السنة الثالثة والعشرون – العدد 6504
في هذا العدد:
■ فلنوقف جدل اللاسامية على قدميه، عادل سماره
■ دعاة الدولة الواحدة اليوم يتوافقون مع مشروع تهويد فلسطين، محمود فنون
- دولة واحدة لمغتصبي فلسطين
✺ ✺ ✺
فلنوقف جدل اللاسامية على قدميه
عادل سماره
أمَّا ولأن التاريخ أصبح مفعول به، رغم أن أي حدث في التاريخ هو فعل، اي حينها يكون التاريخ فاعلاً، ولكن كلما تقدمت وسائل الإعلام والتواصل وتعممت كلما صار التاريخ مطية بل ضحية يتلاعب بها من شاء وكيف يشاء، وفي وضع كهذا يضيع العالم تحت ضربات الجهلة ويصبح الحديث عن الإنسانية والموضوعية بلا معنى.
لعلَّ أول من أسس لتحريف التاريخ تحريفاً منهجياً هو الغرب الرأسمالي الإمبريالي سواء في دوائره السياسية أو الأكاديمية أو الاستشراقية خاصة التي التقطها إدوارد سعيد في كتابه “الاستشراق 1978” فلخصها في قيام الغرب بإعادة إنتاج خطابي/لغوي للشرق كيف رآه هو أو كيف ودَّ أن يراه.
وأعتقد أن سعيداً استوحى ما كتب مما ورد في البيان الشيوعي ماركس/إنجلز 1848 حيث وصفا تقدم الرأسمالية المتقدمة لدك حصون الأمم ما قبل الرأسمالية لتحولها على شاكلتها. للأسف يا عم ماركس دكتها ولم تحولها على شاكلتها.
ما أناقشه في هذه المقالة هو إفتآت الغرب والصهيونية على تاريخ الساميين في مستويين:
· اختراع فزَّاعة اللاسامية لصالح من ليسوا ساميين!
· وإخراج قرابة 98 في المئة من الساميين من ساميتهم وحصرها في اليهود.
· وتعميم سامية اليهود على كل أتباع الدين اليهودي رغم أن أكثرهم ليسوا قط ساميين. فمن يتابع تكوين الكيان يرى أنه أمام لوحة من مستوطنين أتوا أو أُستُجلبوا من قرابة مئة أمة، وما أشبه هذه التوليفة بتركيبة الأمم المتحدة. وقد يكون هذا سبب عدم إنتاج ثقافة مشتركة لهذا الخليط سوى ثقافة القوة المطلقة. إن هذا الافتآت والتزييف للتاريخ، ولا أقصد النصوص فقط، بل ألأفظع طمس هوية المجتمعات البشرية وخاصة المجتمع العربي مما يستوجب علينا إعادة السامية إلى وضعها الطبيعي وهي أن الساميين هم غالباً وربما حصراً هم العرب.
والمفارقة الهائلة أن الغرب والصهيونية لم يُجردوا العرب من ساميتهم وحسب بل عملوا على تصويرهم في مقدمة اللاساميين لأنها حصرت السامية في يهود العالم واستغلت الصراع العربي الصهيوني لتحويل الموقف العربي كأنه ضد اليهود لإلصاق تهمة اللاسامية بالعرب وطبعاً بكل من ينتقد الصهيونية.
ومن هنا أهمية إعادة السامية إلى فضائها الطبيعي والأصلي اي العربي “الإسلامي والمسيحي ” لصد مزاعم من يثرثرون بأنهم حُماة السامية وهم جوهرياً حُماة الاعتداء على الساميين الحقيقيين بطبعات من الحروب، السياسية والاقتصادية والأكاديمية والحربية والاستشراقية.
ولعل اشد عدوان هو الجاري حالياً ضد الوطن العربي على يد التحالف الخطير بين قوى الدين السياسي الإرهابية وبين المخطِّط الإمبريالي وهو العدوان المكون من آخر طبعة استشراق اي الاستشراق الإرهابي Terrorist Orientalism وهو فصل في كتابي القادم بالإنجليزية.
تفيد حقائق الواقع أن اللاسامية موجودة بحضور ثقيل وهائل ضد أكثرية الساميين اي العرب مما يعني أن اي متابع بحثي أو مؤرخ يتحلى بقدر من احترام وعيه وجمهوره أن يؤكد بأن اللاسامية نعم موجودة ولكن ضد العرب. وبأنها أخذت وتأخذ اشكالا عديدة ومتناسلة من اللاسامية الضد عربية:
· فاستعمار الوطن العربي هو لا سامية ضد العرب اتخذت الطابع الأشد عنفا وتعسفا حيث جزّأته واقتطعت منه فلسطين لصالح تجمع استيطاني بعضه سامي!
· إن وصف العربي بالإرهابي هو لاسامية
· وأي دعم أو احتضان أو غض طَرف عن أنظمة عربية تابعة ومضادة لوطنها هو لاسامية
· إن إنكار وجود وطن عربي وإلغائه في تسميات مثل “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” أو غرب آسيا وشمال إفريقيا أو المنطقة أو الإقليم هو إلغاء لوطن العرب وشكل من اللاسامية.
وعليه، لا توجد لاسامية ضد اليهود بل هناك الضد يهودية والضد صهيونية. ولذا فإن قلب الصورة بتحويل الضد يهودية والضد صهيونية كأنها لاسامية ضد اليهود هو تزييف يهدف التغطية على الصهيونية كإيديولوجيا ومن ثم حركة استعمارية استيطانية رأسمالية بيضاء.
