عادل سماره:

  • جميل انهيار أمريكا لكن كلا بعد
  • الغاضبون من ذِكر: أل لغم

✺ ✺ ✺

(1)

جميل انهيار أمريكا لكن كلا بعد

تهتم السياسة النقدية في المقام الأول بإدارة أسعار الفائدة وإجمالي المعروض من النقود المتداولة ويتم تنفيذها بشكل عام عن طريق البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، او البنوك المركزية في هذا البلد أو ذاك. لذا، يقوم المركزي برفع الفائدة كي يمتص المعروض المالي الزائد في السوق. هذا دون أن نتسع في ما يترتب على ذلك.

أما السياسة المالية فهي مصطلح جماعي لإجراءات الضرائب والإنفاق التي تتخذها الحكومات

منذ عدة سنوات والمصرف الفدرالي الأمريكي يقوم برفع الفائدة كي يقلل السيولة المالية بين ايدي الجمهور. وبالمقابل تضطر الدولة لإنفاق موسع وخاصة بناء الحاجة سواء الحربية. وهكذا يضرب كل قرار قرار الآخر. لماذا؟

لأن الفدرالي مستقل عن السلطة، اي لا يحق للكونجرس محاسبته، وهذا بعكس الصين حيث البنك المركزي ملكية للدولة.

وهنا السؤال من الذي يتحكم بالاقتصاد الأمريكي؟

المصرف الفدرالي

أم الحكومة

ما ليس معروفا أن الفدرالي الأمريكي هو بنك خاص يعمل بموجب أوامر ومصالح النخبة المالية الغنية وهي واحد في المئة من الأمريكيين.

أي ان الدولة لا تتحكم بالمصرف الفدرالي.

الفدرالي بدوره يعرف بأن المصارف الصغيرة المفلسة يتم شراء موجوداتها بسعر ضئيل ، اي يبتلعها الكبار وبالتالي لا يقلق لا الفدرالي ولا السلطة بإفلاس بنوك صغيرة مهما نسمع عن إجراءات وقرارت واستنفار…الخ. وهذا مصير المصرفين المفلسين.

والسؤال: هل ستتسع ظاهرة الإفلاس؟

محتمل ذلك بالطبع.

ولكن بالمقابل، هذا لا يعني انهيار الاقتصاد الأمريكي حتى لو بمستوى 2008. فحينها غرفت السلطة من المال العام وغطت عجز البنوك وخاصة الكبرى قائلة (هذا أكبر من أن ينهار It is too big to fall) لذا ما تم ضخه في النظام البنكي وصل 6.7 ترليون دولار!

لعل الضرر الحقيقي كامن في مستويين:

تراجع الثقة في الدولار كعملة عالمية أولى

وتراجع الثقة في قوة أمريكا الحربية على ضوء بروز قطبيات كبيرة.

ولكن ليس إلى حد الانتهاء الأمريكي العاجل لأن القطبيات الأخرى لم تصل إلى درجة المنافسة الفعلية للدولار، بل إن الصين غير معنية بذلك بعد وخاصة على ضوء انخراطها في منظمة التجارة العالمية وتحولها إلى ورشة للعالم وبالتالي حاجتها لبقاء السوق الأمريكي الشره استهلاكياً اي ان الصين معنية بعدم انهيار امريكا على الأقل اليوم.

بل إن مختلف دول بريكس وغيرها مثل إيران ومصر والجزائر ونيجريا وإندونيسيا…الخ هي منخرطة في السوق الرأسمالية العالمية ولذا ليست نقائض بعد للرأسمالية الإمبريالية الغربية عموماً بغض النظر عن الحديث/الخطاب السياسي والإيديولوجي لهذه الدولة او تلك. وفي أحسن الأحوال هي منافس وليست بديلاً بالمعنى غير الرأسمالي.

قد يكون هذا الكلام صادم عاطفيا للذين يودون انهيار أمريكا فورا، وهذا صحيح.

لكن العبرة هي في مكان آخر.

أي ليست العبرة في انتظار انهيار الإمبريالية لتحل محلها مجموعة رأسمالية أفضل شروطا بل إن المطلوب هو استراتيجية مختلفة في بلدان المحيط:

• تبدأ بالتنمية بالحماية الشعبية

• وصولا إلى فك الارتباط بالنظام الرأسمالي العالمي.

