ما كل نووي يتفكك ذاتياً، عادل سماره

لم يتفكك الاتحاد السوفييتي لعوامل ذاتية بحتة بل بديالكتيك تراجعي أو هابط تواشجت فيه عوامل ذاتية وعوامل خارجية لنسمي الخارجية النظام الرأسمالي العالمي. صحيح أن الغرب لم يهاجم السوفييت حربياً، لكن حاصره اقتصاديا وبمساعدة توابع الغرب وخاصة السعودية. هل سيأتي يوم تفعلها دول النفط العربية ضد الغرب والكيان، هذا سؤال أكبر من التكهنات.

فهل هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي العالمي مرشح لتفكيك أو ترك الكيان وشأنه؟ أو للضغط عليه كي يصل إلى حل وسط مثل جنوب إفريقيا؟ ربما لا هذه ولا ذاك ولا تلك.

بل إن الهرم هنا معكوس بمعنى أن انهيار الإمبريالية في الوطن العربي هو بوابة التخلي الاضطراري عن الكيان، أي العجز عن مواصلة حماية الكيان. أما النووي، فإن امتلاكه لا يقود إلى صدام نووي بين الكيان وأي بلد نووي سواء عربي أو إيراني. فالنووي، حتى اليوم على الأقل، هو صمام أمان أكثر منه باب صراع مميت.

ولكن، كيف تخرج أو تضعف الإمبريالية في وطننا؟ هل يحصل هذا ذاتياً وطوعاً أو طبقاً لرغائبنا؟ هذا مع العلم أن الإمبريالية لا تُخلي شبرا دون هزيمة لها.

ومن الذي يهزم الإمبريالية أو الذي مهمته هذه؟

لعل الجواب: هو ضحيتها.

فتفكيك الوطن العربي هو المدخل الذي من خلاله جرى إيلاج الكيان في فلسطين، وإصرار الغرب الإمبريالي والكيان على احتجاز أي نهوض عربي هو ضمانة بقاء الكيان حتى حينه.

هذا يعني أن اي معركة مع الكيان هي عروبية مع الإمبريالية دائما.

والسؤال: هل نحن في هذا الوضع اي الصدام مع العدو المزدوج؟

بمعزل عن دور ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة، لسنا في الموقف المطلوب.

بل بمقدار وجود ا.ل.م.ق.ا.و.م.ة هناك الدور السلبي للأنظمة العربية التي:

* طبقت سياسات تجويف الوعي لتجريف الثروة

* تورطت في التطبيع مع الكيان.

* وتقوم بدور الإمبريالية في أقطارها نيابة عن الإمبريالية وخدمة لنفس الإمبريالية.

لا يرى هذا كثير من المتحمسين للهدنة الإيرانية السعودية.

لهم شأنهم، ولكن لننظر إلى أن اشتداد التناقض داخل الكيان يتمتع بتغطية هشاشة الواقع العربي الرسمي المفكك وغير المعادي للكيان. بل الواقع الذي أجهض الحواضر العربية المركزية الثلاث: القاهرة بالتهبيط والعراق بالتدمير وسوريا بحروب تدميرية لم تتوقف بعد. وهذا تأجيل لغروب الكيان بالتحرير.

هذا يعني بلا مواربة بأن التفكك الذاتي للكيان من داخله ليس امراً مقنعاً، لكن واقع عربي قوي وموحد يفرض على النظام العالمي، إذا بقي طويلا، الاستسلام والتخلي عن دعم الكيان مما يجعل التحرير أقل كلفة.

إن قراءة لمجريات وتطورات الحرب في أوكرانيا تبين أن الحرب بالاقتصاد ليست أقل تأثيراً من حرب المدافع. وبأن قوة روسيا الذاتية من حيث ثلاثي: السلاح والنفط والقمح يسمح لها بالصمود أمام الحرب الاقتصادية الواسعة ضدها. هذه الحرب يمكن أن تكون عربية في حالة وطن عربي مختلف يستخدم سلاح الاقتصاد ضد حُماة الكيان.

وحينها لا يعود هناك من حل سوى إعادة فلسطين إلى وطن عربي واحد أو موحد ويكون للمستوطنين في أغلبهم الرحيل فهم بين من يحمل جنسية أخرى وبين من يسعى للحصول عليها. ومن يبقى لا يبقى لا في بيت أحدنا ولا على املاك أحدنا.

وحينها أيضاً، لا يعود شعار الحل الديني مقبولا ولا يتمتع بإمكانيات، لأن الصراع ليس دينيا حتى يكون الحل دولة ثلاثية الأديان لأن من يملكها العرب بمسلميهم ومسيحييهم وفقط.

هل نركن إلى التحليلات المتشائمة لبعض الصهاينة؟ كلا، ولكن يجب أخذها بالاعتبار لا أخذها كواقع قريب التجلي.

نعم، يمكن هزيمة الكيان ولكن عمليا فقط عبر واقع عربي موحد وتقدمي على الأقل. نظام واحد وليس 22 رئيس بلدية.

لقد ناقشت إمكانية هزيمة الكيان بدون حرب عسكرية في كتابي “التطبيع يسري في دمك/2010 “. لكن ذلك أساسه الشرط العروبي.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….