لعل من مفارقات المرحلة أننا نرى تجليات لاسامية موجهة ضد العرب يمارسها:
· عرب ضد العرب
· وغير عرب ضد العرب ومسلمين ضد العرب.
· وحتى يمارسها مثقفون عرب ضد العرب وخاصة المثقفين المتعصبين قوميا لدرجة العمى حيث ينكرون مجرد حصول المحرقة ضد اليهود. وهي المحرقة التي جرى استثمارها وتحويلها من ضد اليهود إلى ضد الساميين. وهذا الإنكار هو خدمة للصهيونية سواء بنوايا مخلصة أو خبيثة.
· بل إن مثقفاً مركَّب الأصول بين لبناني وفرنسي – جلبير اشقر- وصل عدائه للعرب إلى الزعم بان الحاج أمين الحسيني هو الذي أوحى لهتلر بقتل اليهود!!!
هذه هي التجليات الحقيقية ل اللاسامية والتي هي أي اللاسامية هي جوهرياً لا عربية.
هناك أنظمة عربية ومثقفون عرب معادون للسامية/كعربية كما اتضح في الحرب المعولمة ضد العرب منذ 1991 ضد العراق بقيادة الإمبريالية وبعض العرب و2003 وخاصة منذ 2011 ضد سوريا وليبيا والتي قادها الأطلسي وشاركت فيها أنظمة عربية وإسلامية. صحيح أن العدوان السعودي الإماراتي ضد اليمن ليس لاسامياً، لكنه ليس أقل وحشية.
ربما يسع المرء القول بأن دراسة جديدة وعلمية لمسألة اللاسامية هي من أهم ما يجب القيام به.
صحيح أنه لا يوجد حتى اليوم تيار بحثي فكري لنسف اللاسامية الغربية الصهيونية وتصحيح الأمر بمعنى أن اللاسامية هي ضد عربية.
ولعل سبب كتابة هذه المقالة أن مقالة لكاتب غير عربي نُشرت بالإنجليزية، مؤخراً، تنتقد العسف الاستعماري الغربي ضد سوريا العراق وإيران وليبيا. ورغم أن المقالة توافق النقد الموجه لهذه الأنظمة من حيث ما تسمى “الديمقراطية والاستبداد” …الخ إلا أنها لا تتساوق مع التحريف الغربي الإمبريالي للتاريخ الجاري بل تُبدي تعاطفاً مع العرب وإيران مقابل كثير من المثقفين العرب الذين ابتهجوا لتدمير العراق وليبيا وسوريا وقد لا نُجانب الصواب لو قلنا إن هؤلاء لاساميين. وبالطبع مقالة الكاتب لم تتطرق إلى اللاسامية.
والحقيقة أن تحريف التاريخ الجاري هو ثالثة الأثافي وهو الذي يجعلنا على غير ثقة بكل ما كُتب من تواريخ لأن تسطيح التاريخ وتحريفه لم يعودا مرا صعباً. وهذا يقتضي طريقة مختلفة في الرجوع للتاريخ من منظور عدم التبني بسهولة بل أخذ العبرة من أجل عالم آخر.
✺ ✺ ✺
دعاة الدولة الواحدة اليوم يتوافقون مع مشروع تهويد فلسطين
دولة واحدة لمغتصبي فلسطين
محمود فنون
5/3/2023م
أساس الامر كله للمشروع الصهيوني يقوم على فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين
ومنذ البدايات وحتى اليوم لم تتغير هذه الفكرة لا بالتفكير ولا بالتطبيق.
وقد كان اول ترسيم لها من خلال وعد بلفور الذي نص على ” إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين…” عام 1917م والذي صدر عن وزارة الخارجية البريطانية وبعلم واطلاع وتأييد مجموعة من الدول الأوروبية وامريكا.
وأساس كل هذا هو فكرة الدولة اليهودية كما طرحها هرتزل في كتابه “الدولة اليهودية” في عام 1896م وظلت الفكرة مستمرة حيث صرح عيزر وايزمن في مـارس1970م م، التصريح التالي: “مشروع السلام لديّ هو مشروع هرتزل … “.
ومشروع هرتزل كما هو موثق في كتابه الدولة اليهودية هو إقامة الدولة اليهودية على ارض فلسطين كدولة لليهود.
وعلى المستوى الدولي تم ترسيم هذا المشروع بصدور صك الانتداب عن عصبة الامم المتحدة عام 1922م الذي أوكل لبريطانيا مهمة تهويد فلسطين وإقامة وطن قومي لليهود فيها وبحدودها الانتدابية.
وتأتي فكرة دولة واحدة في فلسطين انسجاما سياسيا وفكريا بل وانحيازا صريحا لهذه المنطلقات مهما تعددت أشكال الطرح والتزيين والإضافات.
وقد تكاثف طرح مبادرات التسوية بحل الدولة الواحدة للمستوطنين بعد انسداد كل آفاق مشروع الدولتين لشعبين كما يقول دعاة التسوية أنفسهم.
فمنظمة التحرير الفلسطينية ومنذ عام 1973م وبعدها في عام 1974م ثم من خلال مؤتمر القمة العربية في المغرب في نفس العام، هذه المنظمة انتقلت من شعار تحرير فلسطين كلها من الاستيطان الاستعماري اليهودي في فلسطين ألى شعار إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين عام 1967م. ثم تعدلت الصيغة إلى شعار ” دولتين لشعبين ” وهذا التعديل له مغزى خطير يتمثل بالتعامل مع المستوطنين المغتصبين والمجمّعين من أصقاع الارض على أنهم شعب ولهم خصائص الشعوب ولهم حق في 78% من أرض فلسطين بحدودها الانتدابية بعد ان كانت المنظمة والحركات الفلسطينية لا تعترف لهم بانهم شعب و تقاتل من اجل استرداد الوطن السليب كله من ايدي الغزاة وتطهيره من استيطانهم.
