السنة الثالثة والعشرون – العدد 6510
■ لماذا وديع حداد، عادل سماره
■ الانتخابات البرلمانية الكوبية 2023: وقائع وحقائق، نورالدين عواد
■ الجذور الاستعمارية للاتحاد الأوروبي، الطاهر المُعِز
■ حديث د. عادل سماره على الفضائية السورية
✺ ✺ ✺
لماذا وديع حداد
عادل سماره
وديع حداد الملحمة وليس الأسطورة، لأن بطل الملحمة شخص حقيقي بينما بطل الأسطورة متخيل.
هذا الرجل المتقشف بالمطلق، الذي لا ينام، حاد الذهن، سيف النظرات، ذو فراسة هائلة في تقييم الرجال والنشميات. كان شعاره وتجسيده:” ورا ء العدو في كل مكان” وحتى في الجو وخاصة في الجو. بلا دولة وبلا قاذفات مقاتلات، وبلا صواريخ وبلا مسيرات، لكنه طارهم في الجو بالفدائيات/يين.
لم يجُد التاريخ بمثله ولن. فالتاريخ كلحظات الزمن لا يتكرر مضمونها ولا مولودها.
عرفته في بداية الشباب في بيروت 1963 عبر حركة القوميين العرب وتنظيم أبطال العودة. كان حينها مُطارداً من المكتب الثاني في لبنان ومن المخابرات الأردنية “مخابرات أبو رسول/محمد رسول” كان الهدف اختطافه! وهم بالطبع يعرفونه منذ كان في الأردن في منتصف الخمسينات وفي سجن الجفر الصحراوي.
يا للهول، ما اشبه اليوم بالبارحة، بعد أكثر من أربعة عقود، لم يتغير في هذه الأنظمة شيئا إلا إلى الخلف. فالأنظمة نفسها تطارد كل وطني فما بالك برجل غطى ساحات العرب والعجم والشرق والغرب ولم ينالوا منه إلا غيلة وصدفة.
كنت انقل له رسائل من قيادة الحركة من الأردن إلى لبنان وكان يختفي في بيت في بيروت “عمارةسنجر/طلعة حاج نيقولا” كان لا يعرف مكانه سوى ثلاثة حرصاً على أمنه.
كان يجب أن اقطع دراستي في الجامعة وأن أعود إلى الأردن /الضفة الغربية قبل حرب حزيران بيوم واحد للقيام بالواجب وريثما تصلني المؤونة في 9 حزيران، لكنها اشتعلت يوم 5 حزيران.
بقدر ما أُدين له في الأخذ من شخصه وإخلاصه وتفانيه إلى عدم النوم، أُدين له أنه طلب مني قطع الدراسة والعودة.
حتى الآن أتخيل لو أنني بقيت في لبنان بعد الحرب، لعشت كل تلك الظروف التي كانت من التعاسة بمكان:
· إما أن تكن حجرا في الجدار
· أو تُسحق بطريقة ما لأن هذه المقاومة كانت دوماً على حد السكين بل السكين على نحرها.
بالتأكيد كانت حياتي ستكون مختلفة ومصيري كذلك.
وباختصار، لماذا نتذكر ابا هاني في يومه هذا؟ لأن علينا أن نتذكره في كل يوم.
لماذا هو ولماذا اليوم؟
لهذا القول علاقة بالتاريخ القديم والحديث الجاري حالياً.
هذه اللحظة المنحطة في تاريخنا الجاري حيث الأنظمة العربية عدوة للأمة مما قاد إلى صفحة سوداء معيبة لا يرى المواطن منها سوى التخلف، العمالة، الخنوع، الفساد استدخال الهزيمة.
ترتب على هذه الصورة/المشهد الذي صيغ قصداً كي يرى الشاب أو الفتاة، أن لا شيء منيرا ولا شيء يدعو للفخر. كل هذا كان شغلا طويلا مديداً من الثورة المضادة ضد العروبة.
وضاعة الأنظمة سمحت لأنظمة عدوة وطائفية وعنصرية في الشرق والغرب بكتابة تاريخ معكوس للأمة العربية.
صحيح أن التاريخ دائما إما يكتبه المنتصرون أو الأعداء أو الطبقات الحاكمة المالكة.
لذا طبيعي الطعن في التاريخ. ولكن بشرط في كل تاريخ وليس في تاريخ العرب بينما يتم بعد الطعن تأليف تاريخ عنصري طائفي ملفق ضد العروبة للقضاء عليها روحيا ثقافيا وحتى فيزيائيا.
