على هامش منتدى النقب: مصر من زعامة العروبة الى ترويج الصهينة، شحادة موسى

شحادة موسى، كاتب فلسطيني

آذار/ مارس 2023

تتفرَّد مصر بصورتها في محيطها العربي بأنها الدولة ذات الدور. وأي حديث سياسي عن مصر هو بالضرورة حديث عن دورها في محيطها.

الدور في اللغة يشير الى الاضطلاع بمهمة، ودور الدول يتحدد بتفاعلات الجغرافيا والتاريخ والقدرات. وباجتماع هذه العناصر وُلد دور مصر ونما في حياة العرب في القرن العشرين (بشير نافع، القدس العربي، 10 أيار/ مايو 2017).

وعن حالة هذا الدور اليوم يقول السفير محمد نعمان جلال إنه في كل ازمة من أزمات العالم العربي يتساءَل كثيرون أين مصر، وهذا ليس ما نتوقعه من مصر (الوطن، 7 شباط/ فبراير 2016). وهذا صحيح ولكن هناك أيضًا كثيرون يتساءلون لماذا يا مصر! استنكارًا لدورها الجديد.

وتأدية الدور من مسؤوليات القادة الذين يجسِّدوه، ويوظفون الدولة في إجراءات محلية، وسياسات وعلاقات إقليمية ودولية. وما يعنينا بالدرجة الأولى دور مصر في القضية الفلسطينية من عبد الناصر الى السيسي.

1– عبد الناصر وما قبله: الدور الفاعل

يمكن القول إن دور مصر قبل جمال عبد الناصر كان الدور الجاذب. فقد تميزت مصر بإرثها الحضاري، وبثقلها المعنوي المستند الى عوامل دينية وتعليمية ممثلة بالأزهر الشريف، وعوامل ثقافية غنية بالآداب والفنون، وبخصال حميدة لأهلها الطيبين.

وقد جعلها هذا مركز جذب لأفراد، وأصحاب نشاط من مشارب مختلفة؛ فكانت المنهل الذي يتطلع اليه طلبة العلم، والمنارة التي يهتدي بها الأدباء والفنانون، والملاذ الذي يلجأ إليه المظلومون من سياسيين واصحاب فكر ورأي.

وفي منتصف القرن العشرين، وتحت قيادة جمال عبد الناصر، تمدَّد دور مصر الى ما هو أبعد من الكيان الجغرافي. فقد بادر عبد الناصر بالدعوة الى القومية العربية والوحدة العربية، وإلى دعم الحركات الثورية الداعية الى التحرر والوحدة. وتحققت في عهده أول وحدة عربية هي وحدة مصر وسورية سنة 1958.

وعلى المستوى الدولي كان عبد الناصر أحد الزعماء الأساسيين في تأسيس حركة عدم الانحياز، ودعم حركات التحرر من الاستعمار في بلدان العالم الثالث؛ ممّا أكسبه محبة هذه الشعوب، فهتفت باسمه. ولقد أجاد عبد الله السناوي باستخدام عبارة “الحنين الى أيام المجد” في إشارة الى تلك السنوات وعَظَمتها في ظل عظَمة قيادات الحرية والاستقلال (الشروق، 15 يناير/ كانون الثاني 2023).

وكانت القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين، والتصدي للمشروع الصهيوني، في صلب الدعوة القومية لعبد الناصر. ولا نبالغ بالقول إنها كانت الهمَّ الأكبر عنده، والأكثر خطورة على شخصه وعلى جيشه وبلده. وبلغت المؤامرة عليه ذروتها في العدوان “الإسرائيلي” سنة 1967 واحتلال سيناء. وليس أدلَّ على ذلك من الوصف الذي أطلقته أميركا على هدف ذلك العدوان بأنه “اصطياد الديك الرومي الذي يتيه بقيادته لحركات التحرر الوطني وتصفية الاستعمار” (المصدر نفسه).

ولكن عبد الناصر بإيمانه الراسخ بالقضية الفلسطينية، وبتصفية الكيان الصهيوني، أثبتَ أنه عصيُّ على الانكسار. وتجلَّى ذلك في أنه بعد ثلاثة أشهر فقط من هزيمة 1967 عُقدت القمة العربية التي عُرفت بقمة اللاءات الثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع الكيان الصهيوني (الخرطوم، 29 / 8/ 1967).

وتجاوبت جماهير الأمة العربية مع دعوة عبد الناصر، ووجدت في مصر ضالَّتها وقيادتها؛ تقف خلفها وتنصرها على عدوِّها وعدوِّ الأمة، وفي الوقت نفسه تتطلَّع إليها للعون في أوقات الشدَّة والحاجة. وما زال هذا الميل والهوى كامن في وجدان هذه الجماهير، يتحرك كلما أحسَّتْ أنَّ في مصر من يحفظ العهد ويذود عنها في المحن.