وكان هذا التنازل هكذا طواعية، لتصبح فلسطين السليبة عام 1948م حقا خالصا معترفا به طواعية وتلقائيا حتى دون مفاوضات ودون أي مساومات رسمية مع طرف العدو.
فقط قالت المنظمة وعلى لسان انصار التسوية فيها: “خذوا هذه الارض المباركة فهي لكم ولأنسالكم من بعدكم ” أما نحن فنطالبكم بإعطائنا ما تبقى!!
اعطونا ما تبقى إن شئتم ومتى شئتم وكيفما شئتم وذلك ثمنا لاعتدالنا وحسن نيتنا تجاهكم وتأييدنا لكم ولاحتلالكم أراضي 1948م ولا شيء آخر.
ثم أتت فكرة دولة واحدة في فلسطين بتسميات متقاربة تعبر عن ذات المضمون “دولة واحدة للشعبين ” “دولة ديموقراطية علمانية ” ” دولة ثنائية القومية” وأشكال أخرى من الصيغ في اللفظ والتطبيق..
أتت هذه الفكرة وكأنها إبداع من الطارحين لمواجهة الآفاق المسدودة لحل ما يسمى ” بالنزاع العربي الإسرائيلي ” والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي” كما سيأتي.
أساس فكرة الدولة الواحدة في فلسطين
ولكن فكرة الدولة الواحدة للمستوطنين في فلسطين هي من صنع أنصار مشروع تهويد فلسطين من الأساس. وقد عبر عنها الإنجليز وقادة اليهود من البداية و في فترات تاريخية متعددة وحتى يومنا هذا.
فالأمر إذن ليس جديداً بل متواتر. وإن كشفه اليوم على ألسنة متصهينة من العرب والفلسطينيين هو تغذية وتأييد وقبول به ليس أكثر.
هم إذن دعاة تهويد فلسطين لصالح المستعمرين الاجانب الذين استوطنوها ضمن رؤيا وبرنامج أخذ طريقه ما قبل وعد بلفور وترسم وترسخ بوعد بلفور وصك الانتداب وبقرارات أخرى لاحقة.
“وفي المؤتمر الصهيوني السادس عشر في زيورخ 1929، قام “جابوتنسـكي” بتعريـف الأفكار الرئيسية في البرنامج الصهيوني التصحيحي، فأشار إلى أن الوطن القومي عبـارة عـن دولة قومية، دولة تخضع لسيطرة الأكثرية اليهودية، وتقوم فيها إرادة الشعب اليهودي بتقرير أشكال الحياة الجماعية وأساليبها، وان فلسطين عبارة عن مساحة من الأرض ميزتها الجغرافيـة الأساسية هي أن نهر الأردن لا يجري على حدودها بل وسطها. ”
“وفي المؤتمر الصهيوني الذي عقد في بلتيمور في 11مايو 1942م بالولايـات المتحـدة الأمريكية، اتخذت عدة قرارات عرفت في حينها باسم (مخطط بلتيمور) وقد احتوت هذه الخطـة على الهيكل الأساسي للخطة الصهيونية الجديدة باتجاه تسوية القضية الفلسطينية والتي جاءت على النحو التالي:
الاعتراف بأن الغرض من النصوص الموجودة في تصريح بلفور ووثيقة الانتـداب التي تتطرق إلى العلاقة التاريخية بين الشعب اليهودي وفلسطين هو خلق دولة يهوديـة في فلسطين كما جاء في صيغة وعد بلفور وليس دولة يهودية جزء من فلسطين كما جاء في صيغة بيل” أي لا يوجد تقسيم ولا غيره بل إن مسعاهم هو فلسطين كاملة والتمدد خارجها أيضا.
كما و ” وعقدوا مؤتمراً فـي القـدس قـرروا فيـه رفضهم للمشروع البريطاني لتقسيم فلسطين والذي جاء في تقرير لجنة بيل الملكية، وأعلنوا عن المشاريع والأفكار الصهيونية تجاه تسوية القضية رغبتهم الاجتماعية في تحويل فلسطين كلها إلى دولة يهودية.”
قبل بيلتمور، رفضت الصهيونية الرسمية بثبات صياغة الهدف النهائي للحركة مفضّلة بدلًا من ذلك التركيز على المهمة العملية المتمثلة في بناء الوطن القومي لليهود.
أصبح برنامج بيلتمور هو الموقف الصهيوني الرسمي حول الهدف النهائي للحركة. وفقًا لبن غوريون.
وكان الكثير من زعماء الصهاينة يرون ضرورة إقامة الدولة اليهودية على كامل تراب فلسطين وليس كما حصل عام 1948م
“في انتخابات سنة 1949م بإسرائيل، رفض حزب حير وت الصهيوني، رسمياً ما جـاء في اتفاقيات رودس بين إسرائيل والدول العربية، وما وضع من حدود لدولة إسرائيل فـي هـذه الاتفاقيات، ذاكراً، إن الوطن القومي اليهودي الذي يشمل ضفتي الأردن يشكل وحـدة تاريخيـة وجغرافية كاملة وتقسيم الوطن هو عمل غير مشروع وإن أية موافقة علـى التقسـيم لا تعتبـر مشروعة أو ملزمة للشعب اليهودي، ومن واجب هذا الجيل أن يعيد الأجزاء المقتطعة من الوطن إلى السيادة اليهودية.”
