز الدعاية للرايخ الثالث إظهار وجه جيد في لعبة سيئة. كتبت Völkischer Beobachter، الناطق الرسمي لـلحزب النازي: “لقد ماتوا لكي تعيش ألمانيا”.
اما بالنسبة للشعب السوفياتي وجيشه الأحمر فقد كان عيدا رائعا – ذلك الذي وعد به القائد الأعلى ستالين في أمر صادر في 7 نوفمبر 1942 بمناسبة الذكرى 25 لثورة أكتوبر. “ستحل الاعياد على شوارعنا!” – بثقة قال القائد، وأتى العيد.
(3)
سر النصر الروسي
لن تمر الدبابات الألمانية على حجارة الرصيف في موسكو
ألكسندر بروخانوف، كاتب روائي روسي مخضرم، ناشط سياسي واجتماعي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
30/1/2023
النصر في ستالينجراد – 80 عاما. المدينة العظيمة مزينة بالزهور. مسيرات الفرق الموسيقيّة العسكرية تتوالى. الألعاب النارية تضيء السماء. الصلوات التذكارية في الكنائس. أَبْهَج الكلمات تقال في هذا العيد. سهوب ستالينجراد الثلجية الجميلة. الجليد يتلألأ بطريقة سحرية على نهر الفولغا. رفع تمثال ماماييف كورغان سيف النصر فوق جبين العالم.
لكن لماذا تسلل الدم فجأة إلى قبور الجنود، مجرى الفولجا امتلأ بالدماء، قرب مزرعة بابوركي ارتجف القبر، حيث يرقد والدي الذي مات بالقرب من ستالينجراد؟ لماذا تحركت عظام الملايين من الأبطال ودوى صوتها؟ لماذا يتنفس العملاق الذي رفع سيفه الناري بخارًا ويصرخ؟ لماذا تحول القمر إلى اللون الأرجواني مثل الجرح؟ لماذا تهتز وترتجف القارات الخمس؟
“النمور الألمانية” ذات الصلبان تنزل من الناقلات العسكرية، وتعبر أوروبا على منصات، وتبدأ في عجن التربة الأوكرانية بجنازيرها، والاقتراب من خط المواجهة. دبابة القرن الحادي والعشرين. دروع لا يمكن اختراقها، دقة الليزر للمدفع، عاصفة ساحقة من القذائف. آلة القتل المطلقة، أعجوبة القرن الحادي والعشرين. وفقط الصليب المنقوش على درع الدبابة لا يزال هو نفسه – أبيض، طحيني، نازي، لا يرحم، يزحف إلى الشرق.
سر رهيب لقيامة تاريخ ميت. عندما تنفجر قذيفة ليوبارد في الخندق الروسي بالقرب من أوديسا أو خيرسون، عندما تمزق الجسد الروسي، عندها ستحدث قيامة رهيبة للتاريخ. فكما أن عظام الموتى تلبس جسدًا وتنهض من قبورها، هكذا يصحو الزمن العابر من قبر التاريخ، ويواصل طريقه رغم انقطاعه وتوقفه.
بقفزة شيطانية، قفزت دبابة ليوبارد الألمانية فوق محاكمات نورمبرغ، ومؤتمر المنتصرين في بوتسدام، واستعراض النصر في موسكو.
قام الرايخ الثالث من تحت الرماد وتحولت عظام هتلر المتفحمة مرة أخرى إلى فوهرر يصرخ، وأضاءت الصلبان المعقوفة ليل مواكب المشاعل، وقصف يونكرز كييف ومينسك، واندفعت الدبابات ذات الصلبان إلى فولوكولامسك وإسترا، واندفعت عبر السهول إلى ستالينغراد. وكل القوة الوحشية للرايخ الثالث مع كيتل، هيملر، أفران أوشفيتز، مع خطة أوست التي حكمت على الروس بالإبادة – كل هذا أصبح حقيقة، انتقل إلى روسيا التي غرقت في الحرائق وعمليات الإعدام وأنقاض المعابد. تخلت ألمانيا عن ملابس ميركل النسائية، ومعطف أولاف شولتز المدني، وارتدت مرة أخرى زي SS الأسود مع الازرار الرونية الفضية، مع الصليب الحديدي، الذي عمدت به الأراضي الروسية مرة أخرى.