2- السادات وما بعده: الوظيفة بدلاً من الدور

تسلَّم أنور السادات قيادة مصر بعد عبد الناصر. ويُختصر عهد السادات عادةً بأنه كان انقلابًا شاملًا على عبد الناصر ودوره. لذلك عندما قرر السادات إخراج مصر من الصراع العربي – الإسرائيلي وإبرام اتفاقية كامب ديفيد مع “إسرائيل” (1978)، أُصيبت الأمة العربية بصدمة وخيبة أمل كبيرة؛ إذ رأت فيها خروجًا على ما اجتمع العرب عليه، وخيانةً للقضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية. وتداعى الحكام العرب وعقدوا مؤتمر قمة (القمة التاسعة، بغداد، تشرين الثاني/ نوفمبر 1978)، وأصدروا بيانًا تضمن عدم الموافقة على اتفاقيتي كامب ديفيد واعتبارهما تمسَّان حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الأمة العربية في فلسطين والأراضي المحتلة، وأن قضية فلسطين قضيةٌ عربية مصيرية، وأنَّ أبناءَ الأمة العربية وأقطارها معنيُّون بها، ومُلزمون بالنضال وتقديم التضحيات في سبيلها. وقررت الدول العربية مقاطعة مصر ونقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة الى تونس.

وفي مصر رفضت القوى السياسية الوطنية والعروبية، والقيادات النقابية والمهنية الاعتراف بالاتفاقية، وحظرت على أعضائها التطبيع مع العدوِّ وإقامة أي نوع من العلاقات معه. وأخيرًا دفع السادات حياته ثمنًا لما فعله، وعُدَّ ذلك حُكمًا من شعب مصر على أنَّ ما فعله السادات كان خيانةً ومهانة وليس سلامًا وشجاعة.

ما يجدر ملاحظته هنا أنَّ ما فعله السادات، بمعانيه وتأثيراته، أبعد مما جاء في بيان القمة العربية. فقد انطوى ذلك الفعل على معاني ومفاهيم عميقة الأثر وشديدة الخطر على المستويين السياسي والقانوني. على المستوى السياسي، كان ما قام به السادات انقلابًا جذريًا على دور مصر وهويَّتِها العربية. فالخروج من الصراع العربي – الصهيوني لا يستقيم مع الانتماء القومي والتزاماته تجاه القضية الفلسطينية التي تحدَّث عنها بيان القمة. وكان السادات يدرك ذلك؛ وكي ينفكَّ من هذا الانتماء قال إنَّ المصريين فراعنة وليسوا عربًا، وأتْبعَ ذلك بالقول إن مصلحة مصر تكمن في التحالف مع الولايات المتحدة.

وبذلك تحوَّلت مصر الى دولة وظيفيَّة بتبعيَّة صريحة للولايات المتحدة وخدمة سياساتها. وتجلَّى ذلك في المشاركة بما عُرف “بنادي السفاري” لمحاربة الشيوعية في افريقيا، وفي دعم الحركات الجهادية لمحاربة الشيوعية في أفغانستان. وفي مصر تجلَّى ذلك في الانقلاب على السياسات الاجتماعية والاقتصادية الاشتراكية، وفي تطبيق برامج صندوق النقد الدولي بما عُرف بسياسة الانفتاح.

وفي البعد القانوني، ارتكب السادات بفعلته “جناية” على المستويين القومي والوطني. وكان أحرى بالقمة العربية أن تُنشئ محكمة خاصة لمحاكمة السادات تكون في الوقت نفسه نموذجًا لمحاكمة من تُسوِّل له نفسه السير على منواله.

إنَّ فلسطين بالمفهوم القومي أرضٌ عربية تخصُّ الأمة العربية بأجمعها، ولا يجوز لأيٍّ كان أنْ يَعُدَّها ملكًا خاصًا أو سلعة قابلة للتصرُّف بها. والدفاع عنها التزامٌ قومي ودفاع عن الذات وليس عونًا لشعب شقيق. ولقد كان هذا ما تشعر به جماهير الأمة العربية، ويدفعها للتطوُّع والجهاد في سبيلها. ولا بدَّ أنه كان الدافع للحُكَّام العرب لعقد قمَّتهم الأولى (أنشاص، 1946) لمناصرة القضية الفلسطينية، وقرَّروا فيها:

“إن قضية فلسطين جزءٌ لا يتجزأُ من قضايانا القومية الأساسية، وإنَّ الصهيونية خطر داهم للبلاد العربية والشعوب الإسلامية جميعها وأصبح الوقوف امام هذا الخطر واجبًا على الدول العربية والشعوب الإسلامية جميعها”.

