- توظيف الزلزال لآخر سياسي
وهكذا، كما تعودنا منهم قفزوا على عنق الموقف واختطفوه! هكذا تفعل الثورة المضادة لأنها كامنة تحت جلد المرحلة. قيئ لم يتم فصدُه.
ولكن: من هم هؤلاء؟
إنهم: الأنظمة، إعلامهم ومثقفوهم الذين أخذوا يضخمون مواقف الأنظمة العربية تجاه الكارثة المؤلمة قطعا وحقاً ولكن الصغيرة في سوريا ، نعم الصغيرة أي الزلزال لأنهم صانعي كارثة سوريا الكبيرة منذ 2011 على الأقل وسيواصلون ذلك. إنهم ينصبون مناحة كذب ونفاق على السوريين وإعماء للناس، بعد أن نصبوا منارة دم وجوع. ووصل بهم التمييز بين ضحية تركي وضحية سوري، حتى بين الضحايا!!!
لك ان تختلف معي في التقييم ولكن:
هل حقاً ستتغير مواقف هؤلاء الحكام من سوريا، وهو تغير يعني انه أيضا تغير تجاه فلسطين بل تجاه الأمة كلها.
هل تشعر بالحذر والقلق والخوف حين يقول مذيع، محلل، مثقف:
“اتصل صاحب الجلالة، الفخامة، السمو، السلطان، صاحب العظمة…فلان بأخيه الرئيس السوري لأول مرة منذ أحد عشر عاماً، معزيا بالضحايا ومقدماً كل إمكانات بلاده لسوريا “.
يا إلهي، بعد أحد عشر عاماً من القطيعة المقصودة والملغمة بالحرب؟ وتبتهجون وتهللون بمجرد هاتف!!!أيُ تبهيت خبيث للحقيقة.
أولاً، هذا إذا إتصل حقاً،
وثانيا، هل كانت مجرد قطيعة وعدم كلام؟ ما هذا التسخيف لعقل الناس! أستغرب أيتها الأبواق كيف لا تتلعثمي.
وثالثاً: الحقيقة أنه مجرد هاتف بعد أحد عشر عاماً من الحرب على سوريا، نعم حرب
رابعاً: جرى استكمالها للإجهاز على سوريا بالحرب الاقتصادية الأمريكية قانون قيصر أمراً/قانون حكامنا تنفيذاً.
خامساً: تماما كما فعلوا بالعراق وأخطر.
سادساً: والفارق أن العدو الأمريكي اليوم، لأن بوتين ليس جورباتشوف، لا يمكنه شن حرب مباشرة بيده ضد سوريا فيستخدم الكيان المعرَّب بالتطبيع لعدوان بين يوم ويوم ضد سوريا.
لا تقل لي هذه مبالغة، فمعظم هذه الأنظمة تعترف بالكيان أكثر من اعترافها بسوريا وتقيم معه علاقات من الاقتصاد للعسكر للمخابرات….الخ. بينما بعد أحد عشر عاما أسوداً تتصل هاتفيا بسوريا! او ترسل بعض الأدوية، وهذا بعض واجبها ومرغمة كي تمتص النقمة وتحول الغضب بعيدا عن التثمير عروبياً.
ليس ما أكتبه هنا جديداً على المواطن العربي، ولكنه مجرد كشف لخطورة ما يتم من تضليل معيب.
يمكنك أن تفهم كذب ونفاق حاكم، لكن لا يمكنك فهم ما يثرثر به مثقف او تسونامي إعلام يهيىء لك أن الوحدة العربية قد تمت في ايام بينما ما يتم مجرد مأتم، والحقيقة أنه إذا سارت الأمور على هذا النحو فهو مأتم على الأحياء ال 400 مليوناً.
مأتم على مصير الأمة مصير العروبة.
فهل يُعقل أن حربا من الأنظمة العربية ضد بعضها، بل من التطبيعيات والممالك ضد الجمهوريات وما لحق ذلك من ملايين الضحايا ومن دمار، كل هذا يمكن شطبه باتصال هاتفي وإرسال بعض الأدوية؟
وهل يُعقل أن لا ننتبه بأن حكام امريكا يصدرون تعليمات يومية لهؤلاء الحكام، ثم يضطجع بايدن او بلينكن ليشاهد فيلم جنسي بعد ذلك!
قد ينتفض شعر رأس احدكم من هذا الكلام كأنه مبالغة، ولكن: ألم يكن بيل كلينتون يلعب بالسيجار في العضو التناسلي لعشيقه، وربما إحدى عشيقاته، بينما كان جيشه يشن حربا أخرى ضد العراق 1998! وهذه العلاقة بدل أن تأخذها زوجته هيلاري رودني كلينتون كموقف ضد ذكورية راس المال، أن تهجره مثلاً!!!! لكنها صبت حقدها على العرب! وحين كتبتُ هذا في حينه كتب متفذلك عربي(أ.أ.خ ) يتهمني بأنني ضد المرأة، تماما كما أُتهم اليوم لطمس حقيقة أن محاكمتي اساسها موقفي ضد التطبيع ودُعاة دولة مع المستوطنين!!!! لا بل كلا، ففي الغرب الرأسمالي وحضارته الفرويدية لا توجد أخلاق ولا موانع هو جاهز ليدير لك مؤخرته ويمضي. وهل إصرار الغرب جميعه على إهلاك الشعب العربي السوري اليوم بعد الحرب وحرب الجوع والزلزال غير كافٍ لفهم هذه الوحوش!
