ما أن أُعلن إفلاس بنك وادي السليكون حتى استنفرت شركات التكنولوجيا العالية في الكيان وخاصة الناشئة منها حيث أصابها ذلك الانهيار بصدمات مزدوجة:
· قلق إداراتها نفسها
· وإعادة قراءة تراجع الاستثمارات في الشركات الناشئة “الإسرائيلية” بنسبة 42٪ في عام 2022 ، حيث كان الأمن السيبراني هو الأكثر تضرراً
وما أن حصل إفلاس بنك وادي السليكون حتى تدخل النظام البنكي في الكيان لإسعاف الشركات الناشئة وتهدئة روع المستثمرين فيها فساعدت LeumiTech الشركات الإسرائيلية الناشئة في نقل مليار دولار من SVB (بنك وادي السليكون). وهذا يعني أن هناك اندغام ما بين راس المال المالي وراس المال الصناعي وتحديدا في التكنولوجيا المتقدمة او ما يسمى عموماً الاقتصاد الجديد.
فقد صرحت شركة التكنولوجيا الفائقة التابعة لبنك لئومي إنها ستزيد من حجم الائتمان المتاح لشركات التكنولوجيا الفائقة التي فقدت الوصول إلى خطوط الائتمان الخاصة بها وهي بحاجة ماسة للسيولة بعد كارثة SVB وعليه، أدى انهيار بنك وادي السيليكون (SVB) إلى خلق فرصة للبنوك في الكيان لمساعدة الشركات التي لديها ودائع وائتمان لدى البنك الأمريكي.
كما أعلنت LeumiTech ، الذراع المصرفية لبنك لئومي والتي تركز على صناعة التكنولوجيا الفائقة ، أنه خلال الأيام القليلة الماضية ، تمكنت فرقها من مساعدة العملاء على تحويل ما يقرب من مليار دولار إلى إسرائيل كانت محتجزة في البنك المنهار. كما أعلنوا أنهم سيزيدون مقدار الائتمان المتاح لشركات التكنولوجيا الفائقة التي فقدت الوصول إلى خطوط الائتمان الخاصة بها وتحتاج بشدة إلى السيولة بعد كارثة SVB.
كيف تمكنت فرق LeumiTech من مساعدة العملاء على تحويل ما يقرب من مليار دولار دولار إلى الكيان كانت محتجزة في البنك المنهار. فحينما ينهار بنك يتم إغلاقه ووضعه تحت الحراسة، بل إن ما قاله الرئيس الأمريكي أن الدولة تضمن كافة ودائع المساهمين وهذا ضمان أعلى مما كان يُقال في ازمة 2008 حيث كان هناك ضمانا لودائع كل من له 250000 دولار فما دون؟
هل مصدر المليار دولار هو عبر فرق LeumiTech التي كانت نشطة في كل من مقر الشركة في الكيان وفي المقر الرئيسي لبنك Valley Bank، وهو البنك الأمريكي الذي اندمجت معه Leumi USA والذي يمتلك فيه Leumi حصة 15٪.
لذا، حسب ما ورد في (Reuters):
“هذا وقت عصيب على صناعتنا وأصدقائنا في SVB. في أعقاب الأحداث الأخيرة، عملت فرق الخبراء في LeumiTech على مدار الساعة، في الكيان والولايات المتحدة، من أجل مساعدة الشركات الناشئة في الكيان و VC في تحويل الأموال بسرعة وأمان “.
و كتب تيمور أربيل سادراس، الرئيس التنفيذي لشركة LeumiTech ، على LinkedIn يوم السبت الماضي . لقد أعلنا الليلة أن LeumiTech ستزيد من الإطار التمويلي الشامل للإقراض التكنولوجي، لدعم الشركات النامية والشركات الناشئة التي تواجه صعوبات في استخدام خطوط الائتمان الخاصة بها في أعقاب أزمة SVB.
