تحليلات إرتدادية (3)، عادل سماره

  • أدوات العدو في الثقافة والإعلام… أخطر من العدو

تتنوع أدوات الدول ضد بعضها في استغلال أدوات التجسس والعمالة والمخابرات والدعاية والإعلام وهذه يتم ربطها بأجهزة تطبق أدق العلوم وأكثرها حذراً ولذا حين تقوم أية دولة بتجنيد مخابرات أو تنظم عميل من شعب آخر، فهي لا شك تختبر درجة ذكائه، أو لنقل لا تختار غبياً إلا إذا كانت ستحشوه بألغام وتُلقي به في أول مناسبة لتفجيره. هكذا تفعل الجيوش حين تواجه حقل ألغام فتطلق قطيع أغنام أمامها قبل عبورها.

لذا، أصبح معروفا التفاخر المخابراتي على صعيد عالمي كيف اخترقت غيرها بعملاء عاشوا لعشرات السنين قبل أن يُكتشفوا، أو لم يُكتشفوا.

ويتمكن المخبر/الأداة في الحقيقة من إخفاء نفسه بمهاره وفي هذا المجال ليس شرطاً أن يكون جبانا حيث يتمكن من إخفاء نفسه ولا “بطلاً” بحيث يقوم بعمل علني يقود إلى كشفه او تصفيته.

تتواجد الخيانة في مستويات عديدة بمقدار تعدد مستويات الحياة نفسها في أية تشكيلة اجتماعية اقتصادية، لذا تكون في التكنولوجيا والجيوش والمخابرات والاقتصاد والسياسة والثقافة والجنس…الخ. إنها عالم موازٍ للعالم اليومي للمجتمعات.

تبقى أداة العدو قيد الحرص والدقة وقبض ثمن عالٍ ولكن، حين يحل موعد أو لحظة أو ضرورة التضحية بها، لا يتردد السيد في التضحية بالعبد، كيف لا وهو عبد بالمعنى الدقيق للكلمة.

كارثة سوريا

رغم أن الزلزال الهائل الذي وقع على جزء من القطر العربي هو غالباً من الطبيعة، (حتى نعرف لاحقاً وجود دور للإنسان فيه) مما يستدرج بشكل فوري مواقف إنسانية بلا مواربة، فإن  العديد من العرب الأدوات للولايات المتحدة أو الكيان كدرجة أولى أو درجة مباشرة، أو ما قامت به أدوات من الدرجة الثانية أي أدوات لأدوات هم الحكام المحكومين، قاموا أو اتخذوا أو أعلنوا مواقف مضادة لسوريا تحت ذرائع موقف من السلطة في سوريا أو توزيع المساعدات أو عدم الطلب من العالم المساعدة فورا…الخ وكأن من سيساعد لن يفعل ما لم يتم استجدائه، ومع ذلك لم تتوقف سوريا عن طلب الإغاثة بما هي حق. وكل هذه أكاذيب من مستوى عقلي متخلف خطورته أنه موجه للبسطاء وقد يؤثر في كثير منهم!

هناك فريق مخندق ويعي ما يكتب. وفي حين أن ادعاء هؤلاء هو استمرار لمواقفهم ضد سوريا منذ الربيع الخريفي العربي، وحتى قبل ذلك، إلا أن ما يهمنا هنا هو التأكيد أن هؤلاء لم يقوموا بما قاموا به بسذاجة ولا ناجم عن غباء بل عن أوامر وسبق إصرار.

ولأن هذا يفضح ويُذل العملاء، فإن هذا الإصرار على التضحية بهم له سببين:

الأول: توفر مصلحة للسيد في التضحية بعبيده حين يجد الجد.

والثاني: وهو نفسي/سياسي اي ان السيد يحتقر العبد ويكرهه وخاصة كلما كان السيد وطنياً، فهو يرى في العميل كائنا دنيئاً جداً مما يدفعه لعدم الندم على حرقه إلا إذا استعجل حرقه قبل أن يستخدمه إلى أقصى درجة ممكنة. لذا يقوم السيد بتحطيم العبد نفسياً وأخلاقياً كي لا يتغير ومن ضمن ذلك دفعه حتى لمضاجعة المحارم.

ليست هذه المقالة بحثاً في هذا المجال وإنما توثيقا لوقائع.

 كان المدعو جلبير أشقر ممن كتبوا في موقع “الحوار المتمدن” وهو متمدن ربما في كل مكان إلا تجاه العرب! وتلحَّف جلبير بفلسطين ليلقي بضع كلمات كحشوة مدَّعاة ضد الكيان ثم لينفلت حاقداً على سوريا والعراق ضمن دوره في تقويض العروبة وهذا تحديداً خدمة للكيان ضد القومية العربية. كتب منذ الساعات الأولى وكأن ما حصل هو قيام السلطة في سوريا بتحريك الطبيعة ضد الشعب! وبالطبع رمى بعض الكلمات ضد تركيا، لكن كم الحقد ضد سوريا كان هائلاً. وأطرف ما ذكر ان الرئيس السوري بدأ الحكم شابا في الخامسة والثلاثين! جميل، ولكن أشقر وهو في الثمانين اشتغل بالأجرة في الشرح لجيوش الاستعمار البريطاني كيف يقمعوا العرب واستفاد من نصائح وإرشادات الصهيوني المئوي (عمره يقارب المئة) نوعام تشومسكي.