وأصدرت الحكومة الإسرائيلية في تلك المرحلة، أوامرها إلى رئيس أركـان حربهـا موشي ” ديان ” في سنة 1955، بأن يضع تخطيطاً للاستيلاء على المواقع في شرم الشـيخ ورأس نصراني وجزيرتي تيران وصنافير. (44 كما أعلن بن جوريون أمام الكنيست في منتصف نوفمبر سنة 1955”: يجب على مصر مغادرة قطاع غزة في الحال وعلى الأردن إخلاء فلسطين الغربية بكاملها.)
مواقف القيادات الإسرائيلية الحاكمة بعد عام 1967م
بعد الحرب كثر اللغط الغربي عن ضرورة إيجاد تسوية لما أسموه ” النزاع العربي الإسرائيلي ” وهذا اللغط يتحدث عن عدم جواز احتلال الأراضي بالقوة كما جاء في قرار 242 وما قد يفتح الباب على امكانية انسحاب اسرائيل من الأراضي التي احتلتها أو بعضها ( وكل هذا لم يحصل منه شيء حتى الآن ).
فلسطين كلها لليهود
“وقال ديان في 11/يونيو/1967”: إن قواتي يجب أن تبقى في سيناء وإن القدس يجب أن تظل عاصمة لإسرائيل وتحت سيطرتها، وإن إسرائيل يجب ألا تتنازل عن قطاع غزة والضـفة الغربية لنهر الأردن”.
“وذكر أشكول في 12 يونيو 1967م: “أن إسرائيل إذا احتلت أراضي استراتيجية جديـدة فلن تعود إلى الحدود السابقة، وأعلن أن اتفاقيات الهدنة السابقة لعـام 1949 تعتبـر لاغيـة وأن الحدود التي أوجدتها لم تعد قائمة، وأن إسرائيل لن تعود إلى حدود ما قبل يونيو 1967م، بما أنها ستحتفظ بقطاع غزة ومدينة القدس”
وأعلن بن غوريون مرة أخرى في 18 يونيو 1967م، بأن إسرائيل ستتمسـك بالقـدس مهما كانت القرارات التي ستتوصل لها الأمم المتحدة، لأن القدس ظلت عاصمة إسـرائيل طيلـة ثلاثة آلاف عام وستظل كذلك. ثم عاد وأعلن في 23 يونيـو 1967م، عـن ضـرورة احتفـاظ إسرائيل بالقدس وقطاع غزة ومرتفعات الجولان. (56(
ثم عاد موشي ديان في 6 يوليو 1967م، وأكد أن قطاع غزة يـؤول لإسـرائيل وأنهـا ستتخذ الإجراءات اللازمة لجعله جزءاً منها، كما دعى لاستخدام نفس الأسلوب مع الضفة الغربية لنهر الأردن.
وفي 10 يوليو 1967م، أعلن “إيجال آلون” وزير العمل حينذاك، بأن جميع الخرائط التي أصدرتها المساحة الإسرائيلية وعليها علامات خطوط الهدنة لعام 1949، أصبحت قديمة ومضى زمانها وتاريخها.”
وفي تصريح لموشيه ديان في 10 أغسطس 1967م، قال فيـه: “إن إسـرائيل تـرفض العودة إلى حدود عام 1949 القديمة وأن على إسرائيل ألا تسمح لدول أخرى تعمـل لمصـلحتها الخاصة أن تجبرها على العودة إلى الأوضاع القديمة، وأضاف أنه علينا النظر إلى الواقـع عـام 1967، وإلى خريطة سنة 1967، نحن لا نحتاج إلى حدود دائمة فقط بل إلـى حـدود تضـمن السلام فالسلام لا يعتمد على الأمنيات العربية وحدها بل على نوع الحدود التي تكون لإسـرائيل، نحن في القدس وفي الضفة الغربية لأن أمننا وسلامتنا يتطلبان ذلك”.
وفي خطاب لإيجال آلون، وزير العمل يوم 15 أغسطس 1967م، أمام اتحاد الكيبوتزات الموحد، دعى فيه إلى توطين اليهود في الضفة الغربية للأردن، وفي مرتفعات الجـولان…”
مشروع ايغال الون المطروح في تموز 1967 بعد الحرب مباشرة
“وحدد المشروع منطقة غور الأردن من نهر الأردن وحتى المنحدرات الشرقية لجبال نابلس وجنين لتبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وهكذا أيضاً بالنسبة لمنطقة القدس وضواحيها ومنطقة الخليل. أما بقية أراضي الضفة الغربية فتعاد إلى السلطة الأردنية مع فصل تام بينها، وإقامة معبر بين هذه الأراضي وبين الأردن بواسطة لسان في ضواحي مدينة أريحا. أما الأجزاء الأخرى من مشروع ألون فتطرقت إلى ضم قطاع غزة بأكمله إلى إسرائيل وتوطين اللاجئين خارج القطاع”
“وصرح ديان أمام طلبة الجامعة العبرية بالقدس في 6/فبراير/1968، بالآتي “في سنة 1948 حصلنا على الدولة من الناحية السياسية، وإنني أجرؤ علـى القـول أن الأساس آنذاك كان تحقيق الاستقلال السياسي وكان هذا هو الروح، أما الجسم الذي ألبس في هـذه الروح من الحدود والمناطق فكان يجب أن يكفي من الناحية الكمية الاحتفاظ بالروح ولكن الجوهر الأساسي كان في الاستقلال السياسي للشعب اليهودي، والآن وبعد حرب الأيـام السـتة وبسـببها وصلنا في عملية العودة إلى صهيون إلى مرحلة وضع خريطة أرض إسرائيل”
أي المهم استقلال الشعب اليهودي في دولة يهودية الطابع مع ان بقاء جزء من الشعب الفلسطيني كما حصل فعلا.