من جهة أُخرى، وعلى أساس المصلحة الوطنية التي احتمى بها السادات، هل مصلحة مصر تجيز له التصرُّفَ بأرض شعب آخر؟ فلسطين ليست أرضًا سائبة، والشعب الفلسطيني لم ينقرض حتى يتنطَّح حاكم من هنا أو هناك ويتبجَّح بالقول إنها أرض يهودية. من يفعل ذلك يرتكب عدوانًا على فلسطين وشعبها الى جانب الخيانة القومية بالتنازل عن حقٍّ هو حقٌّ قومي جماعي.

حسني مبارك

كان عهد حسني مبارك (1981- 2011) استمرارًا لسياسات السادات ودورها الوظيفي. من بداية عهده حدَّد مهمة مصر بأنها حلقة وصل بين العرب والغرب، ووسيطٌ بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وانحاز الوسيط الى حيث يرى مصالحه، وهي بالتأكيد مع الولايات المتحدة وتوابعها. ومما يُفصح عن مستوى ثقافة مبارك السياسية أنه كان يستخدم عبارة “مشكلة الشرق الأوسط” عند الحديث عن الصراع العربي – الإسرائيلي أو القضية الفلسطينية. وبصفته رجل عسكري يُفترض أنه يعرف أنَّ مصطلح الشرق الأوسط وضعه ضابط بريطاني ليُشير الى الفضاءات الجغرافيَّة الواقعة شرق أوروبا أو شرق البحر الأبيض المتوسط.

كان يحث المصريين على إقامة سلام دافئ مع “إسرائيل” التي وصفته بالكنز الإستراتيجي. وكان لوزير خارجيته أحمد ابو الغيط (أصبح الأمين العام لجامعة الدول العربية في عهد السيسي) مواقف لا تُنسى في عدائِيَّتها للفلسطينيين وتودُّدِها “لإسرائيل”. ففي أجواء العدوان الذي كانت “إسرائيل” تعتزم شنَّه على غزة سنة 2008 توعَّد ابو الغيط الفلسطينيين بكسر أرجلهم إذا ما حاولوا عبور الحدود الى سيناء. وظهر مبتسمًا في مؤتمر صحفي مع وزيرة خارجية “إسرائيل” وهي تُعلن بدءَ ذلك العدوان، وعمل على إفشال قمة عربية طارئة دعت إليها دولة قطر في أثناء العدوان. 

3- عبد الفتاح السيسي: تطوير الوظيفة الى دور – تعميم التبعية والصهينة

وقعت أحداث ومناسبات في بداية عهد السيسي (2014 – ) كشفت عن رؤيته للصراع العربي – الإسرائيلي، ومستوى فهمه للقضية الفلسطينية. بعد شهر واحد من تولِّيه السلطة شنَّت “إسرائيل” عدوانًا على غزة وُصف بحق بالهمجي والتدميري (8/7 – 26/8 / 2014). وكان الإعلام المصري الموَّجَه يشنُّ حملات عنصرية على الشعب الفلسطيني بذريعة الهجوم على حركة حماس لكونها تابعة للإخوان المسلمين. وقد انحدر الهجوم الى شتيمة وإهانات وتجريح للشعب الفلسطيني بأجمعه. ودفع ذلك طلال سلمان الصحافي اللبناني المعروف الى كتابة مقال نُشر أيضًا في جريدة الشروق المصرية بعنوان “مصر أكبر من مخاصمة فلسطين” (الشروق، 23/7/2014). وأصدر عدد كبير من المثقفين والسياسيين المصريين (68 شخصية) بيانًا بعنوان “دفاعًا عن حرية غزة وحريتنا” أعربوا فيه عن تضامنهم مع “الأشقاء الفلسطينيين” (الأخبار، 4/8/2014).

في أيار/ مايو 2016 طرح السيسي مبادرة وجَّه حديثه فيها الى الفلسطينيين والإسرائيليين عن وجود فرصة للسلام ينبغي اغتنامها. وطلب من كل منهما “المصالحة والتوافق الداخلي والتوجه لاغتنام الفرصة لتحقيق السلام الذي لو تحقق سنرى العجب وبضماناتنا كلنا أمن وأمان للجانبين” (الأخبار المسائي، 14 يوليو 2016).

وفي أيلول/ سبتمبر من العام نفسه تحدث السيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة وقال إنَّ الصراع العربي – الإسرائيلي هو جوهر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ووصف اتفاقية كامب ديفيد بالرائعة، وتوجه الى القيادات السياسية في “إسرائيل” بهذه الكلمات: “من فضلكم ساعدونا في حل مشكلة اخوتنا الفلسطينيين وسوف يأتي ما يفوق كثيرًا ما حققته معاهدة السلام”. هذا الكلام لا يحتاج الى تعليق فالسيسي مهتم بمشكلة اخوته الفلسطينيين! ولكن الكاتب عبد الله السناوي علَّق لاحقًا على وصف السيسي لكامب ديفيد، وظهوره ضاحكًا مع نتنياهو، رئيس وزراء الكيان بالقول: لعلَّ العالم العربي تساءَل وهو يشاهد “الصورة الضاحكة” ما الذي يبهج “نتنياهو” العبوس تقليديًا؟ وأضاف إنه لم يسبق لأحد في مصر أو العالم أنْ وصف “كامب ديفيد” بالرائعة (الشروق، 20 أيلول/ سبتمبر 2017).