وجلبير أشقر تر وتسكي مضاد بالمطلق للقومية العربية عموماً وله عمل حاول فيه اعتبار الحاج أمين الحسيني نازيا وتم استخدامه لتدعيم أكذوبة أن العرب نازيين، وفي هذا يتقاطع وربما ينسق مع نتنياهو الذي قال بأن هتلر لم يكن يهدف قتل اليهود بل إن الحاج امين الحسيني هو الذي اثَّر على هتلر واقنعه بذلك. وهذا كذب إلى حد الهوس والخَرَف وفظاعة الاستخفاف بالناس لكنه يستمر وهو يعلم انهم يعلمون انه يكذب. والسؤال، هل كان الحاج أمين الحسيني بكل هذه القدرة! ربما لم يقرأ صفحة من كتاب هتلر “كفاحي”.

جلبير أشقر ليس غبياً ولا أُمِّياً ولا غلاماً فهو يحمل الدكتوراة ويقارب الثمانين ومتمرس في السياسة. لكن دوره لدى مشغليه مخصص لهذه الأمور، ولذا هو مبرمج للكتابة ضد العرب فور اي حدث حتى قبل أن يطلب منه مشغلوه. وهذا يكشف حدود تحرك الأدوات وتحريكها حتى لألعاب في مستوى الصبية.

وفي حين أن جلبير أشقر هو أداة مباشرة للسيد الغربي والصهيوني فإن فيصل القاسم هو شغيل لدى شغيل، اي من الدرجة الثانية حيث يشتغل لدى حاكم قطر الذي يشتغل لدى السيد الأمريكي، لذا كتب وقال من التفاهات ما يقنع المشاهد بأن هذا الرجل مثابة جهاز يُفرغ ما تمت تعبئته به.

وهناك يسين الحاج صالح المخبر لأمريكا وبريطانيا والداعي لاستمرار العقوبات/الحرب الاقتصادية ضد سوريا، والذي تحدث عبر راديو أفعى امريكية هي إيمي جولدمان في برنامج إذاعي “Democracy Now.

ليس هذا إحصاء لهؤلاء، ولكن هناك الفئة الأخطر، وهي ليست مجرد أفراد، هي التي صمتت بالتوازي مع الكارثة. أقصد طوابير النخاسة من المثقفين الذين يتكدسون في قطر حيث: “حرية الرأي، والإبداع، وترويج الديمقراطية وتقويض الاستبداد…الخ”.  وهناك تمفصلات قطر في أوساط فلسطينية تخصصت في الحرب ضد سوريا وأسماء لا تستحق ذكرها ولا حزورة أول حرف من هذا أو ذاك!

هؤلاء: لماذا يردون ألسنتهم إلى حلوقهم اليوم/ والحدث جارٍ وساخن فقط؟ ربما لسببين:

الأول: لأنهم ساهموا على مدار ثلاثة عقود في تدمير الثقافة العربية ثم تدمير سوريا منذ أحد عشر عاماً وحتى ما قبل، فمن قطر خرجت فتاوى “كفر سوريا ” والجهاد لاقتلاع النظام حتى لو تمت التضحية بثلث الشعب. ناهيك عن تلميع الديمقراطية ووسم السلطات السورية بالاستبداد وانعدام الديمقراطية والبراميل المتفجرة…الخ. نحتاج إلى خبير في التدمير ليقول لنا: أيها اشد تأثيرا براميل متخلفة أم صواريخ هيمارس وتوما هوك الأمريكية وحيتس صنع الكيان!!! إن هؤلاء في حالة من الرضى لأن ما قاموا به قاد إلى مآت آلاف الضحايا في حروب العدوان من سوريين وعرباً ومسلمين وحتى قتال جهاد النكاح ضد سوريا. ولا ننسى أنه من قطر كان تسونامي المال لذبح سوريا ومن معظم انظمة واثرياء الخليج وخاصة الامارات والسعودية.

لذا، يمكن القول بأن هؤلاء في حالة استرخاء مٌشبع لأن ما حصده الزلزال قطرة في بحر مما حصدت تحريضاتهم/ن.

معذرة ان قلت لست قادراً على تخيُّل كيف يمكن لإنسان أن ينظر إلى تلك البقعة من الأرض.

والثاني: لأن الدور التخريبي والتدميري لهؤلاء هو إستراتيجي وليس يومي أو مباشر، بمعنى أن تسونامي تخريب العروبة قادم من قبل هؤلاء.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….