اعتبار نهر الأردن حدود الأردن الشرقية لدولة إسرائيل
قد صرح عيزر وايزمن في 11 يناير 1970م، لصحيفة اللومند الفرنسية، “إنـه مـن الضروري الاندماج السياسي والاقتصادي الكامل لكل الأراضي التي جـرى احتلالهـا بواسـطة إسرائيل في أعقاب حرب الأيام الستة”.
كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية حديثاً لعيـزر وايزمن في 19 فبراير 1970م، قال فيه: “علينا أن نكف عن الحديث عن السلام ونركز جهودنـا لتقوية مراكزنا فإن وطننا موطن أجدادنا موجود بين أيدينا وينبغي أن تنص أيـة مباحثـات مـع العرب على حقوق إسرائيل دون أية تنازلات بشأن الأراضي فإننا نرى أنه لا داعي لإعادة بعض تلك الأراضي إلا إذا أصبنا بلوثة عقلية”.
كما نشرت صحيفة دافار الإسـرائيلية فـي 13 مـارس 1970م التالي لعيزر وايزمن يقول فيه: “مشروع السلام لدي هو مشروع هرتزل، ولذا فأنا لا أعترف بتعبير الأراضي المحتلة إذ أن هذه الأراضي المشار إليها كانت في الماضي جـزءاً لا يتجزأ من إسرائيل.”
وقال مناحيم بيغن في أكثر من مناسبة ” أن الضفة الغربية لنا وأن الضفة الشرقية لنا ” وقال ” إن الفلسطيني هو كائن ذو قائمتين ” أي ليس إنسانا ولا يعترف ان الفلسطينيين شعبا له حقوق وواجبات الشعوب.
ثم جاء قانون يهودية الدولة الذي أقر عام 2018م
“قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل قانون أساسي يعرف إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي وصادق عليه الكنيست في 19 حزيران 2018م
وحدد القانون أن اللغة العبرية هي اللغة الرسمية في إسرائيل.
كما يشير القانون إلى ان الهجرة التي تؤدي إلى المواطنة المباشرة هي ليهود الشتات حول العالم ”
وقس على ذلك من مواقف وممارسات تنسجم مع فكرة أن فلسطين كاملة هي دولة لليهود وعلى ذلك يجري تهويدها على قدم وساق ودون أي تراجع ولا حتى إبطاء.
فما العلاقة بين مبادرات الدولة الواحدة والقرارات والمواقف الإسرائيلية.
لماذا غادروا حل الدولتين
اوردوا العديد من الاسباب واهم هذه الاسباب على الإطلاق أن اسرائيل رفضتها باستمرار ومنذ البداية، وارتباطا بذلك قامت اسرائيل بتغيير الوقائع على الارض وهودتها ونشرت الاستيطان في كل انحاء الضفة الغربية لنهر الاردن وعمقت تهويد القدس وليس من المهم ذكر الاسباب الاخرى.
إذن تتحدّد أهمية المبادرات بقبول اسرائيل لها. وبالتالي بادروا إلى طرح مشروع قد تقبله اسرائيل. فليس لديهم أية وسائل لإجبار اسرائيل على قبول أية مبادرة او مشروع تسوية وهم اساسا يستهدفون رضى اسرائيل وليس إزعاجها. مع الانتباه أن جميع المبادرات التسووية ومشاريع التسوية ظلت حبرا على ورق بالإطلاق.
الانسجام التام مع مشروع دولة اليهود
ومن الملاحظ أن مشاريع وصيغ الدولة الواحدة من قبل طارحيها من الفلسطينيين والعرب تحاول ان تنسجم مع الفكر الصهيوني فكرة تهويد فلسطين المذكورة أعلاه بأوسع قواسم مشتركة.
- الإبقاء على ما تم تهويده في فلسطين بيد اليهود ولا داعي لإزالة المستوطنات منها. هل هذا يحتاج إلى نضال لفرضه على السلطات الحاكمة؟
- ويطرحوا على سبيل التزيين والتمرير مطلب: إعادة اللاجئين إلى أرضهم وممتلكاتهم! الله أكبر! كيف سيستعيد الفلسطيني ارضه وممتلكاته بينما تقوم عليها المستوطنات وكافة أشكال المنشآت والمؤسسات والطرق والمطارات والمزارع ويسكن اليهود في البيوت العربية للاجئين الفلسطينيين؟
- بعد ذلك يطرحون تعايش ” الشعبين ” في دولة واحدة للجميع ليعيشوا بسلام ووئام.
- وبعضهم وهم الاسوأ يطرحون ان منظمة تحرير فلسطين وبعض رموز الثورة الفلسطينية قد طرحوا شيئا من هذا وينتزعونه من سياقه بصياغة تلائم وساختهم وعمالتهم.