وهكذا، تم ضبط الوضع في شركات الكيان، ويبدو أن الأزمة في الولايات المتحدة بقيت محصورة قطاعياً، اي في قطاع التقنية المتقدمة وخاصة في مصرف وادي السليكون.
يفتح هذا على طبيعة الصراع العربي – الصهيوني بمعنى مختلف جوانب ومستويات الصراع.
فعلى سبيل المقارنة، لماذا أقلق انهيار بنك وادي سيلكون قطاع التكنولوجيا العالية في الكيان، بينما مرَّ على البلدان العربية مرورا عابراً.
في مقابلة مع اقتصادي مصري قال بأن المصارف المصرية لا توجد لها أرصدة في هذا المصرف القطاعي. وهذا قول صحيح، ولكن كان عليه أن يوضح بأن مصارف العرب خلف/وراء هذا التطور الاندماجي المتقدم بين راس المال المالي والتقني.
قد يرى البعض أن السبب كامن في اندماج الكيان في الاقتصاد العالمي. وهذا صحيح، ولكن الاقتصادات العربية واقتصادات بلدان المحيط مندمجة كذلك وبعمق. ولكن في أي مستوى؟
يعود مستوى الاندماج إلى عاملين:
الأول: مستوى التطور التكنولوجي في كل بلد على حده
والثاني: ثقافة السلطة الحاكمة من مدخل أو على أساس أين تستثمر وهل انخراطها مفتوح وتابع أم اضطراري. فالأنظمة العربية منخرطة في الإنفاق على الاستشراق الإرهابي ضد سوريا وتمنح ما في صناديقها السيادية لمصارف الغرب او سندات الحكومة الأمريكية والتي حينما تغضب أمريكا تصادرها، هكذا كانت السلبطة على 300 مليار دولار لروسيا، وهناك بقيايا أموال إيرانية منذ فترة الشاه. هذا ثمن الانخراط في السوق العالمية الذي حتى بوتين لم يوقفه.
وهذا ربما الفارق الأساس بين انخراط الدول في السوق الرأسمالية العالمية بمعنى هل انخرطت على أساس أو بمنطق السوق العالمية أم بمنطق متطلبات سوقها وضرورات تطورها.
يمكن معرفة مدى الانخراط التابع لرأسماليات المحيط إذا قرأنا أثر العقوبات/الحرب الاقتصادية على هذا البلد أو ذاك، أكثر من أخذ المستوى التكنولوجي بالاعتبار لأن هذا المستوى متعلق بمدى تطور التقنية والمعرفة في هذا البلد أو ذاك، وطبعا بلدان المحيط غالباً خارج هذا المجال.
هذا دون أن نغفل حتى في حرب العقوبات أن القرار السياسي لهذا البلد او ذاك يلعب دوراً في إثر العقوبات. لأن العراق كان منخرطا في السوق العالمية كان الحصار عليه لثلاث عشرة عاماً حصار الحقيقي ولكن عمليا من الدول المجاورة له أي أن الأمر أمريكي والتنفيذ عربي وإيراني. وحينما حوصت إيران كان التنفيذ عربياً، وها هي سوريا محاصرة والتنفيذ عربي إيراني!
ولعل مثال فنزويلا أكثر وضوحاً. فالموقف الثوري للراحل شافيز لم يقترن به موقف اقتصادي جذري بمعنى فك الارتباط بالسوق الرأسمالية العالمية أو حتى التوجه للدرجة الأولى لفك الارتباط اي التنمية بالحماية الشعبية لا سيما، ان الشعب كان جاهز لقبول فك الارتباط. وهذا يفتح على وسطية اشتراكية أمريكا اللاتينية.
ولأن فنزويلا بقيت تعمل سياسيا ضد الإمبريالية بيما اقتصادياً بقيت منخرطة في السوق العالمية كانت حرب العقوبات عليها قاتلة.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/