لكن لا، لا يمكن لهذه الدبابات المرور فوق حجارة الرصيف في موسكو. مكبرات الصوت بصوت مولوتوف ستتردد مرة أخرى. مثل العاصفة، ستصدح أغنية “الحرب المقدسة”. رجال بانفيلوف مزنرين بحزام القنابل اليدوية سوف يستلقون تحت الدبابات ذات الصلبان. صواريخ الكاتيوشا سترعد في سماء موسكو الخريفية. سوف يرتعد منزل بافلوف بمدفعه الرشاش الذي لا يسكت. سيكتب سيمونوف قصائد عن الأمطار الصفراء. سيلعب شوستاكوفيتش السيمفونية السابعة في لينينغراد المحاصرة. سيقول إرينبورغ “اقتل الألماني”. والدي، كجزء من كتيبة انتحارية، سيهاجم بالقرب من بابركي. سوف يمر الجنرالات الألمان الأسرى في شوارع موسكو. سوف يصعد جوزيف ستالين درجات ضريح لينين في الساحة الحمراء، وينظر إلى أكوام الرايات الفاشية المهزومة. وستقف دبابة روسية ذات نجمة على نهر أودر. إراقة الدماء في القرن العشرين، التي كللها انتصار عام 1945، عادت مرة أخرى إلى الظهور بشكل مخيف ورهيب على جبهات أوكرانيا، حيث يتم تنفيذ لغز القرن الحادي والعشرين الرهيب.
على روسيا مرة أخرى، بحتمية قاتلة، أن تتغلب على ظلام العالم وتحويله إلى نور. هذا التحول الأبدي للظلام إلى نور يتم منحه لروسيا من خلال تضحيات لا حصر لها، وأعمال هستيرية، ورؤى إلهية، وشلالات من الدموع. هكذا كان على بحيرة تشوديسكويه في رافين. وهكذا كان بالقرب من بسكوف، عندما انطلقت قذيفة روسية من قطار القيصر المدرع. وهكذا كان بالقرب من موسكو وستالينجراد، حيث نزل الرب من السماء مرتديًا سترة جندي وذهب ببندقية Mosin لمهاجمة الدبابات الألمانية التي تحولت إلى جبال من الفولاذ المحترق.
أيتها الفهود، سيتم تفجيرك بواسطة الصواريخ الروسية. سوف تذوب عظامك الفولاذية السوداء في المواقد الروسية المفتوحة. الصلبان الخاصة بك، والتي تكون بيضاء وترسم على درع أبراج الدبابات، سنضعها على قبور قتلاك.
ستالينجراد – أنت عظيمة، أنت المجرة الروسية، المعبد الروسي، حيث قبل 80 عامًا، مع الشعب الروسي، صلى المسيح.
سر بعث التاريخ. سر بزوغ النصر.
✺ ✺ ✺
السودان فى الوثائق الصهيونية
محمد سيف الدولة
أهدى الوثيقة التالية للشعب السودانى وقواه الوطنية والثورية الذين أدانوا اجتماع عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادى السودانى مع وزير خارجية (اسرائيل)، واعلنوا رفضهم القاطع للتطبيع مع (اسرائيل).
***
فى شهر سبتمبر من عام 2008 القى “آفى ديختر” وزير الامن الداخلى الصهيونى الأسبق، محاضرة فى معهد ابحاث الامن القومى الاسرائيلى، عن الاستراتيجية الاسرائيلية فى المنطقة، تناول فيها سبعة ساحات هى فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وايران و مصر والسودان. نشرتها الصحف العبرية.
وفى الجزء الخاص بالسودان، كانت اهم المحاور كما يلى:
· ان اضعاف الدول العربية الرئيسية بشكل عام، واستنزاف طاقاتها وقدرتها هو واجب وضرورة من اجل تعظيم قوة اسرائيل واعلاء منعتها فى مواجهة الاعداء، وهو ما يحتم عليها استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة اخرى
· والسودان بموارده ومساحته الشاسعة، كان من الممكن ان يصبح دولة اقليمية قوية منافسة لدول مثل مصر والعراق والسعودية.
· كما انه يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، وهو ما تجسد بعد حرب 1967 عندما تحول الى قواعد تدريب وايواء لسلاح الجو المصرى وللقوات الليبية، كما انه ارسل قوات مساندة لمصر فى حرب الاستنزاف عام 1968.