من المعروف أنَّ كلام السناوي يعبِّر عن موقف شريحة كبيرة من المثقفين المصريين الذين يرفضون ذلك النوع من السلام، ويرون أن العروبة رابطة إيمان وانتماء قبل أن تكون رابطة تجارة ومصالح. غير أنَّ في مصر مثقفين وسياسيين يحيطون بالسيسي ويروِّجون لتوجهاته في تعميق العلاقات مع “إسرائيل”، ولنظرته في أن العروبة مصالح ومنافع مادية. ومن ذلك على سبيل المثال، ما كتبه عبد المنعم سعيد في ذلك الوقت عن علاقات مصر الإستراتيجية، وقال إنها أربع علاقات ضرورية لمصر مع: الولايات المتحدة، والسعودية والخليج، وإسرائيل، وأثيوبيا (الأهرام، 16/ 11/ 2016). وعن القضية الفلسطينية، وفي ضوء رفض “إسرائيل” لمبادرات السلام العربية، قال سعيد فيما بعد: إن القضية الآن أنْ يعرض العرب صفقة لا تستطيع إسرائيل رفضها، بأن يكون المطلب العربي هو المساواة وتحقيق حقوق الانسان الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية (راي اليوم، 4 نيسان/ إبريل 2019).

ومن ذلك أيضًا الضجة التي أثارها يوسف زيدان قبل سنوات بقوله إنَّ المسجد الأقصى المذكور في القرآن موجود في الحجاز وليس في القدس. وكثيرون ممن ردُّوا عليه لم ينتبهوا الى مقصده في أن القدس أو بيت المقدس (بيت همقداش) مدينة يهودية.

يمكن القول إن هذه الأطروحات وغيرها تقع في نطاق مسعى السلطة لتشجيع “السلام الدافئ” مع “إسرائيل”. وتنتهج من أجل ذلك سياسة تغيير الوعي لدى الشعب المصري وخصوصًا الأجيال الجديدة تجاه الصهيونية وإسرائيل، فتتغير صورتها من عدوٍّ الى صديق. وعمدت السلطة الى إجراء تغييرات في مناهج التعليم بما يخدم هذا الهدف. وقد لاحظت ذلك رابطة مكافحة التشهير في الولايات المتحدة، وأثنت على جهد مصر منذ عام 2015 في تغيير مناهج التعليم العام وفي مناهج الأزهر، بحذف عبارات تتعلق باعتداءات “إسرائيل” وانتقادات لليهود وإسرائيل من الكتب المدرسية، وتقديم “إسرائيل” دولة صديقة، وإبراز أهمية اتفاقية كامب ديفيد وفوائدها الاقتصادية (الجزيرة نت، 11/ 12/ 2021).

ومن الإجراءات التي اتُّخذت أخيرًا في هذا الصدد، مصادرة كتب تبحث في التنظيمات الصهيونية والاستبداد؛ فصادرت من معرض الكتاب الأخير كتاب “الحركة الصهيونية وتنظيماتها في مصر” (القدس العربي، 10/ 2/ 2023).

صفقة القرن

وجاءت صفقة القرن لتكشف مدى ارتباط الرئيس السيسي بالسياسات الأميركية في المنطقة. وصفقة القرن هو الوصف الذي درج لمبادرة السلام التي أعدَّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب (2017 – 2021)؛ وتبيَّن أنها خطة لتصفية القضية الفلسطينية باستهداف القدس، واللاجئين، وحق العودة، في مقابل ضخ اموال ضخمة لصالح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والبلدان المجاورة. ولذلك وُصفت أيضًا بالسلام الاقتصادي. ( بدأ الحديث عن المبادرة في سنة 2017 وأُعلنت رسميًا في 28 كانون الثاني/ يناير 2020).

 في أوائل سنة 2018 كان وفد من حركة حماس يتباحث مع المخابرات المصرية بشأن قضايا المصالحة الفلسطينية، والأسرى، وغيرها. وعلى جانب منفصل طرحت المخابرات توسيع “حرم” معبر رفح تمهيدًا لإنشاء منطقة تجارية حرة على مساحة كبيرة من أراضي رفح ومدينة الشيخ زويِّد، مما يعني عمليًا توسيع حدود قطاع غزة. وقد قيل صراحة أن هذه المناطق جزءٌ من غزة التاريخية (الأخبار، 21/ 2/ 2018).