وبلورة نظام آخر مختلف نسميه حتى اليوم الاشتراكية.

(2)

الغاضبون من ذِكر: أل لغم

ال: “لَغَمْ/او اللُغم”


بعد أن أشرت إلى الطلب السعودي في توافقها مع إيران بأن تتمسك السعودية بالمبادرة الاستسلامية العربية والتي وافق عليها جميع الحكام العرب “الحكام البائدة والحالية”، والتي جوهرها ان “الاستسلام خيار إستراتيجي”، وصلتني هجومات مزدوجة من المثقفين المنشبكين:


*غضب منشبكو السعودية لأنني قلت أخطر ما في التوافق هو تسويد السعودية على الوطن العربي. فهم نظراً لأفيون الطرب على الاتفاق لم يستوعبوا، او رفضوا استيعاب أن ما يهمني كعروبي هو الوطن العربي، ولست ضد تصالح الطرفين بل أتمناه، إن خلصت النوايا، لكن علينا الحذر من دفع الثمن نحن كعروبيين.  وهذا يذكرني بكراس كتبه الراحل صادق جلال العظم في منتصف السبعينات بعنوان “كارتر والحقبة السعودية” أي سيطرة السعودية على القرار العربي وهي السيطرة التي قام عليها كل الخراب في الوطن العربي من حينه وحتى ايام قادمة، للأسف والمرارة. لكن للأسف أيضا، تدهور العظم العلماني/الماركسي إلى طائفي!
سيطرة السعودية تعني لا وحدة عربية ولا قضية مركزية اي فلسطين، ولذا التمسك بال مبادرة المذكورة يعني التطبيع والاعتراف بالكيان واندماج الكيان في الوطن العربي وعليه اندماجا مهميناً. فهل هذا قليل يا شباب.

* وغضبت مثقفو إيران من العرب أدوات لأنهم وصلوا بين العرب إلى اعتبار إيران لا يمكن أن تقع في اية هفوة فما بالك أن تخطئ أو تساوم أو تتملص أو تناور…الخ. فهي بالنسبة لهم “المهدي المنتظر لخلاص العرب قبل الفرس! وطبعاً في شخصية ولاية الفقيه والذي لا أدري كيف جرى تخليق هذا الدور لهذا الرجل! فهل هناك وصية من المهدي “المغيَّب” بولاية أحد بعده!
إيران دولة قومية تخدم نفسها بلا شك ولا اعتراض. وإيران كأية دولة حتى لو أقل من قوة إقليمية لها مصلحة في هيمنة على جوارها فكيف حين تكون إقليمية ومن يعتقد أن إيران بلا طموح هيمنة فعليه ان يفكر ولو استرشادا بمترنيخ أو كيسنجر أو حتى معاوية بن ابي سفيان، وإذا لم يقتنع فالله في عون من يقرؤون له.
لذا، لا يضيرها أن يكون الحل للصراع العربي الصهيوني ب”المبادرة العربية” فهو صراع عربي صهيوني. وستقول: هكذا اختار العرب. أو أنها ستراهن على أن هذا الخيار الرسمي سيفشل. نحن بدورنا نقول يجب أن يفشل وهنا الفارق واضح.
لذا، لا ندين إيران في توافقها مع السعودية على هذا الشرط لسبب واضح، لأن الصراع عربي صهيوني. ولو أنها تعتقد غير ذلك لوضعت في النص الذي جرى تسريبه لموقع في لبنان ينكر وجود أمة عربية (حتى الكيان لا ينكر وجود أمة عربية) واسم الموقع (المهد The cradle) أي لوضعت على سبيل المثال ما يلي:”تتحفظ الجمهورية الإسلامية الإيرانية على هذا الشرط دون أن تفرض حذفه”
ليسامحنا هؤلاء وأولئك، فالمثقف المشتبك ليس كالمنشبك. لذا لا يكتشف الألغام من لا يملك مِجَس كشف الألغام . فاللغم يرضي الكيان وأمريكا وأوروبا وروسيا وصين ما بعد ماو…الخ لكن نحن في وطن بكل من فيه عرب وأمم أخرى لا يرضينا. “رُفعت الأقلام وجفت الصحف”

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….