· وعليه فانه لا يجب ان يسمح لهذا البلد ان يصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى.
· ولابد من العمل على اضعافه وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة.
· فسودان ضعيف ومجزأ وهش افضل من سودان قوى وموحد وفاعل.
· وهو ما يمثل من المنظور الاستراتيجى ضرورة من ضرورات الامن القومى الاسرائيلى.
· ولقد تبنى كل الزعماء الصهاينة من بن جوريون وليفى اشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحم بيجين وشامير وشارون واولمرت خطا استراتيجيا واحدا فى التعامل مع السودان هو: العمل على تفجير ازمات مزمنة ومستعصية فى الجنوب ثم دارفور.
· وانه حان الوقت للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل لتكرار ما فعلته اسرائيل فى جنوب السودان.
· وان النشاط الصهيونى فى دارفور لم يعد قاصرا على الجانب الرسمى، بل يسانده فى ذلك، كل المجتمع الاسرائيلى بمنظماته وقواه وحركاته وامتدادته فى الخارج.
· وان الدور الامريكى فى دارفور يسهم بشكل فعال فى تفعيل الدور الاسرائيلى.
· وامريكا مصرة على التدخل المكثف فى السودان لصالح انفصال الجنوب وانفصال دارفور على غرار ما حدث فى كوسوفو.
· وان اسرائيل نجحت بالفعل فى تغيير مجرى الاوضاع فى السودان، فى اتجاه التأزم والتدهور والانقسام، وهو ما سينتهي عاجلا ام آجلا الى تقسيمه الى عدة كيانات ودول مثل يوغوسلافيا.
· وبذلك لم يعد السودان دولة اقليمية كبرى قادرة على دعم الدول العربية المواجهة لاسرائيل.
***
وقبل ان نعرض نص المحاضرة، نراجع معا ما جاء فى وثيقة صهيونية اخرى حول نفس الموضوع، نشرتها مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية عام 1982 تحت عنوان “استراتيجية اسرائيل فى الثمانينات”، ونشرناها نحن بعنوان: “الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة العربية”، حيث جاء فيها ما يلى:
· ان مصر المفككة والمقسمة الى عناصر سيادية متعددة، على عكس ماهى عليه الآن، سوف لاتشكل أى تهديد لاسرائيل بل ستكون ضمانا للزمن والسلام لفترة طويلة، وهذا الامر هو اليوم فى متناول ايدينا.
· ان دول مثل ليبيا والسودان والدول الابعد منها سوف لن يكون لها وجود بصورتها الحالية، بل ستنضم الى حالة التفكك والسقوط التى ستتعرض لها مصر. فاذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الاخرى.
· والسودان أكثر دول العالم العربى الاسلامى تفككا فانها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية افريقية الى وثنيين الى مسيحيين.
***
نص المحاضرة
يتساءل البعض فى اسرائيل: لماذا نهتم بالسودان ونعطيه هذا القدر من الأهمية؟ ولماذا التدخل فى شئونه الداخلية فى الجنوب سابقا وفى الغرب دارفور حاليا طالما أن السودان لا يجاورنا جغرافيا، وطالما أن مشاركته فى إسرائيل معدومة أو هامشية وارتباطه بقضية فلسطين حتى نهاية الثمانينات ارتباطا واهيا وهشا؟
وحتى لا نطيل فى الإجابة يتعين أن نسجل هنا عدة نقاط محورية تكفى لتقديم إجابات على هذه التساؤلات التى تطرح من قبل ساسة وإعلاميين سواء فى وسائل الإعلام وأحيانا فى الكنيست:
1) إسرائيل حين بلورت محددات سياستها واستراتيجيتها حيال العالم العربى انطلقت من عملية استجلاء واستشراف للمستقبل وأبعاده وتقييمات تتجاوز المدى الحالى أو المنظور.
2) السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه كان من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول عربية رئيسة مثل مصر والعراق والسعودية. لكن السودان ونتيجة لأزمات داخلية بنيويه، صراعات وحروب أهلية فى الجنوب استغرقت ثلاثة عقود ثم الصراع الحالى فى دارفور ناهيك عن الصراعات حتى داخل المركز الخرطوم تحولت الى أزمات مزمنة. هذه الأزمات فوتت الفرصة على تحوله الى قوة إقليمية مؤثرة تؤثر فى البنية الأفريقية والعربية.
