لا يا حضرة المرشد خامنئي! زهراء جمال

العراق


‏بتاريخ ١٨/٢ من العام الحالي، نشر المرشد الإيراني تغريدة في غاية الخطورة ولكن للأسف لم ينتبه لها أحد!
وكمواطنة عربية بسيطة أود التعليق عليها لأهمية ذلك وكجزء من واجب الدفاع عن هويتنا الوطنية والثقافية ومنع تزوير مستحقات الحضارة الإنسانية،
وأقول؛
أولاً يا حضرة المرشد الإيراني، كان يجب أن تقول الدول العربية ومن ثم الإسلامية على الأقل،
 لأن فلس​​طين دولة عربية أولاً وقبل كل شيء،
وفيها مسيحيين كانوا يشكلون حينها ٢٠٪؜ من مجموع السكان، تم تهجريهم والاستيلاء على منازلهم وقد قدموا ولازالوا يقدمون المناضلين والشهداء والمثقفين، فلماذا يتم تجاهلهم كفلسطينيين عرب مسيحيين؟ كما أن العرب وُجدوا قبل الإسلام، وكذلك الفرس، فهل نشطبهم ونعتبر أن التاريخ بدأ مع الإسلام!
أليس هذا خلل تاريخي ومعرفي!
والاحتلال ليس احتلالاً دينياً بل احتلال سياسي إمبريالي ضد العروبة والوطن العربي،
والكيان الصهيوني يستخدم الدين السياسي في حين والعلمانية في حين آخر، والدين السياسي والعلمانية لديه هي دوره كأداة للإمبريالية الغربية،
كما أن حكام الدول العربية في تلك الفترة كانوا يتعينون ويتنصبون غربياً، ورغم ذلك، قاتل العرب كمواطنين لا ملوكاً أو أمراءً من المغرب إلى الأحواز بإمكاناتهم المتواضعة تحت الحصار قتال الأبطال فكيف غابت عنك هذه الحقيقة وراهنت على تلك الأنظمة وأنت الرزين والخبير !
أم أنكم تريدون معايرة العرب وتنسون أن الضباط العرب كانوا يستشهدون في فلسطين المحتلة عندما كان الضابط الإيراني يركع لتقبيل كعب زوجة الشاه !هل قرأت مذكرات الضابط الأردني عبد الله التل الذي حمى القدس الشرقية بقوات محدودة عام ١٩٤٨؟ هل سمعت بالشيخ ياسين البكري من الخليل الذي ساهم مع التل في حماية القدس؟ وحينما حصل احتلال ١٩٦٧ اعتقله جيش العدو في بلدة شعفاط شمال القدس وأخذود إلى الجنرال الصهيوني عوزي نركيس قائد المنطقة الوسطى،
نركيس عرفه وقال له: “لن أمنحك الاستشهاد على يدي”!!!
بل كيف غاب عنكم أن الأنظمة العربية الحديثة ولدت مرتبطة بحبل سُري مع الكيان منذ ١٩١٦ ووعد بلفور كان عام ١٩١٧ تماماً كما كان حال الكيان الإيراني عقب الحرب العالمية الأولى!
ولعلمكم أن لينين الشيوعي هو الذي فضح اتفاقية سايكس-بيكو قبل كل رجال الأديان والحكام العرب والمسلمين.
لأنه يعرف أن الصراع رأسمالي سياسي اقتصادي وبعضه ثقافي، والدين الإسلامي مع محبتنا له واعتزازنا به ونحن من أدخل بصليل سيوفنا غير العرب إليه جزء من الثقافة وبالتحديد ثقافتنا العربية،
والمستغرب هو حديثكم عن غرب آسيا !
فهل يتم تقسيم العالم بهذه الطريقة العجيبة؟! الغرب والشرق والشمال والجنوب جهات جغرافية يمكن أن تضم أمماً متناقضة مختلفة لا يجمعها الأمر الجغرافي قطعياً !
 الكيان الصهيوني أقيم في قلب وطن اسمه الوطن العربي، على الأقل هذا حسب وثيقة بانرمان الخطيرة عام ١٩٠٧،
وإذا لم تكن لدى مستشاريك نرسلها لكم باحترام.
بصراحة أستغرب تجاهلك للأمة العربية ونظامكم يستمد شرعيته من العمامة الهاشمية!
ولا تنس أن تسمية غرب آسيا مشابهة لما يسمى الشرق الأوسط أو الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أي تسمية صاغها الاستعمار البريطاني ثم كرستها الإمبريالية الأمريكية،
أزعم بأنني مطلعة بشكل لا بأس به على الوثائق التأريخية، ولكنني لم أسمع قط بهذا المصطلح “غرب آسيا” إلا من قبلكم!