- وفي الحقيقة أن ما ورد في ميثاق المنظمة وهو مصاغ عام 1964م أي قبل عام 1967م واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة واستيطانها، يتحدث عن يهود كانوا موجودين أصلا في فلسطين ولا يتجاوز عددهم الالوف. وفي طرح جورج حبش على سبيل المثال كان الحديث عن التعايش مع من يتبقى في فلسطين من اليهود بعد تحريرها واقتلاع المستوطنين أي ليكون الحديث عن الوف من اليهود الراغبين بالبقاء وليس الاستيطان الموجود حاليا وما يتبعه من استيطان ومستوطنين لاحقا. هنا توسيخ متعمد للثورة الفلسطينية واسم جورج حبش.
يؤكد الطارحون ضرورة المبادرة لطرح جديد: “ففي غياب مشروع سياسي لإزالة الاستعمار الاستيطاني العنصري في فلسطين، قد تذهب أية جهود أو تضحيات سُدى في حال تمّ استثمارها ضمن طرح استسلامي، مثل طرح الدولتين الذي يعترف بشرعية الدولة اليهودية، أو طروحات أخرى سقفها تحسين شروط الاستعمار بدل العمل لإزالته.”
ولذلك لا بد من طرح مبادرة حاليا كي لا تضيع الفرص ( أية فرص ) وهذا يبدأ من تشخيص دقيق للحالة: “يبدأ تلافي مخاطر هدر الجهود والفرص، بتشخيص دقيق لجوهر الصراع، فهو ليس خلافاً طائفياً بين المسلمين أو العرب واليهود، ولا نزاعاً عقارياً يقتصر على سرقة بيوت وأراض، ولا عراكاً على بعض الكيلومترات المربّعة يمكن فضّه من خلال التفاوض، ولا مسألة مشاعر تتلاشى مع مرور الزمن، ولا حتى مجرّد قضية إنسانية لا تستدعي سوى التعاطف مع من ظُلموا…”
إذن هنا يستثنون كل أساس الصراع والتناقض، الصراع على الأرض مشخصة في بعض كيلو مترات مربعة وعقارات وبيوت حتى دون التأكيد انها ملكية ووطن الشعب الفلسطيني وذلك من أجل توصيف الصراع والتناقض بشكل يمهد لطرحهم ومبادراتهم.
فيستخرجون الجوكر الحاسم: ” لذا، لا يمكن مواجهة المشروع الصهيوني إلا على أساس مشروع يصيبه في أساس زعمه، أي مشروع لا يرى الدول أدوات حرب خاصة بطوائف في وجه طوائف أخرى، بل أدوات لإدارة المجتمع على أساس مصالح مواطنيه الحقيقية، لا على أساس متخيّلات اجتماعية عدوانية…” كما ورد في وثيقة احد المشاريع. متخيلات عدوانية وربما ارهابية ومجرمة ولكن عند من؟ وهي بالتأكيد تستهدف العقلية الفلسطينية الثورية بل هم اساسا يوجهون دعايتهم للشعب الفلسطيني.
الحل الذي يقضي على الصهيونية في أساس زعمها: ” برفضه المنطق الصهيوني الطائفي-الاستعماري القائم على تسييس الهوية، وتصنيف الناس على أساس خلفياتهم العرقية أو الدينية، لا واقعهم المادّي-المجتمعي، يصيب طرح «قيام دولة ديموقراطية واحدة على كامل تراب فلسطين» المشروع الصهيوني في أساس زعمه، ويشكّل النقيض الجوهري له..”
هكذا إذن: اطرح مشروعك الذي هو مشروعهم وقل هذا هو مشروعنا فينتهي مشروعهم والله أعلم ! وتكون النتيجة هي اقرار مشروعهم. إقرار مشروعهم مع تعديلات لفظية وشكلية بحيث لا تمس أهداف مشروع الدولة اليهودية والتي لم تعد مشروعا بمقدار ما هي قائمة على ارض الواقع.
إن التشخيص ” الدقيق ” الذي لجئوا إليه لتوصيف حالة الصراع القائمة، قام حصرا على صهيونية وعنصرية الغزاة.
ولكن الغزاة الذين احتلوا فلسطين وشردوا أهلها أقاموا عليها مستوطنات استعمارية واستولوا على البيوت الموجودة وسكنوا فيها على أنقاض الشعب الذي كان يسكن ويعمر الأرض والبيوت. كل هذا ازالوه من اللوحة وكأنه لم يكن وأبقوا جوهر الصراع متمثلا فقط في نوع العلاقات القائمة بين الغزاة الأجانب والشعب الفلسطيني مما يوجب تغييرها وكفى الله المؤمنين شر القتال.
ماذا لو كان الغزاة من الاساس غير عنصريين وغير صهاينة.
إن الشعوب تناضل من أجل تحرير أوطانها من الغزاة مهما كانت جنسياتهم واعراقهم ومعتقداتهم وممارساتهم وكيف بالأحرى عندما يكونوا غزاة استعماريين واقتلاعيين معا وكذلك صهاينة وعنصريين ودمويين.
تغييرها!؟
من يغيرها
إن قبول بقاء الاستيطان يعني تفهم وقبول استمرار انتزاع الاراضي من الفلسطينيين لصالح توسع وتمدد المستوطنات وبناء مستوطنات جديدة بحكم الامر الواقع.
طارحو المبادرات من الفلسطينيين والعرب ومعهم عدد من العرابين اليهود يمتشقون مبادرتهم ويسوحوا بها في أوساط الشعب الفلسطيني مشفوعة بإطار من التزيين الفارغ : عودة لاجئي الشعب الفلسطيني إلى وطنه ومدنه وقراه وممتلكاته.