وقد تبين لاحقًا أن ما طرحته المخابرات متضمنٌ في صفقة القرن، التي من عناصرها: إقامة دولة فلسطينية بدون جيش، وتبقى القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية، وتَمنح مصر أرضًا إضافية للفلسطينيين من أجل إنشاء مطار ومصانع وللتبادل التجاري (ويكيبيديا الموسوعة الحرة).

وتمضي مصر الآن في تنفيذ ما يخصُّها من السلام الاقتصادي في خطة ترامب بإنشاء المنطقة التجارية الحرة. فقد بدأت بتسوية الأراضي في منطقة رفح تمهيدًا لإنشاء مشاريع البنية التحتية من طرق وسكة حديد وربطها بتطوير الميناء والمطار في العريش. وسوف تؤدي هذه الإجراءات الى ربط قطاع غزة بمصر اقتصاديًا. وبحسب خطة ترامب من المتوقع أن يكون من نتائج ذلك إعفاء الاحتلال من مسؤولياته تجاه القطاع، وتفكيك معضلة غزة لأمن إسرائيل، وتحويل القضية الفلسطينية الى قضية اقتصادية وأمنية. وفي الوقت نفسه تستفيد مصر ماديًا وفي تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” (العربي الجديد، 25 ديسمبر/ كانون الأول 2022).      

وعلى الجانب السياسي في صفقة القرن، عمل السيسي على الترويج للصفقة وللصهينة بتشجيع اصدقائه من الحُكَّام العرب على عقد اتفاقيات سلام مع “إسرائيل”. وقد أثمر ذلك في عقد عدد من الاتفاقيات برعاية اميركية أسماها ترامب “اتفاقيات أبراهام” منها ثلاثة في سنة 2020 بين “إسرائيل” وكل من الإمارات، والبحرين، والمغرب، وتبعها اتفاقية مع السودان.

وقد ظهرت حماسة السيسي لهذا “الإنجاز” بالتهنئة بكل اتفاقية، وابتسامة عريضة وابتهاج في لقاءاته مع مُوقِّعي الاتفاقيات. وهو يسعى الآن لضم العراق الى هذا التعاون العربي – الصهيوني. وقبل ذلك جرى التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير الى السعودية (2016) رغمًا عن القضاء والمعارضة الشعبية، بهدفً غير خَفيٍّ وهو ضم السعودية الى قافلة التطبيع.

التحالف الصهيوني: من الناتو العربي الى منتدى النقب

مع مجيء ترامب لرئاسة الولايات المتحدة راج الحديث في المنطقة العربية عن توجُّهاتٍ لإنشاء تحالف عربي يتصدى لإيران. وتبيَّن أن المقصود إنشاءُ تحالفٍ عسكري وأمني يضم دول الخليج ومصر والأردن (إسلامية سنيَّة) لمواجهة إيران ونفوذها في المنطقة. ويكون هذا التحالف على غرار حلف شمال الأطلسي “الناتو”؛ ولذلك أُطلق اسم “الناتو العربي” على التحالف المزمع إنشاؤه بقيادة الولايات المتحدة. وفي سنة 2018 أعلن ترامب أن الولايات المتحدة تسعى الى تشكيل تحالف إقليمي إستراتيجي يهدف الى تحقيق الازدهار والاستقرار والأمن لبلدان الشرق الأوسط. وفي إطار التحضير لهذا التحالف عُقدت اجتماعات سياسية وعسكرية (في وارسو والكويت وواشنطن) كانت مصر والأردن حاضرة فيها الى جانب مسؤولين في دول الخليج، وشارك في بعضها قادة إسرائيليون. وقيل يومها إن هذا التحالف تقوده أميركا، وتموِّله السعودية والإمارات، وتُجهِّز قواه البشرية مصر والأردن، وتنضم اليه إسرائيل تلقائيًا مع تمرير صفقة القرن (السفير العربي، 10 – 8 – 2018).

وقد تعثَّر موضوع التحالف بسبب اختلافات على الأولويات، وخلافات بين الدول المعنية كان أبرز عناوينها قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر وفرض الحصار عليها (2017 – 2021).

ومع تسلُّم بايدن رئاسة الولايات المتحدة (2021) عاد الحديث عن إنشاء تحالف عربي – إسرائيلي برعاية أميركية لمواجهة إيران. والهدف الواضح لهذا التحالف هو تحويل الصراع في المنطقة من صراع بين العرب و”إسرائيل” الى صراع بين العرب وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أُخرى، وتعزيز دور “إسرائيل” في المنطقة “وكيلًا” عن الولايات المتحدة التي تركِّز اهتمامها قريبًا من الصين.