إذا كنتم تودون تسمية إيران غرب آسيا، فهذا شأنكم وحقكم، لكن وقطعاً ليس من حقكم فرض هذه التسمية الغريبة والمريبة علينا !
هل لديكم مشكلة من ذكر العرب ؟
 لقد ذكرتني هذه التغريدة بموقع إيراني يديره مستعربو إيران ويسمى “Cradle”
أي المهد ويضع خارطة تضم إيران وتركيا والمشرق العربي باستثناء مصر،
لكن مهد ماذا؟!
هذا تزوير تأريخي وثقافي خطير !
المهد الديني عندنا وعند البشرية هو فلسطين وسوريا،
والمهد الحضاري هو مصر والعراق،
وإذا كان لا بد من وصف المهد فهو مصر والعراق وسوريا الكبرى، أي الوطن العربي من المغرب إلى الأحواز،
أما تركيا فهي مؤخرة أوروبا وهي ضائعة بين الشرق والغرب، والأتراك مستوطنون منذ بضعة قرون بعد ذبح وتهجير العرب والسريان والأرمن وحتى الأكراد من أراضيهم، فكيف بالله عليك اعتبرتها من المهد؟!
هل تعلم ماذا يسمونها علماء الجيوبوليتيك؟
إنها كالعضو التناسلي للبقرة، لا في الجلد ولا في اللحم”، ولذا نرى أن كل سياساتها شذوذ،
والمسألة الخطيرة الأخرى تتعلق بمصادرة جهود الرعيل الأول من المقاومين العرب،
فالحقيقة أن كثيراً من المثقفين العرب والفلسطينيين (راجع الصحافة الفلسطينية والمصرية) حذروا من الكيان وكثير من رجال الدين كالقسام قاتلوا بالسلاح، وحتى الإخوان من مصر قاتلوا في فلسطين وكثير من المواطنين العرب تطوعوا في فلسطين،
خذ مثلاً أن الشيخ فرحان السعدي من جنين أُعدم من قبل بريطانيا عام ١٩٣٦، كما أذكر،  وعمره كان سبعون عاماً وكان صائماً عندما استشهد، وكتب عنه الأشعر ابو سلمى عبد الكريم الكرمي
“سبعون عاماً في سبيل الله والحق التليدِ”.
ألم تسمع بشهداء الثلاثاء الحمراء الذين أُعدموا
“محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي” على يد العدو البريطاني؟
وفي نفس السنة جاء الأمير فيصل آل سعود لزيارة القدس فكتب الشهيد الشاعر عبد الرحيم محمود شهيد معركة الشجرة ليقول له:
“المسجد الأقصى أجئت تزوره…أم جئت من قبل الضياع تودعه”.
وهذا الشاعر استشهد في قرية الشجرة قرية الشهيد ناجي العلي.
يعني أن الوعي بفلسطين لم يأت مع الخميني،
أنت مرجع ديني لملايين الناس وحرام عليك نفي ومصادرة كل هذه التضحيات !
وصحيح ان شيعة النجف كعرب نعم وقفوا مع فلسطين، ولكن بوصفهم عرباً وعراقيين لا غير،
ولا تنس أن عبد الكريم قاسم الذي تآمر عليه محسن الحكيم قاتل في فلسطين ودبابات الجيش العراقي إلى اليوم نصبها التذكاري على مدخل مدينة جنين،
ولكن يا حضرة المرشد الأنظمة كانت ولازالت تابعة، والأهم أن هذا الصراع هو مع النظام الرأسمالي العالمي وليس فقط بين فلسطين والكيان!
أما فيما يخص الوضع، فصحيح أنه اليوم مختلف، ولكن أرجو ألا تغضب: هل يقاتل الحرس الثوري ضد الكيان أم العرب الفلسطينيون؟
هل تتذكر القيادي الراحل أحمد جبريل حين قال لقناة الميادبن وهي قناتكم،
لقد قال لكم: إذا كانت إيران مع تحرير فلسطين فلتأتي  وتقاتل معنا هنا!
كما قال بأنكم طلبتم منه تغيير اسم الجبهة إلى الجبهة الإسلامية مقابل إعطائه ما يريد لكنه رفض! العراق مثلاً، هل يُعقل أن عراقاً تحتله أمريكا وتنصب رئيس وزرائه الذي يُستقبل عندكم بالأحضان، ويطالب خروج الاحتلال الأمريكي عبر البرلمان، هل سيقاتل هذا العراق في فلسطين؟
الميليشيات المسلحة في العراق تأتمر بأمركم ولكنها لا تقاتل لطرد الاحتلال الأمريكي والتركي ولا نقول تقاتل لطرد نفوذكم!
ماذا يعني كل هذا؟
أعتقد أن تواضع رجال الدين يجب أن يدفعكم لشطب هذه التغريدة الخطيرة ولو دون الاعتذار عنها!

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….