تذكر وديع حداد يجب أن يكون حدثاً يوميا لتذكر إنجازات ومساهمات هذه الأمة، من سبأ وحمير والفراعنة والسومريين والأكاديين والآراميين والكنعانيين، وقصي بن كُلاب والنبي محمد وذي كار وعلي وخالد بن الوليد وزنوبيا، وفارس بني حمدان والمتنبي والخوارزمي وبن سينا وأبو حيان التوحيدي وجابربن حيان والمعتزلة وصولا إلى عبد الناصر وبن بيلا، وجورج حبش وأنطون سعادة، وجول جمال، وابطال الجيش العربي السوري وصولا إلى أبطال العمليات الفردية.
لقد أنشأ قُصي بن كُلاب اول بداية لدولة عربية، وجاء الرسول برسالتها الفكرية الدينية العربية لغة وحوامل وسيوف الفتح، وجاء الأمويون ليقيموا الإمبراطورية حتى الأندلس وليكون أول فتح وآخر فتح في التاريخ لأنه وحده الذي أنشأ حضارة لا قمعا ولا نهباً، وكانت العباسية فترة العلم والثقافة والإبداع وكان القرامطة أول نظام اشتراكي في التاريخ نظام عربي ثم الفاطميين العرب ايضا إلى أن كان الانحطاط السلجوقي ومن ثم العثماني…الخ.
يقوم غُلاة الطائفية بسرقة تاريخنا ليقولوا كان نظام الأمويين سنيا والفاطميين شيعيا! ولكن أخلاق التاريخ تقول أن هذه أنظمة عربية أولا وأخيرا، وحتى خلاف السنة والشيعة هو في الأساس عربي عربي وهذا يحصل في كل الأمم. دعوا تاريخنا لنا، وابحثوا عن تاريخكم، دون ان نهبط إلى مستوى تبخيسه!
لدينا مقابل كل ثانية مجداً، لنذكر كل لحظة منارة من المنارات للرد على من يسرقون تاريخنا ويغتصبونه ويشوهونه بهدف تصدير “الثورة” بل تصدير العدوان. وهذا التصدير لا يحصل إلا بخلق مناخات استدخال الهزيمة.
لقد وصل الانحطاط إلى جرأة الغير على تصدير ما يسميه ثورة، وانحطاط قوى إلى درجة شراء/استدعاء من يُسقط هذا النظام بل هذا البلد العربي أو ذاك!!!
لقد اشتروا الإسقاط الأمريكي للعراق وليبيا وعملوا على شراء إسقاط سوريا! أي لم يعد اي عدو بحاجة لا للغزو ولا لتصدير “ما نسميه ثورة.
من شخص وتاريخ وديع حداد يجدر بنا تشكيل جهاز الوعي الذي يقدم للناس كل يوم منارة تضئ على الغد بذخيرة الأمس.
✺ ✺ ✺
الانتخابات البرلمانية الكوبية 2023: وقائع وحقائق
نورالدين عواد، هافانا، كوبا
28 اذار 2023
في الموعد المحدد قانونيا ومسبقا، اجريت في جمهورية كوبا الانتخابات البرلمانية الوطنية يوم الاحد الموافق 26 مارس اذار 2023. الهدف الرئيسي تمثل في تجديد عضوية الجمعية الوطنية للسلطة الشعبية (البرلمان) الذي يتم مرَّة كل خمس سنوات.
ضمّ السجلّ الانتخابي 8120072 مواطنا كوبيا يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية ويحق لهم التصويت في هذه العملية الشعبية الديموقراطية. مارس منهم هذا الحق السيادي 6164876 مواطنا اي بنسبة 75,92%.
وقد تم انتخاب جميع المرشحين لعضوية البرلمان اي 470 نائبا سيمارسون صلاحياتهم التشريعية في إطار العهد التشريعي العاشر على امتداد الاعوام الخامسة القادمة، وهم موزعون على النحو التالي: 221 مندوبا عن القاعدة الشعبية (47,02%)؛ 135 مندوبا على مستوى المحافظات (28,7%) و114 نائبا على مستوى الوطن (24,2%).
تجدر الاشارة الى ان 72,1%من الاصوات الانتخابية قد دعمت كافة المرشحين بينما 27,9% من الاصوات كانت انتقائية. ومع ذلك فقد حاز كل واحد من النواب على أكثر من 50% من الاصوات الصالحة قانونيا.