هكذا ضربة في الهواء ليس لها أي أساس عملي عندهم وعند أنصارهم. وتقوم هذه المبادرة على نقض السرديات التي تمثل واقع القضية الفلسطينية كله وصياغة سردية جديدة : “أن «الخطوة الأولى لأي مسعى ثوري هي بلورة وتقديم سردية سليمة ومتينة، تدحض بروباغندا الأعداء وتقنع المتردّدين وتمكّن المناضلين والحلفاء… من هنا الحاجة لفرض، أو بالأحرى إعادة فرض، سردية تصيب المشروع الصهيوني في أساس زعمه الطائفي، أي سردية ترفض وجود دولة خاصة بطائفة من الأساس…” وبالتالي رفض سردية الفلسطيني لصالح السردية الجديدة التي تخدم هدفهم فالتخلص من السردية الفلسطينية مع تزيين سردية الاستيطان يمهد لهم الطريق.
أية طائفة هي المرفوضة؟
هل اليهود طائفة؟ اليهود ليسوا طائفة يهودية امام طائفة إسلامية وطائفة مسيحية في فلسطين. اليهود جيش من المستوطنين الاستعماريين وهم طوائف متعددة ومنهم غير الطائفيين والعلمانيين.
إن حصر الامر هكذا يستهدف تضليل الوعي من جهة ومن جهة أخرى لا يرى الفلسطينين شعبا بل طوائف ومن ثم قبول دولة اليهود باسم آخر ولا شيء آخر.
إن تغيير السردية المطلوب في هذه المشاريع يشمل تغيير السردية الفلسطينية بل والتخلي عنها لصالح سردية التعايش مع الاستيطان والاعتراف به كحق لهم دون أي مسوغ.
أما الحديث عن العودة فهو دخان تضليلي لن يحصل بغير الكفاح المرير وتدمير الوجود المادي الاستعماري الاستيطاني على ارض فلسطين فالصراع ليس كما شخصوه بل هو صراع وجود على ارض فلسطين يستهدف اقتلاعهم لإعادة الحق إلى نصابه لتعود فلسطين عربية حرة من كل استيطان ومن كل نفوذ أجنبي بوصفها جزء من الوطن العربي الكبير الموحد
الدولة الواحدة والحكام العرب
مصر:
اتفاقية كامب ديفيد وما تلاها بين مصر واسرائيل رسّمت الحدود بين مصر واسرائيل بالحدود الدولية لمصر مع الحدود الإنتدابة لفلسطين. أي فإن قطاع غزة الذي خسرت مصر إدارته واحتلته إسرائيل عام 1967م هو ضمن حدود فلسطين الانتدابية وهو خارج حدود مصر.
والمعاهدات والاتفاقات بين الدول تصبح ملزمة لها ويتم تعميمها على الدول الاخرى ويتم إيداعها في ملفات الامم المتحدة.
إن هذا يعني أن مصر تعترف بحدود ” دولة إسرائيل ” المجاورة لحدودها على انها حدود دولة اليهود وليس لديها أدنى اعتراض على ذلك. وكذلك تعترف بولاية إسرائيل على قطاع غزة خصوصا وعلى كل فلسطين عموما.
الأردن:
اتفاقية وادي عربة رسمت الحدود على أن نهر الأردن وخط يمتد من البحر الميت ومن خلال وادي عربة حتى خليج العقبة هي حدود رسمية بين ” دولة إسرائيل ” والأردن وبالتالي تعترف الاردن بولاية إسرائيل على كل فلسطين بما فيها الضفة الغربية التي تتحمل الأردن وزر سقوطها بيد الاحتلال عام 1967م وتتخلّى عنها وتكون ضمن جغرافية الدولة اليهودية.
الدول العربية التي اعترفت باسرائيل والتي بصدد الاعتراف بها:
هي تعترف بإسرائيل بما يشمل الحدود التي اعترفت بها كل من مصر والاردن وبالتالي تعترف بولاية إسرائيل على فلسطين بحدودها الانتدابية كدولة لليهود.
وكان الحكام العرب الرجعيون منذ ما قبل عام 1948 يخونون القضية الفلسطينية لصالح إقامة دولة لليهود.
واليوم معهم جيش من الفلسطينيين العاملين من أجل الاعتراف بدولة لليهود على أرض فلسطين يخونون فلسطين وشعب فلسطين والامة العربية وقضاياها.
إن تعزيز إسرائيل من قبلهم هو تعزيز لدور إسرائيل ضد الوطن العربي والعروبة والأمة العربية. فيكون هؤلاء خدما مأجورين للإمبريالية ومن ضمن جيشها المعادي وهم كلهم كلهم يعرفون ذلك ويقومون به مأجورون بالدولار والاجبار والسقوط والخيانة.
الزمن وتسلل الخيانة إلى جسد الشعب الفلسطيني
اختراق الفصائل:
حركة فتح:
لقد تمت إعادة صياغة شاملة لحركة فتح حيث تحولت من منظمة فدائية شبه عسكرية تقاتل من أجل تحرير فلسطين السليبة عام 1948م وكل فلسطين بعد عام 1967م، تحولت إلى حركة سياسية تسعى للتسوية مع إسرائيل.
والمهم وأنه عبر الزمن تم اختراق مواقف حركة فتح بحيث تحولت إلى القبول باتفاقات أوسلو وتحولت إلى جهاز وظيفي وأمني يلتزم بالتنسيق الأمني ويمارس دوره بما يرضي إسرائيل.