والآن السؤال الأول: أيهما الأكثر “وضوحاً وصدقاً” في معرض الجريمة:
الأول: الذين يكذبون عليك وعلى سوريا من حكام وإعلاميين محللين ومثقفين بالمعكوس…الخ
أم:
الثاني: العدو الأمريكي الأوروبي الذي لم يتوقف عن الدم
الثالث: أم الحكام ومثقفوهم الصامتون مؤقتا أو الذين ينبحون حتى في الكارثة ويصورون تصدعات وسقوط الأبنية على الناس بأنها معزوفات موسيقة فيتمترسون في أنقره ويواصلون ذبح سوريا؟
بصراحة: الفريق الأول يكذب وينافق بينما البقية صادقين بحقدهم ووقاحتهم.
والسؤال الثاني: أين جبهة الثقافة النظيفة؟ اين المثقف المشتبك، ولا أقصد هنا المثقفين المنشبكين مع هذا الطرف أو ذاك حتى من محور ا.ل.م.ق.ا,و.م.ة لأن هؤلاء ليسوا خونة ولكن ليسوا ثوريين إن أكفَّهم مسحوتة من كثرة التصفيق، بينما تتطلب المرحلة مبضع النقد أو الرسم بحامض الكبريتيك كما وصف كاتب ياباني رسومات ناجي العلي.
المثقف المشتبك موجود وإن كان مستتراً، ولذا، هذه دعوة لجبهة ثقافية عروبية تتصدى لكل هذه الزلازل.
قد يرى البعض أن هذه دعوة تصدٍ لطواحين الهواء على طريقة “دون كيخوت”. ولكن لا. بل وحتى لو هكذا، فكما قال الراحل معين بسيسو:
أنت إن سكتَّ مُت
وإن نطقت مُت،
قلها ومُت
ولكن لن نموت.
حاولنا عام 2009 اثناء المذبحة من الكيان ضد غزة وأعلنا جبهة ثقافية، ولكن اهواء القيادات حطمت رغبات المثقفين فانشبك الكثير بدل أن يشتبك، وهكذا تذكرت قول الراحل أحمد حسين، “ولكن هيهات، فكم من فارس تبَقى على ساحة الالتزام”
نعم قِلَّة ولكنهم هنا.
والتقيت د. فاضل الربيعي و د. موفق محادين في عمان عام 2012 وأنا عائد من الجزائر واتفقنا على وضع خطوط عريضة لجبهة ثقافية خارجة عن الحكام والقوى السياسية وليست بالضرورة ضدهم إلاَّ حسب موقف هذا أو ذاك، ولكن لم يحصل شيء، ومن حينها لم أتمكن من السفر.
وقبل ايام اقترح عليَّ رفيق أن نعمل على جبهة ثقافية. لن أذكر اسمه حتى أعرف إن رغب في ذلك.
إن للمثقف المشتبك دوره دائماً، ولكن دوره اليوم أكثر ضرورة وأشد تأثيراً.
صحيح أن إعلام الأعداء بتنوعاتهم هائل، ولكن الواقع يخدمنا ايضاً.
من كان يتخيل أن تنكشف عورة الديمقراطية واللبرالية الغربية بكل هذا الوضوح وبكل تفاهتها قبل الحرب الدفاعية الروسية ضد الناتو؟ من كان يتخيل أن حكام أوروبا وطغمتها المالية هم:
· دُمىً لأمريكا
· وخونة لشعوبهم بسبب مصالحهم.
من كان يتخيلهم كما هم اليوم يتلذذون بضحايا العرب السوريين!
فالمعلومة اليوم صار يسمعها من به صَمَمٌ، يمكن استخدامها في وسائل التواصل الاجتماعي ضد التسافل السياسي الرأسمالي والتابع. إن مواقع الإعلام الشعبي متوفرة في اللقاءات والكتابة والمحاضرات، والمساجد والكنائس والنوادي ومختلف جوانب الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية، فلماذا يحتلها الأوغاد؟
يجب أن نساهم فوراً في تفكيك مفاصل هذا الإعلام الخبيث وفي فصد الجلد لبزل القيح الكامن في مفاصل المجتمع على شكل مثقفي الطابور السادس، واليوم هو الأكثر مؤاتاةٍ لهذا كي نوقف اغتصاب وعي الأمة.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….