وقد افضت عملية الفرز العلني والفوري للأصوات في مراكز الاقتراع الى ان 90,28% من قسائم التصويت كانت صالحة، , 6,22% كانت بيضاء، اي لم يصوت اصحابها لاي من المرشحين، بينما كانت 3,5% لاغية، اي حملت ربما كلمة او شطب او اتلاف او علامة فارقة…الخ.
كالمعتاد، وعلى امتداد التاريخ الانتخابي للسلطة الشعبية ومنذ عام 1977، تجري الانتخابات بسلام وهدوء وانضباط وشفافية والتزام بالحقيقة دائما. وهذا ما شاهدناه يوم الاحد على شاشات التلفزة المحلية والاجنبية وعلى ارض الواقع وفي نفس مراكز الاقتراع، حيث دعيت الصحافة الكوبية والاجنبية المعتمدة الى تغطية الحدث بكل حرية ومهنية مع تسهيلات شاملة قدمتها السلطات المعنية. وللعلم يقوم بحراسة كل صندوق اقتراع طفلان بزيِّهم المدرسي ويؤديان سلام الطلائع على كل مقترع. لا رجال شرطة ولا جيش ولا قبضايات مسلحين يصولون ويجولون في قاعات التصويت كما يحصل في بلدان عديدة في شمال وجنوب العالم.
وليس من نافل القول التذكير بان الحزب الشيوعي الكوبي الحاكم لا يقدم مرشحين ولا ينتخبهم على اي مستوى (قاعدي، محافظات او الوطن). وعلى الرغم من ان النظام السياسي هنا نظام الحزب الواحد رسميا ومؤسساتيا الا ان الواقع المعاش يقول ان كل كوبي، حزبي او غير حزبي، حزب قائم بذاته “لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب” ولكن اغلبيتهم يجتمعون على اساس متين من الوطنية والسيادة والاستقلال والحرية.
طبعا لا توجد هنا حملات انتخابية غوغائية تصرف فيها الملايين وربما المليارات، ولا توجد وعود انتخابية ينتهي مفعولها بانتهاء التصويت. كما لا يتقاضى اي نائب راتبا خاصا به، اللهم الا الراتب الذي يتقاضاه من عمله (طبيب، مهندس، عامل زراعة او صناعة او استاذ….الخ). فالكلّ يعلم انه لا مجال لإنجازات فردية بل جماعية كما التشريع والقيادة والتنفيذ، وحجم ومدى الانجاز والاخفاق محكوم بالظروف الذاتية (الكوبية الداخلية) والظروف الموضوعية (الدولية الخارجية).
تنتهي عملية الانتخابات الكوبية الوطنية يوم 19 ابريل نيسان (ذكرى انتصار الثورة الكوبية الفتية على الغزو الامبريالي الامريكي ومرتزقته في خليج الخنازير 19 ابريل 1961). حيث يتم تشكيل الجمعية الوطنية للسلطة الشعبية الجديدة وانتخاب قيادتها ومجلس الدولة وبقية اعضاء هذه الهيئة بالإضافة الى رئيس الجمهورية ونائبه.
تكتسب العملية الانتخابية الحالية الناجحة اهمية استثنائية نظرا لعدة اعتبارات من اهمها:
- غياب القيادة التاريخية للثورة من موقع الحكم وسلطان الدولة، دون الانتقاص من الوفاء والولاء والالتزام من قبل القيادة الحالية ازاء مشروع الثورة الكوبية؛
- اشتداد وامتداد الهجمة الامبريالية ضد كوبا كاملة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي والى يومنا هذا، واتخاذها صفة حرب دائمة اقتصاديا وسياسيا وامنيا ونفسيا… لان المطلوب امريكيا هو راس الثورة والقضاء على سيادة واستقلال الوطن وحرية وكرامة الشعب الكوبي.
- وقوع كوارث طبيعية متتالية على امتداد الاعوام الخمسة الماضية، اهمها جائحة كورونا التي الحقت أكبر الاضرار الاقتصادية والانتاجية والمعيشية في عموم الوطن الكوبي، تزامنا مع تشديد الحصار الامبريالي (حرب اقتصادية معولمة) اذ ان ادارة ترمب اتخذت 243 اجراء عقابي جديد ضد كوبا، بينما بايدن الصهيوني صراحة واصل نفس السياسة وبمختلف الاقنعة والمسميات. وعلى الرغم من هذه الكارثة، فإن المخزون العلمي الذي راكمته الثورة الاشتراكية جعل البلد قادرا على ابتكار خمس لقاحات لمكافحة الجائحة ومتحوراتها، مما أنقذ مئات الاف من موت محتوم داخل كوبا وخارجها، من خلال تحصين الشعب باسره، وتصدير اللقاحات وارسال الاطقم الطبية المتخصصة لمساعدة بلدان موبوءة بالفيروس الخطير. وفي تقديري يعتبر هذا الامر أكبر نجاح حققته كوبا في ظل القيادة الجديدة فهو يتعلق بحياة البشر على الرغم من شظف العيش وشحة الموارد. فلا زال الانسان يشكل محور اهتمام المشروع السياسي الكوبي.