كانت هناك تقديرات إسرائيلية حتى مع بداية استقلال السودان فى منتصف عقد الخمسينات أنه لا يجب أن يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا أن يصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى لأن موارده إن استمرت فى ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب. وفى ضوء هذه التقديرات كان على إسرائيل أو الجهات ذات العلاقة أو الاختصاص أن تتجه الى هذه الساحة وتعمل على مفاقمة الأزمات وإنتاج أزمات جديدة حتى يكون حاصل هذه الأزمات معضلة يصعب معالجتها فيما بعد.
3) كون السودان يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، هذا المعطى تجسد بعد حرب الأيام الستة 1967 عندما تحول السودان الى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصرى وللقوات البرية هو وليبيا. ويتعين أيضا أن نذكر بأن السودان أرسل قوات الى منطقة القناة أثناء حرب الإستنزاف التى شنتها مصر منذ عام 1968 ـ 1970.
كان لابد أن نعمل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة رغم أنها تعد بالتعددية الأثتية والطائفية ـ لان هذا من المنظور الاستراتيجى الإسرائيلى ضرورة من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومى الإسرائيلى.
وقد عبرت عن هذا المنظور رئيسة الوزراء الراحلة (جولدا مائير) عندما كانت تتولى وزارة الخارجية وكذلك ملف إفريقيا فى عام 1967 عندما قالت: ” إن إضعاف الدول العربية الرئيسية واستنزاف طاقاتها وقدراتها واجب وضرورة من أجل تعظيم قوتنا وإعلاء عناصر المنعة لدينا فى إطار المواجهة مع أعداءنا. وهذا يحتم علينا استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة أخرى “.
وكشفت عن أن إسرائيل وعلى خلفية بعدها الجغرافى عن العراق والسودان مضطرة لاستخدام وسائل أخرى لتقويض أوضاعهما من الداخل لوجود الفجوات والتغيرات فى البنية الاجتماعية والسكانيه فيهما.
***
(وراح ديختر يورد المعطيات عن وقائع الدور الإسرائيلى فى إشعال الصراع فى جنوب السودان انطلاقا من مرتكزات قد أقيمت فى أثيوبيا وفى أوغندا وكينيا والزائير سابقا الكونغو الديموقراطية حاليا)
وقال ان جميع رؤساء الحكومات فى إسرائيل من بن جوريون وليفى أشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحم بيجين ثم شامير وشارون وأولمرت تبنوا الخط الاستراتيجى فى التعاطى مع السودان الذي يرتكز (على تفجير بؤرة وأزمات مزمنة ومستعصية فى الجنوب وفى أعقاب ذلك فى دارفور).
هذا الخط الاستراتيجى كانت له نتائج ولاتزال أعاقت وأحبطت الجهود لإقامة دولة سودانية متجانسة قوية عسكريا واقتصاديا قادرة على تبوأ موقع صدارة فى البيئتين العربية والأفريقية.
فى البؤرة الجديدة فى دارفور تداخلنا فى إنتاجها وتصعيدها، كان ذلك حتميا وضروريا حتى لا يجد السودان المناخ والوقت لتركز جهودها باتجاه تعظيم قدراته. ما أقدمنا عليه من جهود على مدى ثلاثة عقود يجب ألا يتوقف لأن تلك الجهود هى بمثابة مداخلات ومقدمات التى أرست منطلقاتنا. الاستراتيجية التى تضع نصب اعينها أن سودان ضعيف ومجزأ وهش أفضل من سودان قوى وموحد وفاعل.
نحن بالإضافة الى ذلك نضع فى إعتبارنا وفى صميم اهتمامنا حق سكان الجنوب فى السودان فى تقرير المصير والإنعتاق من السيطرة. من واجبنا الأدبى والأخلاقى أن ندعم تطلعات وطموحات سكان الجنوب ودارفور. حركتنا فى دارفور لم تعد قاصرة على الجانب الرسمى وعلى نشاط أجهزة معينة. المجتمع الإسرائيلى بمنظماته المدنية وقواه وحركاته وامتداداتها فى الخارج تقوم بواجبها لصالح سكان دارفور.
الموقف الذي أعبر عنه بصفتى وزيرا إزاء ما يدور فى دارفور من فظائع وعمليات إبادة ومذابح جماعية هو موقف شخصى وشعبى ورسمى.
