لكل محور قيادة ميدانية وحلفاء واصدقاء ومتضامنون. أي هناك عدة دوائر يشترك/يتداخل المحيط الخارجي لكل دائرة مع المحيط الخارجي للأخرى وهذا يعني أن البؤرة/بؤرة الاشتباك الميدانية الساخنة هي الأساس وهي تتنقل من موقع لآخر ولكن لا تبتعد عن الميدان إلا إذا تعددت ميادين الاشتباك. وإذا لم يفهم ذلك بعضنا، فإن العدو بعدوانه المتكرر يشرح الحقيقة بإيغاله في العدوان على من في الميدان.
لن أعود لتفصيل قرن مضى على الصراع العربي الصهيوني ولكن بدأت وبقيت فلسطين هي مركز الصراع وقيادته سواء قبيل 1948 فرغم صعوبة الوصول شارك واستشهد كثير من العرب من المحيط إلى الخليج في القتال المباشر، وتواصل هذا الاشتراك/الاشتباك بين 1948 و 1967، وأيضاً رغم صعوبة الوصول ولكن بتسهيلات مصر وسوريا.
وبعد هزيمة 1967 استمرت فلسطين مركز الصراع وقيادة المحور سواء داخل الأرض المحتلة أو في الأردن حتى1970 ثم سوريا ومن ثم لبنان.
كانت تجربة الأردن 1967-1970 قد شرحت لنا مسألة هامة هي: حينما تكون السلطة المضادة للمقاومة ضعيفة وخاصة وطنيا وأمنيا تنتعش ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة. إنه تناقض ا.م.ق.ا.و.م.ة والسلطة اللاوطنية. وانتقلت قيادة النضال للتركز في لبنان وخاصة لأن السلطة/الدولة لم تكن قادرة على قمع النضال. وبقي هذا الأمر حتى 1982 حيث قررت وتمكنت البرجوازية الطائفية الكمبرادورية اللبنانية من اقتلاع منظمة التحرير من لبنان.
منذ 1948 وحتى 1967 وما بعد كان دور الأنظمة العربية قومية الاتجاه دعم وتمويل النضال سواء ليبيا، سوريا، العراق لكنها لم تكن قيادة المحور.
أخذت الأنظمة قيادة المحور في فترتين:
الأولى: حرب الاستنزاف بقيادة مصر الناصرية.
وحرب تشرين/أكتوبر 1973 من مصر وسوريا.
لكن اقتلاع م.ت.ف من لبنان 1982 خلق تطورا جديداً حيث تبلور النضال في لبنان من قوى وطنية وقومية وشيوعية وصولا إلى المقاومة الإسلامية وهي عربية لبنانية التي وصلت إلى اقتلاع الاحتلال من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة. وحصلت بالطبع على الدعم الإيراني والسوري. إلا أن تقوية الدولة/السلطة الطائفية الكمبرادورية في لبنان خلق نِدَّا معادياً لهذه ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة يطالب إما بسحقها أو سحب سلاحها مما جمَّد دورها القيادي لكنها حمت لبنان بجدارة.
وبالمقابل في الأرض المحتلة تراجع النضال حتى كانت الانتفاضة الكبرى 1987 التي أعادت قيادة المحور إلى الشعب نفسه، وتكرر هذا عام 2000. وحيث كانت انتفاضة 1987 شعبية عارمة دون سلاح كانت عام 2000 مزدوجة مما اثار حفيظة البعض وهاجمها واصفاً إياها ب “العسكرة” وهو مصطلح مكروه شعبيا على مستوى وطن العروبة بأسره.
ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم أخذ يتضح بأن مركز الثقل القيادي للنضال اصبح في موقع الاشتباك أي في هذه الحالة الأرض المحتلة سواء بالسكاكين أو العمليات الاستشهادية أو الدهس أو السلاح أو الإضرابات المديدة عن الطعام داخل المعتقلات. هذا لا ينفي وجود مساعدات ودعم سوري وإيراني سواء بالسلاح أو التمويل وطبعاً أُخرج العراق وفقد دوره بعد العدوان عليه 1991 و 2003 وحتى اليوم.كان أحد أهداف تدمير العراق هو إخراجه من الصراع، وكذا تدمير ليبيا وها هو تدمير سوريا على قدم وساق لأن وراء هذا التدمير عقيدة واضحة أن الصراع مع العروبة.