- ظاهرة الهجرة العامة، وهي لا تقتصر على كوبا بل وعلى العالم اجمع في كافة قاراته. في السابق كان يتم تسييس خروج اي مواطن كوبي بحثا عن تحسين مستواه المعيشي كما هو الامر بالنسبة لأغلبية المهاجرين في الدنيا. اما الان فان الوضع الاقتصادي المعيشي التراكمي في كوبا قد تحول الى “قوة طرد مركزي” تلقائي، وعلى الرغم من تمتع الكوبيين بثقافة سياسية عامة معقولة الا ان جميع المواطنين لا يحتملون ضنك العيش وشحة الموارد والمنغصات اليومية. وقد انعكس هذا الامر على عملية التصويت الحالية، ومستوى معين من الاستنزاف السياسي للمشروع الكوبي الذي ينخر في قاعدته الاجتماعية الشعبية، والا ما معنى 1955196 ناخب لم يشاركوا ولم يمارسوا حقهم الانتخابي؟
- · ادراج كوبا مجددا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، حسب المفهوم الامبريالي الامريكي للإرهاب، رغم ان كوبا كانت ولا زالت ضحية للإرهاب متعدد الاشكال والالوان. هذا الامر ليس كلام لفظي او دعائي وانما له انعكاسات مباشرة اقتصادية تجارية ومصرفية دولية يترتب وترتب عليها اقفال ابواب المصارف والمؤسسات المالية الاجنبية امام التعامل مع كوبا، مما يرهق ويثقل كاهل الاقتصاد الكوبي وقدرته على تلبية احتياجات البلد والشعب من المستوردات لا سيما المواد الغذائية…
رغما عن انف كل العوامل السلبية المجافية لاي مشروع سياسي بحجم المشروع الكوبي، تم الالتزام بالاستحقاق الانتخابي السيادي في موعده وتحقيق انجاز سياسي كبير في عمل مؤسسات الدولة وتكريس الشرعية والطمأنينة والسلام داخل البلد.
عندما بدأت الازمة الشاملة في كوبا على إثر اندثار الاتحاد السوفييتي عام 1992، اكد قائد الثورة التاريخي الخالد فيديل كاسترو ان كوبا قد تجمِّد البناء الاشتراكي حينها (لأسباب واضحة) الا انها ستستمر في الحفاظ على الثورة والسيادة ومنجزات الاشتراكية. هذا هو التحدي الرئيسي الماثل امام القيادة الجديدة والاجيال القادمة.
✺ ✺ ✺
الجذور الاستعمارية للاتحاد الأوروبي
الطاهر المُعِز
على هامش زيارة وفد الإتحاد الأوروبي إلى تونس وتصريحات “جوزيب بوريل” (مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي) يوم الإثنين 20 آذار/مارس 2023
نَشَر السُّوَيْدِيّانِ “بيو هانسن” و “ستيفان جونسون” ( Peo Hansen & Stefan Jonsson ) كتابا نُشر سنة 2014 بلندن بعنوان
The Untold History of European Integration and Colonialism – London، 2014
يدرس الكتاب دور الاستعمار ودور استغلال ثروات إفريقيا في بناء أوروبا الحديثة وفي تشكيل الاتحاد الأوروبي، حيث يرتبط ما سُمِّي “التكامل الإقتصادي الأوروبي” باستغلال ثروات المُستعمرات الأوروبية الشاسعة، وخصوصا في قارة إفريقيا، ويقدم المؤلّفان نبذة عن نشأة الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC) التي سبقت الاتحاد الأوروبي (EU) ويُعرّفان مصطلح “يوروأفريقيا” ( Euroafrica ) الذي يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى، أي إلى سنة 1923، كفرصة للدول الأوروبية لتجنب النزاعات فيما بينها، والإتحاد من خلال الإستغلال المشترك لأفريقيا التي تضم أراضي شاسعة وثروات باطنية هائلة… واستغلال موارد القارة الإفريقية لحل مشاكل البطالة والإكتظاظ السّكّاني الذي تعاني منه أوروبا، وفق رئيس الوزراء الفرنسي “جورج كايو”، سنة 1931…
حوّلت دول أوروبا مستعمراتها خلال الحربَيْن العالميّتَيْن إلى مخزون للجنود وللغذاء والعمالة الرخيصة لتعويض الشّبّان الذين تم إرسالهم إلى جبهات القتال، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تمكنت أوروبا من استغلال مناخ الحرب الباردة لتكثيف نهب إفريقيا، لتصبح أوروبا قوة ثالثة بين الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وتُعزّز دور الولايات المتحدة، في إطار النظام العالمي الجديد الذي نشأ بعد مؤتمر بريتن وودز…
في 9 مايو 1950، دعا وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان، يوم التاسع من أيار/مايو 1950، وهو أحد المُتحمسين لبناء ” الاتحاد الأوروبي”، في إعلان يعتبر أساسيًا في عملية البناء الأوروبي، إلى “مواصلة أوروبا إحدى مهامها الأساسية: تنمية القارة الأفريقية”، وتعني التنمية في قاموسِهِ “الإستغلال”.