 ويمكن أنْ نجد في هذا تفسيرًا لموجة “تطبيع النفاق” تحت مسمَّى اتفاقيات أبراهام. فقد بلغ التذلُّل والنفاق لِ “إسرائيل” الى حدِّ الدعوة الى بدعة الديانة الإبراهيمية؛ وكذلك تفسير مبادرة “إسرائيل” في الدعوة الى هذا التحالف باسم “منتدى النقب”. فبناءً على دعوة من وزير خارجية “إسرائيل” عُقد يومي 27 و28 آذار/ مارس 2021 اجتماع رفيع المستوى عربي – إسرائيلي – أميركي تحت هذا المسمى في كيبوتس سيديه بوكير في النقب حيث عاش ومات بن غوريون صاحب جريمة التطهير العرقي والنكبة عام 1948. وقد شارك في الاجتماع وزراء خارجية “إسرائيل”، والولايات المتحدة، ومصر، والمغرب، والإمارات، والبحرين. ولم يشارك الأردن مع أنَّ الدعوة وجهت اليه؛ وتبين فيما بعد أنه يربط مشاركته بمشاركة السلطة الفلسطينية. في نهاية الاجتماع أعلن وزير خارجية “إسرائيل” أن الوزراء اتفقوا على عقد الاجتماع بصفة دورية، وعلى تشكيل لجان أمنية لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة (الجزيرة نت، 28/ 3/ 2022).

أثارتْ مشاركة مصر في هذا الاجتماع تساؤلات حادة، مثلما كان الأمر عن المشاركة في ناتو عربي. والخلاصة هي لماذا تدخل مصر في تحالف عسكري أو أمني مع أميركا و”إسرائيل” ضد دولة إسلامية؟ ولذلك استبعد خبراء أن تدخل مصر في مثل هذه التحالفات لأن السلطة تدرك مدى الرفض الشعبي لها.

والواقع أن نظام السيسي يشعر بالحرج؛ فهو بحكم التبعية لأميركا، وتشجيع التطبيع مع “إسرائيل” مُلزَمٌ بالمشاركة؛ ولكن المشاركة تنطوي على حساسيَّة لدى الشعب والجيش في مصر؛ فمن الصعب على بلد الأزهر أن يرى في “إسرائيل” صديقًا وفي إيران عدوًا، وأن يعمل الجيش تحت قيادة “إسرائيلية”.

ولذلك سارع سامح شكري، وزير الخارجية، بعد عودته من الاجتماع الى عقد مؤتمر صحفي أكد فيه أن مصر لم تستهدف من مشاركتها في الاجتماع أنْ تكون طرفًا في أي حلف، وأن الاساس الذي عُقد الاجتماع من أجله هو استئناف عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية وتاكيد حلِّ الدولتين إضافة الى قضايا الإرهاب، وتحقيق استقرار المنطقة (وكالات، 28/ 3/ 2022). لكن مسؤولًا كبيرًا في الخارجية “الإسرائيلية” ذكر في ذلك اليوم أن القضية الفلسطينية طُرحت بالفعل في المحادثات الداخلية لكنها لم تكن محور الحديث (تايمز أوف إسرائيل، 28/ 3/ 2022).

وعلى أي حال، فقد صدرت في مصر يومها أصوات تؤكد أن موضوع المنتدى هو إيران، والأمن الإسرائيلي. وبعضها يشير الى تحفُّظ على انخراط نظام السيسي في تحالفات كهذه. فقد ذكر أشرف الهول، مدير تحرير جريدة الأهرام، في حوار تلفزيوني أن المغرب وهو رئيس لجنة القدس، شارك في الاجتماع لأن الجزائر على علاقات جيدة بإيران. ونشرت جريدة المصري اليوم مقالًا للكاتب السعودي مشاري الزايدي قال فيه إن الدول العربية خاصة مصر والسعودية حاولت مرارًا تنوير واشنطن بحقيقة الخطر الإيراني (المصري اليوم،31/ 3/ 2022).

وصدرت أصوات تعبِّر بحذر عن عدم الرضا على مشاركة مصر في المنتدى؛ فتجرَّأ عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، وكتب أن مصر كانت سترفض الاجتماع في القدس، وأنه كان يتمنى أن يكون هناك تنسيق عربي عربي قبل الجلوس مع الإسرائيليين (الشروق، 3/ 4/ 2022). وكتب عبد الله السناوي مقالًا بعنوان “منتدى النقب الأول.. والأخير” قال فيه: ليس لدى مصر ما يدعوها الى اعتبار إيران عدوًّا وإسرائيل صديقًا؛ واستنتج أن مشاركة مصر كانت اضطرارية، والاجتماع كان فاشلًا، وأن دورته الأولى قد تكون الأخيرة (الأخبار، 31/ 3/ 2022).

غير أن الدورة الثانية لقمة المنتدى أصبحت مؤكدة وبمشاركة مصر وذلك بانعقاد الاجتماع التمهيدي للقمة في ابو ظبي في بداية العام الحالي. ففي يومي 9 و10 كانون الثاني/ يناير 2023 عقد في أبو ظبي اجتماع لمجموعات العمل الست المنبثقة عن الاجتماع الأول للمنتدى. ومهمة هذه المجموعات إعداد مشاريع في مجالات الأمن الإقليمي، والتعليم، والتسامح، والأمن المائي والغذائي، والسياحة، والطاقة. وشارك في الاجتماع (150) مسؤولًا من الدول الست المكوِّنة لمنتدى النقب: الإمارات، البحرين، مصر، المغرب، الولايات المتحدة، إسرائيل.