ومن المهم القول أنه تم اختراق تنظيم فتح من فوق إلى تحت عبر الزمن. وأخذت القيادة تطرح مواقف تعبر عن قبولها باحتلال اليهود لفلسطين تحت عنوان السلام واقامة دولة فلسطينية على أراضي الضفة والقطاع سرعان ما اختصر الأمر إلى ما أسموه مشروع فتح وهو القائم حاليا.
إن تدمير فتح المقاومة كان هدفا مهما وأساسيا للعدو بكل تحالفاته ووجد صدى له في داخل القلعة.
الجبهة الديموقراطية:
وهي ظل خفيف لحركة فتح وتنسجم معها في الجوهر وكانت تؤيد توجهها التسووي وأحيانا تقوم هي بتقديم الطرح. والجبهة الديموقراطية هي اختراق مخترق للجبهة الشعبية حيث كان انشقاقها مدعوما ومن أجل تقليم أظافر الجبهة الشعبية وظلت الاختراقات فيها مستمر لتطال عدة مستويات وتظل القيادة تبرر كل منزلقاتها وتدفع كادرها للقبول. وعادت وانشقت لتكون شظيتها الجديدة” وعاء الغرور”
الجبهة الشعبية:
وهي أكثر جهة تتعرض للاختراق السياسي والأمني وهي ضمت منذ سنوات طويلة عناصر في المستوى القيادي أقرب إلى مواقف ومتغيرات فتح والديموقراطية واستوعبت في ثمانينيات القرن الماضي في الخارج مجموعة من الكادرات ذهبت كلها إلى مواقف التسوية وبعد أوسلو تواطأت هذه المجموعة ثم أخذ جزء كبير منها يعمل على برامج التسويات وينسجم معها وينظّر لها.
وكانت قيادة عرفات تعمل بقوة لاختراق الجبهة وفشلت في مواقع ونجحت في مواقع أخرى. ولكن الاختراقات الاكبر حصلت بعد أوسلو. وكانت المنظمات المدنية من الإن جي أوز قد استوعبت عددا من كادرها النشط.
المهم إن الاختراق وصل للموقف السياسي حيث وقع عدد من كادر الجبهة على وثائق الدولة الواحدة وبعضهم كتب ونشر دعواته أو أيد دعوات الغير.
كما أن كادرات اخرى محمية من قيادة الجبهة تعمل ببرامج التسوية والدولة الواحدة وتنشط في الداخل والخارج.
إن هذا الاختراق عميق وخطير ويستهدف تحويل الجبهة من فصيل يقاوم الاحتلال الى فصيل يساند الاحتلال. وهو يحصل من قبل العدو وفي اقبية التحقيق ومن قبل أجهزة أمن السلطة وقوى امنية عديدة في الداخل والخارج
حماس:
يقبل قادة حماس اليوم وبدون أي مبرر سياسي أو منطقي يقبلون بدولة في الضفة والقطاع وهذا اختراق سياسي كبير كما انهم يستصرخون من أجل هدنة طويلة الاجل مع الاحتلال كي يعيش الاحتلال بأمن وسلامة. هذا عدا عن الاختراقات الامنية التي نجح بها العدو وأمن السلطة وأجهزة امن اخرى لجسم حماس بالإضافة الى نتائج اقبية التحقيق كما هو حال بقية القوى.
الجهاد الاسلامي:
على الاقل في الضفة الغربية تم اختراق الجهاد بشكل واسع من خلال اجهزة السلطة وكذلك الامن الاسرائيلي.
هل سينجح كل هذا؟
الشعب الفلسطيني قاوم برامج صهينة فلسطين من البداية وقام الاستيطان وهاجم المستوطنات وحرقها في زمن الدولة العثمانية وزمن الاحتلال البريطاني وفي العقد الثاني من القرن الماضي شكل منظمة الفدائيين وظل يقاوم ويشن الانتفاضات والثورات والهجمات العسكرية وحتى اليوم ليعبر عن رفضه تهويد فلسطين ومقاومة كل مظاهر الاحتلال.
في ثلاثينات القرن الماضي تجاوز الشعب الفلسطيني القيادة الرجعية التقليدية التي كانت تتساوق مع الاحتلال البريطاني وقام بثورة 1936- 1939م وكاد يهزم بريطانيا.
واليوم يشن الفدائيون عملياتهم متجاوزين قيادة السلطة وما يسمى اللجنة التنفيذية التي من المفروض أن تكون قيادة الشعب الفلسطيني وقيادة الفصائل.
واليوم الفدائيون الفلسطينيون يقولون: نرفض وجود الاستيطان ودولته ونرفض جيش المتهالكين على التسويات لخدمة الكيان ونرفض الاعتراف بتهويد فلسطين. والشرارة متصاعدة وإن تحرير فلسطين هو مهمة الشعب الفلسطيني والأمة العربية وبالأكثر مع محور المقاومة ولا بد ومن البداية إعادة روح الثورة والمقاومة وروح التحرير لجماهير الشعب الفلسطيني وجماهير الوطن العربي.
ولا بد من قيادة تلتزم بتحرير فلسطين وتقود الحركة الفلسطينية لهذا الهدف، وتقيم تحالفاتها وتآلفها على هذا الأساس وتعمل على اكتساب الشارع العربي والقوى المحبة للحرية والمعادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية وعلى قاعدة فهم لوحة الصراع العالمي ومعرفة معسكر الاعداء والاصدقاء.
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
https://www.facebook.com/kanaanonline/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org