بعد موجة الإستقلالات الشّكْلِية حافظت بريطانيا وفرنسا وبلجيكا على علاقات الهيمنة من خلال ما سُمِّيَ “الإستعمار الجديد”، واشتهرت فرنسا بتدخّلها في الشؤون الدّاخلية للدول الإفريقية وتنظيم الإنقلابات ضد الأنظمة التي تحاول السيطرة على مواردها، وخلقت منظومة “فرَنْس – افريك”، بدعم من قوى أوروبية تدافع عن “التكامل الأوروبي” الذي ترى استحالة تنفيذه بدون المستعمرات، ويُعتَبَرُ (رفائيل سالير ) ممثل فرنسا بالجمعية الاستشارية لمجلس أوروبا، أفْضَل من عبر عن ذلك، فقد أعلن سنة 1952: “لا يمكن لأي مجتمع سياسي أوروبي أن يعيش.. . … بدون إدماج دول ما وراء البحار التي لها روابط تارسخية ودستورية مع أوروبا “.
كانت المفاوضات الأوروبية التي جرت في أيار/مايو 1956 حاسمة لتأسيس أوروبا الحالية، بداية من معاهدة روما ( سنة 1957) التي أدت إلى إنشاء المجموعة الاقتصادية الأوروبية، وكان الموقف الرسمي لفرنسا واضحًا: لا دخول إلى السوق المشتركة بدون أقاليم ما وراء البحار، أي المُستعمرات من بحر الكاريبي إلى المحيط الهادئ، مرورا بإفريقيا وجزر “لاريونيون” و”كاناكي” أو “كاليدونيا الجديدة الخ، وكانت النقاشات بشأن اندماج المستعمرات في المجموعة الاقتصادية الأوروبية من أصعب المسائل التي يتم حله، ففي حين كانت فرنسا وبلجيكا تقترحان “سوق أوروبية أفريقية مشتركة تتكامل فيها هذه الأراضي بشكل كامل”، كانت ألمانيا وهولندا تتخوف من ارتفاع حجم الاستثمارات التي يجب ضخها لتأهيل اقتصاد هذه المناطق، لأن الإستعمار لا يستثمر في تطوير المُستعمرات بل يكتفي باستغلال الثروات الموجودة، وإقصاء السّكّان المحلّيّين…
اعتبر رئيس الحكومة الفرنسية “غي مُوللِّيه” (من قيادات الحزب “الإشتراكي” آنذاك، وأطلق العنان للجيش لممارسة المجازر في الجزائر، بين سنتَيْ 1956 و1958) توقيع معاهدة روما (25 مارس 1957): “تاريخ ميلاد أورافاريكا” لأن الإتفاق، ثم دستور الإتحاد الأوروبي يسمح لفرنسا بمواصلة استغلال ثروات 18 دولة أفريقية، من خلال ارتباطها بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية في إطار اتفاقية ياوندي (1963)، والتي تم توسيعها بموجب اتفاقية لومي (1975-2000) ثم باتفاقية كوتونو، الموقعة سنة 2000 والتي لا تزال سارية المفعول.
في هذا الإطار تتنزل زيارة وفد الإتحاد الأوروبي إلى تونس وتصريحات “جوزيب بوريل” (مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي) يوم الإثنين 20 آذار/مارس 2023
________
تابعونا على:
- على موقعنا:
- توتير:
- فيس بوك:
https://www.facebook.com/kanaanonline/
- ملاحظة من “كنعان”:
“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.
- عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
- يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org