ويُرجِّح خبراء أن يشارك الأردن والسلطة الفلسطينية في قمة المنتدى الثانية؛ إذ إنًّ عمَّان اعتذرت عن المشاركة في الاجتماع الأول، وعَزتْ ذلك الى غياب الجانب الفلسطيني (راي اليوم، 3 آذار/ مارس 2023).

لا شك في أن القوى الشعبية في مصر التي وقفت ضد التطبيع مع “إسرائيل”، تقف كذلك ضد منتدى النقب (التحالف مع إسرائيل ضد إيران). وقد تجلَّى ذلك في الحملة الشعبية التي أطلقتها عشرات الشخصيات من مفكرين وسياسيين وأكاديميين لإدانة المنتدى، منهم حمدين صباحي ويحيى القزاز وحسن نافعة. وقد أصدروا بيانًا أكَّدوا فيه رفضهم لقيام حلف عربي مع “إسرائيل”، وقالوا إن إسرائيل هي العدو الأول للشعوب العربية وليست إيران (موقع عربي 21، 1/ 7/ 2022).

ولكن كما أن للتطبيع أنصارَه كذلك للمنتدى مؤيديه. ومن هؤلاء من يرى أن مصر أوْلى بقيادة هذا التحالف؛ متأثرين بخدعة مُضلِّلة بأن تقديم خدمات لأميركا أكثر مما تُقدم “إسرائيل” سيجعل مصر صاحبة الحظوة الأولى لدى أميركا.

وعلى أي حال؛ فإن النظام الحاكم في مصر لا يملك إلَّا أنْ يشارك في قمة النقب 2 وهو يعلم أن هذه القمة تُعقد في ظل حكومة إسرائيلية هي الأكثر تطرفًا وعنصرية في تاريخ الكيان، ويتبارى أعضاؤها في التحريض على الفلسطينيين، والتصميم على هدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم مكانه.

منذ عهد السادات تحددت هوية مصر السياسية بالتبعية لأميركا. وجاء توصيف جمال حمدان دقيقًا بقوله إن مصر بكامب ديفيد فقدت وزنها كلَّه، فلم تعد مستقلة ذات سيادة؛ وإنما هي محمية أميركية تحت الوصاية الإسرائيلية أو العكس محمية إسرائيلية تحت الوصاية الأميركية (موقع عربي 21، 10 نيسان/ إبريل 2017).

 والذين يُمسكون بمقدرات مصر اليوم لا يجدون في ذلك ما يدعو للخجل؛ فالمصلحة والمنافع المادية، وليس المبادئ الوطنية، هي التي تحركهم وترسم خطاهم. والتابع كالمُتسوِّل ليس صاحب قرار كما يُقال بالإنجليزية Beggars do not decide.  ونظام السيسي يجمع الصفتين معًا، ووصلت مساعيه للحصول على القروض والهبات حدَّ الاستجداء وبيع أصول الدولة. في مصر يميِّزون بين الشخص ابن الأصول والآخر عديم الأصل. وكذلك حال الدولة؛ فهي بدون أصول تفقد مكانتها ودورها.

الأمن القومي – خاتمة

مهما بلغت الآثار السلبية على مصر من جرَّاء تبعِيَّتها لأميركا؛ فإنها لا ترقى الى الخطر الذي يتأتَّى من التحالف أو التعاون مع الكيان الصهيوني. لقد كان من أسباب إنشاء هذا الكيان عزلُ مصر عن المشرق العربي، ووجوده تهديد للأمن القومي المصري ولكيان الدولة ذاتها.

لقد حاولت مدرسة السادات التقليل من فداحة خطر التطبيع مع العدو الصهيوني بدعوى السلام، والانسحاب من مُحاربته. ولم يقبل شعب مصر الأبيُّ وقواه الوطنية هذه المزاعم، ورفض التطبيع بكل أنواعه مع الكيان حتى اليوم.

وقد أدرك كبار المفكرين والإستراتيجيين المصريين المنشغلين بهموم الوطن وسلامة أهله أبعاد الخطر الذي يحمله الكيان الصهيوني. كتب أيمن الصياد في رثاء المفكر والمؤرخ المستشار الرزين طارق البشري واقتبس عنه: التنبيه الى خطورة غضِّ الطَّرْف عن “الخطر الإسرائيلي” والغفلة عن أهمية العمق الفلسطيني لأمننا القومي؛ والتحذير من محاولاتٍ لمحو قضية العرب المحورية في فلسطين نهائيًا؛ وملاحظته بأن تاريخ مصر في نصف القرن الأخير عرف سياسات متناحرة مثَّلها الملك فاروق، ومصطفى النحاس، وجمال عبد الناصر، ولم تلتقِ هذه السياسات إلَّا على أهمية فلسطين لمصر، واستشعار الخطر على أمن مصر من الوجود الصهيوني عند حدودها الشمالية الشرقية (الشروق، 28 شباط/ فبراير 2021).

