- · “تَفوْ يلعن أبوكم على أبو الأسد على أبو سوريا”
هكذا صرَّحت ومرَّت من أمامنا ومضت بخطى سريعة لا يقلل من سرعتها سوى قِصر قامتها، امرأة متوسطة الطول، مغطاة الرأس غير محجبة وحبذا لو محجبة لأن درجة الأنوثة شديدة التواضع، مرَّت من أمامنا ونحن نقف في ميدان المنارة وكنت على الطرف الشمالي من الوقوف. لاحظت أن أحد الوقوف اسمعها رداً لم اتبينه جيداً، وكنت سعيداً أن لم ترد عليها إحدى السيدات المشاركات أو ربما لم ينتبهن.
خطر لي أن أصورها، فأسعفتني ذاكرتي مع المحاكمة في سبعٍ عجاف، وتذكرت مُحاضراً كان في جامعة بير زيت جرى إما فصله أو الإيحاء له بالاستقالة لأنه صوَّر قبل بضع سنوات من بعيد بالصدفة رجلا وامرأة لا تبد وملامحهما.
أن يتم شتمنا أمر مفهوم وشتم الأسد أيضاً، ولكن:
لماذا سوريا؟
يبدو أن التحشيد من قوى الدين السياسي يعتبر كل سوري بقي في الوطن هو كافر إذ يجب أن يرحلوا إلى تركيا حيث جنات النعيم والدين الصحيح وجهاد النكاح لتخلو سوريا من أهلها ويملأها العصملي! وليعمل السوريون خدما وقِياناً لدى السلطان الجديد.
وهذه ليست استثناء، فهل يُعقل أن الناس تحت الأنقاض والصقيع وفقدوا أحبائهم وأصبحوا لا يكاد المرء يملك جسمه ومع ذلك تبصق عليهم!
ولكن فليُعقل أن الذين ضد عرب سوريا يبدؤون من هذه المرأة حتى كوفيد قطر وصولاً إلى وزير خارجة أمريكا بلكنين وعبوراً في كل أوروبا الشقراء جداً حتى البرص!
إنما، أين تعلمت هذه المرأة كل هذا الحقد المُرّْ؟
لا شك أن زوجها أو إبنها من أكاديميي قطر لدى د. عزمي أنطون بشارة حيث هناك نخاسة الجسم والأكاديميا، أو من التجار مع تركيا أو أسوأ بكثير.
في هذه الحالة، ما قيمة كل سوريا أمام أكوام الدراهم تغطي بيع العقل والجسم! ولا اقول الجسد لأن الجسد مقدس وهذه أجسام بلا اجساد.
والأمر الذي فعلته هذ المرأة ليس تحريضاً غربياً كما يحلو لبعضنا إلقاء الروث المحلي على العدو. لكن العدو حين يجد قطر والوهابية والسلفية اللاعروبية، وساطور بن سلمان وإباحية الإمارات الرسمية وشهادات دكتوراة تباع بالدراهم وبراميل النفط …الخ، فما الذي يمنعه من التمتع بكل هؤلاء؟
نعم، ألم يسجد الشيخ شعراوي شكراً لله على هزيمة مصر 1967؟
قال لي أحدهم عام 1973 عن شهداء تشرين/اكتوبر هؤلاء “فطايس”. طبعاً لم أكن مؤدباً معه.
هذه قالت جملة قالها كثيرون، وكتبها أكثر وحفلت بها فضائيات وتنظيمات وإعلام أنظمة وستحفل أكثر.
وهم كانوا أكثر وحشية من الطبيعة التي قتلت ثلاثة آلاف أو أكثر بينما جهادهم ضد سوريا قتل ربما مليونا وشرد ملايين وفتح اباب لنهبها!!!
ويبقى السؤال: هل فهمنا المطلوب؟:
أولاً: استعادة او تحرير الشارع العربي من قوى الدين السياسي وأنظمة التبعية والاحتلال الأجنبي بوكلاء محليين وبمثقفي كوفيد قطر ومختلف الأنظمة؟
وثانياً: إما العروبة الموحدة وإما وطن كحظيرة أقل من حيوانات، حتى لو افتخرت هذه المرأة بأنها عالية العبقرية.
ملاحظة1: استعادة الشارع العربي أحد المصطلحات في كتابي الجديد “في نحت المصطلح وتحرير المعنى”
ملاحظة 2: تذكرت زوج سقراط الذي زاره ضيوف فخرج ليشتري شيئاً للضيافة، فوجد في الطريق أناساً في نقاش فانشغل معه، لاحظت زوجه تأخره، فلحقت به وحدجته بنظرات قاسية، فمشى ليجد جماعة أخرى فشارك في النقاش، فعادت وقرَّعته بكلامٍ قاسٍ فواصل السير ليجد مجموعة ثالثة فشارك في النقاش فلحقت به وهي تحمل دلواً من الماء ودلقته عليه فقال:
أبرقت: أي الحدج بقاسي النظرات
فأرعدت: أي قرَّعته بقاسي الكلام
فأمطرت: أي دلقت عليه الماء.
وهكذا، لو تعرف هذه المرأة في رام الله أن الطبيعة هي التي ضربت أهل سوريا وليس الأسد.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….