أما التمويل القَطَري فهو في الطرف المضاد تماما كما كان التمويل الرسمي الخليجي منذ 1967 وما بعد.
وهكذا أصبح ميدان الصراع المباشر هو قيادة المحور، بمعنى أين يحصل الاشتباك وأين يحصل العدوان تكون قيادة المحور لأنها الفعل والذي أصبح إلى حدٍّ ما ثلاثياً:
أولاً: جبهة الأسرى/المخطوفين (تعبير للمستشار حسن أحمد عمر من مصر لأنه يعتبر الكيان غير شرعي وبالتالي الأسر هو بين دولتين شرعيتين): منذ يومين اضطر الكيان لوقف عدوانه على منجزات الأسرى أو المخطوفين كما أسماهم الخبير في القانون الدولي المستشار حسن أحمد عمر. هذه الحالة تعني صراع ومفاوضات الأنداد وكأن هذه حكومة فلسطينية في الأسر.
ودون تفاصيل، يذكرني هذا في فترة السجن الأولى 1967-73 حين بدأنا ننظم أنفسنا باكرا في المعتقلات وبدأنا الاحتجاج والإضرابات كانوا يقودوننا إلى الزنازين وكان ردهم دائما: “لا تخكي عن غيرك …إنتي مش مخامي”. هذا إلى أن وصل الأمر بأن الهيئة القيادية للمخطوفين/الأسرى تفرض نفسها وبالتالي فإن نضالها يؤكد أنها جزء من قيادة ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة.
ثانيا: العمليات الفردية منذ مهند الحلبي، باسل الأعرج، وصولا إلى ثامر والنابلسي وخيري والإضرابات عن الطعام وآخرها الشيخ خضر عدنان وصولا إلى الفدائيين الجدد/العرين والكتائب: هذه السلسة كونها في الميدان مباشرة تصارع الكيان صراعا مفتوحا ويعتدي عليها كل لحظة ممكنة. صحيح أن هناك مساعدات ودعم إعلامي، وإن كان بعضه يبالغ بهذا النضال لكي يحصر النضال لفلسطين في الفلسطينيين، إنه إعلام إعفائي!!! ينتزع القضية من عمقها العربي!!! هذه الظاهرة/الابتكار شريك في قيادة المحور. بل إن مجرد قرار البقاء في الوطن رغم العسف ومغريات الهجرة هو مساهمة في قيادة النصال.
ثالثاً: سوريا: تدرك الثورة المضادة، ربما مثلنا، وللأسف ربما أكثر، بأن بقاء الكيان مرهون بتدمير سوريا وتفتيتها بشريا وجغرافياً وهذا يؤكد أهمية سوريا أما العراق فجرى تدميره مسبقاً ناهيك عن تهبيط مصر. ولذا كانت منذ 2011 حروب الاستشراق الإرهابي ضد سوريا اي تحالف الإمبريالية كمخطط وأنظمة وقوى الدين السياسي الإرهابي كتجنيد بشري وتمويل مترافقة مع مشاركة حرب الاقتصاد والإعلام ومشاركة الكيان في عدوان ضد سوريا لم يتوقف. وبهذا أصبحت سوريا ميدان الصراع كما فلسطين.
وهنا من المهم تثمين الدعم الإيراني لسوريا وج.ز.ب ا.ل.ل.ه، والقومي السوري …الخ وكذلك الصديق الروسي والفيتو الصيني الروسي ،ولكن بقيت سوريا بؤرة الاستهداف الحربي والاقتصادي وبما هي ميدان الاشتباك فهي الطرف الثالث في قيادة المحور.
ولعل ما حصل أمس من ضرب قاعدة عدوان احتلال أمريكي ورد الأمريكي بعدوان على دير الزور وعدوان الكيان على حلب وانتزاع الأسرى/المخطوفين تنازل الكيان تؤكد تحليلنا بأن قيادة المحور حيث يكون الاشتباك الثلاثي:
· المعتقلات
· الأرض المحتلة بتنوع النضال فيها
· وسوريا
ومرة أخرى، هذا لا يقلل من الدعم المالي والتسليحي، ولكن كما اشرت في البداية، فإن المركز هو حيث الصراع المباشر.
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….