وقال جمال حمدان، المفكر الإستراتيجي، صاحب عبقرية المكان إن إسرائيل ظاهرة استعمارية صرفة، وتمثل فاصلًا يمزق اتصال المنطقة العربية، وأكبر خطر يواجه العالم العربي، وأن مصر إذا خرجت الى محيطها تقوى وتنهض وإذا انكفأت داخل حدودها ضعفت وانهارت.

ويقول محمد حسنين هيكل برؤيته الإستراتيجية إن الأمن القومي محدَّد بالجغرافيا والتاريخ، وبمحور جنوبي هدفه ضمان سلامة نهر النيل، ومحور شمالي شرقي وبالتخصيص فلسطين لأنها الجسر البري الذي يصل أفريقيا وآسيا، وهي طريق مصر باستمرار الى الشرق حيث بقية الأمة العربية، وكان على مر العصور مدخَلها ومخرجَها أي بابَها الحضاري والأمني والاقتصادي. ويضيف، لقد عرضنا قضية فلسطين خطأً على الشعب المصري حين صورناها له كأنها تضامن مع شعب شقيق، والقضية الحقيقية وصميم الموضوع هو الأمن المصري. إن خط الدفاع الأول عن مصر يقع بعيدًا في بلاد الشام، وفي فلسطين يقع خط الدفاع قبل الأخير الذي تمثله سيناء (السناوي، الأخبار، 30 أيار/ مايو 2019).

والآن يقفز نظام السيسي عن هذا كله، ويذهب الى الصهاينة يدعوهم الى الاندماج في المنطقة؛ وكأنه قرأ كتاب شيمون بيريز “الشرق الأوسط الجديد” وما فيه عن الاندماج في المنطقة والهيمنة عليها. ويدخل النظام معهم في هيئات للتعاون أو التحالف، مثل منتدى غاز شرق المتوسط الاقتصادي، ومنتدى النقب الأمني. ويُشيع أن لمصر مصالح إستراتيجية مع “إسرائيل”. وبطبيعة الحال تقتضي هذه المصالح تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ عليهما، وهو ما يركز عليه السيسي بصفة مستمرة. ومن أجله تمارس الأجهزة الأمنية والسياسية المصرية الضغط على حركات المقاومة الفلسطينية للكف عمَّا تسميه أعمال عنف. وتجلَّى ذلك أخيرًا في اجتماعات أمنية في العقبة وشرم الشيخ.

ففي ضوء تصاعد المقاومة المسلحة في الضفة الغربية ضد قوات الاحتلال وتعديَّات المستوطنين، تحركت الولايات المتحدة ووضعت خطة للقضاء على هذه المقاومة أسمتها خطة “فنزل” نسبة الى المنسق الأمني الأميركي (مايكل فنزل). وتضمنت الخطة إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وتدريب عدة آلاف من عناصر الأمن الفلسطيني في الأردن بإشراف مستشارين أميركيين، وإعدادهم لقمع المقاومة ومطاردتها (الشرق الأوسط، 26 شباط/ فبراير 2023).

وجرى استدعاء مصر والأردن للمشاركة في تنفيذ الخطة. وعُقد اجتماع أمني في مدينة العقبة في 26/ 2/ 2023، شارك فيه مسؤولون من الولايات المتحدة، وإسرائيل، ومصر، والأردن، والسلطة الفلسطينية.

وفي 19 آذار/ مارس 2023 عُقد في شرم الشيخ اجتماع لاحق لاجتماع العقبة لاستكمال مخرجاته. وقد وصفته مصادر مصرية بانه يأتي في إطار جهود القاهرة المستمرة لدعم التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا سيما مع قرب حلول شهر رمضان. وشارك في الاجتماع ممثلون أمنيون وسياسيون عن الجهات التي شاركت في اجتماع العقبة (القاهرة الإخبارية، 22 مارس/ آذار 2023).

وهكذا تطورت مسيرة الدولة المصرية؛ من دولة محورية اندغمت في الزعامة وقيادة حركة التحرر والاستقلال العربية وفي قلبها القضية الفلسطينية، وفي سبيلها ومن أجل تحرير فلسطين تصدَّت للمشروع الصهيوني وخلفه الغرب كله؛ ثم تحولت الى دولة تابعة انسلختْ عن العروبة والقضية الفلسطينية؛ ووصلت أخيرًا الى كيان باهت تحت الوصاية الصهيونية لا دور لها ولا رسالة.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….