من هنا نحن متواجدين فى دارفور لوقف الفظائع وفى ذات الوقت لتأكيد خطنا الإستراتيجى من أن دارفور كجنوب السودان من حقه أن يتمتع بالاستقلال وإدارة شؤونه بنفسه ووضع حد لنظام السيطرة المفروض عنوة من قبل حكومة الخرطوم.
لحسن الطالع أن العالم يتفق معنا من أنه لابد من التدخل فى دارفور سياسيا واجتماعيا وعسكريا. الدور الأمريكى فى دارفور دور مؤثر وفعال ومن الطبيعى أن يسهم أيضا فى تفعيل الدور الإسرائيلى ويسانده كنا سنواجه مصاعب فى الوصول الى دارفور لنمارس دورنا المتعدد الأوجه بمفردنا وبمنأى عن الدعم الأمريكى والأوروبى.
صانعوا القرار فى البلاد كانوا من أوائل المبادرين الى وضع خطة للتدخل الإسرائيلى فى دارفور 2003 والفضل يعود الى رئيس الوزراء السابق إرييل شارون. أثبتت النظرة الثاقبة لشارون والمستمدة من فهمه لمعطيات الوضع السودانى خصوصا والوضع فى غرب أفريقيا صوابيتها. هذه النظرة وجدت تعبيرا لها فى كلمة قاطعة ألقاها رئيس الوزراء السابق خلال اجتماع الحكومة فى عام 2003 (حان الوقت للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل وبنفس أهداف تدخلنا فى جنوب السودان).
لابد من التفكير مرة أخرى بأن قدر هام وكبير من أهدافنا فى السودان قد تحقق على الأقل فى الجنوب وهذه الأهداف تكتسب الآن فرص التحقيق فى غرب السودان فى دارفور.
***
وعندما سئل ديختر ما هى نظرته الى مستقبل السودان على خلفية أزماته المستعصية فى الجنوب وفى الغرب والإضطراب السياسى وعدم الاستقرار فى الشمال وفى مركز القرار الخرطوم؟ هذا السؤال طرحه نائب وزير الدفاع السابق جنرال الإحتياط “إفرايم سنيه”.
رد ديختر على هذا السؤال: ان هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة مصرة على التدخل المكثف فى السودان لصالح خيارات تتعلق بضرورة أن يستقل جنوب السودان وكذلك إقليم دارفور على غرار استقلال إقليم كوسوفو. لا يختلف الوضع فى جنوب السودان وفى دارفور عن وضع كوسوفو. سكان هذين الإقليمين يريدون الإستقلال وحق تقرير المصير قاتلوا الحكومة المركزية من أجل ذلك.
وأريد أن أنهى تناولى للمحور السودانى فى هذه المحاضرة تأكيد أن استراتيجيتنا التى ترجمت على الأرض فى جنوب السودان سابقا وفى غربه حاليا استطاعت أن تغير مجرى الأوضاع فى السودان نحو التأزم والتدهور والإنقسام. أصبح يتعذر الآن الحديث عن تحول السودان الى دولة إقليمية كبرى وقوة داعمة للدول العربية التى نطلق عليها دول المواجهة مع اسرائيل. السودان فى ظل أوضاعه المتردية والصراعات المحتدمة فى جنوبه وغربه وحتى فى شرقه غير قادر على التأثير بعمق فى بيئته العربية والأفريقية لأنه متورط ومشتبك فى صراعات ستنتهى إن عاجلا أو آجلا بتقسيمه الى عدة كيانات ودول مثل يوغوسلافيا التى انقسمت الى عدة دول البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفو ومقدونيا وصربيا ويبقى السؤال عالقا متى؟
بالنسبة لجنوب السودان الدلائل كلها تؤكد أن جنوب السودان فى طريقه الى الإنفصال لأن هذا هو خياره الوحيد. هو بحاجة الى كسب الوقت لإقامة مرتكزات دولة الجنوب. وقد يتحقق ذلك قبل موعد إجراء الاستفتاء عام 2011 إلا إذا طرأت تغيرات داخلية واقليمية إما أن تسهم فى تسريع تحقق هذا الخيار أو فى تأخيره.
:::::
مدونة الكاتب، بتاريخ 3 فبراير 2023
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
https://www.facebook.com/kanaanonline/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org